اليوم :20 April 2024

الإمام عاصم الكوفي رحمه الله

الإمام عاصم الكوفي رحمه الله

asemاسمه ونسبه: هو التابعي الجليل, أبو بكر عاصم بن بهدلة, أبي النَّجُود.  بفتح النون وضم الجيم وقد غلط من ضم النون, مولى بني الأسد الكوفي, شيخ الإقراء بالكوفة وأحد القراء السبعة.

ويقال: أبو النجود اسم أبيه لا يُعرَف له اسم غير ذلك, وبهدلة اسم أمّه…
قال الإمام الذهبي رحمه الله: وقيل: بَهدَلَةُ أُمُّه، وليس بشيءٍ، بل هو أَبوه.
قال أَبو عُبيد: كان من قُرّاءِ أَهل الكوفة: يَحيَى بنُ وَثَّاب، وعاصمُ بنُ أَبي النَّجود، وسليمان الأَعمش، وهم مِن مَوَالي بني أَسد.
و جاء في كتاب ” أنساب الأشراف ” : عاصم بن بهدلة مولى بني كاهل.

مولده:
كان مولده في إِمرَة معاوية بن أَبي سفيان رضي الله عنه.
ولكن لم يتعرض أحد ممن روى تاريخ الإمام عاصم الكوفي لسنة مولده.

البلد التي وُلِد فيها:
من الواضح أن الإمام عاصم قد ولد ونشأ وتوفي بالكوفة، وقد أشار الإمام الشاطبي إلى أن الإمام عاصم كان يقيم بالكوفة، فقال في مقدمة الشاطبية:
وَ بِالْكُوفَةِ  الْغَرَّاءِ  مِنْهُمْ  ثَلاَتَةٌ    أَذَاعُوا فَقَدْ ضَاعَتْ شَذاً وَقَرَ نْفُلاَ
فَأَمَّـا  أَبُو بَكْرٍ  وَعَاصِـمٌ اسْمُهُ     فَشُعْبَةُ  رَاوِيهِ  المُبَرِّزُ  أَفْضَـلاَ
قال الشارح:
الغرّاء: يعني المشهورة البيضاء المنيرة بكثرة العلماء بها ، منهم يعني من السبعة:
ثلاثة: هم عاصم وحمزة والكسائي.
أذاعوا: أي أفشوا العلم بها وشهروه ونشروه, والضمير في ضاعت للكوفة أو للقراءة أي فاحت رائحة العلم بها والشذا كسر العود والقرنفل معروف…

شيوخه:

بدأ عاصم رحمه الله بالتعلم وهو صغير, أخذ القراءة عرضاً عن زر بن حبيش و أبي عبد الرحمن السلمي …
وقال أبو بكر بن عياش قال لي عاصم: ما أقرأني أحد حرفا إلا أبو عبد الرحمن وكان أبو عبد الرحمن قد قرأَ على عليٍّ – رضي الله عنه- وكنتُ أَرجع مِن عنده، فأَعرض على زرِّ بن حُبَيش، وكان زِرٌّ قد قرأَ على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
فقلتُ لعاصم: لقد استوثقتَ .
وروى: جماعةٌ، عَن عمرو بن الصَّبَّاح، عن حفصٍ الغاضريِّ، عن عاصم، عن أَبي عبد الرَّحمن، عن عليٍّ بالقراءة.
وذكر عاصمٌ أَنَّه لم يُخالِفْ أَبا عبد الرَّحمن في شيء من قراءته، وأَنَّ أَبا عبد الرَّحمن لم يُخالف عليّاً – رضي الله عنه- في شيءٍ مِن قراءته.
قال الذهبي:
وقرأ القرآن على أبي عبدالرحمن السلمي، وزرّ بن حبيش الأسدي، وحدث عنهما، وعن أبي وائل، ومصعب بن سعد، وطائفة من كبار التابعين.
وروى فيما قيل عن الحارث بن حسان البكري، ورفاعة بن يثربي التميمي، أو التيمي، ولهما صحبة، وهو(عاصم) معدود في صغار التابعين.

تلاميذه:
أشهر تلاميذ الإمام عاصم الكوفيّ:
1 – أبو بكر ( شعبة ) وقد ولد سنة 95 هـ، 714 م وتوفي في جمادى الأولى سنة 193 هـ، 809 م وكان إماماً علماً كبيراً عالماً عاملا حجة من كبار أئمة السنة ولما حضرته الوفاة بكت أخته.
فقال لها ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة.
2 – الراوي الثاني لعاصم هو حفص, وقد ولد سنة 90 هـ، 709 م وتوفي سنة 180هـ ، 796 م، وكان أعلم أصحاب عاصم بقراءة عاصم، وكان ربيب عاصم ابن زوجته، قال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة التي رويت من قراءة عاصم رواية حفص.
وقال الحافظ الذهبي: أما في القراءة فثقة ثبت ضابط بخلاف حاله في الحديث.
وقد أشار إليهما الإمام الشاطبي بقوله:
وَذَاكَ ابْنُ عَيَّاشٍ أَبُو بَكْرٍ الرِّضَا         وَحَفْصٌ وَبِاْلإتْقَانِ كانَ مُفضَّلاَ
قال حفص: قال لي عاصم: ما كان من القراءة التي أقرأتُك بها فهي القراءة التي قرأتُ بها على أبي عبد الرحمن السلمي عن علي، وما كان من القراءة التي أقرأتها أبا بكر بن عياش فهي القراءة التي كنتُ أعرضها على زر ابن حبيش عن ابن مسعود…
وقال الذهبي:
روى القراءة عنه أبان بن تغلب, و أبان بن يزيد العطار, وإسماعيل بن مخالد, والحسن بن صالح, و حفص بن سليمان, والحكم بن ظهير, وحماد بن سلمة في قول, وحماد بن أبي زياد, وحماد بن عمرو, وسليمان بن مهران الأعمش, وسلام بن سليمان أبو المنذر, وسهل بن شعيب, و أبو بكر شعبة بن عياش, وشيبان بن معاوية, والضحاك بن ميمون, و خلق لا يحصون.
وروى عنه حروفاً من القرآن أبو عمرو بن العلاء, والخليل بن أحمد, والحارث بن نبهان, وحمزة الزيات, والحمادان, والمغيرة الضبي, ومحمد بن عبد الله العزرمي, وهارون بن موسى.
حدّث عنه عطاء بن أبي رباح، وأبو صالح السمان، وهما من شيوخه، وسليمان التيمي، وأبو عمرو بن العلاء، وشعبة، والثوري، وحماد بن سلمة، وشيبان النحوي، وأبان بن يزيد، وأبو عوانة، وأبو بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة وعدد كثير.

منهجه في القراءة:
يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي عن منهج الإمام عاصم الكوفي في القراءة:
1 – يبسمل بين كل سورتين إلا بين الأنفال وبراءة فله السكت والوصل.
2 – يقرأ المدين المتصل والمنفصل بالتوسط بمقدار أربع حركات.
3 – يميل شعبة عنه ألف ” رمى ” في “ولكن الله رمى ” بالأنفال. وألف أعمى في موضعي سورة الإسراء
” ومن كان في هذا أعمى فهو في الآخرة أعمى ”
وألف نآى في ” ونآي بجانبه ” في الإسراء .
وألف ران في “كلا بل ران” في المطففين .
وألف في ” شفا جرف هار ” في التوبة .
ويميل حفص عنه الألف بعد الراء في ” مجريها “.
4 – يفتح من رواية شعبة ياء الإضافة في ” من بعدي اسمه أحمد “في الصف ويسكنها من رواية شعبة أيضاً في “أومى إلهين” في المائدة و”أجرى إلا” في جميع المواضع، و”وجهي لله” في آل عمران والإنعام.
و “بيتى” في “ولمن دخل بيتي” بنوح ، “ولى دين” في الكافرون.
5 – يحذف الياء الزائدة وصلاً ووقفاً من رواية شعبة في “فما آتان الله خير” في النمل.
6 – يقرأ من رواية شعبة “من لدنه” بالكهف بإسكان الدال مع إشمامها ، ومع كسر النون والهاء وإشباع حركتها.
لم يَكن عاصِم يَعدُّ {الم} آيةً، ولا {حم} آية، ولا {كهيعص} آية، ولا {طه} آيةً، ولا نحوها.
قال الإمام ابن الجزري: وهذا خلاف ما ذهب إليه الكوفيون في العدد.
وقال شريك:
كان عاصم صاحبَ هَمزٍ ومَدٍّ وقراءةٍ شدِيدةٍ.

مهنة التدريس:
وتصدّر لِلإِقراءِ مدَّةً بالكوفة، فتلا عليه: أَبو بكر، وحفصُ بن سُليمان، والمفَضَّلُ بن محمّد الضَّبِّيُّ، وسليمان الأَعمَشُ، وأَبو عمرو، وحمّاد بن شُعَيب، وأَبان العَطَّار، والحسن بن صالح، وحمَّاد بن أَبي زياد، ونُعَيم بن مَيسَرَةَ، وآخرون.
وانتهت إِليه رئَاسة الإِقْراء بعد أَبي عبد الرَّحمن السّلَمِيِّ شيخِه.
قال أَبو بكر بن عياش: لما هلَك أَبو عبد الرّحمن، جلس عاصم يُقرِئُ النَّاسَ، وكان أَحسنَ النَّاسِ صَوتاً بالقرآن حتَّى كأَنَّ في حُنجرته جلاجل.
ثناء العلماء عليه:
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألتُ أبي عن عاصم فقال: رجل صالح ثقة خيّر.
وقال الذهبي: الإِمام الكبير، مقرِئُ العَصر، أَبو بكر الأَسديُّ مولاهم، الكوفي.
وقال عنه الإمام ابن الجزري: هو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي في موضعه جمع بين الفصاحة والاتقان والتحرير والتجويد وكان أحسن الناس صوتاً بالقرآن…
قال أَبو بكر بن عيَّاش: سمعتُ أَبا إِسحاق، يقول: ما رأَيتُ أَحداً أَقرَأَ مِن عاصم.
قال يحيَى بن آدم: حدثنا الحسن بن صالحٍ، قال:
ما رأَيتُ أَحداً قطُّ أَفصحَ مِن عاصِم بنِ أَبي النَّجُود، إِذا تكلَّم، كاد يدخُلُه خُيَلاَءُ.
قال أَحمد العِجلِيُّ: عاصم صاحب سُنَّة وقراءة، كان رأْساً في القُرآن.
وروى أبان العطار, عن عاصم: أن أبا وائل ما قدم عليه  من سفر إلا قبَّل كفه.

من صفاته الخِلقية والخُلقية:
كان الإمام عاصم رحمه الله أعمى لا يبصر.
قال أَبو بكر بن عيَّاش: كان عاصم نَحويّاً فصيحاً إِذا تكلَّم، مَشهُورَ الكلام، وكان هو والأَعمش وأَبو حُصين الأَسَدِيُّ لا يُبصِرُون.
جاء رجلٌ يوماً يَقُود عاصماً، فوقع  وقعةً شديدةً، فما نَهَرهُ، ولا قال له شيئاً.
قال: زِياد بن أَيُّوب: حدّثنا أَبو بكر، قال:
كان عاصم إِذا صلَّى، يَنتَصِبُ كأَنَّه عُودٌ، وكان يكون يومَ الجُمُعة في المسجد إِلى العصر، وكان عابداً، خَيِّراً، يُصلِّي أَبداً، ربَّما أَتَى حاجةً، فإِذا رأَى مسجداً، قال: مِلْ بنَا، فإِنّ حاجتَنا لا تفوت.
ثمّ يَدخُل، فيُصلِّي.
قال سلَمةُ بن عاصم: كان عاصم بن أَبي النَّجود ذا أَدبٍ، ونُسُك، و فصاحَة، وصَوتٍ حَسَن.
وكان رحمه الله موهوب الذّكاء والحفظ.
قال ابن عياش: قال لي عاصم: مرضتُ سنتين, فلمّا قمتُ قرأتُ القرآنَ فما أخطأتُ حرفاً.

من كلماته:
قال عاصم:
مَن لَم يُحسن مِن العَربيَّةِ إِلاَّ وَجهاً وَاحِداً، لَمْ يُحسنْ شَيئاً.
قال صالح بن موسَى:
سمعتُ أَبي سأَل عاصم بن أَبي النَّجُود، فقال: يا أَبا بكر، على ما تضعُون هذا مِن عليٍّ – رضي الله عنهُ: (خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ) وَعَلِمْتَ مَكَانَ الثَّالِثِ؟
فقال عاصم: ما نَضَعُه، إِلاَّ أَنَّهُ عَنَى عُثمَانَ، هُوَ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُزَكِّيَ نَفْسَهُ.

توثيقه:
وثقه أبو زرعة وجماعة… وقال أبو حاتم: محله الصدق.
وقال الذهبي : “كَانَ عَاصِمٌ ثَبْتاً فِي القِرَاءةِ، صَدُوْقاً فِي الحَدِيْثِ.
وَكَذَلِكَ كَانَ صَاحِبُه حَفْصُ بنُ سُلَيْمَانَ ثَبْتاً فِي القِرَاءةِ، وَاهِياً فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ الأَعْمَشُ بِخِلاَفِه، كَانَ ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ، لَيِّناً فِي الحُرُوْفِ، فَإِنَّ لِلأَعْمَشِ قِرَاءةً مَنقُولَةً فِي كِتَابِ (المَنْهَجِ) وَغَيْرِهِ، لاَ تَرتَقِي إِلَى رُتبَةِ القِرَاءاتِ السَّبْعِ، وَلاَ إِلَى قِرَاءةِ يَعْقُوْبَ وَأَبِي جَعْفَرٍ – وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِي حِفْظهِ شَيْءٌ -يَعْنِي: لِلْحَدِيْثِ لاَ لِلْحُرُوْفِ- وَمَا زَالَ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَكُوْنُ العَالِمُ إِمَاماً فِي فَنٍّ مُقصِّراً فِي فُنُوْنٍ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: عَاصِمٌ: لَيْسَ بِحَافِظٍ”.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سالتُ أبي عن عاصم بن بهدلة, فقال: رجل صالح خيّر ثقة.
فسألته أي القراءة أحب إليك؟
قال قراءة أهل المدينة, فإن لم تكن فقراءة عاصم.
وحديثه مخرج في الكتب الستة.
قال الذهبي: حديثُه في الكتب السِّتَّة، لكن في (الصَّحِيْحَيْنِ) مُتَابعَةٌ.
بين عاصم والشيباني:
عَن عاصم، قال:
كان أَبو عمرو الشَّيباني يُقرئُ النَّاسَ في المسجد الأَعظم، فقَرأْتُ عليه، ثمّ سأَلتُه عن آية، فاتَّهمني بهوَىً، فكنتُ إِذا دخلتُ المسجد، يُشِيرُ إِلي، ويُحَذِّرُ أَصحابَه منِّي.

وفاته:

وقال أبو بكر بن عياش: دخلتُ على عاصم وقد احتضر, فجعلتُ أسمعه يردد هذه الآية يحققها حتى كأنه يصلي ” ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق”.
وقد توفي الإمام عاصم سنة 127 هـ، 745 م رحمه الله رحمةً واسعة.

***************************************
من مراجع البحث
غاية النهاية في طبقات القراء/ ابن الجزري- (ج 1 / ص 153)
أنساب الأشراف – (ج 4 / ص 14)
سير أعلام النبلاء/ الذهبي (ج 9 / ص 302)
موقع تاريخ قصة الإسلام

الكاتب: الشيخ أبو محمد البلوشي


تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات