اليوم :24 April 2024

رسالة فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية

رسالة فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية

آية الله أراكي - فضيلة الشيخ عبد الحميدبعث فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله، إمام وخطيب أهل السّنة ورئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، برسالة إلى آية الله محسن أراكي، الأمين العام الجديد لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، يهنّئ فيها بتولّيه أمانة مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، مؤكدا على وجود بعض المشكلات والتمييزات التي يعاني منها أهل السنة في إيران، مشددا فضيلته على أن الوحدة المطلوبة لن تتحقق من غير حل مشكلات أهل السنة في إيران واستجلاب مرضاتهم القلبية.

وفيما يلي نص الرسالة كما نقلها الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة آية الله أراكي، دامت توفيفاته
الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية

السلام عليكم
مع تمنياتنا لقبول الطاعات والعبادات، نهنئ سماحتكم على تعيينكم كالأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، ونتمنى لكم التوفيق الدائم في هذه المسئولية الجديدة. أرى من الضروري أن ألفت نظركم إلى أمور:

1- لا تخفى على أحد ضرورة الأخوّة والانسجام بين الأمة الإسلامية، خاصة في الظروف الراهنة، لأنها لا يمكن تصور عزة المسلمين ولا كرامتهم إلا في ظل الوحدة الأمة الإسلامية.

2- بعد الثورة، ابتكر قادة النظام بتسمية أسبوع باسم “أسبوع الوحدة”، وتأسست مؤسسة وبرامج للتقريب بين المذاهب الإسلامية بشكل عام وبين الشعب الإيراني بشكل خاص، وتعقد سنويا جلسات ومؤتمرات كثيرة في محور الوحدة الإسلامية بنفقات باهظة.
والآن يبقى هذا السؤال: هل تحققت مكاسب وانجازات بعد مرور ثلاث عقود من عمر هذا المجمع في مجال الوحدة في العالم؟ نعتقد أنه قد حان زمن استعراض نتائج أعمال هذا المجمع بطريقة منصفة لتتضح انجازاته. فإذا تحققت أهداف النظام في مجال الوحدة الإسلامية في الداخل والخارج، فبها ونعمت، وإن لم نصل إلى هذه الغايات، فعلينا أن نعالج أسبابها ونعيد النظر حينذاك ونصلح  نقاط الوهن والضعف، ونبادر إلى خطوة جديدة تكون ضامنة لتحقيق الوحدة العملية بين الأمة الإسلامية وتنفيذها. لأنها تبدو أن نجاحاتنا في هذا المجال لا يتكافئ مع التكاليف التي أنفقت لها، ولا مع النفقات التي أنفقها أعداء الأمة لبث التفرقة.

3- في داخل البلاد، الطبقة التي يتطلب أن تكون الوحدة والأخوّة معهم ولا تتحقق بغيرهم، هم أهل السنة في إيران. نظرة عاجلة في هذه الطبقة بعد الثورة، تحكي لنا عن التمييز وعدم المساواة.
عدم توظيف أهل السنة واستخدامهم في القوات المسلحة، ووزارة الخارجة والدوائر التابعة لها، والحرمان من الوظائف والمناصب الإدارية في مستويات الوزارة، والنيابات، ورئاسة المحافظات وغيرها، يعد من أبرز ممارسات التمييز ضدهم.
هذه القضية ليست مضادة مع أصول المساواة والعدل في الدستور، بل هي صريح للوحدة الإسلامية، وهي تبطل كافة الجهود لإنجاز الوحدة. إضافة إلى ذلك يعاني أهل السنة في ممارسة طقوسهم العبادية والمذهبية، خاصة في تأدية إقامة الجماعة والجمعة والعيدين في المدن التي يعيشون فيها كأقليات؛ وعدد سكان أهل السنة في العاصمة طهران يبلغ إلى مليون نسمة، ولكن لم يسمح لهم حتى الآن ببناء مسجد واحد مع مرور 34 سنة من عمر الثورة.

4- إن المدارس الدينية لأهل السنة تنشط دائما في إطار الدستور، والجهات المتعلقة للإشراف أيضا كانت تشرف على أعمالها في هذا الإطار، وقد قبل الإشراف بهذه الطريقة كقانون مطاع. لكن في السنوات الأخيرة واجهت المدارس الدينية مع ظاهرة باسم “تنظيم المدارس الدينية”. نظرة في أعمال هذا التنظيم، يدل على أن قضية التنظيم تجاوز الإشراف على أعمال المدارس، واتخذ أسلوب التدخّل، وهذه القضية أثارت قلق أهل السنة في إيران.

5-استدعاء علماء أهل السنة واعتقالهم في السنوات الأخيرة، والمشكلات الأخرى المذكورة، جعلت أهل السنة تشعر بالانزواء، وأن لا يروا أفقا مشرقا لهم ولأولادهم؛ وهذه القضية تترك آثارا سيئة في تحقيق الوحدة والأخوّة الإسلامية.

سماحة آية الله!
نعتقد أن من أهم الجسور لإقامة العلاقة مع العالم الإسلامي الذي يشكل أهل السنة الأكثرية فيه، هي الاستفادة من صلاحيات أهل السنة الموجودة في البلاد. كان لأهل السنة حضور دائم في كافة المجالات بعد الثورة، لكن أهملت صلاحياتهم وأهلياتهم في المجالات المختلفة ولم تنتفع بها.
لاشك أن إطلاق الشعارات والهتافات في مجال التقريب والوحدة من غير توفير مجالات العمل لها، لا تساعد في تحقيق الوحدة والحفاظ عليها.
في رأيي، ما لم تحل مشكلات أهل السنة في إيران ولم تستجلب مرضاتهم القلبية، لا يتيسر ولا يمكن الوصول إلى الوحدة التي هي مطلوب قادة النظام.

من ثم أن سماحتكم تم تعيينه كالأمين العام لمجمع التقريب من قبل زعيم الثورة، تدركون جدا ما لم تتحرك الجهات الحكومية في سبيل التقريب ولم ترافق سماحتَكم، لا تصل جهودكم إلى نتائج إيجابية؛ لأن الوحدة في المجتمع يجب أن تكون شاملة عامة في جميع الجهات.
أعتذر من إطالة الكلام، وأرجو أن تلاحظوا ما قدّمته عن نصح وإشفاق.

مع الاحترام
(الشيخ) عبد الحميد
إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات