اليوم :29 March 2024

لعن الله مَن أيقظ الفتنة…

لعن الله مَن أيقظ الفتنة…

في الأردن نشر الكاتب العلماني “ناهض حتر” رسوما ساخرة تُسيء إلى الذات الإلهية، وفي نفس الوقت ظهر في إيران الفنّان الإيراني المعروف “مهران مديري” في برنامج تلفزيوني ساخر من التلفزيون الرسمي الإيراني، يلعن الصحابيين الجليلين طلحة والزبير رضي الله عنهما!
ما قام به الفنّان الإيراني “مهران” وكذلك الكاتب الأردني المسيء للذات الإلهية، نموذج من إيقاظ الفتنة وإثارتها، ونموذج من تغذية التطرّف الذي يعاني العالم منه ومن العنف الناتج عنه، التطرّف الذي كدّر العيش والحياة للمسلمين قبل غيرهم، والذي أتاح الفرصة للقوى الاستكبارية بالتلاعب لبلادهم، والمؤسف أنّ مغذي التطرف والعنف ومثيري الفتنة يعيشون طلقاء أحرارا بين المسلمين، فلا تُعاقبهم حكومة ولا محكمة، بل يصفق لهم أحيانا العشرات من مؤيديهم ومحبيهم وأتباعهم بدل الاحتجاج على أخطائهم.
رسوم الكاتب الأردني المسيء للذات الإلهية ولعنُ الفنان الإيراني لطلحة والزبير رضي الله عنهما، أسوء من فِعل الغلاة المتطرفين، أو أصحاب الأحزمة التي يفجّرون أنفسهم هنا وهناك في المُصليات والمساجد والأسواق، لكنّ المشكلة أنّ العالَم يرى النتائج والمعلولات دائما، ولا يشاهد العلل والمحفّزات والمثيرات.
ربما يقول البعض إنّ الفنّان الإيراني تكلم بلعن الصحابيين عن جهل، وإنْ أُهدي إليه كتابٌ عن الصحابيين الجليلين، وحصلتْ له معرفة بهما، تاب واعتذر!
لكنّ الحقيقة أنّ “مهران” ليس أول من يسيء إلى الصحابيين الجليلين في إيران. ثمّ الذي يلعن صحابيين مثل طلحة والزبير رضي الله عنهما، لا يلعنهما عن جهل، بل عن فكرة خاطئة أو معلومات باطلة، وعن دراسة سيئة مقلوبة عن حياة هذين الصحابيين الجليليين.
فعندما يُعرضُ الاختلاف بين مجموعة من الصحابة بأنه اختلاف بين الحق المطلق والضلال المطلق، وعندما يُعرض الاختلاف بين على بن أبي طالب وطلحة والزبير رضي الله عنهم في المسلسلات والأفلام والكتب التعليمية بأنها اختلاف مع الخصوم الناكثين الذين لهم من الصفات والخصائص السيئة كذا وكذا، فالنتيجة ما نشاهدها أن فنانا ساخرا يتلذذ بلعن شخصيتين عظيمتين يقدسهما ويحترمهما العالم الإسلامي كلّه.
إنّ التعاليم الخاطئة عن التاريخ الإسلامي وعرْضَ الاختلافات بين الصحابة ودراستها بطريقة تُستشمّ منها رائحةُ تكفير أو تضليل فريق منهم، وكذلك الإساءات المتتالية لله ولرسوله والتي تصدر من القلوب المريضة في العالم الإسلامي في عصر الارتباطات والتواصلات السريعة، أسوء من التطرف والعنف بكثير، وهو من نماذج الفتنة التي قال عنها القرآن الكريم “والفتنة أشد من القتل”، والفتنة كما قيلت نائمة، فلعن الله من أيقظها…
فإنّ مثير التطرّف ومُوقظ الفتنة أسوء ممّن يحمل سكّينا يذبح شخصا؛ فذاك ربما يذبح إنسانا واحدا ولا يُمهله الموت لذبح آخر، وهذا يجرح قلوب الملايين ويغرس الحقد والكراهية في قلوب الآلاف، وينفخ في نيران الفتنة والطائفية لئلا تخمد للأجيال والأجيال القادمة…

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات