اليوم :24 April 2024

مجزرة “الحولة” ارتكبها من تعوّد بارتكاب المجازر

مجزرة “الحولة” ارتكبها من تعوّد بارتكاب المجازر

شهدت سوريا في الأسبوع الماضي مجزرة جديدة من مجازر نظام الأسد، وهي ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة للأسف، إن لم تتحرك الدول الإسلامية الراغبة في إنقاذ الشعب السوري بشكل جاد. مجزرة راح ضحيتها أطفال سوريون وأمهاتهم. ذبحوا بطريقة بشعة بالسكاكين، ووسط صمت دولي مخزٍ، ووجود المراقبين الدوليين.

هذه المجزرة تذكرنا بمجازر أخرى ارتكبها النظام النصيري في العقود الماضية والتي لم تلق انتشارا في الإعلام مثل هذه المذبحة البشعة. وهي حجة لما سمعنا عن مجازر للنظام النصيري، فإن مذبحة مثل مذبحة “الحولة” لا تصدر إلا ممن ارتكب مثيلتها من قبل، أو ممن تعوّد بارتكاب المجازر.
يجدر بنا أن يكون لنا هنا تتبع لأشهر المجازر التي ارتكبها هذا النظام البعثي النصيري، والتي لم يحاسب على واحدة منها، والتي شجّعته أن يعيد تكراراها كلما استشعر بأنه في مأمن من جانب بطش المجتمع الدولي.

1- مجزرة مدينة طرابلس اللبنانية على يد النصيرية:
ففي عام 1985م خشي النظام النصيري السوري من الصحوة في بلاد الشام، وبالتحديد في مدينة طرابلس اللبنانية، فأمر حافظ الأسد بتحريك عملائه وأعوانه لهدم مدينة طرابلس الفيحاء، فحرك أعوانه في حي بعل محسن النصيري، كما تحركت الأحزاب العميلة كالحزب السوري القومي والمعروف بعلاقاته المشبوهة مع المخابرات الإسرائيلية، والحزب الشيوعي اللبناني، ومنظمة حزب البعث الحاقدة، أمثال عاصم قانصول، وعبدالأمير عباس؛ وبدأ النصيريون في حي بعل محسن بتنفيذ أوامر القيادة، فأطلقوا قذائفهم ونيران أسلحتهم المتطورة على حي التبانة الذي يبعد عنهم بضعة أمتار، ولا يفصله عنهم إلا شارع سوريا، وكانت القوات النصيرية السورية قد شددت حصارها على مدينة طرابلس، واستقدمت تعزيزات عسكرية تتألف من 4000 جندي أحاطت بمدينة طرابلس من كل جانب، كما حاصرت الطائرات الحربية النصيرية طريق البحر إلى ميناء طرابلس، وبدأت مدفعية الجيش النصيري بقصف مدينة طرابلس السنية بالتعاون مع الدبابات المرابطة فوقها وبالتحديد فوق منطقة الكورة وتربل والتبان، واستمر القصف النصيري المركز على أهل السنة العُزّل في طرابلس قرابة العشرون يوماً، حيث انصب على المدينة أكثر من مليون صاروخ وقذيفة، مما أدى إلى تدمير نصف مباني طرابلس، كما تم تدمير معظم الشوارع، وأحاطت النار بمداخل المدينة البرية والبحرية، وانقطعت عن العالم هاتفيا ولاسلكيا.
وقد وصف المراسلون في ذلك الوقت مدينة طرابلس بقولهم إن طرابلس أصبحت تبدو في النهار كمدينة أشباح تغطيها أعمدة الدخان الأسود وتهزها انفجارات القذائف المدفعية والصاروخية، وفي الليل تصطبغ سمائها بلون أحمر منعكس من لهيب نيران المدفعية.

2- مجزرة مخيم تل الزعتر في عام 1976م:
رتب الجيش النصيري السوري بالتعاون مع الميليشيات الصليبية الحاقدة حصار واقتحام تل الزعتر الفلسطيني، الذي كان يحتوي على 17000 فلسطيني، حيث دكت المدفعية المخيم، وكانت البحرية الإسرائيلية تحاصره من البحر وتطلق القنابل المضيئة، عندها دخلت قوات الكتائب الصليبية وارتكبت مجزرة رهيبة بالتعاون مع النظام السوري. كانت نتيجة هذه المجزرة 6000 قتيل من الفلسطينيين وعدة آلاف من الجرحى، ودُمر المخيم بالكامل.

3- مجزرة سجن تدمر:
في عام 1980م تعرض الرئيس السوري حافظ الأسد النصيري إلى محاولة اغتيال فاشلة من قبل أحد عناصر حرسه الخاص، فحمّل المسئولية مباشرة لأهل السنة والجماعة، فأمر شقيقه رفعت ورئيس سرايا الدفاع في ذلك الوقت أن يقوم بعمل انتقامي إجرامي يستهدف نزلاء سجن تدمر الصحراوي الواقع في بادية الشام شرق سوريا، حيث كان معظم السجناء من أهل الخير والصلاح والاستقامة.
في فجر اليوم السابع والعشرين من شهر يونيو عام 1980م، قام حوالي 200 عنصر من اللواء 40 واللواء 138 من سرايا الدفاع التابعة مباشرة للطاغوت النصيري رفعت الأسد بالانتقال بالطائرات المروحية من مناطق تمركزهم من دمشق إلى سجن تدمر، حيث قاموا بإلقاء القنابل على السجناء، وفتح نيران أسلحتهم عليهم وهم في زنزاناتهم حيث ماتوا عن آخرهم خلال نصف ساعة، ثم قامت بعد ذلك شاحنات كبيرة بنقل جثث القتلى ورميها في حفر قد أعدت مسبقا لرمي الجثث فيها وادي شرق بلدة تدمر، ثم عاد النصيريون المنفذون إلى قواعدهم في دمشق وقد تلطخت ثيابهم بدماء الأبرياء، ووزع على كل واحد منهم مكافأة مالية، حيث راح ضحية هذه المجزرة أكثر من 700 شاب مسلم من حملة الشهادات العليا، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وقد ناقشت لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وقائع هذه المجزرة الرهيبة في مدينة جنيف في دورتها السابعة والثلاثين، ووزعت عل اللجنة الوثيقة رقم 1469/ 4 بتاريخ 4-3-1981م .

4- مجزرة هنانو في مدينة حلب:
ففي شهر آب عام 1980م، وفي صبيحة أول أيام عيد الفطر المبارك، أجبرت عناصر القوات الخاصة لطاغية الوقت مجموعة من سكان منطقة المشارقة على الخروج من منازلهم وحوانيتهم، وأرغمت المصلين على ترك المساجد، وجمعتهم في مقبرة هنانو، ثم فتحت نيران الأسلحة المختلفة عليهم، وأجهزت بعد ذلك على الجرحى منهم، وقد عدد بلغ ضحايا هذه المجزرة 83 شخصاً. فلا حول ولا قوة إلا بالله.

5- مجزرة جسر الشغور:
ففي شهر آذار عام 1980م، حاصرت القوات الخاصة للنظام السوري والتي حملتها 16 طائرة عمودية، بلدة جسر الشغور الواقعة في محافظة أدلب شمالا، ووجهت صواريخها ومدفعيتها نحو البيوت، حيث هُدم في هذه المجزرة 20 منزلا و 50 حانوتا، كما قُتل نحو 100 شخص واعتقل المئات من أبناء أهل السنة والجماعة، وقد استمرت هذه المجزرة ثلاثة أيام تحت القصف والتمثيل بالأطفال والنساء والشيوخ. وروى ناجون من هذه المجزرة حوادث وقعت فيها مثل شق جسم طفل صغير لا يتجاوز عمره 6 أشهر إلى شطرين أمام أمه التي توفيت فور رؤية المشهد.

6- مجزرة مدينة حماة السورية:
تلك المجزرة الرهيبة التي هزت كيان كل مسلم في ذلك الزمان؛ ففي عام 1982م أصدر العميد رفعت الأسد أوامره بجمع القوات المدربة تدريبا خاصاً والمتواجدة في كل من لبنان وجبهة الجولان، وحوصرت مدينة حماة المسلمة بقوات من جيش السرايا. جيش السرايا كان يتكون من وحدات تدعى سرايا، وهي مجهزة تجهيزاً ممتازاً بالآليات والصواريخ وأحدث المعدات المضادة للدبابات، حتى وصل عدد هذه الوحدات إلى 55 ألف جندي؛ نسبة النصيرية تصل على 95% ، حيث كان يتمتع هذا الجيش باستقلالية كاملة عن سائر القوى العسكرية السورية.
حوصرت مدينة حماة بقوات من جيش السرايا والقوات الخاصة النصيرية، وذلك بإقامة حزامين حولها، إضافة إلى قوات من المشاة والمدفعية والدبابات، مما أدى إلى عزل هذه المدينة المسلمة عن المدن السورية ، وسد جميع منافذها والطرق المؤدية إليها، وقطع الماء والكهرباء عنها إضافة إلى المؤن الغذائية والإسعافات الأولية، وعندها أعطيت إشارة البدء في اليوم الثاني من شهر فبراير عام 1982م، فبدأت القوات النصيرية تقصف المنطقة المعزولة عن العالم الخارجي بمختلف الأسلحة الفتاكة المدمرة، وقُصفت المدينة قصفاً مركزاً ومستمراً منذ الساعات الأولى في فجر ذلك اليوم، بينما كانت وحدات المشاة تقوم باقتحام الأحياء السكنية ومداهمة المنازل وقتل من فيها، ومن المشاركين في هذا الهجوم اللواء 47 المدرع واللواء 21 المدرع وقوات من الفرقة الثالثة المدرعة بقيادة العميد النصيري شفيق فياض، وقوات من سرايا الدفاع تقدر بـ 10000 عنصر تابعة للنصيري رفعت الأسد، وقوات من الوحدات الخاصة تقدر بـ 3000 عنصر بقيادة العقيد النصيري سليمان الحسن والتي سُحبت من لبنان، وقوات من لواء المهمات الخاصة بقيادة العقيد النصيري علي ديب، وعناصر من سرايا الصراع بقيادة النصيري عدنان الأسد.

لذلك، حينما نرى مثل هذه المجازر البشعة من نظام مثل النظام السوري النصيري، فلا استغراب من أن يبادر هذا النظام عندما رأى الضوء الأخضر من قبل مجلس الأمن بفيتو الروسي والصيني، إلى إراقة المزيد من الدماء وخلق المجازر والمذابح؛ لأن ارتكاب المجزرة ليس من الصعب لمن ارتكبها مرارا وكرارا، وصار قتل الأطفال والنساء عادة له، ولم يحاسب على واحدة منها من قبل المجتمع الدولي.
وما نراه اليوم أيضا بعد مجزرة الحولة من اكتفاء الدول الغربية بطرد سفراء هذا النظام واختلافهم في تسليح الجيش الحر دليل على أن الغرب راض بالوضع الراهن، ولا يريد فعل شيء أكثر من هذا. لذلك تعظم مسؤولية الأمة الإسلامية شعوبا ودولا، وعليهم أن يتحركوا لإنقاذ سوريا من الطاغية الأسد، ومن مخالب نظام لم يأمن بوائقه جار واحد من جيرانه إلا إسرائيل.
فما يحتاجه السوريون هو دعم الجيش الحر وإقامة المنطقة العازلة لوقف آلة القتل التي تطال أطفالا صغارا، وأمهات عزلا، وتجز رؤوسهم وأطرافهم بالسكاكين.
لا شك أن ما يفعله النظام السوري طوال عام ونصف هو جريمة حقيقية ضد شعب أعزل. فهل عجزت الدول الإسلامية من إقامة منطقة عازلة ودعم الجيش الحر، أم ماذا ينتظرون؟!
اللهم انصر إخواننا المضطهدين في سوريا، وعجّل بنصرك وتمكينك لهم.

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات