شهدت الأيام الأخيرة استياءً شاملا في صفوف المواطنين السنة بالبلاد، نتيجةَ صدور قرار حكومي غريبٍ، يُفيد عزل الشيخ محمد حسين كركيج، خطيب الجمعة بجامع مدينة «آزاد شهر» في محافظة كلستان (مازندران القديمة) عن منصبه وحظره عن إلقاء الخطبة وإقامة صلاة الجمعة.
جاء هذا القرار المستفزّ إثر خطبة للشيخ ألقاها خلال الأيام السابقة وحاول عن طريقها إثبات الصلة الودّية بين الخليفة الراشد سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وآل البيت سيما سيدنا الحسين بن علي (رضي الله عنهما).
وما وصلت كلمتُه إخوانَنا الشيعة إلا ساءتهم وأثارت غضبهم، إذ حسبوها إساءة ونيلا من آل البيت. ولما شاهد الشيخ كركيج الصدى غير المتوقع لكلمته، بادر بالاعتذار عن تعبيره.
لكن المستغلين للفرص والمثيرين للجدال أقاموا القيامة، مطالبين عزله عن خطبة الجمعة، غير ملتفتين إلى اعتذاره، فصدر الحكمُ بعزله عن خطبة الجمعة، الأمر الذي بعث الحيرة والقلق في أوساط السنة بالبلاد.
إن الشيخ كركيج له مواقف مشرقةٌ بشأن آل البيت، وقد بذل جهودا مخلصة في مجال تعزيز أواصر الوحدة بين أهل السنة والشيعة في البلاد، ولا يشك أحد أن الشيخ ممن رُضع بلبان حبّ أهل البيت، وأنه كأيّ سني آخر لا يُبيح الإساءة لأهل بيت النبي وذريته. فحب آل البيت وتبجيلهم والاعتراف بمناقبهم وفضائلهم ممّا يعتقد به أهل السنة جميعا.
قد استمرّ الشيخ في بيان فضائل أهل البيت، طوال السنوات التي قضاها بوصفه خطيبا للجمعة، ولم يثبت ولو مرة أنه أساء إلى أحد من ذرية الرسول – صلى الله عليه و سلم- فكيف يُتصوَّر منه الإساءة إلى مَن هو ريحانة النبى وسبطه وقرْة عينه. وهل يتجرّأ مسلمٌ يومن بالله ورسوله على الإساءة إلى سُلالة النبى – صلى الله عليه وسلم- وذريته؟! كيف والكتب الموثوق بها لدى أهل السنة حافلة بفضائل أهل البيت ومناقبهم، ولا تخلو خطبة من خطب الجمعة التي ألقاها الشيخ على المنبر عن ذكر السبطين أبى محمد الحسن وأبى عبد الله الحسين.
فهل يستحق العزل بحجة الإساءة إلى أهل البيت، من ينادي بحب آل البيت وذكر فضائلهم سرا وجهرا، ويسعى لإثبات المودة وحسن التعامل بينهم وبين الخلفاء الراشدين.
لقد أقلق هذا القرار أهل السنة بأجمعهم في البلاد، وظلّوا يطالبون المسؤولين بإعادة النظر في القضية. لا شك أن هذا العزل ممّا يزيد الفجوة بين الشيعة والسنة، ويضرُّ بالتعايش السلمي الحالي، كما يُعدّ تدخلا غير مرضي في الشؤون الدينية لأهل السنة، في وقت يعترف الدستور الإيراني بالحرية لأهل السنة في إقامة الشعائر الدينية والشؤون التعليمية.
إننا نعتقد أنّ عزل الشيخ كركيج لا يخدم صالح الحكومة ولا الشعب بمن فيه الشيعة والسنة، خصوصا في الأوضاع الراهنة التي تمرّ البلاد بأزمات اقتصادية وأمنية وتهديدات من قبل الأعداء الألداء. ومن المعلوم أن أيّ خطوة تؤدي إلى الوحدة والانسجام واحترام العلماء السنة، وإعطائهم الحرية في شؤونهم، يُعدّ من مآثر النظام، كما أن الخطوة المؤدية إلى بعث الاستياء والقلق وإثارة الشغب وزعزعة الثقة، لا يستفيد منها إلا أعداء الفريقين.
فهل من واعٍ وهل من مدكّر؟!
حسبنا الله ونعم الوكيل. وهو يقول الحق ويهدي السبيل.
(فاتحة مجلة «الصحوة الإسلامية» العدد الـ (١٥٨-١٥٧)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان.)
تعليقات