فی التاسع من شهر ذي القعدة 1438 وجّه فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة ورئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان رسالة إلى قائدة الثورة، عرض فيها عن دوافع النصيحة والقيام بالمهمة الدينية في الظروف الحساسة، مطلبين مهمين لأهل السنة في إيران.
المطلب الأول: “إنهاء التمييزات الموجودة ضد أهل السنة في إيران في التوظيفات وتولية المناصب لهم، واستخدام مؤهليهم في مستوى المحافظات والبلاد”. والمطلب الثاني: “الاعتناء بالحريات المذهبية لهم، وإنهاء كافة أنواع المضايقات والتضييقات بشأن عباداتهم اليومية وصلاة الجمعة في المدن الكبرى وخاصة مدينة طهران”، حيث بسط فضيلته في رسالته هذين المطلبين قائلا:
“رغم التصريحات المكررة لسماحتكم مع المسؤولين في المناسبات العديدة حول مكافحة التمييز ونبذ الرؤية غير المتساوية، لكن مع الأسف لم تزل التمييزات وعدم المساواة موجودة بكثرة، بحيث لو قدمنا تقريرا من تفاصيلها في المناطق السنية ومركز البلاد إلى سماحتكم، تكون سببا لتكدير خاطركم، ولا نريد أن نزيد إلى قلقلكم مع كل القلاقل الداخلية والخارجية التي تشغل خاطركم، لكننا نعرض إلى سماحتكم مطلبين مهمين:
1- أبنائكم من أهل السنة يعانون من التمييز، وهم قلقلون بسبب ذلك، فيُرجى من ذلك الأب المشفق أن ينهي بمرسوم كفصل الخطاب تمييزات السنوات الـ 38 الماضية من التوظيفات، وتولية المناصب في العاصمة والمناطق المختلفة من البلاد، ويرجى أن تصدورا أوامركم باستخدام كفاءات أهل السنة في التشكيلة الوزارية للدولة، لتتوفر لهم فرصة خدمة الوطن في الرئاسات في مستوى المحافظة والبلاد.
2- يتوقع أبنائكم من أهل السنة أن تعتنى بحرياتهم المذهبية أكثر؛ لا سيما الصلوات اليومية والجمعة في المدن الكبرى وخاصة في مدينة طهران، فإن أمركم سوف يكفّ كافة الأيدي المتطرفة التي تحول أحيانا دون قيامهم بعباداتهم، لتتأدى عبادة الله تعالى بهدوء وراحة”.
وقال فضيلته في آخر رسالته:
“لا شك أن هذا المرسوم من جانبكم سيسجل في التاريخ ويخلد، ويكون سببا لمرضاة الله تعالى، وإزالة القلق من أذهان كافة القوميات والمذاهب الإيرانية، ويكون سببا لتحكيم الوحدة والتضامن الإسلامي والوطني، ويكون وثيقة فخر للنظام الإسلامي في المستوى الدولى وخاصة في مستوى البلاد الإسلامية، ويكون مؤثرا في تخفيض التصعيدات الراهنة في المنطقة، وأسوة لتقوية الوحدة الإسلامية في سائر البلاد، كما يحبط آمال الأعداء الذين يسعون في بثّ الطائفية وزرع الفتن والنزاعات بين المسلمين”.
إن هذه الرسالة لفضيلة الشيخ عبد الحميد التي هي في الحقيقة تقرير موجز عن مشكلات أهل السنة في البلاد خلال 38 سنة من عمر الثورة، لم تترك هذه المرة بلا جواب، فقد أعلن مكتب قائد الثورة في رسالة إلى سماحة الشيخ عبد الحميد إبلاغ جواب قائد الثورة إليه. جواب قائد الثورة في الحقيقة مرسوم تاريخي موجّه إلى كافة المؤسسات في البلاد أن ينبذوا التمييز بحق القوميات والمذاهب كلها، حيث صرح سماحته قائلا: “إن جميع المؤسسات في الجمهورية الإسلامية مكلفة وفقا للتعاليم الدينية والدستور، على نبذ كافة أنواع التمييز بين الشعب الإيراني بكافة قومياته ومذاهبه. نحن أيضا نعتقد بجدّ أن يقف الجميع بعضهم بجانب بعض، وأن يبذلوا جهودهم في صفوف متراصة واحدة، لرفعة إيران الإسلامية وعزّتها، ولا يسمحوا لأعداء الوطن وعملائهم (الخناسين) أن يشقوا هذا الصف الواحد”.
رسالة قائد الثورة التي تبعث الأمل في قلب كل مواطن عاش فترة من حياته يعاني من التمييز، ويجعله أن يفكر في العيش في بلد بلا تمييز، وصفها فضيلة الشيخ عبد الحميد “بالمرسوم التاريخي، والكلام الحكيم، وفصل الخطاب”، حيث صرّح في رسالته الثانية التي كتبها شكرا على جواب المرشد لرسالته السابقة:
“هذا المرسوم بيّن الواجب الشرعي والقانوني لكافة المسؤولين العسكريين والسياسيين، وجميع المؤسسات في سبيل العدل والرؤية المتساوية بين القوميات والمذاهب، وأتمّ الحجة على الجميع. فأرى من واجبي أن أقدر هذا التوجيه الصريح والخالد لذلك القائد المحنك، وأشكره، وآمل أن يجعل رؤساء الإدارات والمؤسسات المختلفة هذه الرسالة الواضحة، والمرسوم القويم مصباح طريقهم، ويقوموا إلى نبذ التمييزات الموجودة ضد مكونات الشعب الإيراني الذي هم أعضاء أسرة واحدة.”
هكذا انتهت المراسلة بين قائد الثورة والشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان، وأبرز شخصيات أهل السنة في إيران، بالجملات المذكورة، ولقيت أخبارها انتشارا واسعا في الصحف والجرائد ووسائل الإعلام المحلية والإقليمية، حيث كان الخبر الرئيس في كثير من الجرائد الداخلية، كما جرت تعليقات عليها وتحليلات عنها في القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، والآن تتطلع أعين أهل السنة إلى أن يكون هذا المرسوم التاريخي لمرشد الثورة إنهاء لجميع أنواع التمييزات، ويكون نقطة انطلاق للتعايش الخالي من أي تضييقات ومضايقات في الشؤون المذهبية.
تعليقات