إن محافظة بلوشستان بإنضمام سيستان إليها من أوسع محافظات إيرا ن . وهي تتمتع بنسيج شعبي متنوع وثقافة أصيلة وحضارة عريقة . تقع هذه المحافظة من الناحية الجغرافية بجوار حدود أفغانستان وباكستان ، إن هذا الموقع الجغرافي الخاص بها إسترعى إنتباه الدبلوماسيين المحليين والأجنبيين إلى هذه المنطقة . تتواجد قبائل البلوش في هذه المناطق قديما وهي تشكل غالبية سكانها حديثا. وإنضاف إليها في هذه السنوات الأخيرة بعض الوافدين من سائر مدن إيران الذين يغلب عليهم مذهب التشيع وبذلك تنقسم سكنة بلوشستان إلى أقلية شيعية وهم الوافدون من مدن إيران الأخرى وأكثرية سنية وهم قبائل البلوش وسكان بلوشستان الأصليين الذين تعد الغيرة والشهامة والضيافة والسخاء من خصائصهم البارزة. بل أبرز سماتهم هي الإلتزام الكامل بالمسائل المذهبية والدينية حيث لايتنازلون في أمور دينهم ومذهبهم قيد أنملة ولا يقبلون تسامحا في عقائدهم الضرورية ولا تراجعا.
فهذه الأمور الأساسية والحساسة من النسيج القومي المتنوع والمشاعر المذهبية المجاورة بدولتين واسعتين وغيره من الأمور تثقل كواهل الذين يتولون مناصب عليا في هذه المحافظة. مع الأسف إن الأوضاع السياسية والمعيشية والإجتماعية السيئة والصعبة لأهل هذه المحافظة تدل على محرومية أهلها وإستهدافها المستدام لأنواع من التمييزات. وإن البعد الشاسع بينها وبين العاصمة تسببت في أن يستخدم أناس نزعاتهم الفردية والقومية والمذهبية بحق هذا الشعب. وبعد إنتصار الثورة فضلا على عدم تغير الوضع السائد قديما بل كان بين الرؤساء وأصحاب المناصب الرئيسة في هذه المنطقة من أغمز عينيه عن كل الحقوق و الحقائق. و دون أي توجه إلي النسيج القومي الموجود في المحافظة لم يرفعوا خطوة إيجابية نحو التقارب المفيد بين مختلف الجهات والطوائف فحسب. بل بإتخاذ سياسات خاطئة ناشئة من نزعاتهم القومية والمذهبية أثاروا أكثرمن أي وقت المشاعر المذهبية الكامنة والتعصبات الدفينة في قلوب أهلها القضية التي أنشأت عديداً من المناوشات والإشتباكات و شدة في الإختلافات وجعل أهل المحافظة بعضها في وجه البعض. وإن الحوادث والإصطدامات العنيفة الأخيرة فيها أوضح دليل على ذلك. فعدم الأمن ونشوء النزاعات الطائفية وكذلك دخول اليأس بالنسبة إلى النظام في قلوب أكثر الناس في هذه المناطق كل هذه تعتبر من ثمرات الضعف وعدم القدرة على إدارة المحافظة من جانب رئيس المحافظة في الأدوار الماضية و مع الأسف كان معظم ضحايا هذه السياسات الخاطئة هم أهل السنة. لقد سمع الناس وعلموا في هذه الأيام بقدوم محافظ جديد لمحافظتهم ولكن لم يبد على وجه أحد فرح ولا في قلب أحد سرور على هذا التبديل والتغيير كأنه شئ عادي تعود به أهل هذه المناطق من تبديلات وتغييرات لاتحمل معها الخير والنفع لهم ، ولكن مع ذلك كله فنحن لسنا يائسين ولامتشائمين للأبد فلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً و نتفائل بهذا الإستبدال في رئاسة المحافظة ونرجو من الرئيس الجديد أن يفتتح أعماله في المحافظة بغير الأساليب والمناهج التي كان عليها أسلافه. ولا يعيد ولا يكرر تلك الأخطاء التي كررها غيره مما أنتجت سخط مجموعة كبيرة من أهل هذه المحافظة وشهادتهم عليهم بالشر. فإن عباد الله شهداء الله في الأرض وإنهم لوشهدوا بخيريسجل خيرا وحسنا للأجيال القادمة وإنهم لوشهدوا بشرأوفساد أحد سيسجل له التاريخ ذلك وسيقضي المستقبل والأجيال القادمة بكل مايرون ويطالعون في صفحات تاريخهم . نظراً إلى الأوضاع الراهنة في المحافظة تأتي في أولوية عمل الرئيس الجديد قبل تنفيذ أوتكميل المشاريع العمرانية جبران الخسائر الفائتة و النشاط في مجال تعديل الخسائر المعنوية والسياسية والأمنية ليكون قبل كل شئ إستدراك لجميع ما ترك على هذه الساحة من الأعمال المؤلمة والمريرة واستبدالها بما هوأحلى وأنفع بمصالح شعب هذه المحافظة. والسلام .
تعليقات