اليوم :29 March 2024

تقرير عن رحلة الشيخ عبد الحميد إلى سجستان

تقرير عن رحلة الشيخ عبد الحميد إلى سجستان

Image
كانت لسماحة الشيخ عبد الحميد حفظه الله تعالى في الأسبوع المنصرم رحلة دعوية إلى منطقة "سجستان" استمرت نحو ثلاثة أيام . كان من المقرر أن يتحقق هذا السفر في السنة الماضية ولكن حدث تأخر فيه بسب المشاكل الموجودة في تلك السنة.

 


 قد رافق الشيخ في هذا السفر وفد  من العلماء ورؤساء العشائر وشباب متدينون من مدينة زاهدان . إن قرية عظيم آباد (المنطقة التي تقع فيها مدرسة الإمام أبوحنيفة الدينية) عينت كأول مكان تتجه إليها هذه القافلة. قرر أولا – نظرا إلی ضيق المكان والإمكانيات البسيطة في القرية – أن يكتفی في هذه القرية بلقاء مع العلماء والطلبة واستراحة بسيطة للوفد، ولكن بعد ما شوهد جماعات شعب سجستان المتدينين والمحبين لأهل العلم الذين تجمعوا منتظرين قدوم الشيخ والوفد المرافق له في فواصل بعيدة من منطقة "لوتك" و"عظيم آباد" وهم يتحينون منذ شهور قدوم الشيخ حفظه الله تعالى، فتقرر بعد رؤية هذه الجماهير المتجمعة وضيق المكان الذي ربما يسبب الزحمة والمشقة للحاضرين أن تعقد جلسة في مسجد عظيم آباد يكون فيها حديث للشيخ مع الطلبة وأهل العلم  وعامة الناس ويوجه الحاضرون والمتجمعون إلى المشاركة والحضور في جلسة كانت تعقد في  مدينة "زهك" بعد صلاة المغرب في نفس اليوم.
شجع فضيلة الشيخ عبد الحميد الناس في "عظيم آباد" علی الإقبال البالغ علی الدين وكلام الله المجيد قائلا : أيها الشعب المؤمن تمسكوا بدين الله تعالى بالنواجذ وعظموا هذه التحفة الإلهية ونعمة الرب العظمی بكل الوجود.  إن هذه هي وصية كبار أنبياء الله من قبل إبراهيم وإسحق ويعقوب. «ووصی بها إبراهيم بنيه و يعقوب يبني إن الله اصطفی لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون».
وقال سماحته في قسم أخر من كلمته: يجب أن يسلك الشباب مسلك العلوم العصرية والشرعية، فإن الطريق الوحيد لتقدم ورقي أي مجتمع من المجتمعات هو أن يسلك أبناء ذاك المجتمع سبل العلوم والمعارف في الشعب والفروع  المختلفة. ثم إنتهت هذه الجلسة مع الدعاء والتضرع إلى الله تعالى لمسلمي العالم وحل مشاكلهم.
قامت قافلة الشيخ في أثناء مواصلة  مسيرها في هذ السفر، بزيارة من قرية " رشيد " الواقعة في منطقة "جزينك" . قرية "رشيد" قرية  تمتاز بوجود مدرسة دينية إبتدائية ودار التحفيظ للقرآن الكريم، وكذلك مدرسة دينية خاصة للبنات يتعلمن فيها كتاب الله وأحكام الشريعة الإسلامية. في هذه القرية الصغيرة إجتمع جميع أهلها رجالا ونساء، (الرجال) في مسجد القرية و( النساء) في البيوت المجاورة من المسجد وهم في انتظار ليستمعوا إلى نصائح ومواعظ ضيفهم الكريم الشيخ عبدالحميد حفظه الله. في البداية قدم أحد الشباب المثقفين الناشطين في هذه القرية  تقريرا مختصرا عن أوضاع والنشاطات الثقافية في هذه القرية للحاضرين بحيث لفت انتباه الحاضرين كلهم. ومن الأمور اللافته للنظر في هذا التقرير أنه لا يوجد في هذه القرية رجل ولا امرأة إلا وهو يتقن قراءة القرآن وتجويده؛ فكل أهل القرية نساء ورجالا يستطيعون قراءة القرآن الكريم بكل سهولة وبأحسن طريقة. والنكتة التالية أن جميع شباب القرية يشوقون ويرشدون للدراسة في الجامعات الدينية أو العصرية، بحيث يوجد عشرون طالبا جامعيا يتعلمون العلوم العصرية من هذه القرية في جامعات مختلفة، ويوجد أيضا قرابة هذا العدد من الشباب من القرية المذكورة من يتعلم العلوم الشرعية في المراكز الدينية.
 نظرا إلى هذا التقريرالرائع خص فضيلة الشيخ كلمته في هذه القرية إلى هذا الموضوع وشكر أهل القرية علي استقبالهم الجميل والرائع من العلم والمعرفة، قائلا : العصر الذي نعيش فيه عصر العلم والمعرفة وإن كمال وفضل البشر في هذا العصر يرجع إلى تعلمهم العلوم المختلفة، لذلك يجب علی الشباب والشابات أن يكتسبوا العلوم الشرعية والعصرية، فحينئذ تصلح أحوال الناس الدينية والدنيوية.
 واصل الوفد سفره إلى مدينة "زهك"، و قد جاء إمام وخطيب الجمعة في مدينة "زهك" الشيخ عبد الكريم ووجمع كثير من أهل هذه المدينة لاستقبال الشيخ عبد الحميد والوفد المرافق له، وانعقدت جلسة رائعة بعد صلاة المغرب في جامع أهل السنة في "زهك".
 بدأ سماحة الشيخ حفظه الله حديثه في هذه الجلسة العظيمة التي كانت الشوارع المجاورة للجامع مكتظة وهي تموج  بالجماهير المتجمعة من قری وأرياف مدينة "زهك" ودعا الناس إلى الاعتقاد الصحيح  والعمل بالقرآن والسنة، والالتزام بالأخلاق الإسلامية، قائلا: إن الشريعة والدين الذي جاء به الرسول صلی الله عليه وسلم كامل لا يحتاج إلى شيء يزاد فيه ويضاف . فالتزموا  الأحكام الشرعية وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، واجتنبوا البدع والخرافات والتقاليد التي لا تتفق مع شرعنا. وقال فضيلة الشيخ: لنبتعد في محافل العرس من الإسراف والمعصية وكل ما يخالف الشريعة، ونتجنب في مجالس العزاء من البدع والخرافات، وكذالك موائد الطعام الذي يجبر أهل الميت بإعدادها حسب عادات بعض المناطق والتي يتحمل بسببها إنفاق كثير من المال، وليعقد جميع حفلاتنا ومجالسنا سواء كانت للفرح والسرور أم كانت للعزاء مطابقا مع ما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلی الله عليه وسلم.  وفي القسم الآخر من كلمته دعا الناس إلى الوحدة والاتحاد قائلا: لقد عشنا منذ سنوا ت بعضنا مع بعض إخوانا ولنراعي علی هذه الأخوة،  وليحافظ كل طرف علی الاحترام المتبادل مع غيره، وليراعي حقوق الآخرين، ولا تكن هذه المناصب الدنيوية التافهة سببا لزوال هذه الأخوة والوحدة القديمة، وستبقی هذه الوحدة بالاحترام المتبادل، وكذلك بالاحترام إلى المقدسات قائمة بإذن الله تعالى.
 في هذه الجلسة أيضا رغب سماحته الناس علی إرسال أبناءهم لدراسة العلوم إلى الجامعات للحصول علی مستقبل زاهر.
 ثم قام فضيلة الشيخ في هذ السفر بزيارة من مدينة "كهك" و صحراء "أمير نظام" و"ميلك" (المنطقة الحدودية بين إيران وافغانستان)، وواجه استقبالا رائعا من قبل أهالي كل واحد من هذه القری والمناطق، واكتفی في كل تجمع إلى بيان  كلمات مختصرة ثم الدعاء والتضرع بعدها إلى الله جميعا.
في اليوم التالي تجمع أهل مدينة "هيرمند" ( دوست محمد السابق ) خارج المدينة وهم في انتظار الشيخ حفظه الله تعالى. وبعد الاستقبال من قبل إمام وخطيب الجمعة في مدينة هيرمند الشيخ "يار محمد" وكثير من أهل هذه المدينة دخل الوفد المدينة متجها نحو الجامع الكبير في مدينة "هيرمند" المكان المحدد لانعقاد الجلسة فيه.
بدأ الشيخ عبد الحميد في البداية يشكر العلماء والمثقفين وعامة الناس رجالا ونساء، ورؤساء العشائربسبب استقبالهم الرائع ومحبتهم الوافرة التي أظهروها له، ثم قال : كنت أتمنی منذ زمن أن ألقی هذا الشعب المؤمن والمحبب. ثم أضاف: القرآن الكريم أكبر معجزة للإسلام ولرسول الله صلی الله عليه وسلم. ولقد تحدی فصحاء وبلغاء وعلماء العرب لغير مرة أن يأتوا بمثله، وقد عجزوا أن يأتوا مثل  ذلك  كل مرة تحداهم. عندما يتلی هذ الكلام الجميل تنزل الرحمات الإلهية. ثم قال فضيلة الشيخ بعد تلاوة آية من هذا الكلام الرائع "يا أيها الذين آمنوا ادخلو في السلم كافة": أمرنا الله عزوجل بالدخول التام في الإسلام. تطلب منا هذه الآية أن نكون مسلمين في جميع الثواني والدقائق واللحظات من عمرنا، ونكون مسلمين بكل وجودنا، ولا نكون مثل الذين يصلون ولكنهم يأكلون الربا، أو يصلون ولكنهم لا يؤتون الزكاة. ولنعبد الله في جميع الأيام والأزمان في الحج وفي غير الحج؛ في رمضان وفي غير رمضان؛ ولنجتنب جميع المعاصي والبدع والخرافات والتقاليد الجاهلية والعصبية القومية، وكذلك لنجتنب المنكرات مثل الربا والزنا والغيبة والكذب والإسراف والذهاب إلى السحرة والكهنة وأهل الخرافات.
في القسم الأخير من كلمته وصی فضيلة الشيخ الحاضرين علی الاهتمام بتدينهم وتدين أولادهم،  وأن يسعوا دائما في تعليم أولادهم وتربيتهم تربية صحيحة، وليفكروا في تثقيف أبناهم تثقيفا إسلاميا. وأضاف سماحته:  ليكن جميع المراكزالعلمية العصرية وغيرها موضع احترامنا. هذه المراكز بصالحنا وصالح الشعب والدولة، ولا يحتمل من ناحيتها خطريهدد. وقال الشيخ عبد الحميد في نهاية كلمته: إن شاء الله سنكثر الزيارات لهذه المنطقة في القادم بإذن الله تعالی، وقد سمع الكثيرون منا عن بعيد وهم يحسبون أن منهجنا منهج تطرف وتشدد مع أننا مخالفون للتشدد والتطرف، ونتبع الاعتدال ونريده. لست أرضی وأقسم وأنا في بيت من بيوت الله أن تلوث أنف أخ مسلم أيا كان مذهبه بالدم، وأشهد الله علی كلامي هذا، و أنا أعتقد الصداقة والصراحة في الكلام، وأكره الشعارات التافهة، وأعتقد أن ينظر إلى المسلمين بنظرة مساوية، ولا يعمل بالفرق بينهم. أما بالنسبة إلى المسائل الدينية ينبغي أن يعمل كل واحد من المذاهب حسب فقهه ومعتقداته، وإن لمدارس ومساجد ومراكز الشيعة عندنا حرمة وقداسة ونرجوا هذه الحرمة من قبلهم أيضا لمراكزنا ومدارسنا؛ ولسنا نسمح في مراكزنا ومدارسنا بالتشدد والتطرف، ونعتقد أن تحفظ حرمة الشيعة، وإننا نعيش مع إخوتنا السيستانيين منذ قرون طويلة جنبا إلى جنب ونحسبهم أخوة لنا وأعتقد أن لا تذهب ولا تزال هذه الأخوة والقرابة بسبب وصول البعض إلى المناصب، ولا بد من الإيثار والتضحية. وانتهت هذه الجلسة أيضا بدعاء الشيخ حفظه الله تعالى .
وانعقدت أيضا جلسة عظيمة في جامع مدينة "زابل" (أكبر مدينة في منطقة سجستان) حضر فيها من مختلف الطبقات من العلماء والمثقفين وأهل السوق وغيرهم، تطرق سماحة الشيخ في هذه الجلسة إلى بيان جهود الصحابة في الخدمة للإسلام ولزوم احترامهم ومحبتهم. وأشار فضيلة الشيخ  إلى لزوم الوحدة بين الاقوام المختلفة وأتباع المذاهب في المنطقة، وأعتبرها أمرا ضروريا لابد منها، وتحدث قليلا عن مكانة المدارس الدينية الشرعية وشجع الحاضرين علی إرسال أبناءهم لدارسة العلوم الشرعية والعصرية .
ومجمل ما أكد عليه الشيخ في هذ السفر هو الالتزام بالإسلام الصحيح، والعمل بأحكامه، خاصة الصلاة والزكاة، والتجنب عن المعاصي والمفاسد، ومراعاة حقوق الناس والأخوة الإسلامية والقومية والوطنية بين مختلف القبائل والمذاهب، والاهتمام بالعلوم الشرعية والعصرية.  وكذلك أكد سماحته من غير مرة علی أنه لا يهدد الشيعة أي خطر من قبل  مدارس ومراكز أهل السنة الدينية، بل هي مراكز دينية وعلمية تنشط في سبيل بث الثقافة الإسلامية. وصرح أيضا في هذه الجلسات بأننا لن نسمح  لمن يريد النشاط ضد النظام أو الشيعة أن ينتفع بمساجدنا ومراكزنا العلمية والدينية.
والسلام عليکم ورحمة الله وبرکاته 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات