منذ سنوات يقام حفل سنوي بمناسبة تكريم خريجي جامعة دار العلوم بمدينة زاهدان، وقد واجه هذا الحفل استقبالا رائعا من كافة أهل السنة من مختلف القوميات والمذاهب حيث تبدل إلی اجتماع سنوي كبير في السنوات الأخيرة ويحضره كبار الشخصيات العلمية المرموقة من البلاد الإسلامية والعربية. بناء علی هذا رأی موقع "سني أون لاين" من المناسب أن يجري حوارا مع فضيلة الشيخ "أحمد الناروئي" نائب رئيس جامعة دار العلوم في الشؤون الإدارية، يوضح فضيلته تأثيرات هذا الاجتماع وعدد المشاركين ومدی تعاون الحكومة الإيرانية في مجال عقد هذا الاجتماع.
إليكم نص الحوار:
سني أون لاين: نرجو من سماحتكم الإفادة بتوضيحات مختصرة حول حفلة خريجي جامعة دار العلوم (جلسة ختم البخاري )، كيف تری سماحتكم البركات والتأثيرات لهذه الجلسة؟
الشيخ أحمد الناروئي: لما قام الشيخ عبد العزيز ملا زاده رحمه الله بتأسيس جامعة دار العلوم في زاهدان سنة 1350 هـ .ش، وبدأ هذا المركز الديني نشاطاتها رسميا وعمليا بعد انتقالها إلی شارع خيام المكان الحالي الذي تحتله الجامعة، لم يكن آنذاك إلا مركزا دينيا صغيرا لم يتسع نطاق أعماله، ولكن بعد ما تولی فضيلة الشيخ عبد الحميد حفظه الله رئاسة هذه الجامعة في حياة العلامة عبد العزيز رحمه الله تعالی توسعت دائرة نشاطاتها ببركة الجهود الكبيرة التي بذلها فضيلته في سبيلها، وفي سنة 1360هـ.ش اكتسبت تقدما مرموقا وازدهارا رائعا، حيث استطاعت أن تخرّج أول مجموعة من طلابها سنة 1366، فقامت الجامعة بهدف تكريم هؤلاء الخريجين وتعظيم العلم ونشر الثقافة الدينية بين الناس بعقد أول جلسة تكريمية اشتهرت بعدها بجلسة ختم البخاري بين الناس، وذلك بسبب أن الخريجين ينتهون في السنة الدراسية الأخيرة عن دراسة معظم المتون الحديثية بما فيها الجامع الصحيح للإمام البخاري ويقرأ فيها آخر حديث لهذا الكتاب الجامع المتفق عليه بين الأمة صحة وسندا.
وتواصل عقد هذه الجلسات بعد سنة 1366 في المسجد المكي التابع لجامعة دار العلوم وانعقدت تبعا لها حفلات مثلها في المدارس الأخری في محافظة بلوشستان وخراسان، تذكر هذه الحفلات بحفلات التعمم أو ختم البخاري.
إن إقبال الناس علی هذه الجلسة من داخل المحافظة وخارجها ورغبتهم الزائدة في استمرار عقدها وزيادة عدد الحاضرين فيها سنويا، دفعنا في السنوات الأخيرة إلی أن نقوم بدعوة كبار الشخصيات الدينية في إيران وسائر البلاد الإسلامية والعربية، لتكون فرصة مناسبة لمزيد من الانتفاع والاستفادة لأهل محافظتنا وخاصة طلبة جامعتنا، وخطوة إيجابية نحو تعرف أبناء الأمة الواحدة بعضها علی بعض، وتحقق الوحدة الإسلامية والأخوّة الدينية بين المذاهب الإسلامية المختلفة.
سني أون لاين: لقد حضر الاجتماع في السنوات الأخيرة ضيوف من البلاد الإسلامية والعربية ومن بينهم شخصيات علمية كبيرة. هل أثّر حضور هؤلاء الضيوف في هذا الاجتماع وما مدی تأثير حضورهم؟
الشيخ أحمد الناروئي: إن حضور الضيوف الكرام من خارج إيران يرجع تقريبا إلی خمس أو ست سنوات قبل هذا، حيث شارك بعض الشخصيات الدينية من العالم الإسلامي في مؤتمر في طهران وتم اللقاء بينهم وبين العلماء الحاضرين في تلك الجلسة من المحافظة، فدعوهم إلی زاهدان وإلی هذه الجلسة، وصار هذا بمنزلة فتح باب تشرف أهل العلم من البلاد الإسلامية وإيجاد علاقات مستمرة معهم.
إن حضور هؤلاء زاد في ازدهارها وتقدمها واستقبال الناس أكثر فاكثر من ناحية, وتأثرهم بهذ الاجتماع العظيم وهذه البيئة من التعاون والتضامن الديني والوحدة الإسلامية بين مسلمي هذه الديار وتجمع أبناء الامة الواحدة بمختلف مذاهبها وأقوامها وأفكارها تحت رأية الإسلام العالية في صعيد واحد وإصغاءهم إلی كلمة علماءها وفقهاءها من ناحية أخری، و تمنوا نجاحها واستمرارها، وتكلموا لما رجعوا إلی بلادهم معجبين بهذا الاجتماع وأحبوا الحضور كل سنة.
سني أون لاين: إن مجيء الضيوف المدعوين من خارج إيران يستلزم أمورا كثيرة كالتأشيرة وغيرها. هل تعاونت وزارة الخارجية الإيرانية معكم في هذه الأمور، وماهي توقعاتكم من هذه الإدارة؟
الشيخ أحمد الناروئي: إن ضيوفنا المدعوين من البلاد الإسلامية الأخری شخصيات علمية بارزة مقبولة عند مسلمي بلادهم عامتها وخاصتها، وهم من الدعاة إلی الوحدة بين المسلمين وحملة رسالة الإسلام. طبعا عند ما تدعی مثل هذه الشخصيات إلی بلد آخر، يقوم المضيفون بإعداد جميع الأمور اللازمة؛ لكن جامعة دار العلوم نظرا إلی ظروفها الخاصة تقيم أولا قبل شهر أو شهرين علاقة معهم ويدعوهم؛ فإذا تقبلوا هذه الدعوة ترسل إليهم بطاقات الدعوة رسميا، وبعد وصول هذه الدعوة يراجعون سفارة إيران في بلادهم أو قنصليتها ويقدمون طلباتهم للتأشيرة. مع الأسف يواجهون أحيانا مشاكل في أخذ التأشيرة من التأخر أو عدم إعطاء التأشيرة، ونحن نرجو من وزارة الخارجية المساعدة في إعداد أسباب السفر لهؤلاء الضيوف – الذين هم ضيوف الدولة والشعب – إلی إيران، وتمهد لهم سبل الحضور في هذا الاجتماع وتستقبلهم بصدر رحب وقلب واسع ليشعروا رائحة الأخوّة الدينية في إيران.
ينبغي أن اتذكر أن الضيوف المشاركين في مؤتمرات المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب أيضا من كبار الشخصيات، ولكن حضورهم يتم في بيئة مغلقة غير مربوطة بالشعب، وليست أية علاقة مع الشعب كما هي ملحوظة في الاجتماع السنوي المنعقد في زاهدان وسائر الاجتماعات المشابهة لها؛ فالمتوقع من الدولة أن تساعدنا برفع الموانع الموجودة أمام الضيوف الأجانب خاصة المدعوين من ممالك آسيا الوسطی الذين عاشوا ستين سنة تحت مخالب الاستعمار الشيوعي، فهم بحاجة ملحة في أن يحضروا مثل هذه الجلسات.
سني أون لاين: بناء علی اقتراب موعد الاجتماع، ما هي تدابيركم والإعدادات التي قمتم بها حتی الآن؟
الشيخ أحمد الناروئي: عند ما يقترب موعد الاجتماع نشكل مجلسا مركزيا يقوم بتوضيح وتبيين جميع ما يعمل ويفعل من النشاطات والوظائف لتنظيم الاجتماع وترتيبه، ويقسم الوظائف بين الأساتذة والطلبة وسائر المتطوعين من الشباب من أبناء مدينة زاهدان. ففضيلة الشيخ عبد الحميد وأساتذة الجامعة والطلبة وغيرهم يعملون حسب برامج هذا المجلس التنظيمي لإعداد الاجتماع، مبتدئين بنشر الإعلانات داخل البلاد وخارجها عن موعد عقد الجلسة ومكانها.
الحمد لله نحن علی استعداد كامل تام لإقامة اجتماع هذه السنة، وقمنا بتوزيع الإعلانات، ونتمنی أن ينعقد هذا الاجتماع علی أحسن ما يرام ….وأقدم شكري وتقديري لأهل مدينة زاهدان حيث دائما يهيئون جميع ما نحتاج إليه دون أن ننفق ريالا واحدا من أموال الجامعة لهذ الاجتماع، وقدموا إلی هذا الميدان في هذه السنة وأعدوا قسما كبيرا من الحاجيات، ونرجو من المسئولين المحليين أن لا يبخلوا بتعاونهم في سبيل عقد هذا الاجتماع الذي سيعقد في يومي الخميس والجمعة 28 و29 من رجب المرجب.
سني أون لاين: كم يبلغ عدد المشاركين في الاجتماع كل سنة تقريبا؟
الشيخ أحمد الناروئي: إن عدد الضيوف القادمين من خارج المحافظة يبلغ إلی حوالي عشرة آلاف. تشكل النساء قسما كبيرا من المشاركين لما أن بعض الطالبات كن من المتخرجات في السنوات الماضية، لكن في هذه السنة لم يخطط علی العموم لحضور النسوة بسب بعض المشاكل، والمتوقع وضع برامج لهن في اليوم الأخير.
وأما عدد عامة الحاضرين يتجاوز من مائة ألف، ولقد بلغ عدد الحاضرين في السنة الماضية إلی مائة وخمسين ألفا من مختلف القوميات والمذاهب والآراء، لأنهم يرون هذه الجامعة لأنفسهم، والجامعة أيضا اتخذت مناهج تجمع شمل الجميع، فالجلسة ليست متعلقة بمذهب واحد أو حركة واحدة بل تتعلق بالدين الإسلامي، والدين للجميع.
سني أون لاين: ما هي رسالتكم إلی الشعب والمشاركين في حفلة ختم البخاري؟
الشيخ أحمد الناروئي: أتمنی وأرجو من أهل مدينة زاهدان أن يتركوا مشاغلهم في هذين اليومين ويفرغوا أنفسهم لعقد الجلسة وإكرام ضيوفهم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»، وهؤلاء الضيوف القادمين من البلاد المختلفة هم ضيوف الله ورسوله وضيوفكم، فكما أنهم شاركوا في إعداد الأمور اللازمة لعقد الجلسة يشاركوا في الضيافة الأصلية وهي حضورهم المستمر في الاجتماع. ورجائي من المشاركين والضيوف الكرام من داخل المحافظة وخارجها أن يبلغوا رسالة هذه الجلسة التي هي رسالة الأخوّة والوحدة والمحبة إلی غيرهم، ويرفعوا خطوات إيجابية في مناطقهم نحو نشر العلوم الدينية وتعظيمها.
وفي الختام أرجو من جميع المؤمنين والمؤمنات أن لا ينسوا الدعاء لعز الإسلام والمسلمين وقبول هذا الاجتماع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليقات