اليوم :24 March 2025

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

المفاوضات البناءة قد تنقذ البلاد من التحديات القائمة

المفاوضات البناءة قد تنقذ البلاد من التحديات القائمة

اعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (23 رجب 1446) “تشديد العقوبات” و”الحرب”، كأهم التهديدات التي تواجه البلاد، كما اعتبر “التفاوض والحوار البناء” أفضل طريقة للتغلب على التحديات القائمة في البلاد.

الظروف العالمية الجديدة تتطلب قوانين وسياسات جديدة
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: اليوم، ظهرت ظروف جديدة في العالم، ولا بد من تغيير كافة القضايا وفقًا للظروف المتغيرة، ويجب أن تتغير القوانين والسياسات أيضًا وفقًا للظروف الراهنة؛ لأن القوانين القديمة لا تستطيع تلبية جميع احتياجات الشعب والبلاد.
وأضاف قائلا: إن قوانين وسياسات البلاد خلال الأعوام الخمسة والأربعين الماضية، فيها الكثير من المشكلات والخلل، وقد جربت المشكلات الموجودة في هذه القوانين، ولذلك لا بد من تغييرها.

العقوبات الجديدة والحرب تهدد البلاد
وحذر خطيب أهل السنّة في مدينة زاهدان من تشديد العقوبات ضد البلاد، قائلا: يتم التخطيط لعقوبات شديدة ضد البلاد، ويهدد خطر الحرب البلاد أيضًا، والعقوبات التي هي أكثر خطورة من الحرب تهدد المجتمع.
وأكد فضيلته قائلا: رغم أن العقوبات السابقة كانت مفيدة لشرذمة قليلة في البلاد، إلا أنها تسببت بأضرار كبيرة للشعب الإيراني بشكل عام. إن العقوبات السابقة والفساد والاختلاس الذي حدث في البلاد قد سلب الشعب كل شيء. كما قام البعض بالاستيلاء على المصالح والموارد الوطنية، مما أثار مشكلات للشعب والبلاد.

حل مشكلات البلاد يحتاج إلى “آلية جديدة”؛ والتفاوض هو أفضل وسيلة
ووصف فضيلة الشيخ عبد الحميد “التفاوض” بأنه الطريق الأمثل للخروج من مشكلات البلاد، وقال: إن حل مشكلات البلاد الحالية يحتاج إلى آلية وبرنامج جديد، وأفضل طريق هو الحوار والتفاوض.
وأكد: التفاوض والحوار البناء يمكن أن يمنع العقوبات ويزيل خطر الحرب والعقوبات من البلاد وينقذها من التحديات القائمة. وبطبيعة الحال، يجب أن تكون هذه المفاوضات جادة وتتمتع بالصلاحيات اللازمة.

يجب على طرفي التفاوض أن يتحليا بـ “الصدق” و”سعة الأفق”
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: ننصح الجميع، سواء الجانب الإيراني الذي هو جانبنا، أو الجانب الآخر، سواء كانوا أميركيين أو أوروبيين أو أي جانب آخر، بأن يلتزموا بالصدق، ويجب على الطرفين أن يكونا صادقين وجديرين بالثقة، وأن يمارس الكرم والتسامح حتى لا يثقل كاهل البلاد بمزيد من المشكلات والمعاناة.
وتابع قائلا: الإسلام يعلمنا أن نكون صادقين مع أعداءنا، وإن لم يكونوا صادقين. يجب علينا أن نكون صادقين وكلماتنا يجب أن تكون مدعومة بالواقع والصدق.

لن تتحقق مرضاة الشعب إلا بمعالجة مشكلاته
وفي ختام هذا الجزء من كلمته، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى المشكلات المالية للشعب الإيراني وقال: للأسف يعاني الشعب الإيراني هذه الأيام من معاناة شديدة وغير مسبوقة في القطاعات الاقتصادية والمعيشية، وهو ما لم نشهده في أي بلد آخر في العالم.
وأضاف: إن قيمة عملة البلاد تتراجع بسرعة، فإذا استمر الوضع فإن الخسائر ستلحق بالشعب والبلاد أكثر، ولذلك فإن حل هذه المشكلات يحتاج إلى تفكير جاد، وما دام المسؤولون في البلاد وأصحاب السلطة لا يستطيعون معالجة مشكلات ومطالب الشعب، فلن تتحقق مرضاة الشعب.

كان رسول الله رحمة للعالمين، ورحيماً بالجميع
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأول من خطبة الجمعة في زاهدان، إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن رحيما بأصحابه والبشر فحسب، بل كان رحيما أيضاً بالحيوانات والبيئة، وأوصى فضيلته جميع فئات وأطياف المجتمع بالتأسي برحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه الحميدة.
وتابع فضيلته بعد تلاوة آية: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» [آل‌عمران: 159] قائلا: يقول الله تعالى في هذه الآية عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ”، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم لطيفاً مع أصحابه يعفو عنهم ويتسامح معهم فحسب، بل كان أيضاً رحمة للعالمين أجمعين، وكان صلى الله عليه وسلم رحيما بالحيوانات والكائنات جميعا.
وأضاف قائلا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره تخريب البيئة؛ ووضع حدوداً للمدينة المنورة، ومنع قطع أشجارها ونباتها وصيدها، وقد نهى الله تعالى عن قطع الشجر والصيد حول مكة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قطع الشجر والزرع وصيد الحيوان بالمدينة. إن المساحات الخضراء والبيئة الخلابة تسعد النفس، ورؤيتها تزيد الإنسان إيماناً بعظمة الله تعالى.
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: لا يجوز للمحرم صيد الحيوانات البرية. إن تحريم الصيد على الحجاج في مناسك الحج هو امتحان واختبار للتقوى والطاعة، حتى إذا رأى الإنسان صيداً، ضبط نفسه وامتثل أمر الله تعالى، والدرس الآخر هو أنه يجب الحفاظ على الصيد. يُحظر الصيد في مكة المكرمة والمدينة المنوّرة. إذا كان الحيوان في الظل، لا يجوز لأحد أن يطرده ويجلس في الظل بنفسه. ويحرم أيضاً إخراج الصيد من حدود الحرم وصيده خارج الحرم.
واستطرد فضيلته قائلا: علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتجنب صيد الحيوان من غير ضرورة. فالصيد مسموح به، ولكن لا ينبغي أن يتم دون ضرورة. كما أنه ليس من الصواب صيد الحيوانات من أجل التمتع، وهكذا لا يجوز قطع الأشجار الخضراء وتدمير البيئة.

بعث الرسول صلى الله عليه وسلم لإتمام مكارم الأخلاق
قال فضيلة الشيخ عبد الحميد: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لطيف الخلق، جميل الخلق. إن جميع الأنبياء علموا الناس الأخلاق، ولكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعث لإتمام مشروع الأخلاق. لقد اتسم النبي صلى الله عليه وسلم بالأخلاق الكريمة، واستطاع أن يطبق هذه الأخلاق في حياته وفي مجتمعه، فقاد المجتمع نحو الأخلاق الرفيعة، والعقائد الصحيحة، والأحكام المستنيرة. من يعتبر نفسه مسلماً ومتبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون مؤمناً ومسلما صادقا إلا إذا اتبع أخلاق النبي ومنهجه صلى الله عليه وسلم.
وتابع: إن النبي صلى الله عليه وسلم خطط لحياة الإنسان من الولادة إلى الممات. من البداية علموا أطفالكم حسب مواهبهم وقدراتهم، حتى يعرفوا الله تعالى، ويبدؤوا حياتهم باسم الله تعالى، ويناموا باسم الله وكلمة التوحيد، ويهتموا بالله في حياتهم.
وأضاف قائلا: في غزوة بدر أطاع الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لهذه الطاعة الكاملة نصر الله تعالى ثلاثمائة وثلاثة عشر منهم على جيش من الأعداء قوامه ألف رجل مسلح، ولكن في غزوة أحد هزم الصحابة بسبب مخالفة مجموعة من الرماة لأوامر الرسول، فلو كان العالم هو العالم اليوم، وكان المسلمون هم مسلمو اليوم، لحاسبوا كل هؤلاء الصحابة الذين تسببوا في هزيمة المسلمين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم سكت تماما ولم يحرك ساكنا، بل لم يوبخهم، ولم يتذكر بعد ذلك أخطاءهم، ولم يسامحهم فحسب، بل طلب مشورتهم في بعض الأمور أيضًا.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: إن لبيد بن الأعصم وأولاده سحروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاني من هذا السحر قرابة ستة أشهر، لكنه لم يأذن لأحد أن يسيء التعامل معهم، ولم يعاقبهم. هذه هي الأخلاق الكريمة.
وتابع فضيلة الشيخ قائلا: لما توفي زعيم المنافقين عبد الله بن أبي، سأل ابنه، وكان مؤمنا صادقاً، النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه ويعطيه ثوبه المبارك ليكفن به أباه، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وكفنه بثوبه المبارك، وعندما رأى جمع كبير من المنافقين هذا السلوك من نبي الله صلى الله عليه وسلم تأثروا به وتابوا.

على جميع البشر، وخاصة الحكام والمسؤولين والعلماء أن يتحلوا بـالرحمة والشفقة
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: الرحمة مهمّة للجميع، ولا سيما هي ضرورية ولازمة لمن هو حاكم، ومسؤول، ومصدر سلطة للشعب، أو عالم دين، وشخص موثوق به، فنحن جميعا بحاجة إلى التعاطف والتراحم. إن العفو والرحمة والتعاطف أمر مهم وحيوي، وهو من خلق النبي صلى الله عليه وسلم.
وأضاف فضيلته قائلا: من المهم أن يتحلى الحاكم بالأخلاق الحميدة وأن يظهر العطف على وطنه وشعبه، إن الحاكم أو رئيس القبيلة وشيخها، يصبح عظيماً حقاً عندما يتحلى بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: نوصي بالترحّم على جميع الناس والإحسان إليهم جميعاً، ولا سيما يجب الإحسان أكثر إلى المؤمنين الذين لهم معنا اشتراكات، ولا بد من إيتاء الزكاة، والإنفاق على الفقراء والمساكين، وفعل الخيرات والاهتمام بالأيتام. إن هذه الأعمال تستنزل رحمة الله تعالى عليكم.

إن المجتمع ينال كرامته عندما يتحلى بالعلم
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد في ختام خطبته، على ضرورة اكتساب العلم، وقال: أدركوا شبابكم ومراهقيكم وأطفالكم، وأرشدوهم إلى العلم والمعرفة، فالعلم والمعرفة ضروريان للنمو وتقدم الشعب.
وأكد فضيلته قائلا: «الدين» و«العلم» شرفان عظيمان لأي شعب. إن المجتمع ينال كرامته ويصبح وجوده مفيداً للآخرين عندما يتحلى بالعلم والمعرفة. يجب أن تعلموا أولادكم العلوم العصرية والدينية، فالعلمان كلاهما ضروريان، ويحتاج إليهما مجتمعنا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات