اليوم :20 April 2024

اغتيال العلماء في إقليم بلوشستان الباكستاني

اغتيال العلماء في إقليم بلوشستان الباكستاني

“إذا كان في صفوف المقاتلين الانفصاليين البلوش مقاتلون من الطائفة الذكرية، ففي الجيش الباكستاني قاديانيّون ونصرانيّون و… لا أؤيد جهة على أخرى”.
يُحكى عن الشيخ “احتشام الحق” رحمه الله، الذي أغتيل يوم الأحد (19 من شوال 1437) أنّه بهذه الكلمات رفض استخدام الدين والمذهب في الصراع بين الجيش والانفصاليين البلوش، لمّا طلب منه عقيدٌ جاهل في الجيش الباكستاني إصدار فتوى ضدّ الانفصاليين البلوش؛ لأن لديهم علاقات مع جهات أجنبية كافرة، وفي صفوفهم مقاتلون من الأقلّية “الذكرية” الضالة!!!
ويُقال أيضا إنّ العقيد المذكور بعد هذا الرفض والإنكار هدّد الشيخ بالمكروه، ثمّ اختُطف نجلُ الشيخ “احتشام الحق” في كراتشي قبل سنة، رغم أنه أطلق سراح نجله، لكن لحدّ الآن لم تُعرف الجهة المُختطِفة، ولا أسباب اختطافه، ولم يتكلم الشيخ رحمه الله ولا أقاربُه عن ذلك.
إنّ اغتيال الشيخ “احتشام الحق” ليس أوّل اغتيال في بلوشستان باكستان، وقد اغتيل خلال السنوات الماضية قرابة عشرين عالما شابّا وشيخا من مدرّسي المعاهد التقليدية الشرعية وأئمة المساجد في “كويتا” عاصمة الإقليم وغيرها من المدن في سلسلة من اغتيالاتٍ جرتْ في هذا الإقليم. كان يُقال أن وراء تلك الاغتيالات بواعث طائفية، والحقيقة أنّها وإن نُفّذت بلُعبة طائفية قذرة في الظاهر، لكن كانت ورائها بواعث سياسية أو مساومات سياسية إن صحّ التعبير، فهي جرت بمسمع ومرأى من المخابرات!
فلولا الضوء الأخضر للمخابرات في بلد باغتيال عالم دين، لا يتجرأ أحد فعل ذلك، فضلا من أن يغتال عدد كبير دون أن يُحرّك ذلك ساكنا في مخابرات البلد.
مع الأسف يُحاول الجيش الباكستاني منذ فترة في صراعه مع الانفصاليين البلوش، استخدام الدين والضغط على العلماء بأن يُصدروا فتاوى بأنّ قتال الجيش الممتلىء بالقاديانيين والنصرانيين وأتباعِ الفرق الضالة ضدّ الانفصاليين جهادٌ وأنّ قتلاهم شهداء!!!
لا شك أنّ هذا النوع من الاستخدام للدين في الصراعات السياسية خطوة قبيحة وقذرة وفتنة كبيرة في عصرنا، واغتيال العالِم الذي يسعى بين الناس للإصلاح، جريمةٌ كبيرة، وإنّ لدماء العلماء لعنة خاصّة تُحيط بأعناق المجرمين الظالمين في الدنيا والآخرة، وإنّ هذه الدماء سوف ترسم في بلوشستان بإذن الله تاريخا جديدا من الصحوة والوعي الديني.
فنِعم العالِم هو الّذي ينأى بدينه وإيمانه وعلمه من أن يُفسده ضبّاطُ جيش أو أراذلُ مخابرات أو سفهاءُ جماعات وتنظيمات.
نِعم العالم هو الذي لا يسمح أن يكون دينُ الله ألعوبة بيد فسّاق العصر وفجّاره وأغبياء السياسة.
ونعم العالم هو الذي لا يسمح أن تكون مواقفه وتصريحاته وآرائه وفتاواه وسيلة يحقق من خلالها المُفسدون والمُلحدون مطامعَهُم المادّية وأغراضهم السياسية.

* عبد الله البلوشي – زاهدان

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات