اليوم :2 December 2024

تاريخنا الإسلامي

تاريخنا الإسلامي

“مَن هم أمجاد العرب أو إيران من غير الاسلام؟” لو طُرح هذا السؤال على واحد من ذوي العقول المستقيمة من هذين الشعبين، تجيء الأجوبة متفقة على أنّ الاسلام استحثّ العرب الذين كانوا “لا شيء” وألّف بين قلوبهم، وأعزّهم، ووحّدهم، وأنّ الإسلام هو الذي فتح أبواب العلم على شعوب إيران بعد أن كان حِكراً على طبقة منهم، فظهر فيهم عباقرة ونوابغ، وأن الاسلام هو المكوّن الأساسي في حقبة ازدهار الشعوب الإسلامية كلّها، وهو الجزء الأساسي من أمجادهم.
طبعا؛ إذا كان يتفق الجميع على أن الإسلام هو الجزء الأساسي لمجدهم، فلماذا إذن هذه الهتافات والشعارات والنعرات المستمرة في وسائل الإعلام لإسقاط هذا المكون الذي هو أساسي في حضارة المسلمين؟!
الغريب أنّ النباحين ضد الإسلام وشرعه المبين من العرب وغيرهم، لا يترددون في التباهي بتاريخهم قبل الإسلام عندما كانوا “وثنيين” أو كانوا “مجوسا”، أو كانوا “قبليين” لا يحملون للعالم رسالة ولا للأمم دعوة، لكن عندما يصل الأمر إلى الإسلام، يتوقّف التباهي، ويبدأ تشويه هذا الدين وتاريخه، وما صنعه من مجد وحضارة للأمم والعالم!
أثناء قراءة ذكريات أحد كبار العلماء من دولة غربية وزيارته لمتاحف أثرية، خطر ببالي هذا السؤال: “كم ترتبط هذه الدول والشعوب بماضيها بعلاقة وثيقة؟”، ففي لندن حتى لسجون التعذيب في القرون الوسطى متاحفٌ، رغم أنهم كانوا في ذاك الزمن “متوحشين”، لكنهم لم ينكروا تاريخهم الوحشي فحسب، بل أحيوه بالمتاحف!!
من حقّنا أن نتساءل أيضا “لماذا يسعى وكلاء الغرب وعملائهم أن ينسى الشعوب الإسلامية تاريخهم ويهجروه أو ينكروه!”
يبدو أنّ المطلوب من المسلمين ماضيا وحاضرا ومستقبلا أن يتخلّوا عن هذا الدين، فلا نشعر لهؤلاء مشكلة مع مجوسية الفرس، ولا مع قَبلية الترك، ولا مع بداوة العرب وجاهليتهم، بل لديهم مشكلة كبيرة مع إسلام هذه الشعوب وتاريخهم الإسلامي!!!
فهناك من يُنكر أن يكون خلفاء راشدون حكموا فعدلوا، وهناك من يتنكر على جميع السلاطين والملوك المسلمين عبر القرون، ويجعلهم في مربع واحد، وهو مربع الظلم والبغي والطغيان؛ وهناك من اختصر تاريخنا في الملوك والسلاطين، وهناك من لا يرى في تاريخنا إلا نقاط سوداء وسلبيات.
على أي حال؛ إنّ التاريخ هو الأرض التي ينبت فيها المستقبل، وإنّ تاريخنا المجرّد عن الإسلام لن ينبت عليه إلا الشوك والأعشاب الضارّة، وإنّ أي أمة لم تتصالح مع تاريخها، ستكون عاجزة عن بناء أي مستقبل لها.
والشعوب الإسلامية من الفرس والترك والعرب، لن يقيموا حضارة ولا مجدا من جديد إلا أن يتصالحوا مع تاريخهم، ويُحاربوا هذا التنكّر البغيض لتاريخهم الإسلامي.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات