إن مساعي الرسول الكريم في تربية وتزكية تلاميذه ومن صدق دعوته وآمن برسالته من تلك الأمة الأمية في جزيرة العرب، لكانت من أنجح المساعي والجهود لأستاذ في تخريج طائفة من البشر بلغوا في كل مكرمة أخلاقية وصفات حميدة ذروتها.
لقد تعلموا الصدق من رسول الله فكانوا أسوة للصادقين في أعمالهم واقوالهم من بعدهم، تعلموا الإخلاص من سيد المخلصين فكانوا مخلصين يتحير العالم تجاه إخلاصهم، تعلموا الإيثار فصاروا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، تعلموا الأمانة من الرسول الأمين، فأصبحوا أول من حملوا أعظم أمانة إلهية من أقصى المعمورة إلى أقصاها، وهكذا لم يترك أصحاب محمد صفة حميدة أو خلة من خلال الكرم والسمو والرفعة إلا وقد أتقنوا تعلمها والعمل بمقتضاها في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم.
صفة الإخلاص تبرز وتظهرأكثر من بين الصفات التي تحلى بها الصحابة عند الرسول الكريم، وهي لاشك من الصفات التي بها تكتكل عدالة كل صحابي من هذه الطائفة المختارة من الأمة ليكونوا جيلا مؤهلا صالحا لحمل رسالة الإسلام وتعاليم الرسول إلى الأجيال القادمين من بعدهم. أما إخلاص الصحابة فلا تكاد تحصى نماذجه حيث ملأت كتب السير والتواريخ وتراجم الرجال من ذكرها؛ أرى من اللزام ذكر بعضها فإنها حياة للقلوب, ومدد للأرواح، ومعالم في طريق اليقين.
إخلاص أبي بكر رضي الله تعالى عنه
قال الله تعالى “وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ” [الزمر:33]، قال علي بن أبي طالب: الذي جاء بالصدق: هو رسول الله، والذي أخلص في تصديقه هو أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه. وانظروا إلى أروع الأمثلة التي ضربها لنا أبو بكر في إخلاصه لله تعالى، فلما توفي رسول الله -بأبي هو وأمي- أرعب القوم، بل فُشِّلوا جميعاً، ثم جاء عمر بن الخطاب فأشهر سيفه وهو يقول: لو قال قائل: إن محمداً قد مات لأعلونه بالسيف، وهو يتململ تململ السليم، وهو يقول: ما مات محمد أبداً، بل ذهب إلى ربه وسيرجع ليقطع أرجل وأيدي المنافقين، فجاء أبو بكر ليعلو بكلمته ويظهر إخلاصه لله، فمنهجه: لا نرتبط بأحد أبداً حتى ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نرتبط بأحد أبداً إلا بالله جل في علاه، فقلوبنا متوجهة توجهاً واحداً إلى الله، فالممدوح بحق من مدحه الله، والمذموم بحق من ذمه الله، والثواب عند الله، والعقاب عند الله. ويدخل أبو بكر على رسول الله وهو مسجى ثم يقبل بين عينيه ويقول: طبت حياً وميتاً بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ثم يخرج على عمر فيقول: اسكت، ولا يسكت عمر ، فقال: أيها الناس! من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت. وهذا أروع ما يكون من الإخلاص تمثل في فعل أبي بكر رضي الله تعالى عنه.
إخلاص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أكسبه الشهادة
أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه, عمر الخليفة الزاهد الصادق المخلص، الذي يقف على المنبر وفي برده أربع عشرة رقعة, وهو يملك ذهب الأمة وفضتها وكنوزها, ويبقى جائعاً ليطلب الثواب والأجر من الله.
عمر الذي يقول: “يا ليتني كنت شجرة تعضد! يا ليت أمي لم تلدني! ط.
وقد سأل الله تعالى الشهادة في آخر حجة حجها, فإنه لما حج رفع يديه عند الجمرات، وقال دعاءً حاراً صادقاً فيه، طالباً من الله الشهادة، قال:” اللهم إنها ضاعت رعيتي, ورق عظمي, ودنا أجلي, فاقبضني إليك غير مفرط ولا مفتون, اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، وموتة في بلد رسولك. فقال الصحابة: يا أمير المؤمنين! إن من يطلب الشهادة يخرج إلى الثغور, قال: هكذا سألت! وأسأل الله أن يلبي لي ما سألت”.
وعاد إلى المدينة صادقاً مخلصاً, وعلم الله صدقه وإخلاصه, ففي أول ليلة إذا به يرى في المنام رؤيا مبشرة، رأى في منامه كما قال أهل العلم: ديكاً ينقره ثلاث نقرات, فسأل في الصباح أسماء بنت عميس الحثعمية, فقالت: يا أمير المؤمنين! استودع الله في نفسك الذي لا تضيع ودائعه, إنني أرى أنك تقتل بيد رجل من العجم.
فأتى عمر في آخر جمعة يخطب, فما كان إلا البكاء على المنبر, يستودع الناس ويستبرئهم, ويطلب المسامحة والعفو, ويطلب منهم أن يتجاوزوا عما أخطأ, ولم يكن منه إلا الجميل.
وفي صباح يوم السبت يأتي الصدق لأهل الصدق, والإخلاص لأهل الإخلاص؛ لأنه سأل الشهادة مخلصاً منيباً صادقاً مع الله, فيصلي الفجر ويقرأ سورة يوسف, ويركع أمير المؤمنين, وتمتد يد آثمة, ما سجد صاحبها لله سجدة, يد بغيضة ما ركع صاحبها لله ركعة, لتمزق الأديم الطاهر المجاهد العابد الزاهد.
فيهوي في المحراب، وما أحسن الشهادة! وما أحسن الشهيد! وما أحسن البقعة! وما أحسن الصلاة! ويُرفع رضي الله عنه, وجذوة الصدق والإخلاص حية في قلبه, يرفعه الناس على أكتافهم, ودماؤه تسيل على أكتاف الرجال, ويذهب به إلى بيته, فيوضع في البيت, ويوضع تحت رأسه مخدة, فيقول للناس: أزيلوها عن رأسي, وضعوا رأسي على التراب, علّ الله أن يرحمني.
ودخل أمير المؤمنين سيف الله المنتضى أبو الحسن علي بن أبي طالب , فقال: يا أمير المؤمنين! هنيئاً لك! والله لطالما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {جئت أنا وأبو بكر وعمر ..! ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ..! وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ..! } فأسأل الله أن يحشرك مع صاحبيك, فدمعت عينا عمر , وقال: “ليتني نجوت كفافاً لا لي ولا عليَّ “.
عبد الله بن جحش وسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهما يبايعان الله
في معركة أحد الصادقة للصادقين, معركة أحد التي قدمها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قصيدة في جبين الزمن, ونجماً في سماء التاريخ, وقف الصحابة قبل ذاك وهم صفوف, صفوا للمعركة كما صفوا للصلاة.
وقبل المعركة قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لـعبد الله بن جحش : [[تعال نبايع الله هذا اليوم ]]. قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [التوبة:111] لا أصدق من الله, ولا أوفى من الله, ولا أحق بالوفاء من الله, فهل تريدون الثواب من غير الله؟ قال سعد : يا عبد الله تعال نبايع الله هذا اليوم, فانزويا وراء أكمة, فرفع سعد يده وقال: اللهم انصرنا في هذا اليوم, اللهم أعل كلمتك, اللهم أيد دعوتك, فلما انتهى من الكلام.. تقدم عبد الله جحش .. أول أمير في الإسلام، الصابر على الجوع والعطش كما سماه صلى الله عليه وسلم,فيتقدم ويرفع يديه لا يريد إلا إرضاء الله والجنة, لا يريد إلا تلك الرياض, ملّ من الدنيا, فارق الأحباب والأوطان, سافر إلى الحي القيوم.. فرفع يديه وقال: اللهم إني أسألك صادقاً مخلصاً هذا اليوم أن تواجه بيني وبين عدو لك من الكفار شديد حرده, قوي بأسه, فيقتلني فيك, فيبقر بطني, ويجدع أنفي, ويفقأ عيني, ويقطع أذني, فألقاك بهذه الصورة, فتقول لي: يا عبد الله لِمَ فُعِل بك هذا؟ فأقول: فيك يا رب! قال سعد بن أبي وقاص : فوالذي نفسي بيده لقد أتيته في آخر المعركة, وإنه لمقتول بين القتلى, مبقور بطنه, مجدوع أنفه, مفقوءة عيناه, مقطوعة أذناه, فقلت: أسأل الله أن يكمل له سؤاله. هذا هو الصدق، ويوم صدقوا مع الله أثابهم الله بالصدق, ولبى لهم ما سألوا.
أعرابي يصدق مع الله
يأتي أعرابي فيقول: يا رسول الله! فيقول صلى الله عليه وسلم: نعم. قال: أبايعك على لا إله إلا الله وأنك رسول الله, فيبايعه صلى الله عليه وسلم, وتأتي الرسول صلى الله عليه وسلم غنائم, فيعطي هذا الأعرابي منها, فيقول: يا رسول الله! ما على هذا بايعتك, قال: على ماذا بايعتني؟ قال: بايعتك على أن يأتيني سهم من عدو كافر, فيقع هنا ويخرج من هنا, فتدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم -لأنه أحس صدق هذا الأعرابي ووضوحه وإخلاصه- فقال له: إن تصدق الله يصدقك. وما أن انتهت المعركة إلا ويأتي سهم طائش, فيقع في لبة هذا الأعرابي ويخرج من قفاه, فيراه صلى الله عليه وسلم مقتولاً, فيمسح التراب من وجهه ويقول: “صدقت الله فصدقك الله”. إنه الصدق..! إنه الإخلاص..!
إخلاص عبد الله بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه
قصة عبد الله بن عمرو الأنصاري , الذي أنزل الله فيه وفي إخوانه قوله تبارك وتعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:169-171]. نموذج آخر من أخلاص الصحابة وصدق نيتهم، فقد أتى عبد الله بن عمرو فصلَّى صلاة الليل قبل معركة أحد بليلة, قام فتهجد ورفع يديه يوم أن كان السلف الصالح يتهجدون, ويوم أن كانوا يناجون الله في الثلث الأخير في الساعات الحبيبة القريبة من الحي القيوم, وينزل نزولاً يليق بجلاله إلى سماء الدنيا, فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داعٍ فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ فقام هذا الصحابي في هذه الساعة ودعا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يوفقه للشهادة، فعلم الله صدقه وإخلاصه, ثم في الصباح قال لابنه جابر : يا بني! إني رأيت في المنام كأني مقتول غداً في المعركة, فعليك بأخواتك، وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. وذهب إلى المعركة، واغتسل وتحنط وتكفن, ووقف في الصف صادقاً منيباً مخلصاً مع الله عز وجل.
وفي آخر المعركة أتى ابنه جابر فإذا أبوه مقطع أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتأتي أخته, فتبكي وتقول: {يا رسول الله! أهو في الجنة فأصبر وأحتسب، أم هو في غير ذلك؟ قال: أهبلت؟ أجننت؟ إنها لجنان كثيرة, وإن عبد الله في الفردوس الأعلى }.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا جابر ! أتدري ماذا فعل الله بأبيك وإخوانه من الشهداء؟ قال: قلت لا أدري يا رسول الله! قال: والذي نفسي بيده لقد كلمهم كفاحاً بلا ترجمان، قال: تمنوا عليّ, قالوا: نتمنى أن تعيدنا إلى الدنيا, فنقتل فيك ثانية. فقال: إني كتبت على نفسي أنهم إليها لا يرجعون فتمنوا. قالوا: نتمنى أن ترضى عنا, فإنا قد رضينا عنك. قال: فإني قد أحللت عليكم رضائي فلا أسخط عليكم أبداً. فجعل الله أرواحهم في حواصل طير خضر, تَرِدُ الجنة, وتشرب من ماء الجنة, وتأكل من ثمار الجنة, وتأوي إلى قناديل معلقة بالسماء أو بالعرش حتى يرث الله الأرض ومن عليها}. قال ابن كثير رحمه الله: إسناد هذا الحديث حسن.
فقد صدق رضي الله عنه وأحسن, ولما صدق هؤلاء مع الله وفقهم الله.
أنس بن النضر رضي الله عنه يجد ريح الجنة
يأتي أنس بن النضر رضي الله عنه وأرضاه يوم أحد , فيخترق الصفوف كالسهم ماضياً إلى عاقبته المحمودة، وإلى الشهادة المطلوبة, فيرزقه الله الشهادة, بعد أن قال له سعد بن معاذ : يا أنس بن النضر! أبق على نفسك. قال: إليك عني يا سعد , والله إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ” فيرزقه الله الشهادة, قال أنس بن مالك :”والله ما عرفته إلا أخته ببنانه, ولقد رأينا فيه أكثر من سبعين ضربة، ما بين ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم “.
صور من إخلاص خالد بن الوليد رضي الله عنه
وهذا خالد بن الوليد الذي قال له بعض ملك الأعاجم: من أنت؟ أأنزل الله لك سيفاً من السماء تقاتل به فلا تهزم أبداً؟ هو خالد الذي أخبت لربه وأظهر الله إخلاصه وسريرته النقية، فقد جعل الله عز وجل النصر للمسلمين والعز لأهل الإسلام كلهم، وذلك بيد هذا الرجل سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، وهناك أروع الأمثال التي ضربها لنا إخلاصاً لله، فـخالد بن الوليد كان أمير الجيوش في معركة زلزلت الروم: معركة اليرموك، فقد كان هو أمير الجيوش بأسرها، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يكلم أبا بكر كثيراً أن يعزل خالداً بن الوليد ، فلما مات أبو بكر وهم في معمعة المعركة بعث عمر بن الخطاب لـخالد بن الوليد ، فلما تلقى خالد الكتاب نزل على رأي عمر ، حتى إنه قال: إنه يرى ما يرى، فهو يرى الأصلح، ثم بعد ذلك خلع إشارة الإمارة وأصبح جندياً في سبيل الله يعمل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (رُب فارس آخذ بعنان فرسه، إن كان في المقدمة كان في المقدمة، وإن كان في المؤخرة كان في المؤخرة، وإن كان في الساقة كان في الساقة)، أي: إن كان أميراً كان أميراً لله، وإن كان جندياً كان جندياً لله، ما دام العمل لله جل في علاه. وانظروا للمكافئة من الرب الجليل، فـخالد بن الوليد بعد أن أصبح جندياً تحت إمرة أبي عبيدة بن الجراح في غزوة قنسرين أبلى بلاءً حسناً، فأمره أبو عبيدة عليها، فبعث لـعمر وقال: أمرت خالداً ، فبكى عمر وقال: والله! إن خالداً يؤمر نفسه، رحم الله أبا بكر كان أعرف بالرجال مني.
صور من إخلاص أبي عبيدة رضي الله عنه
وأروع من ذلك إخلاصاً أبو عبيدة ؛ لأنه لما جاء الكتاب المذكور من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كانوا في معمعة المعركة والرأية قد رفعت والأمير هو خالد، وجاء الكتاب إلى أبي عبيدة بن الجراح يقول: أنت الأمير، و خالد ينزل من الإمارة، فأخفى الكتاب حتى كتب الله النصر لهذه الأمة؛ ولقوة الإخلاص لم يقل: أنا الأمير، ولا بد أن أزيحه من مكانه، وأكون أنا المترئس، أكون أنا الأمير، فالعمل كان لله، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، فمثل هؤلاء يليقون بأن يكونوا قدوة لنا، وأسوة، يجب أن أن نتأسى بهم كي نرتفع كما ارتفعوا.
ممتاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااز