سؤال يتبادر إلى أذهان المتابعين لشأن مسلمي الصين من الإيغور الذين تتوالى التدابير القمعية بحقهم و تتعاقب الإجراءات المتخذة ضدهم وتسن القوانين الجائرة التعسفية لهضم وسلب أبسط ما تبقى من حقوقهم.
يكاد المتابع لحملة الاضطهاد التي تشنها السلطات الصينية على أهل تركستان الشرقية مؤخرا يتساءل : هل بقي لهذه الفئة المستضعفة من حقوق بعد سيل من القوانين والتدابير التي اتخذتها الحكومات الشيوعية المتعاقبة ضدهم ؟! وماذا بعد مرحلة التضييق على هذه الفئة المستضعفة التي وصلت إلى أخص خصوصياتهم وطالت معتقداتهم وهويتهم الإسلامية؟!
آخر ما أقدمت عليه السلطات الصينية في إطار التضييق على مسلمي الإيغور والتدخل في أخص خصوصياتهم القيام بجمع عينات الحمض النووي وبصمات الأصابع وغيرها من البيانات البيومترية من جميع السكان في تركستان الشرقية التي تحتلها منذ عقود وتطلق عليها اسم إقليم “شينجيانغ”.
منظمة هيومن رايتس ووتش أكدت أن السلطات الصينية تسعى من خلال هذا الإجراء إلى بناء قاعدة بيانات قوامها نسخ ممسوحة ضوئياً عن بصمات قزحية العيون، وكذلك زمر دم كل من يتراوح عمره بين 12 و65، في تركستان الشرقية.
بعض الخبراء يرى أن هذه التدابير الجديدة التي يلقبونها بـ”حبس الهواء الطلق” من شأنها تشديد قبضة الاحتلال الصيني على المنطقة ، حيث يمكن لتلك البيانات المجموعة أن تُستخدم لـ”مراقبة أشخاص لأسباب العرق أو الدين أو الرأي، أو غير ذلك من الحقوق الممارسة كحق حرية التعبير” حسبما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش.
الاحتلال الصيني حاول كعادته التغطية على إجرائه القمعي الأخير ضد مسلمي الإيغور في تركستان الشرقية بشعارات كاذبة فارغة حيث زعم المسؤولون الصينيون أن البرنامج يهدف لــ “تحسين السياسات الهادفة لتخفيف الفقر” وما يسمى “الاستقرار الاجتماعي” الذي يتيح للسلطات الصينية قمع منتقدي الحكومة.
صوفي ريتشاردسون مديرة فرع الصين في منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية قالت : “إن في التكديس الإجباري للبيانات البيومترية لشعب كامل بما في ذلك حمضهم النووي لَخرقاً صارخاً لأعراف حقوق الإنسان الدولية بل ويزداد الأمر خطورة إن تم بشكل سري تحت غطاء برنامج مجاني للرعاية الصحية” مضيفة: “على سلطات (شينجيانغ) تغيير اسم مشروع فحوصاتها السريرية إلى “خروقات خصوصية للجميع”.
المنظمة الدولية أشارت إلى أن جزءا من عملية الجمع يتم عبر فحوص طبية حكومية ولكن من غير الواضح ما إذا كان المرضى على علم بأن تلك الفحوص مصممة لتنقل تلك البيانات البيومترية إلى الشرطة.
ومع أن تلك الفحوص الطبية اختيارية حسب ما تزعم الحكومة الصينية إلا أن أحد مسلمي الإيغور أكد أن الفِرق المحلية “كانت قد طالبت بمشاركة الجميع في تلك الفحوص السريرية”.
التضييق على مسلمي الإيغور بهذه الطريقة الممنهجة من خلال حظر الالتزام بما هو من صميم شريعتهم وحرمانهم من ممارسة أهم أركان دينهم ومراقبتهم حتى في غرف نومهم عبر تطبيق الهاتف الجوال الذي فرضته السلطات الصينية مؤخرا على مسلمي تركستان وأجبرتهم على تحميله على هواتفهم الذكية والذي اتضح أنه يقوم بعملية مسح عن الملفات ويقوم بإبلاغ السلطات تلقائيا إذا عثر على أي ملف ذو محتوى إسلامي ….هو في الحقيقة مرحلة لما هو أدهى وأشد خطرا على ملايين المسلمين والغالبية في تركستان الشرقية.
إن مرحلة التضييق والاضطهاد وخنق الحريات الأساسية ومصادرة أبسط الحقوق الإنسانية التي تمارسها السلطات الصينية ضد مسلمي الإيغور في بلدهم الأم تهدف إلى المس بثبات عقيدتهم ومحاولة النيل من شدة تمسكهم بهويتهم الإسلامية وهي مرحلة تمهد للنيل من وجودهم من خلال قتلهم أواعتقالهم بدعوى محاربة “الإرهاب والتطرف” تارة ومخالفة القوانين الجائرة بحقهم تارة أخرى.
لسان حال السلطات الصينية يقول بلغة واضحة وصريحة لمسلمي الإيغور مع كل إجراء وتدبير قمعي جديد يتخذ ضدهم : إما أن تتخلوا عن هويتكم الإسلامية وتتنازلوا عن حقوقكم المشروعة في الاستقلال أو تلاحقكم الإجراءات التعسفية وتطالكم العقوبات الجائرة!!!
المصدر: موقع المسلم
تعليقات