اليوم :6 October 2024

الحرب لیست هی الحل

الحرب لیست هی الحل

خاطب فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله إمام وخطيب أهل السنة في إيران في خطبه يوم الجمعة مرات عديدة وما زال فضيلته يخاطب زعماء العالم وعقلاءه، قائلا: “الحرب ليست هي الحل” ويدعوهم إلى الانسجام والتعاطف، وعدم إثارة الطائفية البغيضة والعنصرية المقيتة.

إن هذا الخطاب يحمل في طياته رسالة واضحة إلى المتغطرسين والغارقين في دماء الشعوب المستضعفة أن ينتهوا عن أعمالهم الإجرامية والبربرية ويبادروا إلى وقف القتال وحل القضايا العالقة عبر الحوار والمفاوضة.
إن الدعايات الفارغة الهشة والشعارات الرنانة البراقة لن تغني شيئا، ولن تغيّر الأحداث، ولن تنهي الأزمات بل قد تؤدي إلى تقاقم الأزمة وتزيد القضايا غموضا والتباسا. وإن هذه الشعارات الفارغة تكشف أن مدعي الحوارات والمفاوضات اليوم هم الذين يخططون من وراء الكواليس لتدمير الشعب السوري والشعوب الإسلامية الأخرى، وقد عرفت الشعوب الإسلامية مدى صدقيتها وظهرت لها سوآتها.
إن العالم الذي يقوده الغرب وتقوده القوى المتغطرسة يدرك أن الحل ليس في قصف البيوت، وإشعال نار الطائفية، وتسليح طائفة على أخرى، وتجنيد القوى الشرقية والغربية، ويدرك تماما أن هذه الأمور تشعل فتيل الحرب ولا تخمدها، وتثير الضغائن الدفينة، وتغري الأمم والشعوب، وتثير فيهم نار الغيرة والحمية خاصة إذا كانت أمة ذات رسالة، تغار على دينها ورسالتها كالأمة الإسلامية.
القوى الغربية والشرقية بما فيها المجتمع الدولي ومجلس الأمن تدرك جيدا أن الاستبداد والاضطهاد والتضييق على الشعوب وسلب الحريات لن تحل الأزمة، بل تزيد نار الحقد وتدفع أمما وشعوبا للمقاومة والدفاع عن عرضها وعقيدتها، وقد أُثبتت هذه المنظمات أنها بدل أن تندد الاضطهاد والديكتاتورية تدعمها بكل ما أوتيت من قوة، ويعني ذلك أن هذه الأمم تفضل بقاء الدول الإٍسلامية في هذه النار، وأن تعيش الدول الإسلامية في حالة من اللا استقرار والزعزعة والفوضى لمصالح تهم تلك الدول.
إلا أن السحر انقلب على الساحر، وأن نار الفتنة التي أشعلوها بدأت الآن تشملهم وتحيط بهم من فوقهم ومن أسفل منهم، وبدأت أركانهم تتقوض وعروشهم تتزلزل، وبدأت شرارة التطرف والإرهاب ـ كما يسمونه ـ تنمو وتزدهر في بلادهم. وما يوم فرنسا عنا ببعيد.
وقد وصلت هذه الفتنة التي أشعلوا فتيلها إلى أبعد ما كانوا يتصورونه، حيث شملتهم وشملت بيوتهم وهددت حضارتهم وهددت مستقبلهم، فهم في حزن عن المستقبل السيء الذي ينتظرهم نتيجة سياساتهم الخاطئة وتصرفاتهم الهمجية.
وليس هناك أي حل لهذه الأزمة التي ولّدوها إلا ما يهتف به فضيلة الشيخ عبد الحميد وعقلاء العالم، وهو أن يٌمسَك بأيدى المجانين والحمقى الذين أخذوا زمام الأمور، وتحوَّل القيادة لمن يصلح لها، ويجلس قادة الشعوب والملل على طاولة المفاوضة والحوار، ويتحمل بعضهم بعضا، ويكفوا عن إشعال الطائفية والمذهبية في الدول الإسلامية.
وهناك شيئان يؤكد على حلهما فضيلة الشيخ عبد الحميد لإنهاء الأزمات الحالية، الأول: حل قضية فلسطين، يرى فضيلة الشيخ أن قضية فلسطين هي عقدة العقد ورأس الحروب وأصل المشاكل، وأن المسلمين شرقا وغربا لا يقر لهم قرار حتى يتحرر القدس ويكف الاحتلال الصهيوني عن النيل بالشعب الفلسطيني. ويرى فضيلة الشيخ أن إسرائيل لا تعرف لغة الحوار والمفاوضة، وليس في قاموسها إلا لغة البطش والحرب، لذلك حل فلسطين لا يمكن إلا بالجهاد، فيقول: “الطريق الوحيد لحلّ القضية الفلسطينية هي الجهاد. إنما شرع الجهاد ضد المستبدين الذين لا يعرفون لغة غير لغة القوة. الذي يزعم أن الكيان الصهيوني سينسحب من فلسطين بالحوار، فهو إما مخادع وإما جاهل. إن الجهاد فقط سيهزم الكيان الصهيوني ويجره على الانسحاب”.
والشيء الثاني هو حل الأزمات الجارية في البلاد الإٍسلامية، فيرى فضيلته أن حل هذه الأزمات والحروب يمكن بالحوار والمفاوضة، وأن الحرب في هذه الدول هي حرب الحكومات مع شعوبها المكبوتة، ولا يمكن كبت الأصوات ولا إخماد الثورات بالبطش والقوة والقصف والقتل، بل كلما ازداد البطش ازدادت الانتفاضة واشتعلت الثورة، وأن مشكلة الحكومات مع الشعوب هي أنها لا تصغي إلى مطالب الشعوب ولا تعطيها حقوقها المهضومة، والشعوب الثائرة ستهدأ إذا لقيت تعاطفا ومرونة من الدول والحكومات.
ولكن المشكلة في رأي فضيلة الشيخ أن هذه الدول تحارب المعلول وتتجاهل العلة، وهذا لن يغير من الموقف شيئا، ما هي علل الإرهاب وأسبابها؟ ما هي علل الفوضى واللااستقرار في البلاد الإسلامية؟ فإذا عالجت الدول العلة فإن المعلول سينعدم، وما دامت الدول تحارب المعلول وتتجاهل العلة فإن الحروب تستمر وتتواصل لتهلك الحرث والنسل.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات