وأضاف فضيلة الشيخ: في الماضي كان المسلمون متحدين منسجمين، والقيادة كانت بيد شخص واحد، لكن اليوم تقطع ذلك الجسد الواحد وانقسم إلى إمارات ودويلات مختلفة. وجميع هذه المصائب جاء نتيجة ابتعاد المسلمين عن تعاليم الرسول عليه الصلاة والسلام. وإن تعاليم القرآن الكريم وتعاليم الرسول تعاليم لا نظير ولا مثيل لها في العالم. لأجل ذلك بالعودة إلى القرآن والسنة يمكن لهذه الأمة أن تستعيد عزتها ووحدتها.
وأضاف فضيلة الشيخ قائلا: أيها الأحبة! لقد وردت أهمية كبيرة وفضائل عظيمة للصلاة بعد الإيمان. فالصلاة أكبر مظهر من مظاهر التوحيد “أقيمو الصلاة ولا تكونوا من المشركين”، فتركها إما شرك وإما عمل يشبه عمل المشركين.
واستطرد سماحته قائلا: قال الله تعالى: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ”. لا بد من أداء الصلاة بجميع خصائصها وصفاتها.
إن العبد إذا قام فى الصلاة فتحت له أبواب الجنة وكشفت له الحجب بينه وبين ربه. فالصلاة إضافة إلى ما لها من أجر وثواب عظيم عند الله تعالى، لها آثارها الإيجابية في حياة الفرد والمجتمع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين”.
فكما أن الوالدين لديهم اهتمام زائد بالنسبة إلى التعاليم الدنيوية لأبنائهم فلا بد من الأهمية في أمور صلاتهم.
وتابع فضيلته: يقول الإمام “الشاه ولي الله الدهلوي”: كل طاعة فرضها الله مثل الصلاة والزكاة والصوم جعل إلى جانبها نوافل، وإن هذه النوافل لا تقل أهمية من الفرائض. ولا أحد يستطيع النهي عن النوافل إلا في الأوقات المنهية الثلاثة.
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَوْصَانِى خَلِيلِى -صلى الله عليه وسلم- بِثَلاَثٍ بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْر وٍ وَرَكْعَتَىِ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ.
وأضاف الشيخ قائلا: إن الحياة فرصة، فلا نضيع هذه الفرصة. وقد ورد في السنة الحث على الصلاة والاستغفار بعد الوضوء. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: “يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ” قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ” .وكذلك حث الرسول عليه الصلاة والسلام بالصلاة عند الحاجات والمشاكل وبصلاة الاستخارة عند التردد في عمل، وبعد الدخول في المسجد لا بد من ركعتين تحية للدخول. ويجب على الجميع من الأساتذة الجامعيين والمثقفين وغيرهم أن يقربوا أنفسهم إلى الله بإقامة الصلاة.
واستطرد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إن صلاة الجمعة فرض عين، وهي من أسس أحكام الشريعة لإصلاح الأمة. والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما من المعاصي والخطايا.
ومن المؤسف أن يخرج بعض الناس للنزهة أيام الجمعة ولا يأتوا للجمعة. لابأس بالنزهة والخروج، ولكن لا نترك الصلاة لأجلها. فقد ورد في الحديث الشريف عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ”.
وورد في الحديث الشريف “خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ “. وفي رواية “مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ”.
وأشار فضيلة الشيخ إلى المساجد كأماكن لإقامة الصلاة وعبادة الله فيها قائلا: إن المساجد لله وليست لطائفة دون طائفة. والأرض جعلت لنا مساجد، فأينما أدركتنا الصلاة لنقم إلى الصلاة. وإن لم نجد مسجدا فنصلى في المنتزهات، ونصلي في الرصف وإن استهزئ بنا، لكن لا نترك إقامة الصلاة بأي ثمن كان.
قال الله تعالى في القرآن المجيد: “أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”.
إن من خواص الصلاة أنها تزيل عن الإنسان المعاصي والذنوب والخطايا كالدواء الذي تذهب بالآلام.
وطالب فضيلة الشيخ عبد الحميد المسؤولين ورجال الحكومة بتوفير الحرية لأهل السنة في مجال إقامة الصلاة، قائلا: لا بد من الحرية والسماح لكل شخص في قضية الصلاة. فالمسؤول الذي يمنع من إقامة الصلاة في الجامعات، لا معرفة له بالرب، وإكراه الفرد على أن يصلي خلف فلان (الذي هو على مذهب آخر) جهالة تامة. فلا يكره الشيعي أن يصلى خلف السنة ولا السنة بأن يصلي خلف الشيعة، ولكل أن يصلي صلاته خلف من شاء، وبالفقه الذي ينتمي إليه.
قد كانت صلاة الجمعة تقام منذ ثلاثين سنة في مدينة “كرمان” ثم عطلت. فما هي الفائدة للإسلام والمسلمين من تعطيلها؟ وكذلك في المدن الأخرى مثل إصفهان ويزد؟
واستطرد سماحة الشيخ قائلا: أقول لمسؤولي البلاد و سماحة المرشد الأعلى وأطالب منهم أن يعطوا هذه الحرية للصلاة في كل مكان، وهذا هو أدنى حق لنا من حيث الدستور أن نكون أحرارا في إقامة الجمعة والجماعات. وإن أهم قلق لدى أهل السنة هو بالنسبة إلى مسائلهم الفقهية، وإننا لا نشعر بمشكلة من ناحية الدستور، لكن هناك إعمال للرأي واستبداد به من قبل عناصر متطرفة في بعض المناطق ذات الأقلية من أهل السنة، ما أثار قلقنا واضطرابنا.
وتابع قائلا: إننا نطالب أيضا بالحرية في قضية التعليم. كما أن التعليم الجامعي يملك حرية كاملة لا بد أن يملك التعليم الديني أيضا تلك الحرية، ولا بد من الحرية في الأمور التعليمية وأن يكون لكل فرقة من الفرق حق تعليم أبنائهم.
وأضاف الشيخ: لقد منع ممثل ولي الفقيه في إحدى المدن، أهل السنة فيها من إقامة الجمعة، وأهل السنة في تلك المدينة وإن كانوا أقلية، لكنهم أرادوا إقامة الجمعة. ولكن رفض ممثل الولي الفقيه قائلا: ليقتدوا بي في صلاتهم.
واستنكر سماحته هذه الممارسات السلبية قائلا: بأي قانون وأي شريعة يسلب حق جماعة من أهل السنة الذين يريدون إقامة الجماعة أو الجمعة المستقلة في ناحية من البلاد؟
وفي الأخير أشار سماحته إلى ظاهرة “عملية الرهان” قائلا: لم تشهد المنطقة في الماضي مثل هذه الأعمال البشعة من أخذ الرهائن واختطاف الناس، ولا ندري من أين أتت هذه الفتنة والظاهرة؟ ولا غرابة في قباحة وبشاعة هذه الظاهرة، وإنها لم تجوزها الشريعة ولا العقل. واختطاف الأشخاص لا يجوز شرعا لمطالبة الحقوق ولا لمطالبة تعويضات مالية.
لا ندري لماذا يبادر هؤلاء إلى مثل هذه الأعمال ويخربون آخرتهم ودنياهم، وهل يعفو الله عن شخص هكذا يلعب بأعراض الناس ويشقي نفسه؟
وأضاف فضيلته متسائلا: أهؤلاء مسلمون وأتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ إن الإسلام قد حرم أعراض الناس ودمائهم وأموالهم، وهؤلاء يغمضون أعينهم على القرآن والسنة والحديث.
فالسرقة وقطع الطرق واختطاف الرهائن من أقبح الأعمال من حيث الأخلاق والمروءة والدين.
وأضاف فضيلته إلى خبث مثل هذه الأموال قائلا: ربما يؤسسون عصابات ويتقاضون أموالا وفلوسا بدل إطلاقهم الرهائن، ولكن ليعلموا أن هذه الأموال التي يأكلونها ليست نقودا بل هي جراثيم أمراض السرطان، وسوف يبتلون بها ويشقون أولادهم بها أيضا. لماذا لا يطلبون أرزاقهم من الله.
وقال سماحة الشيخ في النهاية: إن هناك شيئين أساسيين في الحياة: الأمن ومطالبة الحقوق، ولتكن المطالبات مطروحة من طرقها المشروعة في إطار الدستور. وليبادر كل من الجامعيين وأهل السياسة ورؤساء القبائل إلى مطالباتهم من طرقها القانونية.
تعليقات