فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

وعي الشعب هو بداية الانتصار والتطور

وعي الشعب هو بداية الانتصار والتطور

صرّح فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (29 صفر 1445) إلى أن الشعب الإيراني وصل اليوم إلى صحوة ويقظة، بحيث تراجعت التعصبات القومية والطائفية بين الشعب، واصفا هذه الصحوة والوعي بـ “بداية الانتصار والتطور”.
واستطرد فضيلته قائلا: اليوم نحن سعداء للغاية بوجود “صحوة” بين الشعب الإيراني. إن الضغوط والمشكلات جعلت الشعب الإيراني يستيقظ ويعي، وعندما تستيقظ الأمم، فهذا بداية الانتصار والتطور والمستقبل المشرق لها.
وأشار قائلا: إنّ أكبر علامة على وعي الشعب الإيراني هي أن العصبيات العرقية والطائفية بين الشعب الإيراني، رجالا ونساء، وبين الأديان والمجموعات القومية والطوائف الدينية المختلفة التي تعيش في إيران، قد تراجعت كثيرا، بحيث تختلف ظروف اليوم عن ظروف الأمس في إيران. اليوم اتحد الإيرانيون من كل عرق وشعب وطائفة واتجاه مع بعضهم البعض، ويحترم كل منهم لغة الآخر وزيّه، ويتعاطف الجميع مع بعضهم البعض، وهذه نعمة عظيمة. ما عانى منه الكثير منّا في الماضي هو التعصب العرقي والطائفي، فالتعصب الطائفي يثير الجنون في الإنسان، وربما يؤدي إهدار حقوق الآخرين نتيجة التعصب الديني، إلى أن يُلقي الإنسان نفسه في الجحيم. والحمد لله هذا الوعي ظهر اليوم في المجتمع الشيعي والسني، وبين المسلمين وغير المسلمين، والجميع يحترم بعضهم البعض.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: هذه بشرى سارّة للشعب الإيراني الذي سار نحو الوعي والصحوة، ولا داعي للقلق من أن العدو يريد إثارة الخلافات الطائفية بين الشعب. إذا أراد شخص متطرف من أهل السنة الإهانة إلى الشيعة، فإن السنّة أنفسهم سوف يمسكون بيده، وإذا قال شخص ما في المجتمع الشيعي ما فيه الإهانة إلى أهل السنة، فسوف يكرهه المجتمع الشيعي ويرفضه، فاليوم لا مكان للتعصبات والشعارات القومية والطائفية في المجتمع الإيراني، مما يشير إلى مستقبل مشرق.

الشعب الإيراني متعطش للعدالة وقد سئمت من التمييز وعدم المساواة
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: الشعب الإيراني متعطش للعدالة في هذه الأيام. إن صوت الشعب الإيراني في الداخل والخارج هو أنهم يريدون العدالة والحرية، وقد سئموا التمييز وعدم المساواة. لقد كانت ثورة 1979م من أجل العدالة والحرية. فالشعب الإيراني يريد الحريات المشروعة والقانونية والدولية. يريد الشعب الإيراني أن يتمتع الكتّاب والصحفيون والناقدون بالحرية.
وأضاف قائلا: يعتقد الشعب أن بلادهم يجب أن تحكم على أساس الجدارة والكفاءة، ويجب أن يكون من يتولى الإدارة أهلا لها وجديرا بها، ويكون قادرا على تحقيق مرضاة الله ورضى الشعب. الإدارة الضعيفة هي سبب استياء الشعب، ودليل هروب العديد من الأكفاء والخبراء والنخب من البلاد وبقاء العديد منهم في منازلهم وحلّ مكانهم الضعفاء، ثم العديد من هؤلاء المديرين غير الأكفاء غير قادرين على إدارة بلد شاسع مثل إيران بأسلوب يرضي الشعب.
وشدد خطيب أهل السنة قائلا: الشعب لديهم شكاوى من السياسات الداخلية والخارجية ويقولون: إن هذه السياسات التي عمرها 44 عاماً لم تنجح ويجب تغييرها بما يرضي الشعب. اليوم تغيرت أحوال العالم وهي تتغير دائما؛ وعلينا أن نتحرك حسب الظروف والزمن حتى يتحقق رضا الشعب وتحل مشكلات الشعب.
وأضاف: المشكلات الاقتصادية هي من المشكلات الكبيرة التي يواجهها الشعب؛ لقد انخفضت قيمة العملة الإيرانية ولم يعد لدى الناس أمل في تحسين وضعهم المالي، ويعتقد الشعب أنه إذا تم تعديل السياسات الداخلية والخارجية بشكل صحيح، وأصبحت الأمور في أيدي مديرين أكفاء، فسوف تنخفض المشكلات.

العدالة والحرية يضمنان الأمن / لو تمّت معالجة قضية “مهسا أميني” وقضايا الجمعة الدامية وضحايا الاحتجاجات الأخيرة لارتاح الشعب
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: في قضية السيّدة “مهسا أميني” التي تم القبض عليها بسبب حجابها، ثم سلم جثمانها إلى عائلتها، انزعج الشعب وتألموا، وكان مؤلما للشعب أن تقتل امرأة لم ترتكب جريمة بسبب الحجاب، هكذا من أصيبوا بالرصاص أو أصيبوا في أعينهم بسبب الرصاص أثناء الاحتجاجات السلمية والتجمعات السلمية التي أعطى الدستور هذا الحق للشعب، لا يحق لأي ضابط ضرب هؤلاء شرعا وقانونا. فهذه الاحتجاجات تقام أيضا في أجزاء أخرى كثيرة من العالم، لكن لا يقتل الشعب ولا تعمى أعين أحد في أي مكان، ولكنهم يستخدمون خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع وأدوات أخرى لتفريق الاحتجاجات والتجمعات. وبالطبع فإن تدمير الممتلكات والإخلال بأمن الناس ليس عملا مشروعا في أي قانون ولا نعتبره جائزاً، فالاحتجاج السلمي لا ينبغي أن يتسبب في موت الناس أو اضطهادهم.
وأكد فضيلته قائلا: الأشخاص الذين يهتفون بـ”العدالة”، يقصدون بذلك لو أن شخصا ضرب ضابطا يعاقب، وسوف يقتص منه ويدخل السجن، فشرط العدالة والإنصاف هو أنه عندما يضرب ضابط مواطنا أو متظاهراً سلمياً ظلما، يجب أن يعاقب أيضا، في حين أن الأمر ليس هكذا. وفيما يتعلق بجريمة الجمعة الدامية التي وقعت في زاهدان، هذا هو نفس مطلب الأهالي، فهم يطالبون بمعاقبة مرتكبي هذه الجريمة وآمريها مهما كانت رتبتهم ومستواهم. هذه هي العدالة. فلو تمت معاقبة من ظلم السيّدة “مهسا أميني” وعائلتها، ولو تمت معالجة قضية الذين ضربوا وقتلوا المواطنين ظلما، لاطمأنت قلوب الشعب.
وأوضح قائلا: الشعب يرتاحون إلى العدل والإنصاف، فضمان الأمن في العدل والإنصاف والحرية. إذا قال أحد شيئًا أو كتب شيئًا، يجب أن يسمح له بذلك. أطلقوا سراح الصحفيين والسجناء السياسيين. عندما تكون سعة الأفق، يرتاح الشعب وتكون النتيجة جيدة للجميع.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: نحن نقول إن الحكومة إذا كان عمرها سنة واحدة فقط لكن يطبق “العدل” في هذه السنة الواحدة، فكأنها حكومة مائة سنة، ولكن إذا كان عمرها مائة سنة ولم تتمكن من إقامة العدل وإقامة الإنصاف وكان الشعب غير راض، فما فائدة مثل هذه الحكومة؟! قال أحد خطباء الجمعة: إننا باقون آلاف السنين. لا بأس ابقوا عشرة آلاف سنة ولكن عليكم بالعدل والإنصاف. ينظر الشعب إلى العدالة والمساواة. إن مبدأ العدالة واحترام كرامة الإنسان هو ما يريده الشعب الإيراني.

يجب على الضباط التحلي بالصبر والتسامح أمام احتجاجات الشعب
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: نصيحتي الخالصة هي الاهتمام بمطالب الشعب والتعامل معهم. الشعب الإيراني من الشعوب الرائعة والممتازة، ويجب على السلطات أن تهتم بمطالب هذا الشعب، وإذا كان هذا الشعب لديه احتجاج سلمي، فيجب السماح له بالتحدث وعلى السلطات الاستماع إلى هذا الكلام. لقد قلت مرارا: ليست لدينا أي أهداف شخصية ومطلبنا هو نفس مطالب الشعب الإيراني، والشعب الإيراني بما في ذلك الرجال والنساء والقوميات والطوائف محترمون لدينا.
وأشار فضيلته قائلا: نصيحتي لجميع الضباط التحلي بالصبر والتسامح في مواجهة الاحتجاجات السلمية وعدم الاعتداء على المواطنين. هؤلاء هم الشعب الإيراني، وأنتم أبناء هذا الشعب. البرلمان والحكومة وجميع المسؤولين على أي مستوى، وكل ما يملكون، ملك لهذا الشعب. يجب أن تعامل هؤلاء المواطنين مثل والديك وإخوتك وأخواتك وأطفالك. إن الذين يُحتجزون في مراكز الاحتجاز والسجون والمحاكم القضائية، هم من الشعب الإيراني، ويجب عليكم أن تحترموهم؛ فهذا هو تعليم الدين.

على المسؤولين معالجة مشكلات أهالي ميناء “كلاهي” والمناطق الساحلية
وفي جزء آخر من كلمته أشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى الأحداث الأخيرة في ميناء “كلاهي” وقال: إن خطة تطوير شواطئ مكران هي إحدى القضايا التي أثارت قلق أهالي المنطقة، وسُمع سابقا أنه مع تنفيذ هذه الخطة في المناطق الساحلية، قد يتم تهجير أهالي العديد من القرى التاريخية من أراضي أجدادهم، وستقوم الشركات الكبرى بتسجيل آلاف الهكتارات بأسمائها الخاصة، والناس الذين عانوا الفقر والمعاناة والمشكلات، ودافعوا عن أرضهم وحدود إيران ضد هجمات المعتدين وقتلوا في سبيلها، سيتم تهميشهم. ما نسمعه هذه الأيام، ويجري في أرض الواقع يؤيد ما كنا نخافه، وهذا تصرف لا يرضاه الله ويرفضه الضمير الإنساني.
وأضاف: لقد واجه أهالي ميناء “كلاهي” مشكلات عدة مرات. في الحادث الأخير، احترقت قوارب العديد منهم وتضرروا كثيرا. الشعب جائع وفقير ومحتاج، أولئك الذين يقومون بتهريب الوقود يفعلون ذلك بدافع الضرورة والبؤس، وإلا فلا يوجد هناك شخص عاقل يستعد للمخاطرة بحياته. ولذلك فمن حق الشعب أن يترحموا عليهم ويهتموا بهم. ونأمل أن تؤخذ في الاعتبار مشكلات أهالي ميناء كلاهي والمناطق الساحلية الأخرى، وإذا كان هناك تضييع للحق فسوف يحتج الناس.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات