اليوم :16 October 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

قافلة الثورة أبعدتْ عن نفسها أطيافا وأجنحة عديدة مع مرور الوقت

قافلة الثورة أبعدتْ عن نفسها أطيافا وأجنحة عديدة مع مرور الوقت

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (۲۱ رجب ۱۴۴۵) بمناسبة الذكرى الـ ۴۵ لانتصار الثورة في إيران، إلى التغيّرات والتطوّرات السياسية واستياء الشعب الإيراني مع مرور الوقت، معتبرا “تغيّر السياسات” و”توظيف الكفاءات في إدارة البلاد” ضروريّا للخروج من هذا الوضع.

ثار الشعب بشعارات “العدالة” و”الحرية” و”الاستقلال” و”تحسين الوضع الاقتصادي”
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: تتزامن هذه الأيام مع انتصار الثورة في إيران، الذي نهضت فيها فئات وأطياف مختلفة من الشعب الإيراني، من الأكاديميين، وعلماء الدين، والتجار، والنّساء، والشباب، والمتدينين، والملحدين، ومن الخطأ ما قاله أحدهم: إن الثورة كانت ثورة المتدينين، بل المتدينون لم يكونوا قادرين على القيام بهذه الثورة بمفردهم، وكان العديد من الماركسيين في السجن أيضًا.
وتابع قائلا: في ذلك الوقت كان المتديّنون ومن لا يؤمنون بالدين جميعهم وقفوا معًا واتحدوا، وكانوا يطالبون بالعدالة، وأعلنوا أنهم بحاجة إلى نظام حكم عادل لا يكون فيه تمييز، ولا حكم الأفراد والعوائل، بل يجب أن تكون جمهورية، وكل شيء يجب أن يحدده التصويت الحرّ. قال الشعب: نحن بحاجة إلى حكومة تتوفر فيها حرية التعبير والقلم وحرية الرأي.
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان: قبل الثورة لم يكن يسمح لأحد بانتقاد الشخص الأول في الحكومة، بل كانوا يعتبرونه خطاً أحمر، لكن قال الشعب الإيراني: إن الحاكم يجب أن يكون شخصًا يمكننا انتقاده والإشارة إلى نقاط ضعفه، ولذلك اعتقل وسُجن العديد من الذين انتقدوا النظام الحكومي أو الشخص الأوّل في البلاد، بل إن كثيراً من العلماء ممن توفي معظمهم، تعرضوا للسجن أو النفي.
واستطرد فضيلته: من أبرز الشعارات ومطالب الشعب أثناء الثورة أن تنفق ثروات البلاد من النفط والغاز وغيرهما على الوطن نفسه؛ كان يقال في ذلك الوقت إن الإمريكيين والعديد من الدول الأخرى التي لها مصالح في إيران مستولية على ثورات البلاد.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لقد انتصرت الثورة في إيران بشعارات “العدالة” و”الحرية” و”الاستقلال” و”تحسين الاقتصاد والمعيشة” و”إنفاق ثروات الشعب على الشعب”، وانضم إلى هذه الثورة جميع المواطنين على اختلاف نواياهم. لقد كانت الثورة الإيرانية ثورة وطنية وشاملة، وباستثناء فئات قليلة جداً، رافق الجميع هذه الثورة حتى انتصرت.

إيران وطن جميع الإيرانيين، وليست وطن المتدينين فحسب
واستطرد خطيب أهل السنة قائلا: إيران ليستْ وطن المتدينين فقط، بل وطن جميع الشعب الإيراني، من المتديّنين وغير المتدينين، والمسلمين وغير المسلمين. لو تمّ توظيف المؤهلين وأهل الكفاءة والجدارة بغض النظر عن دينهم وتوجههم، لأصبحت البلاد بالتأكيد نموذجا فريدا في العالم، لكن للأسف مع مرور الوقت أبعدَت قافلة الثورة بعض الأشخاص الذين استقلوا هذا القطار ورافقوا القافلة؛ لقد طردوا غير المتدينين أو الأحزاب والجماعات التي ضحّت من أجل الثورة وتم سجنهم.
وتابع فضيلته قائلا: وكذلك كلما تقدمنا خرج قطاع من قافلة الثورة، والقوميات وأتباع المذاهب التي رافقت الثورة وضحّت في سبيلها ابتلوا بالتمييز، بل إن نظام البلاد اتجه نحو “الطائفية” كما أن العديد من إخواننا الشيعة الذين كانوا قادرين وجديرين ويمكنهم إحداث التغيير في البلاد، تمّ تهميشهم بذرائع مثل “عدم الالتزام بالإسلام” أو “عدم الالتزام بالجمهورية الإسلامية”، بينما لو أسند العمل إلى مَن يملك الضمير وإلى مؤهلين، لما حدثت هذه المشكلات.

الإصلاحيون فشلوا في إجراء التعديلات
وأضاف خطيب أهل السنّة قائلا: شعرت مجموعة من الثوّار والمتعاطفين ومن الشعب الإيراني أن هذا النظام يحتاج إلى إصلاح، ورفع “الإصلاحيون” رأية الإصلاح وقدموا إلى الساحة، وانضممنا جميعًا إلى الإصلاحيين، لأننا شعرنا أن هذا من أهم متطلبات البلاد، لكن الإصلاحيين الذين صوّت لهم الشعب فشلوا أيضا.
واستطرد: لقد صوتنا للرؤساء على شرط أن ينفذوا الدستور وكان ذلك شعارهم أيضا، لكنهم فشلوا في تطبيق القانون. تولى الإصلاحيون الحكم لكنهم فشلوا في إجراء الإصلاحات، لأنه لم يسمح لهم بالعمل، والله أعلم بمدى جديتهم في إحداث الإصلاحات.
وتابع فضيلته قائلا: وصل الأمر شيئا فشيئا إلى مرحلة تمّ فيها طرد تلك الأطياف الخاصّة، ولم يتم التأكد من مؤهلاتهم ولم يتم استخدامهم في إدارة البلاد، ومن المثير للدهشة أن العديد من الرؤساء فاتهم قطار الثورة أيضًا ولم يحصلوا على تذاكر القطار، والآن لم يبق إلا طيف واحد في الحكومة، وهذا ما أضرّ بالبلاد وأوصلها إلى طريق مسدود.

صرّحت مرات عديدة بأن الطائفية تضيّق عليكم النطاق
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: ليس لدينا هدف خاص، ولكننا نريد الخير للوطن والشعب والحاكم. قلوبنا تتألم لأن سعة الدين لم تستخدم في إدارة البلاد. كان ينبغي لنا أن نفكر في الإنسانية أوّلا، وعندما طرحنا مسألة “الدين”، لم يكن ينبغي لنا أن ندخل في المذهبية. لقد صرحت مراراً وتكراراً للعلماء وأصحاب المدارس الدينية ألا يتجهوا نحو “المذهب”، لأن “المذهب” يضيقكم ويبعد الشعب عنكم. لو فكرنا في مبدأ الإسلام الذي هو على طريق الإنسانية، وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لما حدثت هذه المشكلات.
وأضاف فضيلته قائلا: كان ينبغي أن نتعامل مع الجميع، بما في ذلك المسلمين وغير المسلمين، والمسلمين الملتزمين بالإسلام أو غير الملتزمين. قلت مراراً نريد مسؤولا ومحافظا يعمل من أجل الوطن ويحقق رضا الشعب، وإن لم يكن قائما بالليل.
وقال خطيب أهل السنّة: الشعب الإيراني يتمتّع بقدرات واسعة جداً، وإذا أعطوا مجالا للعمل يقدرون على إدارة أروبا أيضا، واليوم هناك إيرانيون مشهورون في أمريكا وأوروبا كمثقفين. وعلى الرغم من وجود مثل هؤلاء الأشخاص في الداخل، إلا أن بعضهم يظلون في السجون. أعتقد أنه إذا أعطي المجال لبعض النساء والرجال المسجونين، يمكن لهؤلاء تغيير البلاد. بالنسبة للكثير من المواطنين الذين هم في السجون اليوم، كان الإنصاف إشراكهم في إدارة البلاد وتوظيفهم كرئيس الجمهور والوزير.

لا بدّ من إجراء “استفتاء” للتعرف على مستوى مرضاة الشعب
وتابع خطيب أهل السنة قائلا: نحن الآن في الذكرى الخامسة والأربعين من انتصار الثورة، قوموا بإجراء استفتاء بين هؤلاء الشعب الذين انتفضوا من أجل الاقتصاد والمعيشة والعدالة والحرية في ذلك الوقت، واسألوهم كم في المائة منهم راضون اليوم. لو كان لي دور في هذا البلد لأجريت استفتاء واستسلمت لإرادة الشعب. من المهم جدًا أن يحظى الحاكم بشعبية ويستمع إلى شعبه.
وأضاف: هذه الحكومة اتجهت نحو العسكرة وزاد من المشكلات، لأن المؤسسة العسكرية لها وظيفة أخرى وهي الدفاع عن وحدة أراضي البلاد، والعمل الدفاعي، وقد تم تدريبهم لذلك، ولا يمكن تنفيذ السياسات الداخلية والخارجية والسياسات الاقتصادية من خلال الجيش، يجب أن يقوم السياسيون بالعمل السياسي حتى يتمكنوا من تعديل السياسات بشكل صحيح، فالمسألة العسكرية هي أحد أبعاد البلد، أما بالنسبة للأبعاد الأخرى فلا بد من استشارة الخبراء والمفكرين.
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد: عندما اتجه نظام البلاد إلى العسكرية، تسبب في كل هذه المشكلات والاستياء، واليوم وصل الدولار إلى ۶۰ ألف تومان. من يستطيع العيش بهذا الدولار؟ وما يشاهد أن العمال والمتقاعدين والمدرسين ومختلف النقابات العمالية يصرخون يوميًا، فالسبب في ذلك أنهم عاجزون عن تلبية الحاجات اليومية. وقت الثورة كان الدولار يساوي سبعة تومانات، والآن ستون ألف تومان يساوي دولارا واحدا، بحيث أصبح رجال الأعمال لا يقدرون على القيام بالأعمال التجارية.
وأكد فضيلته قائلا: على الكبار الذين بيدهم أمور البلاد أن يفكروا لحل مشكلات الشعب الذي يتعرض للضغوط، للخروج من هذا الوضع.
وتابع قائلا: نحن لا نريد شيئا لأنفسنا، وما نقوله هو من باب التعاطف والشعور بالمسؤولية، ونعتبر أن من واجبنا بيان هذه القضايا، كما طرحنا القضايا الأساسية في الاجتماعات والمؤتمرات في الماضي، وليس من عادتي مدح شخص ما دون داع.
وأوضح خطيب أهل السنة قائلا: لم تكن السياسات الراهنة حتى الآن مجدية، ويجب تغييرها. فكما كانت في أوائل الثورة جميع الأطياف حاضرة في الثورة، يجب اليوم أيضا أن يشارك جميع العرقيات والأطياف الدينية وغير الدينية في السلطة، وأن تدخل الميدان.
وخاطب فضيلته المسؤولين قائلا: أطلقوا سراح السجناء السياسيين.
وتابع: من المشكلات الكبيرة التي كانت موجودة في بداية الثورة أنّ الأمور المهمة سلّمت للشباب عديمي الخبرة، ونفس الوضع موجود اليوم، في حين يجب أن تسلم المهام إلى الكبار ولا بد من الاستعانة بالشباب ذوي الخبرة.
وأكد فضيلته قائلا: الضغط قي هذه الأيام على الشعب كبير جداً، وهؤلاء لن تصرفهم الإعدامات والتشديدات عن مطالبهم؛ فعندما يجوع البطن ويبكى الأطفال من الجوع يقلق الجميع، لذلك من الأفضل أن نفكر بشكل أساسي من أجل الوطن والشعب. إن إيران والشعب الإيراني من البلاد والشعوب العظيمة والمهمة في العالم؛ وينبغي التفكير والتخطيط لهذا البلد والشعب بما يليق بهذا الشعب وبالمسؤولين أنفسهم.

لا بد من التحقيق في جريمة القتل المشبوهة لـ “سبهر شيراني” وإبلاغ الحقائق إلى الشعب
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في الجزء الأخير من كلمته خلال خطبة الجمعة، إلى وفاة “سبهر شيراني”، الطالب البلوشي الشاب، وقال: إن السيد “سبهر شيراني”، وهو أحد الطلاب الآكاديميين، قُتل بطريقة مشبوهة، وهذا الخبر انتشر في الداخل والخارج، وأثار قلقاً كبيراً لدى الشعب. أطلب من السلطات العثور على جذور هذه المشكلة وإبلاغ الحقائق للشعب.
وأضاف قائلا: إذا عولجت القضايا بصراحة وتم بيان الحقائق، سيرتاح الشعب، لكن إذا كانت الإجراءات سريعة واعتبرها الشعب متحيزة، فإن ذلك سيثير قلق الشعب، لذلك إذا ارتكب شخص ما خطأ وتورّط في قتل هذا الشاب، يجب أن يعاقب، كائناً من كان.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات