خطبة الجمعة 28 ربيع الأول

خطبة الجمعة 28 ربيع الأول

Image
بدأ فضيلة الشيخ عبدالغني البدري (نائب الشيخ عبدالحميد في الشئون التعليمية بجامعة دارالعلوم) خطبته يوم الجمعة بتلاوة هاتين الآيتين: «يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون»، «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم ولعلكم تشكرون»، ثم توجّه إلی المستمعين بالقول: .

 إن الله تعالی يدعو عباده في القرآن إلی الطريق الذي يضمن لهم الفلاح والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
وأضاف: الدنيا التي نعيش فيها هي دار الأضداد والمشاكل، ولكن هناك أمر يعترف به الجميع وهو أن الفساد يهدّد العالم يوماً بعد يوم، وكل يوم تزداد هذه الأخطار المحيطة بالعالمين، ونری في جميع المؤتمرات والحفلات أن هذا الأمر يسترعي الانتباه وتدور حوله الخطابات والمحاضرات.
وتابع قائلاً: هذه المشاكل ليست من خارج الكون، ويعترف جميع الأديان والملل أن الصلاح والفساد في العالم يرتبطان بأحوال العالمين وأن العباد يجلبون الفساد والصلاح بصنيعهم وأعمالهم.
لاتهدّد العالم الحيوانات المفترسة ولكن كلما توجهت مشاكل إلی العالم وكلما ساد الظلام هذا الكون فهو نتيجة أعمال البشر في هذه الدنيا وبما كسبت أيدي الناس.
واستطرد قائلاً: إن الله تعالی بعث رسله حتی يعلّموا البشر الطهارة والطريقة المثلية للحياة.
يقول الرسول صلی الله عليه وسلم: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»، وإن الأنبياء جعلوا نصب أعينهم طهارة الباطن وأن يصلحوا هذه المضغة في أجساد البشر.
وأردف بالقول: كلما أخذ البشر بتعاليم الأنبياء وكلما سلكوا الطريق الذي عرّفه لهم الأنبياء فإنهم وصلوا إلی طهارة الباطن والحياة الطيبة، والخسران والضلالة في غير هذا الطريق.
وأضاف: إذا أخلط المسلم ماله بمال الغير وأكل من المال الحرام وجعل رزق أولاده من هذا المال غير الطاهر فكيف ياتي النور والطمأنينة في الحياة؟
إذا صلحت الحكومة والبيئة وسلمتا من الفساد والمظالم فإن الدنيا تصير مهداً سالماً بعيداً عن العنف والحرب.
انظروا إلی زعماء العالم مثل بوش وغيره، كيف جعلوا العالم في بحر من الدماء نتيجة لسكرهم. نری أن قوانين الكفار لا يضمن الفلاح، وإنّ هذه القوانين ذهبت بالبشر إلی شفا جرف هار، لأن قوانين الغرب لاتعتني إلی القلب والباطن، ولكن تعاليم الرسول صلی الله عليه وسلم تستهدف إصلاح الباطن.
انظروا إلی تلاميذ النبي صلی الله عليه وسلم كيف كانوا يسارعون إلی العمل بعد نزول حكم من أحكام الإسلام.
لما نزل الحكم بحرمة الخمر وقال تعالی: «فهل أنتم منتهون»، أجابوا جميعاً: «انتهينا يارب»، وسالت زقاق المدينة بالخمر.
واستطرد قائلاً: علينا أن نجعل تعاليم الأنبياء موضع العناية الخاصة، وكافة المشاكل في العالم تستدعي رجوع البشر إلی تعاليم الأنبياء.
وأردف بالقول: يقول الرسول صلی الله عليه وسلم: «ثلاث مهلكات: هوی متبع وشح مطاع وإعجاب المرء بنفسه».
يشهد المؤرخون أن الدنيا شهدت في جميع أدوارها فريقين: فريق هم عبّاد النفس والمادة وفريق يعبدون الله تعالی.
الغرب يدعو البشر إلی عبادة النفس والمادة وإن الغربيون قد بذلوا جهودهم لدعاياتهم الخبيثة عن طريق الفضائيات والأقراص الماجنة لأنهم يرون الحياة فقط في هذه الدنيا.
نجد اليوم أن الهوی قد غلب علی الكثيرين وإنّ البطل من يجتنب عن الأمور التي تقتضيها النفس الأمارة.
وتابع قائلاً: يجب علينا أن نجتنب الحرص في مجال الأمور الدنيوية، ولكن في مجال الدين والديانة يجب أن نحرص أكثر فأكثر.
وأردف قائلاً: وأما إعجاب المرء بنفسه فهو الداء الذي يشعل نار الفتن والحروب، لأن الطغاة والمتكبرين الذين أعجبوا بأنفسهم يريدون إراقة الدماء علی الأرض وهم دائماً في سكرة وعطش شديد لاقتراف هذه الجنايات العظيمة علی وجه المعمورة.
وأضاف: «يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور»، فعلی المسلم الذي يرتكب الذنب في الخلوة أن يعلم بأن الله تعالی يراه وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويقول الرسول صلی الله عليه وسلم: «وهل يكب الناس علی وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم» (أو كما قال عليه الصلاة والسلام)، فالواجب اللازم علی المسلم أن يبعد عن الذنوب التي تقترفها اليد أو الرجل أو الأذن أو اللسان أو سائر الجوارح والأعضاء.
 ينبغي أن تبعد السياسة عن الكذب والغش والتزوير، وعلی الحكومة أن تجتنب الظلم.
وفي الأخير أشار سماحته إلی رحلة الشيخ عبدالحميد إلی الهند للمشاركة في مؤتمر بمدينة لكنو، قائلاً: شارك فضيلة الشيخ في المؤتمر الذي عقد بلكنو، وكذلك وجّه إليه دعوة للمشاركة في دورة المجمع الفقه الإسلامي بالهند، وإن شاء الله سوف يرجع سماحته في الأسبوع القادم بإذن الله تعالی.
نسأل الله تعالی أن يرجعه بالسلامة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات