اليوم :3 December 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

جذور جميع مشكلات البلاد سياسية

جذور جميع مشكلات البلاد سياسية

اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (3 محرم 1445)، جذور جميع المشكلات والأزمات في البلاد، “سياسية”، مؤكدا على أن حل هذه المشكلات من خلال “السياسة” هو الحل الأفضل والوحيد.

مشكلة “الحجاب” و”الاقتصاد” و”هجرة العقول”، جذورها في السياسة
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن معظم الأحداث والمشكلات الموجودة في بلادنا هذه الأيام “سياسية”؛ جذور الأوضاع الاقتصادية السيئة وما يعانيها مختلف طبقات وفئات الشعب من مشكلات اقتصادية، مرتبطة بالسياسة، لا أقول لا توجد هناك عوامل أخرى غير مؤثرة في هذا المجال، لأن المشكلة الواحدة قد تكون لها جذور مختلفة، لكن أهم جذور المشكلات الاقتصادية في بلدنا، سياسية.
وتابع فضيلته قائلا: برأيي ما لم يتم حل القضايا السياسية الداخلية والخارجية، لا يمكن حل المشكلات الاقتصادية ولو اجتمع جميع خبراء الاقتصاد في العالم، فعندما تكون السياسات على المسار الصحيح والمعتدل، فإنها تؤثر على الاقتصاد.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: هجرة العقول والنخب مشكلة أخرى في البلاد وهي صعبة على الجميع، هي أيضا قضية تعود جذورها إلى السياسة. لقد قلت في السابق إن النخب والأكفاء والمثقفين في أي مجتمع يُعتبرون أكبر ثروة لذلك المجتمع، وإذا ضاعوا وهاجروا فسيكون ذلك خسارة كبيرة لكل بلد وشعب.
وتابع: إذا نظرنا في موضوع الحجاب بنزاهة وحيادية، فسنجد أن معظم النساء اللاتي يخلعن الحجاب، لا يعتقدن بخلع الحجاب، لأن الحجاب واجب ديني وزي أهل الشرق وكان رائجا منذ القديم، لذلك على الرغم من أن بعض النساء قد لا يعتقدن بالحجاب، فإن جزءًا كبيرًا من النساء اللواتي يخلعن الحجاب في إيران، يعتقدن به، لكنهن غاضبات من الأوضاع ويردن إظهار استيائهن من خلال خلع الحجاب، وهذا نوع من العصيان المدني والسياسي.
وأوضح فضيلته قائلا: من الخطأ الاعتقاد بأن مسألة خلع الحجاب في البلاد مسألة عقيدة ودين، بل هي قضية سياسية. إذا أردنا ارتداء الحجاب في البلاد، فطريقتها ليس في سجن النساء واعتقالهن ومعاقبتهن وقمعهن، فربما تنجح هذه الطريقة، لكنها ستكون مؤقتة وستظهر مرة أخرى بعد فترة، إلا أن يتم حل المشكلة بشكل أساسي. هكذا احتجاجات المتقاعدين والمعلمين والعمال والطبقات الأخرى في المجتمع، هي في الواقع مشكلات سياسية.

لم تنجح سياسات العقود الأربعة الماضية وتحتاج إلى التغيير
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: يجب حل المشكلات التي جذورها سياسية بالسياسة، فأفضل حل للقضايا السياسية هو السياسة نفسها. هذه هي الطريقة في جميع أنحاء العالم حيث يحلون القضايا السياسية بالسياسة والحوار والتفاوض والتغييرات السياسية، فلا بد من إحداث تغييرات سياسية.
وأردف قائلا: إذا حللنا القضايا السياسية بالسياسة فسوف تقل الخسائر. يجب تغيير السياسات الداخلية والخارجية التي يبلغ عمرها 44 عاما ولم تنجح. هذه الأيام تبذل جهود لتعديل السياسات الخارجية، لكن السياسات الداخلية أهم من السياسات الخارجية، لأنها مرتبطة مباشرة مع الشعب، وتغييرها مطلب الشعب. إن تغيير السياسات بما يحقق إرضاء الشعب وحل مشكلاته، هو أفضل سياسة وهو الحل لإنهاء مشكلات البلاد.

العدل هو أهمّ أهداف بعثة الأنبياء
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من خطبته إلى تحقيق العدل كأهم أهداف رسالة الأنبياء، وقال: للعدل والانصاف مكانة كبيرة عند الله تبارك وتعالى؛ من أهم أهداف بعثة الأنبياء والمرسلين العدل والمساواة، ولقد صرح القرآن الكريم هذه المسألة فيقول: “وَأَنزَلنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالميزانَ لِيَقومَ النّاسُ بِالقِسطِ”.
وتابع فضيلته قائلا: إذا فكرنا أكثر، فسوف ندرك أن الهدف من جميع تعاليم الدين بما في ذلك التوحيد والأخلاق وغيرهما، هو العدل والإنصاف. “العدل” يعني نبذ الظلم. يجب أن تكون المعتقدات والأخلاق والأعمال عادلة، ويجب أن تكون حياة الإنسان كلها على طريق العدل والإنصاف، وهو طريق الفطرة وسيرة الأنبياء.
وأضاف مدير جامعة دار العلوم زاهدان قائلا: إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عاش ببساطة، لدرجة أنه إذا دخل غريب المسجد أو مجلسا للصحابة، لما عرف من هو منهم نبي الله. عاش النبي صلى الله عليه وسلم حياة متواضعة، وملابسه لا تختلف عن ملابس الآخرين، ولا يختلف بيته عن بيوت الناس، وكان يجلس بتواضع ويفتخر بعبودية الله تعالى، وكان يستمع إلى كلام الجميع، ويستشير الجميع، لدرجة أن المنافقين أطلقوا عليه “الأذُن”. لم يكن هناك حجاب بين النبي صلى الله عليه وسلم وعامة الناس، وكان من السهل الوصول إليه لعامة الناس والمضطهدين.
واستطرد قائلا: إنّ الخلفاء الراشدين أيضا حكموا بعد رسول الله على منهاجه وسيرته، وفكّروا لصالح الإنسانية وتحقيق العدل والإنصاف ونجاة البشرية في الدنيا والآخرة. إن الحكومة الإسلامية وأي حكومة في أي مكان في العالم إذا كانت تحكم باسم الدين، مطلوبة ما دامت تطبق العدالة والإنصاف والمساواة، فإذا أطلقنا على الحكومة وصف “الإسلامية” أو “الديمقراطية” أو أي اسم آخر، ولكنها لم تكن ذات محتوى، فلن تكون مفيدة ولن تدوم.

قيام الحسين رضي الله عنه كان من أجل العدل والإنصاف
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التغيير في الحكم بعد عهد الخلفاء الراشدين وقال: لقد تغير أسلوب الحكومة بعد عهد الراشدين، وضاعت الحياة البسيطة الخالية من التكلف التي كانت للخليفة، وتأثر الحكام المسلمون في العراق والشام إلى حد ما بالأنظمة الملوكية القديمة في إيران والروم في ذلك الوقت.
وتابع قائلا: في عهد يزيد وقع الكثير من التغيرات. في العصور التي جاءت بعد الخلافة الراشدة، استولى العديد من حكام بني أمية وبني العباس والحكام من بعدهم على بيت المال، واعتبر كثير منهم بيت المال ملكا خاصا لهم، وضاعت العدالة والإنصاف والشورى واستقلال القاضي والنظام القضائي، وتولى الحاكم السيطرة على النظام القضائي، ولم يستطع القاضي إقامة العدل بين المدعي والحاكم.
وأردف: أهل البيت تعاونوا مع الخلفاء الراشدين، وإن سيدنا الحسن صالح معاوية، ولم ينتفض ضد معاوية، لكن عندما رأى الحسين أن العالم الإسلامي في خطر في عهد يزيد، قام ضد حكومة كانت تعتبر نفسها حكومة دينية، لكن الحاكم والخليفة كان شخصا ضعيفا. يتفق جميع المسلمين في هذا الموضوع على أن قيام الحسين كانت لتحقيق العدل والإنصاف وإنقاذ البشرية، وكان على حق في موضعه.

المهم اتباع سيرة سيدنا الحسين رضي الله عنه وأهل البيت
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: تتزامن هذه الأيام مع أيام محرم وعاشوراء التي تذكرنا باستشهاد الحسين. كانت حادثة كربلاء حادثة مريرة ومؤسفة للغاية، حيث ارتكب أناس يدعون الإسلام هذه الجريمة من أجل مصالح الدنيا ومرضاة الحاكم، والمسلمون والأحرار لن يغفروا لهم أبدا هذه الجريمة.
وأضاف قائلا: في عاشوراء وقع ظلم كبير على سيدنا الحسين رضي الله عنه، لكننا نعتقد أنه ينبغي علينا الصبر في الشدائد. فقد علّمنا القرآن والسنة هذا التعليم، كما يوصى بالصبر عند وفاة الوالدين والأحباء الآخرين، والمهم أن نتبع سيرة أهل البيت والصحابة وسيرة سيدنا الحسين رضي الله عنه. إن سيرة هؤلاء الكبار كانت على طريق التقوى والورع، وعلينا أن نتبعهم في التقوى والورع، فإذا أراد أحد أن يصل إلى الله تعالى، فمن الممكن أن يتبع القرآن والسنة ويتبع سيرة الكبار.

الإساءة إلى القرآن الكريم انتهاك لحقوق الإنسان / ندين بشدة إهانة الكتب السماوية
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من خطبته إلى جريمة حرق القرآن الكريم في السويد، قائلا: للأسف، حدثت في الآونة الأخيرة ظاهرة سيئة وقبيحة للغاية، لا ندري ما هي إرادة الله تعالى لأهل الأرض، ولكن كلما وقعت مصيبة في مكان ما، فإنهم يهينون إلى المقدسات.
وأشار فضيلته إلى أن ظاهرة حرق القرآن والتي تكررت للمرة الثانية في السويد مؤلمة جدا ومصيبة كبيرة، وتابع قائلا: هؤلاء انتهكوا حقوق الإنسان. ليس هناك حق أعلى من احترام المقدسات، فعندما تُداس حرمة شعب، فما هي الحقوق الأخرى التي تراعى لهم؟!
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: السويد كانت بلادا جيدة في الماضي وكانت فيها حرية. لقد هاجر الكثير من المسلمين إليها، ولديهم مساجد ويعيشون في هذا البلد، ولكن في الإهانة الأخيرة للقرآن والتي أذنت الحكومة السويدية بها، جهل وغباء كبير، فهي تثير التطرف في العالم وتثير التطرف بين أتباع الديانات. إن حرق القرآن والتوراة والإنجيل، وهي كتب إلهية وسماوية، من أسوء التصرفات.
وأوضح فضيلته قائلا: إننا ندين بشدة الإساءة للقرآن الكريم والتوراة والإنجيل، وإهانة المقدسات لكل الأديان والطوائف، ونطلب من حكام السويد إعادة النظر في أفعالهم. هذا ليس دفاعا عن الحرية، بل حرق للحرية. عندما تتجاهل المقدسات وتسمح بتدنيس كتاب الرب المقدس وغيره من الكتب السماوية، فأنت تريد فعلاً أن تعطل راحة العالم وأمنه، وهذا العمل مدان وفشل.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد: نطالب قادة الدول الإسلامية أن لا يكونوا غير مبالين في هذا الأمر، ويتخذوا مواقف، ويتابعوا هذه القضية بحكمة حتى يتم تجريم الإساءة للقرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم، وإهانة مقدسات الجميع.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات