اليوم :23 April 2024

خطبة الجمعة 23 جمادی الثانية 1429

خطبة الجمعة 23 جمادی الثانية 1429

فضيلة الشيخ عبدالحميد

فضيلة الشيخ عبدالحميد

كان موضوع خطبة سماحة الشيخ عبدالحميد في هذا الأسبوع «شخصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه وخدماته الجليلة للإسلام وتضحياته في هذا الطريق»، وكذلك أوصی سماحته الشيعة بالاجتناب عن الإساءة إلی الصحابة رضي الله عنهم لأنهم بذلوا تضحيات مباركة ذودا عن حياض الإسلام.

 

بدأ سماحة الشيخ عبدالحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة بمدينة زاهدان خطبته يوم الجمعة بتلاوة هذه الآية المباركة: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين»، ثم توجّه إلی المستمعين بالقول: بما أن هذه الأيام ذكری وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وتولي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة، أردت أن أتكلم في هذه الدقائق اليسيرة حول هذا الموضوع.
وأضاف: إن الله تعالی لما يريد أن يساعد زعيماً في العالم ويوفقه في جميع المجالات، يعطيه ويهب له تلاميذ وأصحابا موفقين عباقرة.
وتابع بالقول: إن الله سبحانه وتعالی أرسل أكمل المرشدين وسيد الرسل إلينا ووهب له خير الأصحاب والتلاميذ، كما جاء في مسند الإمام البزار:« حدثنا عبد الواحد بن غياث قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم أنصار دينه ما رآه».
إن أفضل الأمة بعد نبيها صلی الله عليه وسلم عند جمهور المسلمين هو أبوبكر الصديق رضي الله عنه.
واستطرد قائلاً: الكلام عن شخص مثل أبي بكر صعب جدا وإنه يتطلب خبرة واسعة وعلما كاملا وافرا، ولا يستطيع مثلي أن يتكلم حول هذا الموضوع كما ينبغي ويؤدي حق الكلام.
وأدرف سماحته بالقول: كان أبوبكر من أول المسلمين، وقال الرسول صلی الله عليه وسلم يوماً ما معناه: أيها المسلمون إنكم آمنتم بي بعد المعجزة ولكن أبابكر لم يطلب مني معجزة وآمن بي.
وأضاف: إنه رضي الله عنه أسلم حينما كان الإسلام صعباً، ولكنه قَبِل جميع الأخطار ورحبّ بجميع المخاطر التي تهدده وأسلم، وقد تعرض لكثير من الإساءات والضرب الشديد دفاعاً عن الإسلام وعن الرسول صلی الله عليه وسلم.
واستطرد قائلاً: حينما جاء أوان الهجرة وهاجر المسلمون، قال الرسول صلی الله عليه وسلم لأبي بكر: «علی رسلك»، واختاره لصحبته في الهجرة، وقد قرر المشركون فدية مالية باهظة لكل من جاء بهما.
قد جعل أبوبكر ماله ونفسه في خدمة الإسلام بعد الهجرة أيضاً ولم يتخلف عن غزوة من الغزوات إلا ماشاء الله، وكان من أقرب الناس إلی النبي صلی الله عليه وسلم، وقد زوج إبنته الصغيرة من الرسول صلی الله عليه وسلم وكان يناديها بالأم، لأنها كانت أم المؤمنين.
 وتابع فضيلته قائلاً: كان آخر كلام النبي صلی الله عليه وسلم علی المنبر قبل أربعة أيام من وفاته، أنه قال: «إن من أمنّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ولوكنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبابكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام».
وأضاف: إن الرسول صلی الله عليه وسلم ربّی جيلاً من الصحابة حسن إسلامهم، وإنكم لا تجدون علی وجه الأرض من يبلغ إلی مكانتهم ورتبتهم العالية، وإنهم كانوا محفوظين، ولو حدث منهم ذنب لكانوا يبادرون إلی التوبة.
واستطرد سماحته قائلاً: حينما كان الرسول صلی الله عليه وسلم في مرض الموت قال: «مروا أبابكر فليصل بالناس»، ويعلم أن الرسول صلی الله عليه وسلم كان يريد شيئاً من وراء هذه الإشارات وهو الكناية إلی خلافة أبي بكر، مع أن جمهور المسلمين يعتقدون أن الرسول صلی الله عليه وسلم لم يعيّن خليفته بالصراحة ولكن توجد هناك إشارات مهمة تؤيد خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وتابع قائلاً: حينما توفي صلی الله عليه وسلم فقد الصحابة عقولهم وصاروا حياری، حتی دخل أبوبكر علی بيته الذي توفي فيه، ورفع الغطاء عن وجهه، وقبّل وجهه، ثم دخل المسجد وقام خطيباً وقال: «أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبدالله فإنه حي لايموت». ثم تلا هذه الآية: «وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علی أعقابكم ومن ينقلب علی عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين».
ثم ذهب أبوبكر مع عمر رضي الله عنهما إلی سقيفة بني ساعدة حيث تجمّع الأنصار هناك وألقی أبوبكر خطبة بليغة، ثم التفّ المسلمون حوله وبايعوه، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه من المبايعين له.
واستطرد قائلاً: من أهم خدمات أبي بكر في أوائل خلافته هو إرسال جيش أسامة رغم مخالفة كثير من كبار الصحابة علی عزم أبي بكر، ولكنه لم يلتفت لتلك الآراء والأقوال التي كانت تريد أن تثنيه عن المضي في إرسال جيش أسامة إلی الوجهة التي أرادها له الرسول صلی الله عليه وسلم وأطلق قولته المشهورة: «والذي لا إله غيره لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلی الله عليه وسلم، ولو لم يبق في القری غيري لأنفذته»، وكذلك قام رضي الله عنه بمحاربة المرتدين وبعض من ادعوا النبوة مثل مسيلمة الكذاب وأسود العنسي.
وأضاف بالقول: في تلك اللحظات الحاسمة أطلق أبوبكر كلمة خالدة رداً علی من طلب منه البقاء في المدينة، وهي: «انقطع الوحي وتم الدين أينقص الدين وأنا حي».
وأردف قائلاً: بعد هذه الصرامة أكرم الله المسلمين بالفتح حيث انهزم المرتدون ورجع جيش أسامة فاتحاً، ثم فتح الله العراق وجزءً عظيماً من بلاد الشام بأيدي المسلمين في عهد الصديق الأكبر رضي الله عنه، وإنّ هذا الخليفة الراشد قام بأعمال جليلة في سنتين وأربعة أشهر من خلافته بحيث يعجز الآخرون عن إنجازها في قرن كامل.
وتابع: ثم تولی زمام الحكومة بعهده الفارس المغوار أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث حيّر العالم بعدله و شجاعته ومروءته، وقد استولی المسلمون في عهده علی الإمبراطوريتين العظيمتين (إيران والروم) ودخل سكان هذه البلاد في دين الإسلام.
إخوتي الأعزة! هؤلاء الرجال خدموا الإسلام وقاموا بواجبهم تجاه الدين أحسن قيام. نسأل الله تعالی أن يمكّن حبهم ويجعله في أعماق قلوبنا.
وأضاف سماحة الشيخ عبدالحميد قائلاً: ورد ذكر أبي بكر وعمر في كثير من الأحاديث النبوية حيث ذكرهما الرسول صلی الله عليه وسلم معاً.
جاء في صحيح البخاري أن عليا رضي الله عنه قال: «خير الأمة بعد نبيها أبوبكر ثم عمر».
وأشار سماحة الشيخ عبدالحميد إلی قضية الإساءات إلی الصحابة في بعض الحفلات أو المناسبات أو بعض المواقع الإلكترونية، قائلاً: إني أقول هذه الكلمة نصيحة مني وليس لي أي غرض آخر من بيانها، وهي أن الواجب علی كافة المسلمين أن يجعلوا حب الصحابة في قلوبهم ويحترموهم، ولو لم يمكن للبعض أن يحترموا الصحابة ولم يحبوهم، يجب أن لا يسيئوا إليهم ولا يكمنوا بغض هؤلاء الكبار في قلوبهم، ولو لم يستطع البعض أن يمحدوهم نحن نوصيهم أن يكفّوا ألسنتهم عن الإساءة إليهم، لأنهم من السابقين الأولين الذين كرّسوا حياتهم لخدمة الإسلام والدفاع عن الرسول صلی الله عليه وسلم.
وأضاف فضيلة الشيخ عبدالحميد قائلاً: هذه من مؤامراة الأعداء حيث بذلوا جهودهم لتفريق شمل المسلمين وتأجيج الافتراق بين المسلمين وذلك بتشويه سمعة الصحابة رضي الله عنهم حيث كانوا من تلاميذ الرسول صلی الله عليه وسلم ومن السابقين إلی دين الإسلام، وهم أصل شجرة الإسلام، ويريد الأعداء أن نفقد نحن المسلمون ثقتنا بالنسبة إلی تلك العروة الوثقی التي وصلتنا دعوة الإسلام عن طريقها، فعلينا أن نحافظ عليها ونثق بها، لأنها إما الخلفاء الراشدون أو أهل البيت أو سائر كبار الصحابة.
وتابع: نرجو من المسئولين ورجال الحكومة وعامة الشيعة في إيران أن يحفظوا حرمة الصحابة، ولا يقولوا لهم بأنهم غاصبوا الخلافة أو غير ذلك من الكلمات الدنيئة. ولو نريد أن نحافظ علی الوحدة الإسلامية يجب أن نراعي هذه الأمور ولا نقوم بممارسات تجرح مشاعر الآخرين ولا نسيء إلی مقدساتهم.
«تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون».

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات