اليوم :26 April 2024

مدينة الريّ والرازيون

مدينة الريّ والرازيون

Image
 مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن ، كثيرة الفواكه والخيرات . ( معجم البلدان 3/ 116 )
بلد جليل نبيل كثير المفاخر والفواكه فسيح الأسواق حسن الخانات طيب الحمامات كثير الإدامات قليل الموذيات غزير المياه مفيد التجارات ، علماء سراة وعوام دهاة ونسوان مدبرات ، بهي المحلات خفيف ظريف نطيف ، لهم جمال وعقل وآنين وفضل وبه مجالس ومدارس وقرائح وصنائع ومكارم وخصائص ، لايخلو المذكر من الفقه ولا الرئيس من علم ولاالمحتسب ، هو أحد مفاخر الإسلام وأمهات البلدان ، به مشايخ وأجلة وقراء وأئمة وزهاد وغزاة وهمة كثير الجليد والثلج :

الريّ فيها درهم كدانق   والخبز في أعلی علوّ الخالق
واللحم قد علق الشواهق
وكم بها من قاطع وسارق  أسرق للحبات من عقائق
وليس بالمأمون من ترافق
يحلف بالطور وبالمشارق  إني علی حق فغير صادق
وهو إذا خصك عين الفاسق
( احسن التفاسيم ص 300 )
وجه تسميتها :
يقول ياقوت الحموي ( معجم البلدان 3/ 116) : وجدت في بعض تواريخ الفرس أن كيكاوس كان قد عمل عجلة وركـّب عليها آلات ليصعد إلی السماء … فلما قام كيخسرو بن سياوش بالملك حمل تلك العجلة وساقها ليقدم بها إلی بابل فلما وصل إلی موضع الريّ قال الناس « بريّ آمد كيخسرو » وكان اسم العجلة بالفارسية فأمر بعمارة مدينة هناك فسميت الريّ بذلك .
وقال العمراني : الريّ بلد بناه فيروز بن يزدجر وسماه رام فيروز وأما الريّ المشهورة فإني رأيتها وهي مدينة عجيبة الحسن مبنية بالآجر .
فتح الري :
قال لوط بن يحيی : كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه  إلی عمار بن ياسر وهو عامله علی الكوفة ، بعد شهرين من فتح نهاوند يأمره أن يبعث عروة بن زيد الطائي إلی الريّ في ثمانية آلاف ، ففعل وسار عروة لذلك فجمعت له الديلم وأمدوا أهل الريّ وقاتلوه ، فأظهره الله عليهم فقتلهم واستباحهم وذلك في سنة 20 وقيل 19 . ( معجم البلدان 3/ 118)
من فضائلها وخصائصها :
حكی ابن الفقيه عن بعض العلماء ، قال في التوراة مكتوب : الريّ باب من أبواب الأرض وإليها متجر الخلق وقال الأصعمي الريّ عروس الدنيا وإليه متجر الناس وكان عبيد الله بن زياد قد جعل لعمر بن سعد ، ولاية الريّ إن خرج علی الجيش الذي توجه لقتال الحسين بن علي رضي الله عنه  ، فأقبل يميل بين الخروج و ولاية الريّ والقعود فقال :
أ أترك الريّ والريّ رغبة   أم أرجع مذموماً بقتل حسين
وفي قتله نار التي ليس دونها   حجاب وملك الريّ قرة عين
 ( معجم البلدان 3/ 118 )
ونزل احمد بن اسماعيل الساماني بظاهر الريّ ولم يدخلها فخرج إليه أهلها وسألوه أن يتولی عليهم ويكاتب الخليفة في ذلك ويخطب ولاية الريّ فامتنع وقال : لاأريدها لأنها مشؤومة ، قتل بسببها الحسين بن علي رضي الله عنه  ، وتربتها ديلمیة تأبی قبول الحق وطالعها العقرب ، وارتحل عائداً إلی خراسان سنة 289 هـ ق . ( معجم البلدان 3/ 122)
يقول المقدسي : وجدت في كتاب بخزائن عض الدولة ، عروسا الدنيا دمشق والريّ وأحسن الأرض مخلوقة الريّ ( احسن التقاسيم في معرفة الاقاليم ) ص139 – 210 .
يقول الحموي : الريّ مدينة ليس بعد بغداد في المشرق أعمر فيها وإن كانت النيسابور أكبر عوصة فيها وأما اشتباك البناء واليسار والخصب والعمارة فهي أعمر وقد حكی الاصطراخي أنها كانت اكبر من أصفهان لانه قال : وليس بالجبال بعد الريّ أكبر من اصفهان ( معجم البلدان 3/ 117 ) .
مذهب اهل الريّ :
وكان اهل الريّ أهل السنة والجماعة إلی أن غلب أحمد بن الحسن المارداني عليها فأظهر التشيع وأكرم أهله فقرّ  بهم فتقرب إليه الناس . ( معجم البلدان 3/ 121 )
ويقول المقدسي : أما بالريّ فالغلبة للحنفيين . ( احسن التقاسيم ص 303 )
يقول الحموي : رأيت الريّ سنة 617 ، أنها خاوية علی عروشها فكان سبب ذلك ما وقعت من العصيبة بين السنة والشيعة وتطاولت بينهم الحروب حتی لم يتركوا من الشيعة من يعرف ، فلما أفنوا وقعت العصيبة بين الحنفيين والشافعية و وقعت بينهم الحروب … ويقول : و وجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض ودروبهم التي يسلك بها إلی دورهم علی غاية الظلمة وصعوبة المسلك ، فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات ولولا ذلك لما بقي أحد . ( معجم البلدان 3/ 117 )
علمائها وأئمتها :
خرج منها جماعة من العلماء والمحدثين في كل فن قديماً وحديثاً وكلهم منسوبون بالرازي ألحقوا الزاي في النسبة  تخفيفاً لأن علی الياء مما يشكل ويثقل علی اللسان .
يقول السمعاني في الأنساب ( 3/ 25) أقمت بها قريباً من أربعين يوماً في انصرافي من العراق وكتبت بها عن جماعة من الرازية تقرب من الثلاثين نفساً . فمن قدماء الأئمة بها :
1- فخرالدين محمد بن عمر التيمي البكري الرازي : المعروف بابن الخطيب الفقيه الشافعي فريد عصره ونسيج وحده ، فاق أهل زمانه في علم الكلام والمعقولات وعلم الأوائل ، له التصانيف المفيدة في فنون عديدة منها تفسير القرآن .
مناقبه اكثر من أن تعد وفضائله لاتحصی ولاتعد ، وكان العلماء يقصدونه من البلاد وتشد إليه الرحال من الأقطار . ( وفيات الأعيان 4/248)
2- محمد بن حميد الرازي : العلامة الحافظ الكبير ابوعبد الله الرازي مولده في سنة حدود 160 حدث عن : يعقوب القمي ، وابن المبارك ، وجريربن عبدالحميد ، وفضل بن موسی وخلق كثيرون من طبقتهم . حدث عنه : ابوداود والترمذي والقزويني في كتبهم وأحمد بن حنبل وابو زرعة وابوبكر بن ابي الدنيا ومحمد بن جرير الطبري ، البغوي وخلق كثير .
قال أبوزرعة : من فاته محمد بن حميد يحتاج  أن ينزل في عشرة آلاف حديث وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل ؛ سمعت أبي يقول : لايزال بالري علم مادام محمد بن حميد حياً .
وهو مع امامته منكر الحديث ( سير اعلام النبلاء الرقم 2073 ، 8/292)
3- ابو عبدالله جرير الرازي : رازي المولد والمنشأ ، رأي ايوب السختياني بمكة وجماعة من طبقته ، سمع الأعمش ومنصور بن المعتمر ، وهشام بن عروة ومغيرة بن قصم وحصين بن عبدالرحمن وليث بن ابي سليم .
روي عنه : عبدالله بن المبارك ، وابوداود الطيالسي ، واحمد بن حنبل ويحيي بن معين وعلي ابن المديني وغيرهم من مشاهير الأئمة والأعلام .
مات بالريّ ، توفي في ربيع الآخر 188 هـ ق . ( الأنساب 3/ 26 )
4- ابوزرعة عبيدالله بن عبدالكريم الرازي : كان اماماً ربانياً متقناً حافظاً مكثراً صادقاً قدم بغداد غير مرة وجالس أحمد بن حنبل وذاكره وكثرت الفوائد في مجلسها .
روي عنه : مسلم بن الحجاج وابراهيم بن اسحاق وعبدالله بن احمد بن حنبل وابوبكر القطان وابن اخته أبومحمد عبدالرحمن بن ابي حاتم الرازي .
حكي عبدالله بن أحمد بن حنبل قال : لما قدم ابوزرعة نزل عند أبي وكان كثير المذاكرة له فسمعت أبي يقول : ماصليت غير الفرض ، استأثرت بمذاكرة أبي زرعة علی النوافلي . وذكر عبدالله بن أحمد قلت لأبي : يا أبَتف ! من الحفاظ ؟
قال : بني ! شباب كانوا عندنا من أهل خراسان وقد تفرقوا .
قلت : من هم يا أبَتف ؟
قال محمد بن اسماعيل ذاك البخاري ، وعبدالله بن عبدالرحمن ذاك السمرقندي والحسن بن شجاع ذاك البلخي .
وحكی عن أبي زرعة الرازي أنه قال : كتبت علی الرجلين مائتي الف حديث .
كتبت عن ابراهيم الفراء مائة الف حديث وعن ابن شيبة عبدالله مائة الف حديث .
ذكر ابوعبدالله محمد بن مسلم ابن وارة يقول : كنت عند اسحاق بن ابراهيم بنيسابور فقال رجل من أهل العراق : سمعت أحمد حنبل يقول صحّ من الحديث سبعمائة الف حديث وكسر وهذا الفتی يعني أبازرعة وقد حفظ ستمائة الف حديث . وكان اسحاق بن راهوية يقول : كل حديث لايعرفه ابوزرعة ليس له اصل . توفي سنة 264 بالريّ . ( الانساب للسمعاني 3/ 26)
5- يحيی بن معلی بن منصور ابو زكريا ويقال ابوعوانة الرازي ؛ نزيل بغداد .
روي عنه : ابن ماجه وابوبكر أحمد بن عمرو والبذار ، احمد بن يحيی التستري ، اسماعيل بن فضل البلخي داود بن الحسين البيهقي ، العباس بن علي النسائي ، ابو القاسم عثمان بن سهل البزاز.
قال الحاكم  سمعت أبا علي الحافظ يقول : كان يحيی بن معلی بن منصور صاحب حديث .
وقال الحافظ الخطيب : كان ثقة . ( تهذيب الكمال 31/ 543 الرقم 6925 )
6- ابوبكر محمد بن زكريا الرازي الطبيب المشهور :
كان إمام وقته في علم الطب والمشار اليه في ذلك العصر وكان متقناً لهذه الصناعة حاذقاً فيها عارفاً بأوضاعها وقوانينها ، تشد إليه الرحال في أخذ ها عنه ، صنف فيها الكتب النافعة ، فمن ذلك كتاب « الحاوي » وهو من الكتب الكبار ، يدخل في مقدار ثلاثين مجلداً وهو عمدة الأطباء في النقل منه والرجوع إليه عند الإختلاف ومنها كتاب « الجامع » وهو ايضاً من الكتب النافعة .
من كلامه مهما قدرت أن تعالج بالأغذية فلاتعالج بالأدوية ، ومهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد فلاتعالج بدواء مركب .
ومن كلامه : عالج في أول العلة بمالاتسقط به القوة .
حكی ابن جلجل في تاريخه ايضاً : أن الرازي المذكور صنف لمنصور كتاباً في اثبات الكيمياء وقصده به من بغداد فدفع له الكتاب فأعجبه وشكره عليه وحباه الف دينار وقال له أريد أن تخرج هذا الذي ذكرت في هذا الكتاب إلی الفعل ، وكل ما احتجت إليه من الآلات ومما يليق الصناعة أحضره لك كاملاً فلما حقق عليه كعّ  عن مباشرة ذلك وعجز عن العمل ، فحمل منصور السوط علی رأسه مكافأة بسبب 1000 دينار ثم أمر أن يضرب بالكتاب علی رأسه حتی يتقطع ثم جهزه وسير به إلی بغداد فكان ذلك الضرب سبب نزول الماء إلی عينه . وقال قد رأيت الدنيا .
( وفيات الأعيان لابن خلكان 5/158 و 160 )
والآخرين من الأعيان ماينسب إليها :
عبد الرحمن بن محمد بن ادريس أبو محمد ابن أبي حاتم الرازي أحد الحفاظ صاحب كتاب الجرح والتعديل واسماعيل بن علي بن حسين الرازي المعروف بالسمّان الحافظ كان من المكثرين الجوالين سمع من نحو 4000 ( اربعة آلاف) شيخ ، روي عنه الخطيب ومحمد بن عبدالله بن جعفر بن عبدالله بن الجنيد ابو الحسين الرازي كان حافظاً ثقة مكثراً كان معروفاً بـ تمام الرازي .
قال الكنائي : توفي شيخنا واستاذنا تمام الرازي وكان ثقة مأموناً حافظاً لم أر أحفظ منه حديث الشاميين .
وقال ابوبكر الحداد : مالقينا مثله في الحفظ والخبر وقال أبو الأهوازي : كان عالماً بالحديث ومعرفة الرجال وما رأيت مثله في معناه . ( معجم البلدان 3/ 121)
وهشام بن عبيد الله الرازي  الفقيه : روی عن ابن أبي الذئب ومالك بن انس وحماد بن زيد وطبقتهم بالحجازوالعراق .
قال موسی بن نصر سمعته يقول : لقيت 1700 شيخ أصغرهم عبدالرزاق وخرج مني في طلب العلم 700000 درهم .
يقول الذهبي : كان من كبار أئمة السنة وفي داره مات محمد بن الحسن . ( تاريخ الإسلام 16/ 440)
قال السمعاني : مات محمد بن الحسن الشيباني والكسائي في يوم واحد بالريّ رحمهما الله .
وقيل إن الرشيد كان يقول : دفنت الفقه والعربية بالريّ . ( وفيات الأعيان 4/ 185)
ومنهم سلمة بن بشير : روی عنه ابوزرعة وأبوحاتم ، قيل إنه روی بالريّ أربعين الف حديث ( تاريخ الإسلام 15 / 179)
احمد بن يوسف الترمذي قاضي الريّ : روی عن فضيل بن عياض وعباد بن العوام . ( الجرح والتعديل 2/ 81 الرقم 185 )

علي رسولي

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات