اليوم :24 April 2024

الشيخ عبد الحميد: حرمة الأزواج المطهرات هي حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم

الشيخ عبد الحميد: حرمة الأزواج المطهرات هي حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم
molana29قال فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان بعد تلاوة آية “النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم”: هذه الآية نزلت في أزواج الرسول المطهرات. نحن نعلم جميعا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بنا من أنفسنا، وهو الأب الروحي لكل الأمة، وقد عبر القرآن الكريم بالأب عن “الأولى” وهو يعني أن نصح النبي وإشفاقه علينا أكثر من نصح أحد منا وإشفاقه على نفسه.

وأضاف فضيلة الشيخ: فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام أولى بنا من أنفسنا فهو أولى من الأب والأم وجميع أقاربنا بطريقة أولى. وكيف لا يكون الرسول عليه الصلاة والسلام أولى بنا وقد عانى المشاكل العديدة ولقي مصائب عظيمة لأجلنا، فهو أولى وأقرب إلينا من الجميع، وهو أقرب إلينا من الوالدين، وحرمته ومكانته عندنا أعظم من مكانة الوالدين ومحبته في قلوبنا أكثر من محبة الغير.
وتابع فضيلة الشيخ :لا شك في قلب أحد بالنسبة إلى مساعى الرسول وجهوده لأجلنا، ففي عرفات لم يخص النبي ذريته وأهله بالدعاء بل دعا لجميع المؤمنين والمسلمين وقد ابتهل وتضرع لأجل الأمة في مواقيت عديدة ومواضع كثيرة.
وأضاف فضيلة الشيخ مشيرا إلى مكانة أزواج النبي التي أشيرت إليها في الآية المذكورة: كل مولود لا يعرف شيئا عن أمه عندما يولد، لكنه عندما يكون كبيرا يعرف أمه من خلال أقوال الناس ويدرك ما تحملته أمه من المشاكل لتربيتها ويعظّم مكانتها ويتمسك بحفظ حرمتها، وربما تموت الأم والطفل يعرف المرأة التي ترعرع في حضانتها كأم له. لكن أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم صرح القرآن بأموميتهن للمؤمنين قائلا: “النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم”. فكما أن الرسول أولى بالمؤمنين وهو الأب الروحي لهم، فأزواجه أيضا أمهات لهم.
وأضاف الشيخ: الأزواج المطهرات أزواج لرسول مطهر، وكل من كان مؤمنا فجميع الأزواج المطهرات أمهات له بهذا النص القرآني الكريم، وهذا رأي جميع الفرق الإسلامية، وقد اتفقت كل الفرق على أن السيدة عائشة الصديقة وحفصة رضي الله تعالى عنهما من الأمهات للمؤمنين، وفي عصر الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من الأجيال عرفت أزواج الرسول كأمهات لكافة المؤمنين.
واستطرد قائلا: إن العقل البشري يقتضي أن يعرف الإنسان – مسلما كان أو كافرا- مكانة الأم واحترامها، لذلك يجب على المسلمين كلهم احترام ومعرفة أزواج الرسول التي هن أمهاتهم، ويحرم الإساءة إلى واحدة منهن، لا سيما الإساءة إلى السيدة عائشة الصديقة التي لمعت في ميادين العلم والفقه من بين زوجات الرسول في عصر الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وكانت من أفقه نساء المدينة، وقد روت عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة وكانت من المكثرين للحديث من الصحابة، وبلغ مسندها رضي الله عنها ألفين ومئتين وعشرة أحاديث، وكانت أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث، روى عنها الرواة من الرجال والنساء.
قال الزهري: “كانت عائشة أعلم الناس، يسألها الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
وقد كان أكابر الصحابة مثل الخلفاء الراشدين وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم يراجعون في الكثير من المسائل التي كانت تشكل عليهم إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فكانت تفصل بينهم بالحكم الشرعي.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى محنة السيدة عائشة في قصة الإفك: عندما هاجر الرسول إلى المدينة المنورة زاد في جماعة أعداء الإسلام نوع آخرمن العدو، وهم المنافقون الذين كانوا يتربصون بالمسلمين المكائد والدوائر ويسعون في بث الأكاذيب وإشاعة الفتن، وكان المنافقون أكثر الناس عداوة وبغضا لبيت النبوة وأسرته ولآل أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، لمكانتهم بين المسلمين؛ فعندما رجع المسلمون من غزوة المريسيع وكان معهم في هذه الغزوة عدد كبير من المنافقين جاءوا طمعا للمغنم ودنوا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فتقول عائشة الصديقة: “فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه. قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه وهم يحسبون أني فيه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل فساروا ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي؛ فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي. والله ما تكلمنا بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه وهوى حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فقمت إليها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول. قالت: فهلك من هلك وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول”.
وقد وجد المنافقون في هذه القضية أكبر وأهم فرصة لتوجيه التهم إلى عائشة الصديقة وإيذاء الرسول عليه الصلاة والسلام.
فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: “فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي. إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول: (كيف تيكم). ثم ينصرف فذلك يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت حين نقهت فخرجت مع أم مسطح فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت تعس مسطح، فقلت لها بئس ما قلت، أتسبين رجلا شهد بدرا ؟ فقالت أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال ؟ قالت وقلت وما قال ؟ فأخرتني بقول أهل الإفك قالت فازددت مرضا على مرضي فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال: (كيف تيكم) . فقلت له أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قالت وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما قالت فأذن لي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت لأمي يا أمتاه ماذا يتحدث الناس ؟ قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا أكثرن عليها. قالت فقلت سبحان الله أو لقد تحدث الناس  بهذا ؟ قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ،فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم علينا فسلم ثم جلس قالت لم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه و سلم حين جلس ثم قال (أما بعد ياعائشة إنه بلغني عنكك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه). قالت عائشة فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه و سلم عني فيما قال، فقال أبي والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه و سلم، فقلت لأمي أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أمي والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال “فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون” . ثم تحولت واضطجعت على فراشي والله يعلم أني حينئذ بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه و سلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها. فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه قالت فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال (يا عائشة أما والله فقد برأك). فقالت لي أمي قومي إليه، فقلت والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلا الله عز و جل، قالت وأنزل الله تعالى “إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم”. ونزلت: “إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”. ونزلت أيضا “الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ”.
وجعل القرآن جميع زوجات الرسول طيبات ومطهرات في هذه الآية. ولا يرضى الله تعالى أن يكون في زوجات  أطهر بشر زوجة غير مطهرة.
وأضاف فضيلة الشيخ : الأمة متفقة في براءة السيدة عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها وطهارتها، ولا شك أن عائشة الصديقة قد دخلت في النزاع الذي وقع بعد استشهاد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتلك الفتنة كانت فتنة أشعل نيرانها أعداء المسلمين، لكن الصحابة كلهم في طرفي النزاع كانوا يقدرون ويحترمون أمهم السيدة عائشة الصديقة، واختلافاتهم لم تكن كإختلافاتنا التي تنبعث من الهوى وشهوات النفس. فحرمة ومكانة الأزواج المطهرات كحرمة الرسول واحترامه. ولا يسيء ولا يوجه التهم إلى أزواج الرسول إلا رجل  سفيه أحمق.
وتابع سماحة الشيخ: ليعلم مديروا القنوات الفضائية والمواقع وأصحاب القلم أن حرمة أزواج الرسول كحرمة الرسول، والإساءة إلى زوجة من زوجات النبي إيذاء للرسول، وإيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم يجلب لصاحبه اللعن. قال الله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا”.
وأشار فضيلة الشيخ في نهاية الخطبة إلى فتوى قائد الثورة آية الله خامنئي في حرمة الإساءة إلى السيدة عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها قائلا: يجدر بنا هنا أن نقدم كلمة شكر إلى قائد الثورة على فتواه الأخيرة التي حرّم بموجبها الإساءة لزوجة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أو النيل من رموز أهل السنة والجماعة. وإن هذه الفتوى لقد صبت دلوا من الماء على مساعى مثيري الفتن كلها.
وأضاف فضيلة الشيخ: ليعلم الكاتبون ومديروا القنوات الفضائية وأصحاب الجرائد أن الذي يسيء إلى مقدسات أهل السنة لقد ارتكب حراما حسب هذه الفتوى التي أصدرها قائد الثورة.
وأشار فضيلة الشيخ إلى بعض الإساءات في مسلسل “مختارنامه” الذي يبث حاليا من التلفزيون الرسمي الإيراني قائلا: في هذا المسلسل توجد إساءات لبعض الصحابة رضي الله عنهم ويوجه اللعن إلى أسماء لا يعلم من المراد منها؛ يلعن في هذا المسلسل “عمر” من غير إكمال الإسم، فإن كانوا يلعنون شخصا آخر فيوضحوا مرادهم ويكملوا الإسم ليتضح المراد.
وأضاف فضيلة الشيخ: إن مقدسات الشيعة يجب احترامها، والأئمة الإثني عشر الذي يعرفهم الشيعة يجب احترامهم ومحبتهم، وإن كنا لا نعتقد بعصمتهم، وإننا نسمي أولادنا بأسماء هؤلاء الأكابر؛ وإن أسماء فاطمة والزهراء وعلي والحسن والحسين لا تكاد تحصى من بين الأسماء الموضوعة للأولاد في أهل السنة والجماعة.
وتابع فضيلة الشيخ: لا يمكن لمسلم سني أن يسيء إلى مقدسات الشيعة، وإني أصرح هنا بأنه لابد من احترام المذهب وعدم الإساءة إليه.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات