أقيم حفل لتعارف الطلبة الجدد في جامعات مدينة زاهدان، كالسنوات الماضية، في قاعة الاجتماعات في جامعة دار العلوم زاهدان، بحضور أكثر من 800 طالبا وطالبة من جامعات مدينة زاهدان، بهدف التقريب بين المراكز الدينية والجامعات العصرية، وتعرّف الطلبة الجدد من سائر المناطق السنّيّة على علماء أهل السنة.
بما أن الدين الإسلامي دين كامل وشامل، ولا يرى الفصل بين العلوم الدينية والعصرية، وهناك حاجة ماسة للمثقفين والطلبة إلى المسائل الدينية، وكذلك من الضروري توطيد الصلة والعلاقة بين الطلبة والمثقفين والعلماء، ومن ناحية تبذل جهود لإنشاء هوة بين المثقفين وعلماء الدين، رأى مسؤولو جامعة دار العلوم لأهل السنة في زاهدان أن يقيموا مثل هذه الجلسات، لتيسير الطريق لتربية شباب متخصصين ومتدينين، وانتفاع الطلبة من توجيهات العلماء وإرشاداتهم.
افتتح هذا الحفل المبارك بعد صلاة المغرب يوم الجمعة 24 ذي الحجة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم تحدث فضيلة المفتي محمد قاسم القاسمي، رئيس دار الإفتاء في جامعة دار العلوم زاهدان، ثم ألقى فضيلة الشيخ عبد الحميد، رئيس جامعة دار العلوم خطبة أوصى فيها الطلبة إلى الاهتمام بالنسبة إلى القضايا الدينية.
خطبة الشيخ محمد قاسم القاسمي:
قال فضيلة الشيخ محمد قاسم بعد تلاوة آيات من سورة العلق المباركة: نزول الوحي بالقراءة والتعلم، حدث في مجتمع كانت الراية فيه للحروب والقوة والشجاعة والقتل، لكن الله تعالى أراد أن يهتم هذا المجتمع للعلم ويعطيه مكانة وفضيلة.
يقول العلامة الندوي رحمه الله أن نخب ذلك العهد لو سئل عنهم بأي موضوع لابد أن يبدأ الوحي؟ لكان الجواب بالحرب والنضال والبسالة، ولا يخطر ببال أحد أن يبدأ الوحي بالعلم والتعلم، لكن الله تعالى أنزل الوحي بكلمة “إقرأ” و”علم بالقلم” ليرشد العالم إلى قراءة وتعلم جديد لم يكن سائدا في تلك العهود.
التعلم الجديد كما ورد في الآية ينبغي أن يكون مقرونا بذكر الله تعالى وخالق الإنسان، ليكون الإنسان على صلة بخالقه، لأن الله تعالى خلق الإنسان وأعطاه قوة التعلم.
وتابع رئيس دار الإفتاء في جامعة دارالعلوم زاهدان: ذكر الله تعالى في سورة العلق كلمة “إقرأ” مرتين، ليشير إلى أهمية القراءة والاستمرار فيها. يقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام في دعائه: “ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك”، وهذه إشارة إلى أن حياة الأجيال القادمة ستكون ممزوجة بالعلم وتعلم الفنون المختلفة والدراسات والبحوث العلمية، ولا مكان للأمية فيها؛ وقضية كون النبي صلى الله عليه وسلم أميا، معجزة اقتضتها حكمة الله تعالى، لأن لا يورد أحد شبهة أن القرأن الكريم تأليفه وكتابته.
وأضاف فضيلة الشيخ محمد قاسمي في توضيح آية “علم الإنسان ما لم يعلم”: عمومية وشمول هذه الآية تدل على أن الله تعالى علّم البشر كافة العلوم كالفيزياء والكيمياء والصناعة والطب والعمران، وكذلك العلوم الدينية.
وتابع فضيلته مشيرا إلى اهتمام الرسول الكريم إلى التعلم كثيرا، قائلا: في معركة بدر التي كانت أول معركة بين الإسلام والكفر، وكانت معركة حاسمة للإسلام، لما جيء بالأسرى إلى المدينة المنورة، جعلت فدية الأسرى للتحرر تعليم الأميين من المسلمين، مع أن المسلمين كانوا بحاجة إلى المال والعتاد والسلاح. مع ذلك أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل المال والسلاح في الفدية، إلى التعليم.
وتابع فضيلة الشيخ القاسمي: الأزمة المالية والاجتماعية وحتى السياسية التي يواجهها العالم المعاصر مع وجود العلم والتعلم، هي نتيجة فصل اسم الله تعالى من العلم، وعدم الخشية من الله تعالى، وكان السبب لأن يُنتفع من العلم والصناعة لأغراض ذاتية ومنافع شخصية وصناعة القنابل المخربة.
وقال فضيلته نقلا عن العلامة أبي الحسن الندوي رحمه الله: قال العلامة الندوي في إحدى خطبه، وأنا بنفسي كنت من الحضور: “الإسلام يريد أن يصنع شخصا يبقى جائعا ليشبع غيره، ويشعر في هذا الجوع بلذة لا يشعرها ببطن شبعان”.
وأوصى فضيلته الطلبة قائلا: يجب أن نتعلم العلم والفن بهدف الخدمة إلى المجتمع وللحفاظ على القيم الإسلامية. لا ينبغي أن يدرس الطالب للحصول على الشهادة فقط، بل يجب أن يتخصص ويحصل على مهارة ليصل إلى النبوغ العلمي.
واعتبر فضيلته مراعاة الأمور التالية مؤثرا في نجاح الطلبة:
1- السعي والجهد، 2- الدعاء، 3- التعرف على نقاط الضعف ومحاولة إزالتها، 4- مطالعة أحوال الرجال، 5- التخطيط اليومي.
كلمة فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله
ألقى فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة ورئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، كلمته أمام الطلبة الجامعيين السنّة وقدّم توجيهاته حول موضوع “كيف نستطيع أن نبني مستقبلنا ونقوم فيه بدورمؤثر”.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد أن المستقبل يشمل القادم في الدنيا والآخرة، قائلا: الذين يحصلون على علم مقارن بالتقوى، يبنون مستقبلهم، ويكونون مؤثرين في مستقبلهم، ويقومون بدور كبير في مستقبلهم ومستقبل مجتمعاتهم.
وأضاف فضيلته: العقلاء وأصحاب التدبر يهتمون بمستقبلهم ومجتمعهم كثيرا. والذين يهتمون بمستقبل دنياهم أناس بسطاء، ذكرهم الله تعالى في كتابه: “كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة”.
وتابع رئيس جامعة دار العلوم لأهل السنة بمدينة زاهدان، قائلا: إن سيدنا يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام، يُباع في بداية الأمر كعبد في مصر، وكان يتمتع بنعمتين: 1- العلم، 2- التقوى والأمانة؛ وهذا الأمر كان السبب في أن ينال ملك مصر، مع إنه أتى إلى هذا البلد وكان عبدا. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “والعاقبة للتقوى”.
وأوصى فضيلته الطلبة قائلا: عليكم بمراعاة الشؤون الإسلامية في الجامعة، وأحيوا البيئة الإسلامية في الجامعة. أقيموا الصلاة جماعة في الجامعة، واحذروا وكونوا على وعي أن لا تصرفكم التيارات المختلفة التي تنشط في الجامعات عن القيم الإسلامية، وأن لا تنزع لباس التقوى والورع منكم.
وأنهى فضيلة الشيخ توجيهاته بقوله: المسلم الحقيقي هو الذي يخضع لأحكام الرب تبارك وتعالى، فالطلبة يجب أن يكونوا على صلة دائمة بالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، ويزيدوا من علمهم بمطالعة الكتب الدينية والمذهبية، لئلا يشعروا بالضعف تجاه الدعايات الواسعة.
تعليقات