اليوم :28 March 2024

حوار فضيلة الشيخ عبد الحميد مع صحيفة “اليوم السابع” المصرية

حوار فضيلة الشيخ عبد الحميد مع صحيفة “اليوم السابع” المصرية

فى حوار له مع «اليوم السابع» كشف إمام جماعة أهل السنة والجماعة فى إيران «عبدالحميد إسماعيل زهى» عن المعاناة والمضايقات التى يتعرض لها أهل السنة فى بلاده، ومنعهم من إقامة الصلاة وإنشاء مساجد، مشيرا إلى أن للأزهر مكانة كبيرة فى قلوب السنة فى إيران، ويأملون فى التواصل معه وتعليم أبنائهم فى أروقته، إلا أنهم يخشون فى أن يكون التواصل من جانبهم حتى لا يتم اتهامهم فى إيران بما ليس فيهم، كاشفا عن مبادرة للتقارب بين المذاهب، ونبذ التبشير المذهبى، ورفضه دعم الطائفة، إلى جانب غيرها من القضايا المهمة التى تطرق إليها الحوار مع الرجل الذى يشغل «إمام وخطيب أهل السنة، ورئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، ورئيس منظمة اتحاد المدارس الدينية لأهل السنة فى بلوشستان».

ونسألة فى البداية، عن وضع أهل السنة فى إيران وكيف يعيشون؟
– يسكن أهل السنة فى إيران فى المناطق والمحافظات الحدودية من البلاد، سواء فى الجنوب أو الشرق أو الغرب أو الشمال، أو الشمال الغربى من البلاد. ويعيش أيضا أكثر من مليون سنى فى طهران، وكذلك يسكن بعض أهل السنة فى المدن الكبرى فى المحافظات المركزية، كما أن حياة السنة فى إيران طبيعية ومُرضية، وإن كانت مشاركتهم فى الحكومة والسلطة ضعيفة، لكنهم يتلقون التعليم العصرى فى الجامعات، ويشتغلون فى مشاغل وحرف مختلفة من التجارة والزراعة والصناعة حسب نسبتهم السكانية، ويشكلون الأكثرية الثانية من سكان إيران بعد الشيعة، كما أن السنة من السكان الأصليين فى البلاد، وينتمون إلى معظم القوميات والعرقيات التى يتكون منها شعب إيران، من البلوش والفرس والأكراد والآذريين والتركمان والعرب، ولهم مشاركات عبر تاريخ إيران فى الدفاع عن وطنهم، وفى الحرب العراقية الإيرانية، وشاركوا دائما فى القضايا السياسية والاجتماعية كالانتخابات، وكانت لهم مشاركة فى الثورة التى أطاحت بالنظام السابق.

هل لديكم حرية كاملة فى آداء طقوسكم الدينية؟
– دستور البلاد صرح بالحرية لأهل السنة فى ممارسة طقوسهم المذهبية، وأهل السنة لهم حرية فى التعليم وممارسة عباداتهم، لكن يواجهون أحيانا بعض المشكلات والمضايقات فى إقامة صلاة العيدين والجمعة فى مناطق يعيشون فيها كأقليات مثل مراكز المحافظات المركزية، ويواجهون مضايقات أحيانا فى تلك المدن بشأن نفس المصليات التى يفتتحونها لإقامة الصلاة. وأهل السنة فى إيران متدينون ملتزمون بالصلاة، ولكن رغم بعض المشكلات التى يواجهونها يحمدون الله تعالى، حيث يستطيعون ممارسة طقوسهم وتأدية عباداتهم.

تقريبا كم يبلغ عدد أهل السنة فى إيران؟
– أهل السنة يشكلون 20% من سكان إيران، حيث يبلغ عددهم أقل من 20 مليون نسمة من مجموع سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة، وأعتقد أن هذه هى الإحصائية المعقولة حول النسبة السكانية لأهل السنة فى إيران، لكن البعض يذكرون عددا أقل من هذا لأهداف سياسية، وربما البعض يزيدون فيه لأجل أهداف سياسية أيضا.

كيف يرى أهل السنة تصريحات المرشد الأعلى على خامنئى حول تحريم الإساءة لزوجات النبى الأكرم، لاسيما أم المؤمنين السيدة عائشة؟
– تصريحات المرشد آية الله خامنئى حول تحريم الإساءة لأمهات المؤمنين تصريحات إيجابية من وجهة نظرنا، وهذه التصريحات بالنسبة إلى أهل السنة فى إيران قيمة ومؤثرة، وهم يحسبون لها حسابا كبيرا، أن تصدر فتوى من المرشد تحرم الإساءة إلى أمهات المؤمنين، خاصة أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة رضى الله عنها، وسائر مقدسات أهل السنة، وهى خطوة جيدة، ومبادرة مهمة جدا، سوف تساعد على الوحدة والانسجام.
وهناك جمع كبير فى إيران يرحبون بفتوى المرشد ويحترمون مقدسات أهل السنة، والبعض وهم المتطرفون لا يهتمون بذلك، لكن رغم ذلك لا يمكن أن نقلل من قيمة تصريحات المرشد وفتواه بشأن تحريم الإساءة إلى مقدّسات أهل السنة داخل إيران.

هل یلتزم الشيعة سواء المرجعيات الدينية والمداحين والشعب العادى بفتوى المرشد الأعلى على خامنئى؟
– الأكثرية ترحب بتصريحات المرشد وتلتزم بفتواه وتحترم مقدسات أهل السنة، ولكن البعض وهم المتطرفون لا تعجبهم هذه التصريحات، ولا يلتزمون بها.

فی خطبة الجمعة بزاهدان فى 10يونيو الماضى، قلتم «إن هناك من يمنعون أهل السنة من إقامة صلاتهم فى بعض مساجد طهران» هل استجاب المسؤولون لشكواك؟ ومن هم الذین یمنعون أهل السنة من الصلاة؟
– الذين يضايقون أهل السنة، هم جماعات خاصة وعناصر متعصبة ومتطرفة، ومع الأسف هم موجودون فى السلطة، ولهم كلمة مسموعة، ونرجو أن يتصدى المسؤولون الكبار لهؤلاء، لأن الأعداء يسعون إلى إثارة الطائفية والاختلافات، والعالم الإسلامى اليوم يحتاج إلى الوحدة، والمتطرفون سواء كانوا من الشيعة أو السنة يجب التصدى لهم.

فى رأيكم فى الصراعات والتوترات الموجودة فى المنطقة، وهل تعتبرونها صراعات مذهبية أم سياسية؟
– أعتقد أن هذه الصراعات سياسية، وهذه الحروب لأجل السلطة، كما أن اختلافات الشعوب أيضا مع الحكومات سياسية، والصراعات بين الحكومات المختلفة صراعات على المصالح والمنافع السياسية، وهؤلاء المتصارعون عندما يصلون إلى المآزق، يلجأون للمذهب ليحاربوا خصومهم مستعينين بقوة المذهب، لأن المسائل المذهبية بإمكانها أن تخلق الجنون الذى يحتاجون إليه لإشعال لهيب الحروب ومحاربة الخصوم، ويحاولون الاستغلال السيئ للمذهب، لكن جذور هذه الاختلافات فى السياسة. وهى على كل حال صراعات وحروب خطيرة جدا، ويجب إخمادها وإطفاء نيرانها.
أعتقد أن الطريق الوحيد لإنهائها هو تقاسيم السلطة، وتشكيل حكومات وحدة وطنية، تسهم فيها القوميات والمذاهب والاتجاهات الفكرية المختلفة فى الحكومة والسلطة حسب نسبتهم، سواء فى العراق أو سوريا أو اليمن أو فى بلاد أخرى، وهذه الأزمات لن تحل من خلال الحروب، بل الحروب تزيد من المشكلات، ولا تحمل معها حلا، وتزيد من مشكلات الشعوب ومعاناتهم وتسبب دمار البلاد.

وما تأثير الخلافات الإيرانية السعودية على أهل السنة فى إيران؟
– قطع العلاقات بين إيران والسعودية ليس فى صالح العالم الإسلامى، لأنهما بلدان مهمان، وهما قطبان فى العالم الإسلامى، وقطْع العلاقات يزيد من الاختلافات والمشكلات، ويترك تأثيرات سلبية على أهل السنة أيضا. ولن يتمكن هذا العام الإيرانيون من الحج، سواء الشيعة أو السنة نتيجة قطع العلاقات. فإن أعيدت هذه العلاقات، ستكون لصالح العالم الإسلامى وأهل السنة فى إيران.

أهل السنة فقط هم من قبلوا أن يدفن ذويهم من ضحايا حادث منى فى مكة.. ما مكانة المملكة العربية السعودية والحرم المكى فى قلوب أهل السنة؟
– يفضل أهل السنة أن يدفنوا فى مكة المكرمة أو المدينة المنورة بدلا من الدفن فى بلادهم ومناطقهم، والسبب هى الفضائل التى وردت للحرمين الشريفين، لأجل هذا يتمنى الكثيرون ذلك، والبعض يدعون الله تعالى أن يرزقوا موتا فى تلك البقعة المباركة، وهذه أمنية كل واحد من أهل السنة، ويرجح الحجاج وكذلك أولياؤهم أن يكون دفن موتاهم إما فى مكة المكرمة أو فى المدينة المنورة، لوجود أحاديث وروايات حول فضائل الحرمين الشريفين.

هل توافقون على هذه المقولة التى تقول: «إن إيران تغذى الطائفية فى المنطقة»؟
– إثارة القضايا الطائفية ليست لصالح أهل السنة ولا الشيعة، نحن ندين كل من يثير الطائفية أو يطلق نعراتها أو ينفخ فيها من أى جهة كانت، لأن إثارة الطائفية من أى جهة كانت لها تبعات وعواقب وخيمة، وتضر بالعالم الإسلامى، ونؤكد ضرورة أن يجلس طوائف المسلمين معا للحوار، فليس لأى دولة أو حكومة أن تحمى وتدعم طائفة فى بلد على حساب طائفة أخرى، أو قومية فى بلد على حساب قومية أخرى، بل يجب دعم المنافع الوطنية للشعوب، ولا يمكن توفير هذه المنافع إلا بعد إنهاء الصراعات والحروب، ونعتقد أن الدعم لطائفة أو جماعة فى بلد ذى سيادة، سواء كان للشيعة أو للسنة، يعرض وحدة ذلك البلد على الخطر، ويضر بأصل الإسلام أيضا.

وما مشكلات أهل السنة فى إيران؟
– لدى أهل السنة مشكلات، لكنهم يرون أن حلها يمكن من خلال الطرق القانونية والمشروعة، ومن خلال الحوار، ويرفض أهل السنة فى إيران العنف والتطرف، ويرون أن التطرف والعنف يزيدان من التوتر والمشكلات، ويرجحون حل مشكلاتهم من الطرق القانونية، ومن طريق الحوار والمفاوضات، والانتقادات البناءة.
نحن تصدينا للمتطرفين، وأكدنا لهم أن الحوار والمفاوضات هو الطريق لحل المشكلات، والحصول على حقوقنا المشروعة فى إيران، هم يقولون لو كان الحوار منتجا لتوصلنا طوال هذه العقود إلى حقوقنا، لكن نقول بأنه لو كان هناك طريق منتج واحد، فهو الحوار.

هل تتواصلون مع الأزهر الشريف فى مصر؟ أو هل تواصلتم مع شیوخ وعلماء الأزهر بشأن أوضاع السنة فى إيران أو بشأن إحدى الفتاوى الدينية؟
– ليس لنا أى تواصل وعلاقة مع الأزهر الشريف، ولعل السبب المباشر فى عدم التواصل مع الأزهر وأى من المراكز والجهات الخارجية، هو اجتناب الوقوع فى مظان التهمة، خاصة أنه إذا قمنا بعلاقات مع أطراف ومراكز خارجية سنتعرض للتهمة، ورغم ذلك فإننا نرغب فى إقامة علاقات مع الأزهر الشريف الذى له تاريخ علمى وثقافى، ونرغب أن يدرس أولادنا فيه، وكذلك نرغب فى العلاقة مع سائر المراكز العلمية والثقافية فى العالم الإسلامى، ونتمنى إقامة العلاقات معها، لكننا حتى الآن لم نستطع التواصل وإقامة علاقة مع أى مركز خارجى حتى لا يساء فهمنا، كما أن أبناء أهل السنة فى إيران يرغبون أن يدرسوا فى الأزهر الشريف، وسائر المراكز العلمية فى العالم الإسلامى.

هل وجهت إليكم دعوة من الأزهر لحضور المؤتمرات الإسلامية؟
– لم يتم توجيه أى دعوات لنا من الأزهر، لكن وصلتنى دعوات للمشاركة فى مؤتمرات أخرى، ولكن لم أستطع المشاركة فيها بسبب بعض المشكلات، وأتمنى السفر إلى البلاد الإسلامية والالتقاء بالمسلمين عن قرب، لاسيما مصر والأزهر الشريف، فمن أمنياتى القديمة أن أسافر إلى مصر، لأن مصر بلد عريق ذو تاريخ حافل بالمجد والعظمة، ومصر مهد الحضارات القديمة، والشعب المصرى خدم الإسلام ونصره بعد انتشاره، ظهر فيهم علماء وكتاب وأدباء كبار خدموا الإسلام والإنسانية. وللشعب المصرى إحسان كبير على العالم الإسلامى. ونحن نتأسف كثيرا على الظروف والأوضاع الأخيرة فى مصر.

ألا توجد مبادرات من قبلكم للتقارب بين السنة والشيعة؟
– نعتقد أن التقارب بين المذاهب الإسلامية ضرورية ومهمة، وفى التقارب مصلحة المسلمين والعالم الإسلامى ومصلحة للإسلام نفسه، فعندما نفكر فى منافع العالم الإسلامى، لا نجد طريقا إليها إلا بالوحدة والتقارب، ومبادرتى للتقارب بين السنة والشيعة تقوم على 3 أسس، أولها، أن تتمسك الطائفتان بالمشتركات، ونبذ التبشير المذهبى، ثانيا، إعطاء الأقليات شيعة أو سنة حقوقهم الكاملة فى أى بلد كانوا، وتوفر الحكومات لها حرياتها الدينية، وإنهاء التمييز، وكبت الحريات الدينية، ثالثا، الكف عن التهم والافتراءات خاصة بالقنوات الفضائية المهينة ووسائل الإعلام التى تبثّ الكراهية ضد بعضهم البعض، كما أن الحكومات التى تسعى للتقارب بين الطائفتين، يجب عليها أن تجتمع على أسس هذه المبادرة، وأن يقوم العلماء الكبار من الطائفتين بالتوقيع عليها، وأن تبذل جهود فى تطبيقها عمليا، ومراعات حقوق الأقليات.
كما اقترح تشكيل لجنة إصلاحية من العلماء البارزين للمصالحة، وحل الاختلافات فى العالم الإسلامى، لأن المتطرفين سواء كانوا شيعة أو سنة لا يمكن لأحد إقناعهم سوى العلماء المسلحون بالأدلة الشرعية.

رسالة توجهها للعالم السنى وأخرى للعالم الشيعى؟
– رسالتنا إلى مسلمى العالم الإسلامى، شيعة وسنة، أنه لا يمكن تحقيق هدف أو الوصول إلى نتيجة مطلوبة عن طريق إثارة الخلافات والطائفية، لأن الطائفية لم ولن تنتج إلا الدمار، وتسبب هيمنة القوى الأجنبية على المنطقة، وتوفر منافع الأعداء ومصالحهم.

حوار – إسراء أحمد فؤاد

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات