من أقبح ما في الثقافة الغربية وعقليتهم، فقدان النزاهة والعفة والحياء في منظومتهم التربوية. والغريب أنهم بهذه العقلية والثقافة ينظرون إلى الأنبياء، فنراهم لا يقيمون ﻟﻸﻧﺒﯿﺎء وزﻧﺎ، وﻻ ﯾﻌﺮﻓﻮن ﻟﮭﻢ ﻗﺪرھﻢ وﻣﻜﺎﻧﺘﮭﻢ وﻗﺪﺳﯿﺘﮭﻢ. ﻓﻘﺪ ﺗﻄﺎوﻟﻮا – ﻓﻲ أﻓﻼﻣﮭﻢ وﻣﺴﻠﺴﻼﺗﮭﻢ اﻟﺴﺎﺧﺮة – ﻋﻠﻰ ﺳﯿﺪﻧﺎ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻋﯿﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ – عليه الصلاة والسلام – وطﻌﻨﻮا ﻓﯿﮫ، وﺳﺨﺮوا ﻣﻨﮫ.. ثم أقبح من موقفهم القبيح أﻧﮭﻢ ﯾﺮﯾﺪون أن يقلدهم العالم ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﮭﻢ ﺗﺠﺎه الأﻧﺒﯿﺎء.. بحيث اﺳﺘﻐﺮب أﻗﻮام ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﻏﯿﺮة اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎم ﻧﺒﯿﮭﻢ اﻟﺬي أﺳﺎء إﻟﯿﮫ ﻓﯿﻠﻢ ﺷﺮﯾﺮ ﻓﻲ أﻣﯿﺮﻛﺎ. وﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﺳﺘﻐﺮاﺑﮭﻢ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ: ﻟﻤﺎذا ﻛﻞ ھﺬا اﻟﻐﻀﺐ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻔﯿﻠﻢ، وﻋﻠﻰ ﻣﻦ وراءه؟! إﻧﮭﻢ ﯾﺮﯾﺪون أن ﻧﻘﻠﺪھﻢ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﻤﻮد واﻟﺴﻔﮫ، ﻓﺈن أﺑﯿﻨﺎ اﺳﺘﻐﺮﺑﻮا وﺗﻌﺠﺒﻮا!! وﻛﺄن إساءتهم و«ﻗﻠﺔ أدﺑﮭﻢ» ﻣﻊ أﻧﺒﯿﺎﺋﮭﻢ ﻗﺪوة ﺣﺴﻨﺔ ﻟﻨﺎ!! ﻟﻤﺎذا ﯾﺼﺮ ﻓﺮﯾﻖ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ أن يقتدي ﺑﮭﻢ المسلمون ﻓﻲ ھﺬه العقلية السخيفة والثقافة القبيحة، ولدى الأمة الإسلامية منهج قوي أولى بالمحاكاة والتقليد؟! بينما الأمة الإسلامية – ﺑﺤﻤﺪ ﷲ – معتصم ﺑهذا المنهج، لكن يجب عليهم أن يستغلوا هذه الفرص والأحداث للتعريف بهذا المنهج.
ﻣﺎ ھﻮ ھﺬا اﻟﻤﻨﮭﺞ؟
أوﻻ – ھﻮ: أننا ﻧﺤﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﺄﻣﻮرون ﺑﺎﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ «اﻟﺼﻮرة اﻟﺠﻤﯿﻠﺔ اﻟﻮﺟﯿﮭﺔ» ﻟﻸﻧﺒﯿﺎء أﺟﻤﻌﯿﻦ، وﻣﻨﮭﯿﻮن – ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ – ﻋﻦ ﺗﻘﻠﯿﺪ أﻗﻮام ﺗﻌﺴﺎء ﺷﻮھﻮا ﺻﻮرة أﻧﺒﯿﺎﺋﮭﻢ؛ «ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﺬﯾﻦ آﻣﻨﻮا ﻻ ﺗﻜﻮﻧﻮا ﻛﺎﻟﺬﯾﻦ آذوا ﻣﻮﺳﻰ ﻓﺒﺮأه ﷲ ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮا وﻛﺎن ﻋﻨﺪ ﷲ وﺟﯿﮭﺎ».
ﺛﺎﻧﯿﺎ: أن ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻹﺳﻼم، ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ ﻓﻲ أﺟﻤﻞ ﺻﻮرة، واﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﺤﻖ ﺑﮭﻢ ﻛﻤﺎ ﯾﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﺤﻖ اﻟﻤﻮﺣﻲ ﺑﺤﺒﮭﻢ واﻻﻗﺘﺪاء ﺑﮭﻢ. وﻟﻨﺄﺧﺬ ﻣﺜﻼ ﻣﻦ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻣﻨﮭﺞ اﻹﺳﻼم ﻟﻠﻨﺒﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻋﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ ﻋﻠﯿﮫ الصلاة والسلاﻢ، واﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﮫ:
1) اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﻤﻌﺠﺰة ﻣﯿﻼد اﻟﻤﺴﯿﺢ: «ﻓﺄﺗﺖ ﺑﮫ ﻗﻮﻣﮭﺎ ﺗﺤﻤﻠﮫ ﻗﺎﻟﻮا ﯾﺎ ﻣﺮﯾﻢ ﻟﻘﺪ ﺟﺌﺖ ﺷﯿﺌﺎ ﻓﺮﯾﺎ. ﯾﺎ أﺧﺖ ھﺎرون ﻣﺎ ﻛﺎن أﺑﻮك اﻣﺮأ ﺳﻮء وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻣﻚ ﺑﻐﯿﺎ. ﻓﺄﺷﺎرت إﻟﯿﮫ ﻗﺎﻟﻮا ﻛﯿﻒ ﻧﻜﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻤﮭﺪ ﺻﺒﯿﺎ.ﻗﺎل إﻧﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ آﺗﺎﻧﻲ اﻟﻜﺘﺎب وﺟﻌﻠﻨﻲ ﻧﺒﯿﺎ. وﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﺒﺎرﻛﺎ أﯾﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ وأوﺻﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺼﻼة واﻟﺰﻛﺎة ﻣﺎ دﻣﺖﺣﯿﺎ. وﺑﺮا ﺑﻮاﻟﺪﺗﻲ وﻟﻢ ﯾﺠﻌﻠﻨﻲ ﺟﺒﺎرا ﺷﻘﯿﺎ».
2) اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺸﺨﺼﯿﺘﮫ اﻟﺠﻤﯿﻠﺔ اﻟﻮﺟﯿﮭﺔ: «إذ ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﯾﺎ ﻣﺮﯾﻢ إن اﷲ ﯾﺒﺸﺮك ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻣﻨﮫ اﺳﻤﮫ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻋﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ وﺟﯿﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة وﻣﻦ اﻟﻤﻘﺮﺑﯿﻦ».
3) اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺈﻋﺠﺎز ﻧﺒﻮﺗﮫ: «إذ ﻗﺎل ﷲ ﯾﺎ ﻋﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ اذﻛﺮ ﻧﻌﻤﺘﻲ ﻋﻠﯿﻚ وﻋﻠﻰ واﻟﺪﺗﻚ إذ أﯾﺪﺗﻚ ﺑﺮوح اﻟﻘﺪس ﺗﻜﻠﻢ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﻤﮭﺪ وﻛﮭﻼ وإذ ﻋﻠﻤﺘﻚ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺘﻮراة واﻹﻧﺠﯿﻞ وإذ ﺗﺨﻠﻖ ﻣﻦ اﻟﻄﯿﻦ ﻛﮭﯿﺌﺔ اﻟﻄﯿﺮ ﺑﺈذﻧﻲ ﻓﺘﻨﻔﺦ ﻓﯿﮭﺎ ﻓﺘﻜﻮن طﯿﺮا ﺑﺈذﻧﻲ وﺗﺒﺮئ اﻷﻛﻤﮫ واﻷﺑﺮص ﺑﺈذﻧﻲ وإذ ﺗﺨﺮج اﻟﻤﻮﺗﻰ ﺑﺈذﻧﻲ».
4) اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺎﻹﻧﺠﯿﻞ اﻟﺬي أﻧﺰل ﻋﻠﯿﮫ: «وﻗﻔﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ آﺛﺎرھﻢ ﺑﻌﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ ﻣﺼﺪﻗﺎ ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﻮراة وآﺗﯿﻨﺎه اﻹﻧﺠﯿﻞ ﻓﯿﮫ ھﺪى وﻧﻮر وﻣﺼﺪﻗﺎ ﻟﻤﺎ ﺑﯿﻦ ﯾﺪﯾﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﻮراة وھﺪى وﻣﻮﻋﻈﺔ ﻟﻠﻤﺘﻘﯿﻦ».
5) اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﻤﻨﮭﺠﮫ ودﻋﻮﺗﮫ، إذ ھﻮ ﻣﻨﮭﺞ ﯾﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺗﻮﺣﯿﺪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ: «ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﮭﻢ إﻻ ﻣﺎ أﻣﺮﺗﻨﻲ ﺑﮫ أن اﻋﺒﺪوا ﷲ رﺑﻲ ورﺑﻜﻢ» وھﻮ ﻣﻨﮭﺞ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺤﻜﻤﺔ، وﯾﺒﺼﺮھﻢ ﺑﻤﻌﺎﯾﯿﺮ رﻓﻊ اﻟﺨﻼف: «وﻟﻤﺎ ﺟﺎء ﻋﯿﺴﻰ ﺑﺎﻟﺒﯿﻨﺎت ﻗﺎل ﻗﺪ ﺟﺌﺘﻜﻢ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ وﻷﺑﯿﻦ ﻟﻜﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﺬي ﺗﺨﺘﻠﻔﻮن ﻓﯿﮫ».
ﺛﺎﻧﯿﺎ: ﻓﻲ ھﺪي اﻟﻘﺮآن: ﻧﮭﺾ ﻧﺒﻲ اﻹﺳﻼم – ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳﻠﻢ – ﺑﺘﻘﺪﯾﻢ أﺧﯿﮫ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻋﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ – ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ – ﻓﻲ اﻟﺼﻮر اﻟﺠﻤﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﻓﻘﺎل:
أ) «ﺑﯿﻨﻤﺎ أﻧﺎ ﻧﺎﺋﻢ أطﻮف ﺑﺎﻟﻜﻌﺒﺔ ﻓﺈذا رﺟﻞ آدم ﺳﺒﻂ اﻟﺸﻌﺮ ﯾﮭﺎدى ﺑﯿﻦ رﺟﻠﯿﻦ ﯾﻨﻄﻒ رأﺳﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء ﻓﻘﻠﺖ: ﻣﻦ ھﺬا؟ ﻗﺎﻟﻮا: ھﺬا اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ».
ب) ﻧﻌﺖ ﻧﺒﯿﻨﺎ أﺧﺎه اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻓﻘﺎل: «رﺑﻌﺔ أﺣﻤﺮ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﺧﺮج ﻣﻦ دﯾﻤﺎس»، أي ﺣﻤﺎم: ﻛﻨﺎﯾﺔ ﻋﻦ اﻹﺷﺮاق واﻟﻨﻘﺎء واﻟﻮﺿﺎءة.
ج) وﻗﺎل: «أﻧﺎ أوﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة. واﻷﻧﺒﯿﺎء إﺧﻮة ﻟﻌﻼت أﻣﮭﺎﺗﮭﻢ ﺷﺘﻰ ودﯾﻨﮭﻢ واﺣﺪ».
ﺛﺎﻟﺜﺎ: ﺑﯿﻦ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﻤﺤﻤﺪ واﻹﯾﻤﺎن ﺑﻌﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ. ﻗﺎل ﻧﺒﻲ اﻹﺳﻼم: «ﻣﻦ ﺷﮭﺪ أن ﻻ إﻟﮫ إﻻ ﷲ وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﯾﻚ ﻟﮫ، وأن ﻣﺤﻤﺪا ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﮫ، وأن ﻋﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ ﻋﺒﺪ ﷲ ورﺳﻮﻟﮫ وﻛﻠﻤﺘﮫ أﻟﻘﺎھﺎ إﻟﻰ ﻣﺮﯾﻢ وروح ﻣﻨﮫ، واﻟﺠﻨﺔ ﺣﻖ، واﻟﻨﺎر ﺣﻖ، أدﺧﻠﮫ ﷲ اﻟﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ». ﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻨﻮوي – وھﻮ أﺣﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻹﺳﻼم اﻟﻜﺒﺎر – ﻓﻲ ﺷﺮح ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ: «ھﺬا ﺣﺪﯾﺚ ﻋﻈﯿﻢ اﻟﻤﻮﻗﻊ وھﻮ ﻣﻦ أﺟﻤﻊ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ».
وﻓﻲ ﺳﯿﺎق ﻣﻨﮭﺞ اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﻨﺒﻲ ﷲ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻋﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ ﺗﻮﻟﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ اﻟﻤﻨﺼﻒ اﻟﺸﺮﯾﻒ ﺑﺄﻣﮫ اﻟﺒﺘﻮل اﻟﻄﺎھﺮة، ﻣﺮﯾﻢ اﺑﻨﺔ ﻋﻤﺮان، ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ ھﺬه اﻟﻤﺮأة اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ اﻟﻘﺪر ﻟﻤﻄﺎﻋﻦ ﺷﻨﯿﻌﺔ ﻣﻦ ﻏﻼة اﻟﯿﮭﻮد اﻟﺬي ﻻ ﯾﻄﯿﻘﻮن ﺳﯿﺮة اﻷطﮭﺎر ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء واﻟﺮﺟﺎل ﻓﯿﻌﻤﺪون إﻟﻰ ﺗﺸﻮﯾﮭﮭﺎ واﻹﺳﺎءة إﻟﯿﮭﺎ ﺑﺸﺘﻰ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ: اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻟﺤﺪﯾﺜﺔ!
ﻧﻘﺮأ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن الكريم:
أ) أن ﻣﺮﯾﻢ اﺑﻨﺔ ﻋﻤﺮان ھﻲ اﻟﻤﺤﻔﻮظﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن: «وإﻧﻲ ﺳﻤﯿﺘﮭﺎ ﻣﺮﯾﻢ وإﻧﻲ أﻋﯿﺬھﺎ ﺑﻚ وذرﯾﺘﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﯿﻄﺎن اﻟﺮﺟﯿﻢ».
ب) وھﻲ اﻟﻤﻜﺮﻣﺔ ﺑﻜﺮاﻣﺔ ﷲ ﻟﮭﺎ وﺑﺨﻮارق اﻟﻌﺎدات: «ﻛﻠﻤﺎ دﺧﻞ ﻋﻠﯿﮭﺎ زﻛﺮﯾﺎ اﻟﻤﺤﺮاب وﺟﺪ ﻋﻨﺪھﺎ رزقا ﻗﺎل ﯾﺎ ﻣﺮﯾﻢ أﻧﻰ ﻟﻚ ھﺬا ﻗﺎﻟﺖ ھﻮ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﷲ إن ﷲ ﯾﺮزق ﻣﻦ ﯾﺸﺎء ﺑﻐﯿﺮ ﺣﺴﺎب».
ج) وھﻲ اﻟﻤﻄﮭﺮة اﻟﻤﺼﻄﻔﺎة ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ: «وإذ ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﯾﺎ ﻣﺮﯾﻢ إن ﷲ اﺻﻄﻔﺎك وطﮭﺮك واﺻﻄﻔﺎك ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ».
د) وھﻲ اﻟﻘﺎﻧﺘﺔ اﻟﺴﺎﺟﺪة اﻟﺮاﻛﻌﺔ: «ﯾﺎ ﻣﺮﯾﻢ اﻗﻨﺘﻲ ﻟﺮﺑﻚ واﺳﺠﺪي وارﻛﻌﻲ ﻣﻊ اﻟﺮاﻛﻌﯿﻦ».
ھـ) وھﻲ اﻟﻤﺒﺸﺮة ﺑﺎﻟﻤﻮﻟﻮد اﻟﻌﻈﯿﻢ: «وإذ ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﯾﺎ ﻣﺮﯾﻢ إن ﷲ ﯾﺒﺸﺮك ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻣﻨﮫ اﺳﻤﮫ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻋﯿﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﯾﻢ وﺟﯿﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ واﻵﺧﺮة وﻣﻦ اﻟﻤﻘﺮﺑﯿﻦ».
و) وھﻲ اﻟﻤﺮﻓﻮع ذﻛﺮھﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن: «واذﻛﺮ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺮﯾﻢ إذا اﻧﺘﺒﺬت ﻣﻦ أھﻠﮭﺎ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﺷﺮﻗﯿﺎ».
ز) وھﻲ آﯾﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ: «وﺟﻌﻠﻨﺎھﺎ واﺑﻨﮭﺎ آﯾﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ».
ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﺑﺮھﺎن ﻣﺒﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﻛﯿﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻷﺧﻼﻗﯿﺔ ﺗﺠﺎه أﻧﺒﯿﺎء اﷲ ﺟﻤﯿﻌﺎ، وﻟﯿﺲ ﺗﺠﺎه ﻧﺒﯿﮭﻢ ﻣﺤﻤﺪ – ﻓﺤﺴﺐ – ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌﺎ وﺳﻠﻢ.
وﻟﯿﺲ ﺑﺼﺤﯿﺢ – ﻻ ﻋﺪﻻ وﻻ ﻋﻘﻼ – أن ﯾﺪاﻓﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻣﺎت اﻷﻧﺒﯿﺎء ﺟﻤﯿﻌﺎ، وﻻ ﯾﺪاﻓﻌﻮا ﻋﻦ ﻣﻘﺎم ﻧﺒﯿﮭﻢ، ذﻟﻚ أن ﻗﺒﻮل اﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﻧﺒﻲ واﺣﺪ ﯾﻌﻨﻲ ﻗﺒﻮل اﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﺟﻤﯿﻌﺎ، وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺘﻔﺮﯾﻖ ﺑﯿﻦ ﻧﺒﻲ وآﺧﺮ، ﻓﻲ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﮫ واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﮫ. ﻓﻘﺪ ﻧﺼﺖ ﺧﻮاﺗﯿﻢ ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﻔﺮﯾﻖ: «ﻻ ﻧﻔﺮق ﺑﯿﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ رﺳﻠﮫ».
أﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ اﻟﺬي ﺟﺎء بدين ﯾﻘﺪم اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺼﺪﯾﻘﯿﻦ ﻓﻲ اﻷﻣﻢ ﻛﻠﮭﺎ ﻓﻲ أﺟﻤﻞ ﺻﻮرة؟ أﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺣﻖ ھﺬا اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻄﯿﺐ اﻟﺼﺎدق اﻷﻣﯿﻦ، ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻛﻠﮭﺎ أن ﺗﻘﺪره، وﺗﻌﺮف ﻟﮫ ﺣﻘﻮﻗﮫ، وإن ﻟﻢ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﮫ؟
وھﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﺪل واﻟﻌﻘﻞ واﻟﻀﻤﯿﺮ، اﻹﺳﺎءة إﻟﻰ ﻧﺒﻲ ﺟﺎء ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻷﻧﺒﯿﺎء ﺟﻤﯿﻌﺎ، وﺗﻌالى ﻗﺪرھﻢ، وﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﺣﺮﻣﺎﺗﮭﻢ وﻣﻘﺎﻣﺎﺗﮭﻢ؟
ﺣﻘﺎ! إن اﻹﺳﺎءة إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ إﻧﻤﺎ ھﻲ إﺳﺎءة إﻟﻰ اﻷﻧﺒﯿﺎء ﺟﻤﯿﻌﺎ. وإذ ﻧﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﺒﯿﻨﺎ، ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻧﺪاﻓﻊ – ﻓﻲ ذات اﻟﻮﻗﺖ وﻟﺬات اﻟﺴﺒﺐ – ﻋﻦ أﻧﺒﯿﺎء ﷲ ﻛﻠﮭﻢ ﺑﻼ اﺳﺘﺜﻨﺎء. وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺧﺎﺗﻢ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﯿﻦ، ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وآﻟﮫ وﺳﻠﻢ.
اليوم :19 April 2024
تعليقات