اليوم :19 April 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

لو أن الاسلام الوسطي طبق في البلاد لنال الجميع حقوقهم

لو أن الاسلام الوسطي طبق في البلاد لنال الجميع حقوقهم

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (23 رمضان 1444) إلى “الإسلام الوسطي” كأفضل رؤية ومنهج للدين الإسلامي، مؤكدا أن الطبقات والفئات المتنوعة تصل فيه إلى مطالبهم ولا سيما “العدالة” و”الحرية”.

لا مكان “للغلو” و”ضيق الأفق” و”الإرهاب” في الإسلام الوسطي
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: صرحت سابقا أن هناك وجهات نظر مختلفة عن الدين الإسلامي، وأفضل رؤية هي “الإسلام الوسطي”. نحن نعتقد بالإسلام الوسطي الذي لا مكان فيه للغلو والتفريط. كان الغلو موجودا في جميع الأديان السابقة كاليهودية والنصرانية، وفي الإسلام أيضا ابتلي البعض من المسلمين بالغلو، لكن رؤية الاسلام الوسطي هي الطريقة الصحيحة.
وأكد فضيلته قائلا: نعتقد أن الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كان منزها من الإفراط والتفريط. الإسلام الذي ورد ذكره في القرآن هو إسلام وسطي؛ قال تعالى: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا”. التطرف أضرّ بالإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم. ابتليت اليهودية بالغلو، ونحن ننصح اليهود وخاصة الذين وصلوا إلى الحكومة بتبني الاعتدال، وألا يفكر أحد في قتل الآخرين واضطهادهم، بل يجب على العالم كله أن يسعى إلى السلام، والإسلام الوسطي هو إسلام الصلح والسلام، قال الله تعالى: “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها”، وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم مع مشركي مكة وجميع القبائل العربية واليهود الذين كانوا يرغبون في السلام، معاهدة السلام.
وتابع خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: يرفض الدين الإسلامي الغلو. ديننا دين التسامح والتعايش السلمي، ولا مكان للإرهاب في الإسلام الوسطي. الإسلام دين التفاوض والخطاب ودين الحكمة والبصيرة. الإسلام دين يحترم كرامة الإنسان وحقوقه، ولا يجوز تجاهل حقوق السجين وانتهاك حرمته وتضييع حقوق أي إنسان في الإسلام. الإسلام الوسطي قريب من “الديموقراطية” وله الكثير من القواسم المشتركة معها.

في الإسلام الوسطي ينتخب جميع المسؤولين من قبل الشعب ولا يتمتع أي حاكم بسلطة مطلقة
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: في الإسلام الوسطي، يتم تعيين المسؤولين في أي رتبة ومنصب كانوا، من جانب الشعب. أعطى الله تعالى العباد الحق في اختيار حاكمهم ورئيس دولتهم. ورد في نهج البلاغة على لسان سيدنا علي رضي الله عنه أنه استدل في رسالة كتبها إلى معاوية رضي الله عنه على أحقية انتخابه للخلافة بأن الذين بايعوه هم الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم من المهاجرين والأنصار، وهذه المقولة لعلي تدل على أن عليا رضي الله عنه كان يعتقد بأن الحاكم ينتخب من جانب الشعب وليس من جانب الله تعالى.
وأوضح فضيلته قائلا: في الإسلام الوسطي لا توجد قدرة مطلقة للحاكم، والسلطة المطلقة لله وحده. في رؤية الإسلام الوسطي التي يؤمن بها غالبية المسلمين، فإن سلطة الحاكم تكون في إطار الكتاب والسنّة، ولا يجوز للحاكم ولو كان خليفة راشدا، أن يتعدى عن حدود الشريعة الإسلامية قيد شعرة واحدة.
وأشار فضيلته إلى بعض مناقب سيدنا علي رضي الله عنه، وتابع قائلا: سيدنا علي رضي الله عنه كان إنسانا مثاليا، وكان من تلاميذ النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقد ربّى الرسول صلى الله عليه وسلم طلابه بشكل جيد وجميل، وكان سيدنا علي رضي الله عنه نموذج التقوى وحرية التفكير والاعتدال والوسطية، وكان الخلفاء الراشدون معتدلين، وكان جميع الناس من المسلمين وغير المسلمين يعيشون بسلام تحت مظلتهم. لم يكونوا غلاة متطرفين، بل كانوا معتدلين وكل الناس عاشوا في أمن ومرضاة في ظل حكمهم. يفكر الإسلام الوسطي في الإنسانية وحقوق الجميع، وهذا هو المنهج الحكيم القويم، والغلو والتطرف بعيدان عن منهج العقلانية.

“العدل” و “الحرية” من مطالب الشعب الإيراني
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: تطبيق العدالة من أهم مطالب الشعب الإيراني كافة؛ يقول الشعب إننا نريد “العدالة”، ويقول الشعب نحن نريد “الحرية”. الحرية جيدة جدا وهي حق من حقوق الشعب. الإسلام دين حرية الفكر والتعبير. في الإسلام كل شيء حر، سوى ما يضر بالإنسان من أعمال وتصرفات، جعلها خطايا ومعاصي وذنوب، ولم يمنح الحرية فيها. لا توجد حرية مطلقة في أي ثقافة وحضارة لثقافات وحضارات العالم، بأن يكون كل شيء حرّا، والحرية إنما تكون في أعمال لا تضر بحرية الآخرين ولا تسبب مشكلات في حياة الآخرين، ولا تذهب بالمجتمع نحو توتر وصراع، وما نشاهد بعض الحكومات تقوم بالإساءة إلى الرسول الكريم والقرآن باسم “الحرية” فهو تصرف خاطئ، وهذه الحكومات إما لا تعرف معنى الحرية أو تخدع نفسها، لأن الإهانة إلى المقدسات وحتى الأشخاص يضر بالأمن. نحن لا نسمح بالإهانة إلى مقدسات أحد، والقرآن الكريم أيضا منع من سب أصنام وآلهة المشركين.
وأكد فضيلته قائلا: من حق الشعب أن يطبق فيه العدل والإنصاف. إن التمييز وغياب الحريات الدينية والسياسية يتعارض مع العدالة، وإزالة هذا التمييز هو حق للشعب. التمييز مرفوض في الإسلام الوسطي.

“ضيق الأفق” أكبر مشكلة شهدتها البلاد في الأعوام الـ 44 الماضية
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لدينا معلومات بأن في بعض المدن تم إغلاق المصليات (بيوت مستأجرة للصلاة) للإخوة المهاجرين الأفغان، في حكومة دينية وجمهورية إسلامية. لا يليق بكم إيقاف الصلاة. لقد منح القانون حرية العبادة للجميع، لماذا يتم تطبيق الآراء الذاتية؟ من هم الذين يفرضون آرائهم الذاتية ويتدخلون في تعاليم أهل السنة؟ نعتقد أن هناك بنودا في الدستور دمرت البلد، وإن البلد لن يستقيم حتى يتم تعديل هذه البنود والفقرات، لكن المسؤولين لم يطبقوا نفس هذا الدستور مع ما فيه من خلل وضعف. منح هذا الدستور الحرية، فبأي قانون توقف الحريات الدينية والفكرية؟ ليس لدينا الحق في منع اليهود والمسيحيين والزرادشتيين من ممارسة عباداتهم.
واعتبر فضيلته المنع من صلاة أهل السنة نتيجة “ضيق الأفق” وتابع قائلا: لا ضرر في الصلاة لأحد. المنع من الصلاة نتيجة قصر النظر. إن أكبر وأهم مشكلة واجهناها خلال الأعوام الـ 44 الماضية، هي “قصر النظر”. وقع الأمر بيد من أفكارهم ضيقة، ولا يملكون التسامح والتحمل، ويفرقون بين الشعب سنّة وشيعة. يجب أن يتمكن أهل السنة من الصلاة في الحدائق والشوارع، لا أن يصلوا في البيوت وخلف الأبواب المغلقة، ثم يأتي البعض ويقولون لماذا صليتم؟ بينما المطلوب تقبيل يد المصلي، لا عتابه.

الشعب طالب بتغيير الدستور مرارا
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: دوّن هذا الدستور منذ ما يقرب من نصف قرن، وقد أظهرت التجربة أن هناك مشكلات في هذا الدستور. في كل مكان في العالم تتغير القوانين بعد فترة، لكن في بلدنا لا يوجد تغيير في القانون ولا في السياسات الداخلية والخارجية، بينما كل هذه القوانين والسياسات بحاجة إلى التغيير والمراجعة، وقد طالب الشعب مرارا بهذا التغيير.
وأكد فضيلته قائلا: مطالب الشعب مطالب مشروعة، ولا مكان في الإسلام للتمييز وضيق الأفق والتطرف. هل “الاعتراف بالإكراه” و “الإعدام” من الإسلام؟ أستطيع أن أقول بجرأة أن أولئك الذين ينفذون العديد من عمليات الإعدام سيحاسبون يوم القيامة.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: لو كنا طبقنا الإسلام الوسطي لما احتج الناس أبدا، ولكان الجميع راضين، ووصلوا إلى حقوقهم، وكانت البلاد مزدهرة، وكانت الأعمال العدائية مع دول العالم تهبط إلى الحد الأدنى.

من يصدق أن الوزارات والأجهزة الأمنية تعجز عن التعامل مع قضية تسميم الطالبات؟
وفي جزء آخر من خطبته، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى استمرار التسمم المتسلسل للطالبات في المدارس، وقال: للأسف اشتد تسمم الطالبات في المدارس الحكومية، وهذه أزمة أمنية كبيرة في بلدنا. الجميع يتساءلون كيف يمكن أن تكون الحكومة بهذا العدد الكبير من الأجهزة الأمنية وعلى الرغم من وجود الكاميرات المختلفة، عاجزة عن التعرف عن اللص الذي يدخل المدارس ويسكب السم فيها ويسمم البنات اللاتي هن أفلاذ أكباد آبائهم.
وتابع فضيلته قائلا: من يصدق أنه رغم تقدمنا على دول كثيرة في مجال الأمن والاستخبارات، أن نفشل في حل هذه القضية؟ كيف يمكن للوزارات والأجهزة القوية والكبيرة المسؤولة في قطاع الأمن، ألا تتعرف على عوامل هذه التسممات؟! لا يقبل الشعب هذا ويعتقدون أن الذين يقومون بالتسمم مرتبطون بجزء من النظام حيث يهاجمون عدة مدارس في يوم واحد.
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: يجب التعرف على عوامل هذه التسممات أيا كانوا، سواء كانوا من الداخل أو الخارج؛ يجب التعرف عليهم وإيقافهم بالقوة، وهذا مطلب شعبي.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات