خطبة الجمعة 15 من صفر

خطبة الجمعة 15 من صفر

سماحة الشيخ عبدالحميدجاء في حديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلی الله عليه وسلم صلی في خميصة لها أعلام فنظر إلی أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: « إذهبوا بخميصتي هذه إلی أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي». وجاء في رواية أخری أن النبي صلی الله عليه وسلم قال: «كنت أنظر إلی علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتني»…

 

 

 

*****************************
خطبة الجمعة 15 من صفر


قال فضيلة الشيخ عبدالحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان في خطبته يوم الجمعة: القرآن الكريم ذكر في بداية سورة البقرة ثلاث فرق وقسّم العالمين إلی هذه الدرجات والفرق الثلاث: المؤمنين، الكفار، المنافقين.
وأضاف قائلاً: أما الكلام عن المؤمنين والكفار فهو في اختصار تام، ولكن لما يذكر الله تعالی أحوال المنافقين وممارساتهم الخبيثة يطول الكلام ويصل إلی ثلاث عشرة آية.
كان بعض من وصلوا إلی الرئاسة حينما هاجر النبي صلی الله عليه وسلم إلی المدينة المنورة لما رأوا أن الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فخافوا علی رئاستهم وأظهروا إيمانهم كذباً وزوراً وكان أكثرهم من اليهود، «ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بماكانوا يكذبون».
هؤلاء المنافقون لما رأوا ازدهار المسلمين ورقيهم وتقدمهم زادوا مرضاً واحترقوا ومرضت أجسامهم كما مرضت قلوبهم.
وتابع قائلاً: كما أن هناك كفر دون كفر فإن النفاق أيضاً ينقسم إلی هذين القسمين.
الكفر الأكبر هو الكفر الذي في العقيدة وهو الكفر البواح ولكن ترك الصلاة وغير ذلك من الكبائر تقرب الإنسان المسلم إلی الكفر، كما قال عليه الصلاة والسلام: «لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض».
وأردف قائلاً: النفاق في الاعتقاد والإيمان مرض عظيم وكذلك من فيه النفاق من حيث العمل وفيه صفات المنافقين فهو أيضاً يحترق في جهنم حتی يطهر من أرجاس النفاق.
واستطرد قائلاً: يجب أن نجتنب عن النفاق ونكون علی حذر منه، ومن يشعر بالأمن منه فهو منافق.
يقول ابن أبي مليكة: «أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلی الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق علی نفسه».
قال عمر رضي الله عنه يوماً لحذيفة الذي هو أمين أسرار النبي صلی الله عليه وسلم، وناشده بالقول: «يا حديفة بالله أنا من المنافقين؟».
وأضاف سماحته قائلاً: كثيراً ما نتفوّه بكلمات ونقوم بأعمال تبيد الأعمال الصالحة وتجعلها هباءً منثوراً.
وأردف: يجب أن نكون علی وعي تام من الأخطار المحيطة بالدين كما نحافظ علی أجسامنا وأموالنا.
النفاق أبغض إلی الله من الكفر، بأن يكون المرء ذا وجهين بحيث يظهر شيئاً ويبطن شيئاً آخر ويظهر أنه مسلم ويخفي كفره.
قد ذكر النبي صلی الله عليه وسلم ثلاث علامات للمنافق: «إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان».
وتابع بالقول: العادة علی الكذب ومن يجري الكذب دائماً علی لسانه فهو منافق، وإن الكذب كان مكروهاً في جميع الحضارات وعند جميع الأقوام والملل.
جاء في حديث آخر إضافة إلی هذه الأمور الثلاثة «وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر».
نسأل الله تعالی أن يفبعدنا عن النفاق وعن صفات المنافقين.
واستطرد قائلاً: كل هذه الأمور التي جاء ذكرها، من الأعمال القبيحة التي تجعل المسلم من المنافقين.
وأردف سماحة الشيخ عبدالحميد بالقول: من تأثيرات النفاق أن الصلاة تصير ثقيلة علی المرء «وإذا قاموا إلی الصلاة قاموا كسالی». والرياء علامة أخری من علامات النفاق «يراءون الناس». وقلة الذكر وتلاوة القرآن من العلامات الأخری «ولايذكرون الله إلا قليلاً»؛ لأن الصلاة والذكر وتلاوة القرآن وسائر أعمال الخير من الأعمال التي يمارسها المخلصون.
وتابع قائلاً: جاء في حديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلی الله عليه وسلم صلی في خميصة لها أعلام فنظر إلی أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: « إذهبوا بخميصتي هذه إلی أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي». وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال النبي صلی الله عليه وسلم: «كنت أنظر إلی علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتني».
يفهم أن النبي صلی الله عليه وسلم لم يغفل عن الله تعالی وعن ذكره ولوكان لحظة واحدة.
وأضاف سماحته بالقول: مع الأسف نحن نصلی ولكن دائماً نفكر في أمورنا الدنيوية في كافة الصلاة.
لأجل ذلك نری اليوم أن أكثر الناس فيهم هذه العلامات وقد عمّ النفاق وقلّ من لم توجد فيه هذه العلامات، وهذا الأمر ما يسترعي الانتباه ويثير المخاوف حيث نحن المسلمون نكذب ولانبالي ولم يبق في قلوبنا خوف و خشية ولاتذرف عيوننا من خشية الله.
يقول الله تعالی: «إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلی ربهم يتوكلون».
هذه الآيات ليست من البشر بل هو ما قاله رب العالمين، فيجب أن تؤثر تلاوة الآيات في قلوبنا، ولكن مع الأسف الشديد قد سببت كثرة الذنوب وقساوة القلوب والغفلة أن لاتبقی خشية في القلوب والخشوع في العبادة والإخلاص وقد فسدت الأخلاق والأعمال. نسأل الله تعالی أن يحفظنا من الغفلة واقتراف الذنوب والمعاصي وأن يذهب بنا إلی طريق المستقيم.
وتابع قائلاً: قد عمت الذنوب اليوم بحيث لايفرق البعض بين الذنوب والحسنات.
وأشار سماحة الشيخ عبدالحميد إلی إقامة معرض للكتاب في مدينة زاهدان قائلاً: إني أشكر وزارة الإرشاد وكذلك إدارة الإرشاد والمعارف الإسلامية في هذا الإقليم علی إقامة هذا المعرض وأوصيكم أن تستفيدوا من هذه الفرصة الثمينة واشتروا الكتب لكم ولأولادكم وأوصي القائمين بالمعرض أن يجتنبوا من نشر الكتب التي تفرق شمل المسلمين وتثير حفيظة البعض بالنسبة إلی الآخرين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات