اليوم :4 December 2024

تقرير عن حفلة ختم القرآن الكريم في الجامع المكي في زاهدان

تقرير عن حفلة ختم القرآن الكريم في الجامع المكي في زاهدان

في كل سنة، ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان في محافظة سيستان وبلوشستان ليلة خاصة ورائعة. إن كانت ليالي رمضان كلها ليالي قيمة وعظيمة مليئة بالنور والرحمة والبركة، لكن تزداد ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان بسبب قيام ودعاء الآلاف من عشاق كلام الوحي، نورا وبهاءا في مدينة زاهدان.

حفلة ختم القرآن الكريم في الجامع المكي في صلاة التراويح، التي هي آخر الحفلات المنعقدة لختم القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك في مستوى المحافظة، تترك آثار روحية كبيرة على فضاء المدينة. الجموع العظيمة لعشاق كلام الوحي والعباد المؤمنين، واستماع الصوت الجميل لكلام الوحي الخارج من حنجرة الحفاظ الكريم، وتوجيهات العلماء الربانيين والدعاء الخالص المخلص وتضرع المؤمنين الصائمين الذين صاموا شهرا واحدا، وإن هتافات ” ربنا ربنا” من سويداء قلوب من أصغوا لمدة 28 ليلة من ليالي رمضان المباركة إلى تلاوة القرآن الكريم في قيام هذه الليالي، تحول مدينة زاهدان إلى نقطة مضيئة نشعر فيها بنزول  ملائكة الرحمة والرحمات الإلهية أكثر من أي ليلة.
انعقدت حفلة ختم القرآن الكريم في الجامع المكي في مدينة زاهدان (أكبر مسجد لأهل السنة في إيران) بحضور عشرات الآلاف من المصلين المؤمنين من زاهدان وأريافها وكذلك من المدن الأخرى من الرجال والنساء والشيوخ والشباب، حيث اكتظت بهم ساحة جامعة دار العلوم زاهدان والشوارع الواسعة المحيطة بالجامع المكي وجامعة دارالعلوم.
في القسم الأول من أعمال هذه الحفلة الكريمة القرآنية، ألقى فضيلة الشيخ “محمد عثمان” خطيب أهل السنة في مدينة خاش ورئيس معهد “مدينة العلوم” في هذه المدينة كلمة رائعة، أشار فيها إلى السور القرآنية الثلاث (الصف والجمعة والمنافقون) وأضاف قائلا: إن الله تعالى يشرح في هذه السور الثلاث وظائف ثلاث طوائف في المجتمع الإسلامي ويعتبرهم الأسباب الرئيسية والأركان الهامة لبقاء الدين الإسلامي. الجماعة الأولى: الشباب المؤمنون الذين يدافعون في صف الجهاد ضد الظالمين والمستبدين عن المجتمع الإسلامي والنساء والشباب والأطفال والعجائز، وبالشجاعة والصرامة يشربون كأس الاستشهاد في سبيل الله تعالى ويضحون بأرواحهم ليبقى الإسلام والمسلمون.
الجماعة الثانية هم الأغنياء المسلمون الذين يجهزون جيش المسلمين بأموالهم. والجماعة الثالثة هم العلماء والمفكرون والفقهاء الذين يرشدون الناس إلى الصراط المستقيم، ويبينون الأحكام والشرائع الإسلامية للناس. يأمرون بالمعرون وينهون عن المنكر في المجتمع، ليمنعوا المجتمع الإسلامي من السقوط في مستنقعات الضلال والفساد.
والقسم الثاني من حفلة ختم القرآن في الجامع المكي بدأ بعد صلاة العشاء بتقديم أنشودة من قبل أحد الشباب لفت بها أذهان الحاضرين إلى مساعي وجهود العلامة الشيخ عبد العزيز رحمه الله، رائد ميادين الدعوة والإصلاح في المنطقة ومؤسس جامعة دار العلوم زاهدان.
ثم بعد ذلك  قدم الحافظ “عمر خمّر” أنشودة مشتملة على آلام الأمة الإسلامية ومصائبها في العصر الحاضر في كل من سوريا وميانمار. ثم ألقى فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله كلمته أمام الحاضرين.

خطبة فضيلة الشيخ عبد الحميد:

بدأ فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة، خطبته بتلاوة آية “واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون”، ثم أضاف قائلا: الليلة التاسعة والعشرون من الليالي الهامة والخاصة في شهر رمضان المبارك، ويكثر الاحتمال في أن تكون هذه الليلة ليلة القدر، وإن الله تعالى بفضله ورحمته يعطي الإنسان أجر عبادة ألف سنة.
ثم أشارفضيلته إلى مطالب حول الآية التي تلاها وقال: هذه الآية آية محذرة، ويجب أن يهتز كل مسلم بتلاوتها. إن الله تعالى في هذه الآية يحذر الناس من اليوم الذي يرجعون فيه إلى الله تعالى. علينا أن نتيقن أننا نذوق يوما ما طعم الموت ونوضع داخل القبر. في ذلك اليوم يذهب الإنسان إلى لقاء الله تعالى. مع الأسف الكثير منا نسوا هذا السفر الهام الذي يغير كل شيء. يجب أن نحاسب أنفسنا أننا بعد الموت بأي أعمال نلقى ربنا. عند الموت وعند ما نوضع في القبر، نترك الملابس الفاخرة والحلية، وفي الآخرة يحاسب على الأعمال التي عملها في الدنيا.
وأضاف عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قائلا: في هذه الآية يحذر الله تعالى عباده أن يخافوا من هذا اليوم وليعلموا بأنه لا يمكن هذا السفر بغير الزاد. الإنسان يواجه المشكلات والصعوبات إذا كانت أعماله سيئة، وكانت أعماله سوداء ولا يعمل على الأحكام الإلهية وابتلى بالغفلة، ويواجه في القبر بالمشكلات، ويسئل الله تعالى أن يعيده إلى الدنيا مرة أخرى. لكنه يقال له الآن وقد رأيت عذاب الله بالعين لا يعتبر العمل ولاعودة لكم إلى الدنيا.
وتابع فضيلته: أمامنا حوادث ووقائع من الصعب تحملها. في ذلك اليوم يندم الإنسان على تضييع الفرص في الدنيا، لكن الندامة لا تنفعه شيئا. مع الأسف زادت علاقة الناس في عصرنا بالماديات وضعفت علاقتهم بالله تعالى.
السعي المستمر لجمع المال واتباع الشهوات جعلنا في غفلة عن فكر الموت والاستعداد للآخرة. لنراقب أن لا تفوت هذه الفرص، ونتوسل إلى الأعمال الصالحة للاستعداد للآخرة.
وأضاف قائلا: المشكلة الأصلية التي يواجهها المسلمون ليست في قلة العلم، بل المشكلة هي الوهن والضعف في العمل على الشريعة والأحكام الإسلامية. الناس جميعا يعرفون حقوق الله تعالى وحقوق الناس ويعلمون الأحكام الشرعية، لكنهم يتجاهلون ويتغاضون عن مراعاة حقوق الناس. الكل يعرفون حقوق الله تعالى كالصلاة والزكاة والصوم، لكنهم مع ذلك يتهاونون في العمل، ونشهد في المجتمع آثار الغفلة. وهذا الضعف في العمل يرجع إلى الضعف في الإيمان واليقين بالآخرة.
واستطرد رئيس جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان قائلا: ماذا ينتظر الإنسان أن يحدث ليسوقه نحو العمل على التعاليم الإلهية؟ هل ينتظر هذا الإنسان الموت ليدفعه إلى العمل؟ لكن ليعلم الإنسان أنه بعد الموت لن يكون قادرا إلا على الحسرة والندامة.
فلا نفوت فرص الحياة، ونتوب عن المعاصي والذنوب، ونصحو من الغفلة.
وأشار الشيخ عبد الحميد إلى أعمال الصحابة والسلف الصالح قائلا: يقول الله تعالى في القرآن الكريم في وصف عبادات الصحابة: “تراهم ركعا سجدا”. إنهم كانوا يشتغلون بالصلاة في كافة الحالات. لقد تمكنت حلاوة الذكر والعبادة في قلوبهم، بحيث كانوا يذكرون الله تعالى في كافة الأحيان والأحوال.

 

وانتهت حفلة ختم القرآن الكريم في الجامع المكي في مدينة زاهدان بدعاء فضيلة الشيخ عبد الحميد لحل المشكلات والأزمات التي يواجهها المسلمون في أنحاء العالم وخاصة في ميانمار وبلاد الشام، وقبول الطاعات والعبادات في هذا الشهر الكريم، وتأمين المصلين الذين اكتظ بحضورهم الشوارع المحيطة بالجامع.
وإليكم بعض الصور من الحفلة:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات