الشيخ عبد الحميد: يجب أن لا يكون تمييز بين الأقوام والمذاهب في تولية المناصب

الشيخ عبد الحميد: يجب أن لا يكون تمييز بين الأقوام والمذاهب في تولية المناصب
molana24تطرق سماحة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في الجامع المكي في مدينة زاهدان في خطبة هذه الجمعة إلى ضرورة مراعاة العدل في التوظيف وتولية المناصب قائلا: إن رجاء أهل السنة والجماعة من رئيس الجمهورية والنظام أن يكون الجميع متساويين في عين القانون، وأن لا تكون تمييزات بين أبناء الوطن الواحد، فإننا كلنا إيرانيون، فلا يكن خاصة في توظيف وتولية المناصب فرق وتمييز بين مختلف الأقوام والشعوب والمذاهب. فإن النظرة المتساوية إلى الجميع من غير تمييز باللون والنسب هو سر نجاح الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين في عهدهم، الذي أوصلهم إلى الكمالات المادية والمعنوية. ومن العدالة أن يكون الجميع متساويين في تولية المناصب.

وأشار فضيلة الشيخ إلى سفر الرئيس أحمدي نجاد الأخير إلى  محافظة سيستان وبلوشستان وافتتاح شركة “إسمنت زابل” قائلا: إن هذه الشركة ليست شركة حكومية بل هي شركة متعلقة بالقطاعات الخاصة، وتوجد في المحافظة ثلاث شركات الإسمنت، منها هذه التي تم افتتاحها أمس بحضور رئيس الجمهور.
وتابع فضيلته مؤكدا على ضرورة التمويل المفيد والنافع، معربا عن سروره بمقال الرئيس الذي أشار فيه إلى أن الدولة ستقوم بجانب من يريد التمويل في القطاعات الخاصة أو يريد إحداث شركة، وحذر سماحته الناس من اللجوء إلى المشاغل الكاذبة من تجارة المخدرات وغيرها، معتبرا إياها مشاغل غير مشروعة.

وأشار سماحة الشيخ في القسم الأول من الخطبة بعد تلاوة قول الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ”، إلى أهمية الإنفاق في سبيل الله قائلا: إن الله عزوجل علم البشر وعلمه تعليما جميلا، فقال الله تعالى: “علم الإنسان ما لم يعلم”. إن الرحمن خلق الإنسان وعلمه البيان وأنزل عليه القرآن.
لو عملنا بتعاليم الإسلام الجميلة، لا شك في وصولنا إلى السعادة والفلاح.
وأضاف قائلا: إن التعاليم الدينية سبب لحياتنا، والمراد من هذه الحياة هي الحياة الشريفة الطيبة، وليست هذه الحياة، مثل حياة البهائم والحيوانات، فللحيوانات حياة، ولكن هنا فرق كبير بين حياتنا وحياة الحيوانات.
ثم الوصول إلى هذه الحياة السامية الطيبة لا تكون إلا بالعمل على تعاليم الرسول وتعاليم الدين، ونحن إذا لم نلتفت إلى هذه التعاليم ويكون جل التفاتنا واهتمامنا إلى الحياة المادية ونبتلى بحب الأكل والشرب والنوم، فهذا النوع من الحياة ليست حياة الإنسان بل هي حياة البهائم.
فالإنسان الذي لا يعرف وقت عبادته ولا يعلم أن الله تعالى فرض عليه الصلاة والزكاة والصوم، ولا يعرف أن الله فرض عليه حقوقا من الصلاة وفرض على النسوة الحجاب، وأمر الله بأشياء يجب أن نأتيها، ونهى عن أمور يجب أن نتركها من شرب الخمور والقمار والربا، فهو لا يجتنب من هذه المنكرات فكأن هذا الشخص بهيمة وربما يكون أضل من البهيمة. فالله تعالى سخر للإنسان جميع الكائنات وأسكنه الدنيا وهو مع ذلك لا يهتم بأوامره ونواهيه.
وتابع سماحة الشيخ مشيرا إلى أحد أهم ما أمر الله تعالى به المؤمنين قائلا: من أهم ما أمر الله به المؤمنين هو الإنفاق في سبيل الله تعالى. فالله تعالى ينفق على عباده من خزائنه. فهناك ملايين من البشر يعيشون على الأرض من يرزقهم إلا الله تعالى، ولو كانت الحكومات تولت أرزاق هذه الجموع الحاشدة من الخلائق لتعفنت الدنيا ممن يموتون جوعا.
إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين. فكما أن الله ينفق على عباده فكذلك يحب أن يرى عباده يتخلقون بهذه الصفة والأخلاق الرحمية.
وأضاف فضيلة الشيخ مؤكدا على ضرورة التخلق بأخلاق الله: إن لله تعالى صفات وأخلاق لابد من التخلق بها، وفي الحقيقة هي من الطرق الموصلة إلى الله تعالى، فلنكن متخلقين بأخلاق الله عزوجل، فالله عزوجل عفوّ فلا بد أن نكون نحن أيضا متصفين بالعفو. والله تعالى عليم فلنخرج نحن أيضا لتعلم العلوم. والطريقة الأخرى التي توصلنا إلى الله تعالى هي الإنفاق. فلنجتنب البخل ونعلم بأن معنى السخاء ليس في أن نكون أغنياء لننفق ونكون أسخياء. فإننا لو كنا نملك نصف تمر فأنفقناه في سبيل الله تعالى يقبل الله منا هذا القدر القليل من النفقة.
وأضاف فضيلة الشيخ: لنعلم أن الله تعالى جعل في المجتمع  فقراء ومساكين ليبلو بعضعهم ببعض، وقد حاول الشيوعية الفاسدة التسوية بين الناس جميعا في المال. وكانت لديها برامج ومخططات لإزالة الفواصل بين مختلف طبقات الشعب. فأباحوا دماء الأثرياء والأغنياء وصادروا أموالهم وممتلكاتهم ليوزعوها على الفقراء والمساكين، ولكن لم ينجح هذ المشروع الإستاليني أمام النظام الإلهي الذي يقول الله تعالى فيه: “و جعلنا بعضكم لبعض فتنة”.
فنحن نفتن ونمتحن بالسائل الذي يدق الباب، والسائل المحروم الذي يستعف عن السؤال. فإن لم يكن عندنا شيء نعطيه فنرده بالكلمة الطيبة. قال الله تعالى: “فأما السائل فلا تنهر”.
وأشار سماحة الشيخ إلى فضيلة الإنفاق في سبيل الله تعالى وسعة بابه قائلا: ورد في الحديث الشريف عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً فَقَالَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- « مَا بَقِيَ مِنْهَا ». قَالَتْ مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلاَّ كَتِفُهَا. قَالَ « بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا ».
وقد ذكرت في ذلك روايات كثيرة وآيات عديدة. ومن الظلم أن يجمع أحد ماله ويدخره في الصناديق ولا ينفق في سبيل الله تعالى. فقال الله تعالى: “أنفقوا مما رزقنكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة”.
لننفق على المساجد والمدارس ومراكز التعليم والمستشفيات للعلاج وجامعات التعليم.
واستطرد سماحة الشيخ قائلا: علينا أن نقوم إلى أعمال مفيدة ونافعة بأموالنا بدل أن ندخرها في البنوك والصناديق.
وليست تجارة المخدرات تجارة صحيحة ومشروعة، ويجب على كل من يتعاطى تجارة المخدرات أن يكف عنها ويبادر إلى أعمال أخرى، ولنفتح بأموالنا مصانع ومراكز للعمل ليشتغل فيها مجموعة من الناس، فإن الاشتغال من أهم القضايا في العالم وأمر مرغوب فيه. نتسامح عن جانب من منافعنا لأجل أن يجد مجموعة من الناس مشاغل للعمل ولقمة للعيش.
وأضاف: لقد كره النبي عليه الصلاة والسلام السؤال وطلب الحاجة من الناس، وحث على العمل. ففي رواية “عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَ -صلى الله عليه وسلم- يَسْأَلُهُ فَقَالَ « أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ ». قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ « ائْتِنِي بِهِمَا ». فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ وَقَالَ « مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ ». قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ. قَالَ « مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ. فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيَ وَقَالَ « اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ ». فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ « اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلاَ أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ». فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِثَلاَثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ».
فمن طلب حاجته من الناس جعله الله محتاجا إلى الناس دائما. ومن عود نفسه بطلب الحاجة من الله تعالى يضي الله تعالى حاجاته دائما. فالسؤال قبيح والعمل والاشتغال هام جدا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات