واستطرد فضيلة الشيخ مشيرا إلى ضرورة الفرق بين المتورطين في الأعمال الإجرامية والعنف وبين عامة أهل السنة والجماعة، قائلا: يجب الفرق بين القائم بأعمال العنف ومن يستهدف الأبرياء وبين عامة أهل السنة والجماعة في إيران، فأهل السنة دائما ينادون بالأخوة والوحدة الوطنية والتعايش السلمي ويدينون استباحة دماء المواطنين الشيعة، كما يحرمون دم غيرهم من أتباع الفرق المنتمية إلى الإسلام، ويعتقدون حل المشكلات بالتفاهم وقضاء هذه الحياة العاجلة للدنيا بالأخوة والوحدة الوطنية.
وتابع إمام وخطيب أهل السنة: أنا لا أنفي وجود مشكلات لأهل السنة والجماعة والبلوش في إيران، ولكن وجود المشكلات العديدة التي تواجهها أهل السنة ليست مبررا للعنف والتطرف، بل دائما نطالب بحل مشكلاتنا من خلال الحوار والتفاوض والتفاهم، سواء كانت لهذه المفاوضات نتيجة مرضية أم لم تكن، لكننا لا نرى للعنف والتطرف مبررا في أية حال.
وأضاف فضيلة الشيخ مؤكدا على مطاردة مرتكبي الجريمة وإلقاء اللوم على الجهات المتبنية لها دون غيرهم من أبناء أهل السنة والبلوش قائلا: أنا إذا أعلن مؤاساتي مع مصابي هذه الحادثة، أقول بصراحة للمسؤولين، أن الشعب البلوشي وأهل السنة لا يريدون العنف والتطرف؛ ومن يلجأ إلى العنف والإرهاب، ينبغي أن يطارد وتتم معاقبة ذلك الشخص فقط .
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد على وجود مشكلات أهل السنة وضرورة طرحها ومتابعة حلها بالحوار قائلا: من حق أهل السنة أن يطرحوا المشكلات التي يعانون منها ويتابعوا حلها من خلال طرقها القانونية والسلمية، لكن لو ارتكب أحد من السنة أو البلوش جريمة أو لجأ إلى العنف، فهو المسؤول عن عمله فقط، وليس كل أهل السنة أو البلوش.
وتابع قائلا: لقد شهدت بلادنا أحداث عنف وقتل وانفجارات كثيرة من قبل حركة “مجاهدي خلق”، وكان عناصرها من أبناء قومية الفرس وكان بينهم من أبناء وجهاء وأعيان المملكة، وقد تمت مطاردتهم ومعاقبتهم فقط، لا الآخرين.
وأضاف قائلا: إن إثارة الطائفية وإشعال نيران الفرقة بيننا، من أماني الصهاينة وأعدائنا، فلا نساعدهم على تحقيق أمانيهم، بل لابد من معاقبة المتورطين في الجرائم فقط، وإلقاء اللوم عليهم، ودراسة علل وأسباب مثل هذه الجرائم دراسة أساسية.
وفي القسم الأول من الخطبة، تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد بعد تلاوة آية “وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، إلى بيان فناء الدنيا قائلا: القرآن العظيم بيّن مسئلتين في هذه الآيات: الأولى فناء الدنيا، والأخرى خلود الآخرة وبقائها. وأراد القرآن بذلك إزالة محبة الدنيا من قلوبنا.
الدنيا من ضروراتنا ولكن فيها منافع ومضار، والقرآن الكريم عند ما أراد إزالة محبة من قلوبنا بيّن مضارها ومعايبها. وللدنيا معايب كثيرة، ولكن أعظم عيب بيّنه القرآن الكريم هو فنائها؛ فما نجده في الدنيا من الملابس الفاخرة والسيارت الغالية والمباني العظيمة والبساتين والقصور التي نبنيها والمناصب والرئاسات والوزارات، جميعها فانية وزائلة.
وقال فضيلة الشيخ في خطبته التي ألقاها في مكان الحفريات الجديدة لتوسعة الجامع المكي: كما أن القرآن الكريم تطرق إلى بيان فناء الدنيا، أوضح أن الآخرة وما يتعلق بها خالدة وباقية؛ قال الله تعالى: “والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا”، والباقيات الصالحات هي الصلاة والزكاة والحج والإحسان إلى عباد الله تعالى، وتلاوة القرآن الكريم، وما ننفقه في سبيل الله ونتبرع به وما نتصدق به من أموالنا، وحضورنا في الجماعات والجمع.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: من صفات الدنيا ومن معايبها أنها قليلة؛ قال الله تعالى: “قل متاع الدنيا قليل”، فاللذات المادية والدنيوية قليلة جدا. القرآن بيّن هذه المعايب عن الدنيا وشجعنا إلى الأعمال الصالحة والحسنة وعبادة الرب تبارك وتعالى وبر الوالدين والإحسان إلى الأقارب والعشيرة.
وأضاف رئيس جامعة دار العلوم بزاهدان قائلا: أعمال العباد من السيئات والحسنات تبقى، وننال أجر الحسنات وجزاء السيئات. قال الله تعالى: “ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون”.
واستطرد إمام وخطيب أهل السنة قائلا: هدف القرآن من بيان ذلك كله أن لا نبتلى بمحبة الدنيا ومحبة الماديات ومحبة ما ليست خالدة، ويجب أن تكون محبة الله ورسوله في قلوبنا، وتكون محبة الأعمال الصالحة والجنة في قلوبنا. إن الله تعالى حذرنا من أن نجعل قلوبنا مكانا لمحبة ما ليست باقية ودائمة.
وقال فضيلة الشيخ في نهاية الخطبة: في مثل هذه الأيام استشهد حسين رضي الله عنه وهو من الصحابة والشخصيات العظيمة في تاريخ الإسلام.
وتابع قائلا: إن قيام الحسين رضي الله عنه لم يكن لأجل المنافع المادية المستعجلة بل كان قيامه لأجل تنفيذ العدل والدفاع عن الحق، وكان قيامه ضد الظلم، ولقد رفع الله تعالى ذكر الحسين وأعزه؛ وإن عزة الحسين باقية إلى يوم القيامة، كما أن خزي أعدائه باق إلى يوم القيامة.
تعليقات