اليوم :25 April 2024

خطبة الجمعة 20 ذوالقعدة

خطبة الجمعة 20 ذوالقعدة

قال فضيلة الشيخ عبدالحميد إمام وخطيب جمعة أهل السنة في مدينة زاهدان في خطبته يوم الجمعة: إذنتلو القرآن الكريم نطلع علی مصير الأقوام السالفة حيث واجه كثير منهم العذاب والخزي وقد حصل كثير منهم علی السعادة ومرضاة الله تعالی. كثيراً ما يتلو القراء هذه الآيات التي تبيّن مصير الأقوام الراقية المتكبرة وكيف إنهم وصلوا إلی الشقاوة والخزي….

 لما ألقوا دعوة الأنبياء إلی الوراء ولم يلقوا لها بالاً. وأما الأقوام الساذجة الفقيرة لما رحّبوا بتعاليم الأنبياء وامتثلوا أوامر الله تعالی وصارت أعمالهم تطابق الشريعة وحسنت أخلاقهم تلألئوا في العالم وكسبوا السمعة الحسنة ومرضاة الله في الدارين.
وأردف: هذه القصص التي يبينها القرآن ليست من جملة الأساطير بل إنما بينها ليعتبر الناس.
هناك مثل بين البلوش، يقال: الذئب يأكل غنم الشقي، وأما الفطن والذكي فيتّعظ به ويحفظ غنمه من الضياع. فالسعيد من اتعظ بأحوال الأقوام السالفة.
وتابع قائلاً: إن الله تعالی لاينظر إلی مناطق الناس وإلی نسبهم ولكنه ينظر إلی القلوب والأعمال ويعامل العباد وفقاً لدستوره الخاص، وينظر هل امتثل الناس أوامره أو خرجوا عن طاعته وسلكوا غير طريقه.
وأضاف بالقول: إن الله لايرضی التكبر والتعالي علی الآخرين سواء كان التكبر بالنسبة إلی العلم أو المنصب أوالرياسة.
واستطرد قائلاً : العالم إذا اغترّ بعلمه وتكبر علی الآخرين فإنه تعالی يكسر عنقه ويقول إن هذا العلم كان من عطائي وقد أعطيته إياك نعمةً مني، وكذلك الثروة والمنصب لاينبغي الإغترار بهما لأنهما من نعم الله تعالي.
وتابع قائلاً : إنما ضلّ فرعون لأنه ظنّ أن الأنهار التي كانت تجري من تحته قد صارت خاضعة له نتيجة جهوده.
أيها الشقي! إن الله أعطاك ملك مصر وكذلك هذه الأنهار نعمةً منه ورحمة، لا استحقاقاً منك. انظروا كيف عذب الله هذه الطاغية بالغرق. 
كان فرعون يقول للناس: أنا ربكم الأعلی ولم يخضع أمام أوامر الله ورسوله وقد استصغر بني إسرائيل ولكن إذ أخذه الله لم يبق من ملكه أثر بعد عين.
هذه سنة الله في الأرض أنه يفذلّ الأقوام الراقية إذا نسوا الله ولم يشكرو نعمه وأنه يفعزّ الأقوام الفقيرة الساذجة إذتمسكوا بوحي الله واتبعوا رسله.
واستطرد قائلاً: انظروا إلی مثل أبي جهل وأبي لهب وسائر الطغاة والأقوام العاصية السافلة مثل قوم عاد وثمود ولوط أنهم كيف واجهوا العذاب لما كذبوا الأنبياء ولم يمتثلوا أوامرالله تعالی وقد غرّهم علمهم وثروتهم ومناصبهم.
 حينما يذكر القرآن عذاب الأقوام المتكبرة يقع الإنسان في الحيرة من أحوالهم. نسأل الله تعالی أن يحفظنا من الغفلة والعصيان.
إخوتي الأعزة! انظروا إلی أحوال الأقوام المؤمنة كيف أنهم لما اتبعوا الأنبياء حصلوا علی مرضاة الله تعالی والسعادة والفلاح في الدارين.
انظروا إلی أين وصل بلال وصهيب وعمار وسلمان وسائر الصحابة ؟
نعم! إنهم وصلوا إلی ما وصلوا نتيجة امتثالهم لأوامر الله واقتفاء آثار النبي صلی الله عليه وسلم. هذه نتيجة الشكر والإيمان ونتيجة العمل الصالح والخلق الحسن.
وأردف قائلاً: انظروا إلی أقوامهم حيث كانت نسياً منسياً ولكنهم بإيمانهم سجلوا أسمائهم في أوراق التاريخ وقد جعل الله حبهم في قلوب المؤمنين وبقي ذكرهم إلی قيام الساعة.
الدنيا دار البلاء والإمتحان وإن الله تعالی يطلب منا الإيمان والإنقياد التام؛ إنه يطلب منا الخدمة لخلقه بالنفس والمال والقلم واللسان وأيضاً عبادته الله تعالی، لأن خدمة الخلق إذا كانت خالصة لوجهه الكريم من العبادات العظيمة، وإن الرياء يذهب ثواب الأعمال ويبطلها ويجعلها هباءً منثوراً.
وأضاف فضيلته قائلاً: احذروا أيها الإخوة من عذاب الله لأننا أضعف من أن نتحمّل عذاب الله.
لايستطيع أحد أن يتحمل شيئاً من عذاب الله لا في الدنيا ولا في الآخرة. نسأل الله تعالی أن يفعيذنا من عذابه. « فأمنوا مكر الله ، فلايأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون».
كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام دائماً في خشية و وجل من عذاب الله.
تقول عائشة رضي الله عنها: كلما كان يأتي سحاب ويظهر في السماء كان رسول الله صلی الله عليه وسلم يتغير وجهه ويظهر الخوف عليه ويقول إني أخشی أن يصيب قومي ما أصاب الأقوام الماضية من العذاب.
كثير من الأقوام قد عذبهم الله بالسحاب حيث نزل منه النار.
واستطرد قائلاً: لاينبغي أن ننام في البيوت أو نتجول في النهار آمنين من عذاب الله، ومن سذاجتنا لو أحسسنا بالأمن من عذاب الله.
وتابع بالقول: كثير من الذنوب نقترفها ولانشعر بها وهذه من جهالتنا.
دواء هذا الداء العضال هو الإستغفار والخوف منه سبحانه وتعالی والرجوع إليه والعمل بالكتاب والسنة.
لابد أن نتوسل إلی الأعمال الصالحة من الصلاة والصدقات والتبرعات وسائر الخيرات حتی يحفظنا الله من العذاب.

وأضاف سماحة الشيخ عبدالحميد قائلاً: وصلتنا رسالة من حاكم مدينة زاهدان حيث ذكر فيها قرب موعد زيارة الرئيس محمود احمدي نجاد لإقليم سيستان وبلوشستان.
وتابع قائلاً: في هذه الزيارات يكتب الناس مشاكلهم في رسائل يقدمونها إلی الرئيس حتی تفرفَع مشاكلهم.
كثيراً ما يطرح الناس ما يحتاجون إليه في معاشهم من المركب والمسكن ويعتقدون أنها ليست مشكلة فوق مشكلة المسكن والمركب.
وأردف: إني أعتقد أن مشكلاتنا ليست في الكهرباء وعدم إنشاء الطرق والخدمات العامة، وليست متطلباتنا من الحكومة أن توفر لنا حاجاتنا الشخصية من السيارة وسائر الحاجات لأننا قضينا أعمارنا في هذه الطرق الصحراوية وقد قضی آبائنا أعمارهم  في ظلام الليالي بغير الكهرباء وليست هذه الأمور من حاجاتنا الأصلية مع أنها من نعم الله تعالی ولكن المهم لنا هو الأمن والعزة والكرامة، ونحن نريد أن نعيش آمنين مطئنين من حيث النفس والفكر ونريد العزة والكرامة الإنسانية ولاتهمنا المناصب في الحكومة وكذا الخدمات العامة الرفاهية.
واستطرد : كنا نتوقع من حاكم الإقليم حيث أنه من أهل الإقليم أن يتعامل مع الآخرين بالحوار والمفاوضات حتی يسيطر الأمن علی الإقليم ويقلّ القلق الفكري ولكن مع الأسف الشديد صارت المخاوف من حدوث أعمال عنف أكثر من أي وقت مضی.
وأردف سماحته بالقول: ليست المخاوف هنا بالنسبة إلی النفس والمال فقط، بل القلق الفكري أيضاً شغل البال.
هذا القلق منقطع النظير بعد انتصار الثورة الإسلامية حيث يزعجنا دائماً، وماحادث المدرسة المحمدية منا ببعيد ( حيث تمت مداهمتها وإغلاقها ) حيث لم تحل هذه المشكلة وقد شغلت البال حتی الآن.
وتابع: كنا نتوقع أن يفتفاوض معنا حول هذه المسئلة لأن المدرسة المحمدية فرع لجامعة دارالعلوم بزاهدان وإن جامعة دارالعلوم هي كبری المدارس و المعاهد الدينية لأهل السنة في ايران وإنها معقد آمال كثيرة لأهل السنة في ايران وعامة المسلمين.
وخاطب فضيلة الشيخ عبدالحميد المسئولين بالقول: هؤلاء الذين في جامعة دارالعلوم يساعدونكم في المشاكل والمصاعب.
 ليفكر المسئولون ورجال الحكومة أنهم يتوقعون مساعدتنا لهم في المشاكل وينتظرون إصدار الفتاوي من جامعة دارالعلوم ومن علماء أهل السنة، ولكن حينما نواجه مثل هذه المشاكل إنهم لايسارعون بحلها وقد بقيت هذه العقدة معقّدة مع أن القضية يمكن حلها في أسرع وقت ممكن.
وأضاف سماحته قائلاً: أولئك العلماء والطلبة تركوا المدرسة السابقة واستقروا في قرية أخری ليواصلوا دروسهم ولكن القوات المسلحة لازالت تراقبهم وتؤذيهم. 
واستطرد: لابدّ من الحرية لأهل السنة في مجال التعليم سواء كان في هذه المدرسة أو سائر المدارس، وليست لبعض مدارس أهل السنة مشكلة مع سائر المدارس.
وتابع: لوكان المحافظ وحاكم الإقيلم من منطقة أخری لما كنا نتوقع مثل ما نتوقع من أهل الإقليم أن يحل مشاكلنا.
لايصعب حل هذه القضية ( قضية المدرسة المحمدية ) علی حاكم الإقليم وإنه لا يتضرر من حل هذه القضية، و أيضاً كنا نتوقع من ممثل قائد الثورة في الإقليم الشيخ سليماني أن يسارع بحل هذه المشكلة.
وأضاف بالقول: أردت أن أقول لكم أن علی كل واحد منكم أن يكتب رسالة يذكر فيها أهم المشاكل والعراقيل والعصوبات التي نواجهها في الإقليم حيث يساعد تذليلها في مجال الأمن والراحة والسكون والإطمئنان ولاتضيعوا هذه الفرصة بكتابة الجزئيات.

وأضاف سماحة الشيخ عبدالحميد بالقول: وأما النكتة الثانية التي أردت أن أبيّنها في هذه الدقائق اليسيرة هي أنّ بلادنا تواجه الضغوط الدولية حول أنشطها النوية التي من حق ايران أن تمتلك هذه التقنية السليمة ولكن العالم لايعترف بهذا الحق لإيران وقد واجهنا التهديدات العسكرية أو المقاطعة الدولية من أجل هذه النشاطات، وليس من المناسب في هذه الأوضاع الراهنة أن تهدم الحكومة مسجداً لأهل السنة في منطقة وتغلق مسجداً في منطقة اخری وتمنع من إقامة الجمعة في منطقة.
واستطرد قائلاً: لابدّ أن نتمتع ببعد النظر ورحابة الصدر في ظل هذه الأوضاع الراهنة.
وأردف: إذ يتوقع البعض ( رجال الحكومة ) من الآخرين ( أهل السنة ) أن يسارعوا بمساعدتهم في المشاكل فلابد أن يمتلكوا قلوبهم ويحصلوا علی رضاهم ، ولايمكن رضاهم بالشعار بل بالممارسة والعمل والتعامل الحسن معهم.
وأضاف بالقول: لقد راجعني كثير من أهل السنة واقترحوا أن يلقی وفد من أهل السنة الرئيس احمدي نجاد حتی يبينوا المشاكل التي يواجهها الشعب السنّي، وإني أعتقد أن أكبر وسيلة لإمتلاك قلوب أهل السنة وكافة الأقوام والحصول علی رضاهم أن يستمع الرئيس إليهم ويری ويسمع مشاكلهم ولايعتمد علی تقارير المسئولين فحسب.
وتابع قائلاً: أهل السنة يطالبون الرئيس احمدي نجاد أن يسمح لهم بمقابلته وطرح المصاعب والعراقيل التي يواجهونها وكذلك يريدون أن يطرحوا مشاكلهم أمام قائد الثورة.
 اكثر من سبعين في المائة من سكان هذا الإقليم ( سيستان بلوشستان ) هم أهل السنة ومن المناسب أن يقابل وفد من علماء السنة وشيوخ عشائرهم مع الرئيس احمدي نجاد ويطرحوا مشاكلهم ويبيّنوا معاناتهم، وهذا الأمر يضمن السعادة والسرور للرئيس وللشعب.
وأضاف: إني اعلم جيداً أن التقارير تصل إلی قائد الثورة وإلی الرئيس احمدي نجاد ولكن هناك فرق بين التقارير التي يوصلها المسئولون مع تقارير التي يبينها أهل السنة بأنفسهم من غير واسطة.
وأردف بالقول: قد أظهر كثير من السيستانيين ( الشيعة ) قلقهم من كلمتي حول السيستانيين حيث خاطبتهم جميعاً قبل اسابيع وأظهرت قلقي وسخطي من ممارستهم بالنسبة إلی أهل السنة والبلوش، ولكن كان سخطي من ممارسات بعضهم حيث لايراعون الأخوّة والقرابة وهم قاصرو النظر، وإنما أعممت خطابي حتی يففهّم المعتدلون منهم المتطرفين ويأخذوا بأيديهم حتی يكفوا عن ممارستهم العنصرية والطائفية.
واستطرد قائلاً: نحن نشعر بالأخوة مع كافة الأقوام والفرق الإسلامية و نوصي الآخرين أن يراعوا الأخوّة والوحدة ونتوقع منهم أن يراعوا حقوقنا ولايتدخلوا في شئوننا المذهبية.
وتابع: يجب أن نراعي الانسجام الإسلامي وخاصة في هذا العام الذي سمّي بعام الوحدة والانسجام، وليس من المناسب أن تكون هموم أهل السنة في هذا العام أكثر من ذي قبل، ويجب علی الحكومة أن تراعي ما يعلنه قائد الثورة، ثم علی الشعب أن يراعوا هذه التسمية، ولايعلن القائد هذه الأمور بالنسبة إلی بعض دون بعض بل يعلنه للجميع، وللأسف لايلقي البعض له بالاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات