اليوم :23 April 2024

وقد آن أن نفدى الرسول صلى الله عليه وسلم بالغالي والرخيص

وقد آن أن نفدى الرسول صلى الله عليه وسلم بالغالي والرخيص

يا أمتي! وجب الكفاح، فدعي الرياء والبكاء، والتشدق والصياح، والصراخ والنياح؛ فلا ينفع اليوم الركون والجلوس والانحناء؛ لأن ألد أعداء الله سبحانه وتعالى ورسوله، من اليهود والنصارى في مؤامرة مريرة جديدة، استهدفوا حبلك الوريد، بوضع شفرتهم الحادة على عنقك، التي أكاد أجزم بأنها تقضي عليك وتنفيك عن ساحة الدير لو لم تحرك ساكنا للذب عن عرض النبي – صلى الله عليه وسلم- الغالي، فداه أبي وأمي.

قدوة للعالمين لو خبت لم نجن خيرا           يا رسول الله عذرا قومنا للصمت أسرى
لم يعد للصمت معنى قد رأيت الصمت وزرا         ملت الأسياف غمدا ترتجي الآساد ثأرا
إن حيينا بهوان كان جوف الأرض خيرا         يألم الأحرار سبّا لرسول الله ظهرا

ثلة من الحثالة العاهرة، واللقطة الفاجرة طعنوا في عرض النبي – صلى الله عليه وسلم- وأهله وأصحابه في فيلم مسيئ عنوانه «براءة المسلمين». آه ثم آه، إنهم قدموا صورة عن الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، ما يشمئز من ذكرها ورؤيتها كل عاقل سليم الفطرة والقلب.

يا الله … كيف يجترئ هولاء الأشقياء على المبادرة بمثل هذه الجريمة النكراء، وتصويره كشخص شهواني مغرم بالنساء، والتطاول على رسول المحبة والعطوفة والرحمة الذي لم يشهد العالم بمثله في الخير والصلاح والحسب والنسب والنزاهة والعفاف…؟!

يقول إمام الفكر والدعوة أبو الحسن علي الندوي –رحمه الله: “قضى رسول – صلى الله عليه وسلم- شطرا من عمره في العزوبة مدة خمسة وعشرين عاما، وهي فترة الشباب التي استوفت أفضل شروطه وصفاته، وكان مثلا للفتوة الانسانية العربية السليمة، والصحة التي كان فيها نصيب للنشأة في البادية، والبعد عن أدواء المدينة، والتحلي بأفضل صفات الفروسية والرجولة، ولم يجد أشد أعدائه له مغمزا في هذه الفترة الحاسمة الدقيقة في حياته قبل النبوة وبعد النبوة إلى هذا اليوم، فكان مثالا للطهر والعفاف والنزاهة والبراءة والعزوف عن كل ما لا يليق به.
فلما بلغ خمسا وعشرين سنة تزوج خديجة بنت خويلد، وهي أيم، قد بلغت من عمرها أربعين سنة، وقد تزوجت قبله برجلين، ولها أولاد، وبينه وبينهم من التفاوت في السن 15 سنة على القول المشهور، ثم تزوج بعدها – وقد جاوز الخمسين – سودة بنت زمعة، وقد توفي زوجها في الحبشة مسلما مهاجرا، ولم يتزوج بكرا إلاعائشة بنت أبي بكر.”
إلى أن يقول : “ولم تكن حياته معهن حياة ترف ورفاهية، وتوسع في المطاعم والمشارب وخفض العيش – وتلك غاية الزوجات في نظر كثير من الناس – بل كانت حياة زهد وتقشف، وإيثار وقناعة لا يطيقها أعاظم الرجال وكبار الزهاد في القديم والحديث، وحسب القارئ المنصف أن يقرأ قوله تعالى: «يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكنّ وأسرّحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعدّ للمحسنت منكن أجرا عظيما. [الأحزاب : 28-29]. ” [أنظر السيرة النبويه  صلى الله عليه وسلم 547-548].

والله كلما نتذكر هذا الفلم المسيئ، يفجّر ويؤجج مشاعرنا ويعكر خواطرنا، وينهضنا عن سباتنا العميق، والكبوة الناقعة التي مكثنا فيه وتقاعسنا برهة من الزمن، ففقدنا عزتنا وأبهتنا وكبريائنا، حتى سلّط الله علينا من سوء أعمالنا من لا يرحمنا ويكبح مشاعرنا بعد فينة وأخرى.

نرى كيف يكذب هؤلاء في فيلمهم المزور ويفترون بأنّ رحمة العالمين – فداه أبي وأمي – ألغى التبني ليتزوّج زينب بنت جحش التي كانت زوجة لزيد بن حارثة، وهمه جمع الثروات والأموال عن طريق فرض الجزية. وصوّروا أم المومنين خديجة رضي الله عنها التي كانت من سيدات قريش وفضليات النساء، والتي كانت أول من آمن بالله وبرسوله، وكانت بجواره –صلى الله عليه وسلم – تؤارزه وتثبته وتخفف عنه أمر الناس في قولها : «كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق» بخاري /3، صوروا هذه السيدة الطاهرة العفيفة على أنها كانت إمرأة سيئة الأخلاق تظهر أمام الرجال الأجانب؛ إلى غير ذلك من الأكاذيب والأراجيف التي يقشعر منها البدن، وترتعد منها الفرائض؛ وحقا صدق الباري تعالى عند ما قال: «قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر».

كيف للنملة ترجو أن تطال النجم قدرا       هل يعيب الطهر قذف ممّن استرضع خمرا
دولة نصفها شاذ ولقيط جاء عهرا          آه لو عرفوك حقا لاستهاموا فيك دهرا
سيرة المختار نور كيف لو يدرون سطرا       لو دروا من أنت يوما لاستزادوا منك عطرا
قطرة منك فيوض تستحق العمر شكرا         يا رسول الله نحري دون نحرك أنت أحرى

يا ترى كم قست القلوب وصدأت المشاعر وكم انهمك الناس – إلا ما شاء ربي – في الحيوانية واللاشعورية، حيث أصبحوا كالغنم الرابضة لا يهمها شيء إلا الاجترار وإجالة الرأس يمينا وشمالا، وزيادة على ذلك رفع الصوت ببعض الشعارات، فهل يبرئ ذلك عليلا ويشفي غليلا؟!

فلنتيقن إن لم ننتصر لرسولنا – صلى الله عليه وسلم- ولم نذد بسواعدنا وأقلامنا عن حياضه – صلى الله عليه وسلم- وندافع عن حرمته – صلى الله عليه وسلم- كيف ندعي محبته؟ مع أن هذا اليوم يوم يميز الله الصادق من الكاذب في حبه صلى الله عليه وسلم.

كما أننا على يقين إن قمنا أو لم نقم، فالله سبحانه وتعالى هو المتولي للدفاع عن نبيه – صلى الله عليه وسلم- فلا يهنأ بال أي كافر شاتم بالرسول – صلى الله عليه وسلم- وساخر به، لأن الله سبحانه وتعالى قال «إن شانئك هو الأبتر»، وقال أيضا: «إنا كفيناك المستهزئين».

أين أبوجهل؟! أين عتبة؟! أين كعب بن أشرف والساخرون الآخرون لرسولنا الكريم؟!

كلهم آووا إلى مزبلة التاريخ، وأخذوا نكالهم في الدنيا قبل الآخرة. أين كسرى الذي مزّق كتاب رسول الله وسخر منه؟! لقد دعا عليه النبي – صلى الله عليه وسلم- بأن يمّزق الله ملكه، فمزّق ملكه وقتل على يد إبنه أقرب الناس إليه.

وروى البخاري في صحيحه عن حديث أنس أنه قال: “كان رجلا نصرانيًا فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيًا، فكان يقول: لا يدري محمد إلا ما كتبتُ له، فأماته الله. فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له وأعمقوا في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه”. علّق العلامة شيخ الإسلام ابن تيميه –رحمه الله –على الحديث فقال: فهذا الملعون الذي قد افترى على النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه لا يدري إلا ما كتب له، قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مرارا، وهذا أمر خارج عن العادة يدل كل أحد على أنّ هذا كان عقوبة لما قاله وأنه كان كاذبا”.

والعجب كل العجب من الرئيس الأمريكي أوباما كيف يجترأ ويقول: لا بد من حرية البيان (!)، ثم استنكر فعل الثوار الأحرار الذين أدانوا هذا العمل الشنيع بغضبتهم في العالم!

أو لا يعرف هولاء السفهاء بأن للمسلمين خطوطا حمراء، لو جاوزها أي أحد يقلعون جذوره، وينفون وجوده من ساحة الأرض؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الكاتب: رشيد أحمد البلوشي (طالب بجامعة دار العلوم زاهدان)

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات