اليوم :19 April 2024

الفرق بين الإيمان والإسلام

الفرق بين الإيمان والإسلام

الإيمان في اللغة هو التصديق القلبي، والإسلام عبارة عن الإنقياد والإمتثال، والإيمان محله القلب، والإسلام محله القلب والجوارح جميعا، ولكن لا يعتبر الإيمان بغيرالإسلام ولا الإسلام بغير الإيمان، لأن تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقبل من العبد ما لم يقر باللسان، وكذلك لا يعتبر الإقرار باللسان ولا الطاعة بالجوارح ما لم يصدق الله ورسوله بقلبه. والملخص أن الإيمان يختلف مفهومه عن الإسلام لغة، وعلى هذا الأساس اللغوي يوجد الفرق بين الإسلام والإيمان، ولكن في الشرع لا يعتبر الإيمان بغير الإسلام ولا الإسلام بغير الإيمان، فإذا وجد الإسلام أي الإنقياد والإقرار باللسان ولكن لم يكن في القلب إيمان وتصديق فهذا يسمى نفاقا في إصطلاح القرآن، وهذا أشد من الكفر البواح، وعقوبته كذلك. {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار}. وكذلك إذا لم يكن مع التصديق القلبي إقرار وطاعة فذلك أيضا كفر وضلالة، لأن الله سبحانه وتعالى يقول بشأن قوم لا يؤمنون: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} أي أن هؤلاء الكفرة يعلمون أنك على الحق ولا يشكون في ذلك، كما لا يشكون في نسب أولادهم منهم. وجاء في مقام آخر: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوّا}.
وكان أستاذنا الإمام السيد محمد أنور شاه الكشميري رحمه الله يقول: مسافة الإيمان والإسلام واحدة، وإنما الفرق في البداية والنهاية فقط. الإيمان يبتدئ من القلب وينتهي إلى الظاهر والعمل، والإسلام يبتدئ من العمل والظاهر وينتهي إلى القلب، فلا اعتبار للتصديق القلبي ما لم ينته إلى الإقرار والإطاعة، ولا إعتبار للإقرار والإطاعة ما لم ينته إلى التصديق القلبى. وكذلك حقق الإمام الغزالى والإمام السبكي رحمهما الله. ونقل الإمام ابن الهمام في المسامرة إتفاق أهل الحق على ذلك.

قوله تعالى:{والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يؤقنون}
في هذه الآية بيان لبقية صفات المتقين، إنهم يؤمنون بالغيب المنزل ويوقنون بالآخرة. قال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما بشأن تفسير هذه الآية: إن المؤمنين المتقين كانوا قسمين في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم. القسم الأول: هم الذين كانوا مشركين فأسلموا، والقسم الثاني: هم الذين كانوا أهل كتاب من اليهود والنصارى ثم دخلوا الإسلام، ففي الآية الأولى ذكر القسم الأول منهما، وفي هذه الآية ذكر القسم الثاني منهما، لأن في هذه الآية ذكر بجانب الإيمان بما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، الإيمان بالكتب المنزلة قبله. فالمؤمنون يُضاعِف أجرَهم وثوابهم، أجرُ الإيمان بالقرآن وأجرالإيمان بما أنزل من قبل. وجدير بالذكر أن الإيمان بما أنزل من قبل يجب على كل مسلم اليوم أيضا، ولكن هنا فرق ينبغي أن ننتبه له وذلك أن يؤمن كل مسلم اليوم أن كل ما أنزل الله في تلك الكتب فهو حق، وكان واجب العمل قبل نزول القرآن، ولكن لما جاء القرآن نسخ ما قبله فلا يجوز العمل إلّا به.

دليل واضح على ختم النبوة
تثبت من أسلوب هذه الآية مسئلة مهمة جدا، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وهو آخر من أوحي إليه، لأنه لو كان بعد القرآن كتاب لذكره الله تعالى هنا وكان الإيمان به واجبا، بل أوجب مما سلف من الكتب. ولو كان نبي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لذكره الله في كتابه بالاهتمام البالغ لئلا يشتبه الأمر على أحد، ولكن نرى أن القرآن حيث ذكر الإيمان، ذكر الأنبياء السابقين وكتبهم ولم يذكر كتابا أو نبيا يأتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الجدير بالذكر أن هذا الموضوع قد ذكر في أكثر من أربعين مرة في القرآن، وفي كل مرة ذكر الأنبياء السابقون وكتبهم، ولم يذكر نبي يأتي في المستقبل، بل ولم يشر إليه و لو في آية واحدة، وأذكر على سبيل المثال الآيات التالية:
وما أرسلنا من قبلك (نحل)
ولقد أرسلنا رسلاَ من قبلك (المؤمن)
ولقد أرسلنا من قبلك رسلاَ (روم)
وما أنزل من قبلك (النساء)
ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك (زمر)
كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك (شورى)
كما كتب على الذين من قبلكم (بقرة)
سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا (الإسراء)
أنظروا في هذه الآيات تجدوا حيث ذكر نبي ورسول أو وحي وكتاب ذكرت كلمة من قبل أو قبلك، ولا ذكر فيها لكلمة “من بعد” ولا إشارة إليها. ولو لم تذكر مسئلة ختم النبوة في الآيات الآخرة لكفى هذ الأسلوب البياني دلالة وشهادة على ختم النبوة برسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي بعده.
(قد ألف المؤلف كتابا يحتوي على دلائل من الكتاب والسنة المتواترة وإجماع الأمة بشأن ختم النبوة).

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات