اليوم :26 April 2024

خطبة الجمعة 3 من محرم

خطبة الجمعة 3 من محرم

الموت قريب منا بل هو أدنی إلی الإنسان من شراك نعله، كما قال الصديق رضي الله عنه، وعلينا أن نعد أنفسنا من أصحاب القبور ونعمل للآخرة ونتهيأ للقاء الله تعالی ونجمع من أعمال الخير ما يمهّد الطريق لهذا الأمر، واعلموا بأنه لايصح عمل إلا بالإخلاص، ويجب أن تكون جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، ولانتبع الهوی والشيطان،…

 

 

************************
خطبة الجمعة 3 من محرم

في بداية خطبته يوم الجمعة رحّب فضيلة الشيخ عبدالحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان بقدوم حجاج بيت الله الحرام عامة والشيخ احمد الناروئي والشيخ نذير احمد السلامي ( من كبار أساتذة جامعة دارالعلوم بزاهدان ) خاصة، ودعا الله تعالی أن يجعل حجهم مقبولاً وأن يرزق الجميع حج بيته الحرام كراراً ومراراً؛ وكذلك أعرب سماحته عن ارتياحه من نزول الأمطار وعن رجائه في أن يقضي الله علی القحط الذي دام سنوات؛ ثم توجّه فضيلته إلی المستمعين بالقول: قد انتهی العام الهجري وبدأ عام جديد وعلينا أن نطالع أعمالنا في السنة الماضية ونشمر عن ساق الجد للسنة الجديدة، وقد جاء في الحديث الشريف: « حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا »، وعليكم أن تنظروا إلی الحقائق ولاتكونوا متقائلين بأعمالكم.
وتابع قائلاً: يجب أن نكون علی حذر تام من النفس الأمارة والشيطان ولانسمح لهما أن يذهبا بنا إلی الضلالة والخسران ونتهيأ للسنة القادمة، والأرجح أن نحاسب أنفسنا كل يوم.
جاء في الحديث الشريف: « إذا أصبحت فلاتنتظر المساء وإذا أمسيت فلاتنتظر الصباح وعدّ نفسك من أصحاب القبور » (أو كما قال عليه الصلاة والسلام).
واستطرد قائلاً: الموت قريب منا بل هو أدنی إلی الإنسان من شراك نعله، كما قال الصديق رضي الله عنه، وعلينا أن نعد أنفسنا من أصحاب القبور ونعمل للآخرة ونتهيأ للقاء الله تعالی ونجمع من أعمال الخير ما يمهّد الطريق لهذا الأمر، واعلموا بأنه لايصح عمل إلا بالإخلاص، ويجب أن تكون جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، ولانتبع الهوی والشيطان، بل نتبع ونمتثل أوامر الله تعالی.
 علينا أن ننظر ما ادخرناه للآخرة وأي عمل قدمناه ليوم الحساب.
وأردف: كان النبي صلی الله عليه وسلم في مرض الموت وقال لعلي رضي الله عنه يوم وفاته: إئتني بكتاب أكتب لكم شيئاً لن تضلوا بعدي، فقال علي رضي الله عنه: يا رسول الله قل لي ما تريد أن توصي به وإني أحفظه عن ظهر قلب؛ فقال: « الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم » ( أو كما قال عليه الصلاة والسلام )، وقد روی هذا الحديث الإمام البخاري في الأدب المفرد.
وأضاف بالقول: كأنّ النبي صلی الله عليه وسلم كان يخاف أن يترك المسلمون الصلاة أو يتكاسلوا فيها.
هذه الكلمات آخر ما تكلم بها النبي صلی الله عليه وسلم، ثم التحق بالرفيق الأعلی.
مع الأسف نحن ننظر إلی الصلاة كثقل علينا، ونری اليوم كثيراً من البالغين لايصلون ويتركون صلاة الفجر وينامون عنها ويؤدون الزكاة مع الحيل، وللأسف ننظر إلی الزكاة كغرامة علينا، مع أنها من العبادات التي يثاب المرء عليها وتزيد نعمه، وإن الصلاة تصير ضياءً ونوراً في الآخرة وإن الزكاة تطهر الأموال وتسبب في المغفرة والرحمة من الله تعالی، ويجب أن نمارسهما علی جناح الشوق والرغبة.
وتابع فضيلته قائلاً: يجب أن نؤدي الصلاة مع الجماعة ولانغفل عنها لأن هذه الأعمال تجلب رضی الله تعالی وتمهد الطريق إلی الجنة.
كثير من الناس تركوا الصلاة والصيام والزكاة ولايفكرون في قضائها ويقولون إن الله غفور رحيم سوف يغفر الذنوب مع أن الواجب عليهم أن يقضوا ما فات عنهم من صلاة أو زكاة أو صيام أو حج.
إن أسهل طريق لقضاء الصلوات في السنوات الماضية أن نقضي كل صلاة مع نظيرتها، مثل أن نقضي صلاة الفجر مع صلاة الفجر من نفس اليوم وينبغي أن نتوب من هذا الأمر وأن نكتب وصية للأقرباء أن يؤدوا فدية الصلوات إن متنا قبل قضاء كافة الصلوات.
واستطرد قائلاً: عليكم أن تجتنبوا الحيل في أداء ما وجب عليكم بل أدوا الواجب من غير تقصير.
هذه الصلوات سوف تسئل عنها في القبر ويوم القيامة. نسأل الله تعالی أن يرحمنا برحمته.
وأشار سماحة الشيخ عبدالحميد إلی تسجيل أسماء المرشحين للانتخابات النيابية في إيران قائلاً: سوف ينتهي موعد التسجيل مساء اليوم، وقد بادر الكثير من الإخوة لتسجيل أسمائهم؛ وهذه الانتخابات لها مرحلتين؛ مرحلة يبحث مجلس صيانة الدستور عن أهلية المرشحين وكفائتهم؛ ومرحلة إجراء الانتخابات حيث تتولاها وزارة الداخلية.
وتابع قائلاَ: وأما ما أريد أن أذكره وأوصي به في هذا المجال من غير أي غرض دنيوي، هو أن علی مجلس صيانة الدستور أن يخلي الطريق لمختلف الأحزاب للمشاركة في الانتخابات وأن يبحث عن أهلية المرشحين مع بعد النظر ورحابة الصدر وأن لايكون في الانتخابات أي زيف وتزوير مع مراعاة العدالة التامة، وهذا الأمر يجلب رضی الله تعالی و يساعد في الانسجام الإسلامي، وإنّ الوحدة من أهم الضرورات في ظل هذه الأوضاع الراهنة.
لابد للحكومة أن تجري الإنتخابات بالحياد التام والنزاهة وهذا الأمر يثبت قدرة الحكومية للجميع.
وأردف بالقول: إني أوصي حاكم الإقليم وسائر المسئولين أننا ذكّرنا المسئولين السابقين زمن الانتخابات أن في مدينتين من مدن بلوشستان تجري الانتخابات بصورة مزورة مزيفة، ولكن الحاكم السابق للإقليم ما جعل تذكيرنا موضع العناية، وإني كتبت رسالة بيدي إلی وزارة الداخلية حينذاك وذكرت هذا الأمر ولكنهم لم يعتنوا إلينا، وثبت فيما بعد تزوير الإنتخابات في تلك المدينتين وأقلقت القضية المسئولين، وقد اضطروا أن يبطلوا نتائج الاتخابات في إحدی المدينتين.
واستطرد قائلاً: إني أوصي حاكم الإقليم أن يقيموا الإنتخابات بالحياد التام مع النزاهة واليقظة التامة لأن البعض يريدون أن يفوزوا في الإنتخابات بالتزوير، وهذا الأمر يسبب الخسران في الدنيا والآخرة.
والأمر الثاني الذي أذكركم به هو أن المعيار في الانتخابات يجب أن لايكون القرابة والطائفة، وإذا صارت القرابة والطائفة معياراً في الانتخابات فإنها تضيع من غير قيمة، كما أن الحكومة ينبغي أن لاتخص بطائفة ومذهب وقوم خاص دون الآخرين.
وأضاف سماحته بالقول: يجب أن يكون المرشح شخصيته شعبية حتی نختاره وندلي بأصواتنا لصالحه.
النائب لايمثل الشيعة أو السنة فقط بل هو يمثل جميع سكان البلد ويمثل الشعب، فعيلنا أن نساهم في الانتخابات ونجعل هذا الأمر نصب أعيننا ولانجعل القرابة معياراً في الإنتخابات.
وأردف قائلاً: الأمر الذي لايحبه ولايرضی به المثقفون والعلماء والعامة هو أن المعيار في الانتخابات قد تكون القرابة أو العشيرة.
يجب أن نختار الأصلح من بين المرشحين.
واستطرد بالقول: وصيتي لسكان “خاش”، “زاهدان”، “سراوان”، “ايرانشهر”، “شابهار”، “زابل” ( في بلوشستان ) وسائر المدن الإيرانية أن الواجب علی الجميع أن ننظر إلی الانتخابات بنظر شعبي واسع وأن نختار الأصلح والأقوی، ولو كان ابن العبد ومن الطبقة السفلی، لأن الواجب أن نؤدي الأمانة إلی أهلها الذي فيه الصلاح والقدرة.
وتابع: وصيتي الخاصة لسكان مدينة زاهدان هي أن سكان مدينة زاهدان من البلوش والسيستانيين والبيرجنديين لو جلسوا جنباً إلی جنب واختاروا نائبين أصلحتين، واحد منها شيعي والآخر سني، هذا أنفع لنا جميعاً.
لاينبغي للسنة أن يكونوا ذوو الأفق الضيّق المحدود ويصرّوا أن يكون كلا النائبين من السنة، وهذا مايقترح لنا الكثير من الإخوة الآن؛ وكذلك يجب علی الشيعة والسيستانيين والبيرجنديين أن يراعوا هذا الأمر، ونختار نائبين يستطيعان أن يقربا بيننا، لا أن يفرّقا بيننا.
لعل نفسي يميل أن يكون كلاهما من البلوش ومن السنة ولكني أعلم جيداً أن مصير هذا الأمر ستكون له عواقب ومشاكل عديدة، ويجب علی الشيعة أيضاً أن ينظروا هكذا إلی الانتخابات.
وأردف قائلاً: علی المرشحين أن يقيموا حفلة ويختاروا من بينهم اثنين للانتخابات ونحن لانشارك في حفلتهم بل نفوض أمورهم إليهم؛ ولو فعلتم هكذا سوف يصير هذا العمل الطيب أسوة لسائر المدن.
من كان ذو الأفق الضيّق فإنه سوف يخسر ويفضح؛ ومن كان يتمتع ببعد النظر وسعة الأفق فإنه يصير عزيزاً كريماً في الدنيا.
وأضاف قائلاً: وأما المسئلة الأخری هي أننا في شهر محرم حيث كانت في هذا الشهر النهضة الحسينية واستشهاد الحسين رضي الله عنه، وإن شاء الله سأتكلم حول هذا الموضوع في الأسبوع القادم، لأن الحسين لايخص بفرقة دون فرقة من المسلمين، وإن نهضته أسوة للنهضات الإسلامية.
وفي الأخير أعرب سماحة الشيخ عبدالحميد عن شكره من قائد الثورة وآية الله شاهرودي ( رئيس السلطة القضائية ) وحجة الإسلام سليماني ( ممثل قائد الثورة في المحافظة ) وحجة الإسلام نكونام ( رئيس المحكمة القضائية في الإقليم ) حيث تم العفو عن أكثر من ألفين ومائة من سجناء الإقليم في الآونة الأخيرة، وهذا الأمر يثبت تمتع المسئولين من بعد النظر، وهذا الممارسة ممارسة إيجابية  تدعم الوحدة؛ ولو نری علی صعيد الواقع أكثر من مثل هذه الممارسات الإيجابية في مختلف الأصعدة لما يستطيع أي عدوّ أن يتسلل إلی صفوفنا وتصير جميع مخططات الأعداء هباءً منثوراً.
وأضاف: إني أعتقد بأن تأثير العفو الإيجابي أكثر من تأثير المجازاة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات