اليوم :20 April 2024

الشيخ عبد الحميد: لو لم يصبر الصحابة على المشكلات والمصائب، لما كنا نحن اليوم مسلمين

الشيخ عبد الحميد: لو لم يصبر الصحابة على المشكلات والمصائب، لما كنا نحن اليوم مسلمين
molana_11قال فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان في خطبة هذه الجمعة بعد تلاوة آيات من بداية سورة العنكبوت المباركة: إن رؤية كثير من الناس بالنسبة إلى حياة الدنيا رؤية خاطئة، ويحسبون أن هذه الحياة للتنعم والأكل والشرب والراحة ولأجل أن يكسبوا أموالا ويتمتعوا بها فحسب. هذا وقد صرح القرآن الكريم مرارا أن الدنيا خلقت ليبلو الله تعالى عباده بأساليب مختلفة.

وأضاف فضيلة الشيخ مشيرا إلى أن ابتلاء الله تعالى عباده في الدنيا يكون بالمال كما يكون بالفقر: من أشد ما يبتلي الله عبده في الدنيا أن يرزقه أموالا، وأشد من ذلك أن يعطيه منصبا ورئاسة. إن الله تعالى يعطي المال والمنصب والرئاسة والعافية والسلامة ثم ينظر كيف يعمل عبده. كذلك ربما يبتلي عباده بالفقر والبأساء والضراء ليرى أعمالهم عند هذه المشكلات والمصائب.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: إن أموال الدنيا وزهرتها أصعب ما يبتلى ويمتحن به العبد، لأن التجارب قد أثبتت أن البشر قادر على تحمل الجوع والفقر، ولكنه قلما يقدر على تحمل الشبع والمال. عندما يعطي الله تعالى عبده مالا ينظر هل يساعد هذا العبد بالمال الذي أعطي، الفقراء والمساكين؟ وهل يتبرع على المدارس والمراكز الدينية؟ أو خلافا لذلك يعتبرهذه الأموال حصيلة لعلمه ونتيجة لجهوده و ذكائه. وينظر الرب تبارك وتعالى هل يسجده العبد شاكرا، ويقر بنعمته ومنته وفضله وكرمه عليه، أم أنه لا يشكر الرب على هذه النعم فحسب بل يبادر إلى شراء الخمور بأمواله، ويشارك في اقتراف الجرائم، ويأمر الآخرين متكبرا وفخورا أن افعلوا القتل فإني سأفتدي بمالي، وينفق ماله في سبيل الظلم وإراقة دماء الناس والنيل من أعراضهم.
وأشار فضيلة الشيخ إلى طغيان العبد كأحد نتائج حب المال والغنى قائلا: يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى”. مع الأسف، الإنسان مفطور على حب المال، وإذا ملك ثروة أو مالا، يكون هذا المال سببا لطغيانه وعصيانه، وعندما يزداد غناه، ينسى كل شيء ويكون غافلا عن كل شيء.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن الله تعالى يريد من عباده الشكر عند زيادة النعم، وعند البلايا والمصائب يريد منهم الصبر والاستقامة.
وأضاف قائلا: كثير من الناس لم يعرفوا قدر المال وكثير منهم لم يعرفوا قدر الرئاسة والمنصب، وكثير لم يقدروا نعمة السلامة والعافية وهم الآن رهينوا الفراش في المستشفيات. هذه كلها ابتلاءات من عند الله تعالى.
وتابع قائلا: كما أن الثروة والعزة والسلامة والعافية والرئاسة كلها نعم إلهية يبتلي به العبد المؤمن، كذلك المصائب والضراء أيضا ابتلاءات إلهية. لقد صرح القرآن الكريم أن الله تعالى يبتلي الإنسان بأنواع شتى من المشكلات والمصائب.
ولو بحثنا التاريخ نجد أن البشر دائما ابتلي بواحد من هذين القسمين من الابتلاء.
واستطرد قائلا: عندما نقرأ القرآن الكريم، نرى أن القرآن مع أنه ليس كتاب تاريخ وسرد الأخبار التاريخية ولكنه اهتم إلى التاريخ وتطرق إلى  حياة الأنبياء والأولياء والمشكلات والمصائب التي واجهوها في حياتهم. فكم من المصائب أتت على أتباع الحق وعلى الأنبياء المرسلين وعلى رأسهم سيدنا وفخر العالمين محمد صلى الله عليه وسلم. فكم واجه من المصائب والمشكلات قبل الهجرة، وكم واجه من الفتن بعد الهجرة.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: إن كل شبر من أرض الحجاز شاهد لتضحيات الرسول وصحابته في سبيل الله، وفي هذه الأرض المقدسة تحمل إسماعيل عليه الصلاة والسلام العطش والجوع، وفيها صبرت هاجر على المصائب، وفي هذه الأرض قدم أولياء ربانيون مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله تعالى عنهم وسائر الصحابة الأجلاء تضحيات كبيرة لأجل إعلاء كلمة الله تعالى ونشر دعوة الحق، وإن كل شبر من أراضي الحجاز والجزيرة العربية يحمل معه حكاية الاستقامة والمقاومة والصبر لأجل دين الله تعالى، ولا شك أنهم إن لم يصبروا على تلك المشكلات والصعوبات في حياتهم، لم نكن نحن مسلمين في هذا العصر، بل كنا عبادا للنار، وكان من فضل استقامتهم أن متعنا الله تعالى بنعمة الإيمان والاسلام.
صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرجحوا منافعهم الشخصية على مصالح الدين ومنافعه، وأنظارهم كانت ممتدة إلى تعاليم الشريعة المقدسة ومطالبها.

وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: البشر لا خير فيه إذا لم يتحلى بالاستقامة، وإن بلغ أسلافنا إلى درجات عالية كان ذلك بفضل الاستقامة، فإنهم صبروا واستقاموا على المشكلات. وعندما كانت الفتوحات الإسلامية سببا لتدفق أنواع من المتاع المادي، أيضا اختاروا الصبر ولم تغررهم الدنيا ولا زهرتها، ولم يصبحوا غافلين عن الرب.
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا: في الآية التي تلوتها أمامكم في بداية الخطبة أشيرت إلى هذه المهمة حيث يقول الله تعالى: “أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم”، فلا يمكن لأحد منا دخول الجنة بهذه السهولة، فالجنة سلعة الله، “ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة”. يريد الله أن يمتحن عباده ليرى من يبيع دينه لعرض من الدنيا ولراحة عاجلة من الدنيا، ومن يسير في الصراط المستقيم.
وأضاف: يريد الله أن يبتلي ويمتحن عباده فيميز الصادقين من الكاذبين. الصادقون هم الذين يقولون آمنا ثم يؤمنون حقا ولا يخافون في سبيل الله من مواجهة أي خطر ومشكلة، ولكن الكاذبين هم الذين يدّعون الإيمان ولكنهم لا يقدرون على تحمل أدنى مشكلة في سبيل الدين والإيمان.

من يتهمنا بتلقي الدعم من الخارج يحاول إثارة الرأي العام الشيعي ضدنا

وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم آخر من خطبته إلى بدء المرحلة الجديدة من مشروع توسعة الجامع المكي (أكبر مسجد لأهل السنة في إيران) وإعادة البناء القديم وزيادة طوابق جديدة لهذا المسجد من أجل أن يستوعب المزيد من المصلين: لقد بدأت أعمال هذا المشروع بحمد الله تعالى، وقد ساهم الكثير من أهل الخير في هذا العمل الخيري العظيم، ونحن لا نملك لهم إلا الدعاء بالخير، وندعو أن يجزيهم الله خيرا ويجعل لهم هذه المشاركة في ميزان حسناتهم يوم القيامة. ولكن عمليات الحفر لا زالت مستمرة، وفرصة المشاركة في هذا العمل العظيم متوفرة لمن فاتته هذه الفرصة قبل هذا.
وأضاف فضيلة الشيخ: أرجو أن تهتموا أكثر إلى هذا المشروع، وأرجو مسارعة عامة الناس إلى هذا العمل الخيري الكبير، لأجل أن يتم المشروع بسرعة وأن يسع البناء الجديد جميع المصلين، حتى لا يضطر الكثير من المصلين لأداء الجمعة في الشوارع والطرقات إن شاء الله تعالى.
وأشار فضيلة الشيخ إلى تهمة يوجهها بعض العناصر المتطرفة إلى أهل السنة من تلقي الدعم من الخارج لأجل بناء المسجد قائلا: علينا أن لا نهتم بأقوال بعض العناصر الذين يتهموننا بتلقي الدعم من الخارج لأجل بناء هذا المسجد، فإن هؤلاء لا شغل لهم إلا توجيه التهم إلى أهل السنة، وكأنهم لا يقر لهم قرار ولا يسكن لهم بال إلا بأن يوجهوا مثل هذه التهم إلى أهل السنة.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: هؤلاء لا يعرفون إلا الاتهام، ولا يعرفون شيئا عن تلك المشكلات والصعوبات التي نواجهها في توفير هذه الأموال القليلة لبناء المسجد، ولا يعرفون أن هذا المال نوفره بالاستقراض من هذا وذاك، وأن هذا المال يتوفر بتبرعات يعطيها أهل هذه المدينة ممن يسارعون للمشاركة في هذا الخير بالقليل الذي يملكونه.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: إن الذين يتهموننا بما لم نفعله، هم مرضى نفسيون، وناس ضعيفوا الإيمان، وهم لا يؤمنون بنصر الله وعونه في الحقيقة، ولا يريدون إلا إثارة الرأي العام الشيعي وتحريض النظام ضد أهل السنة والجماعة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات