أدان فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (25 ربيع الثاني 1445) جرائم إسرائيل في غزة، واصفا الحكومة الأمريكية وغيرها من داعمي إسرائيل “شركاء في المجازر والدمار في غزة”، كما طالب فضيلته الدول الإسلامية بأن توحد صفوفها للوقوف أمام جرائم إسرائيل.
إسرائيل تريد تدمير غزة بالكامل وتهجير جميع سكانها
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: ليست الحياة في الدنيا إلا ابتلاء وامتحان، يريد الله تعالى أن يرى كيف يكون سلوكنا وأداؤنا تجاه هذه الامتحانات، ولذلك يجب علينا أن نحرص على أن يكون سلوكنا وعملنا سلوك من نجح في هذه الامتحانات ونال مرضاة الله تعالى. إن الأحداث التي تقع في العالم هي اختبارات إلهية، والإسلام ينصحنا أن لا نكون غافلين غير مكترثين بهذه الأحداث وما يحدث للإنسان، بل الواجب الإنساني والإسلامي علينا جميعا ثقيل جدا بالنسبة لأحداث العالم.
وأشار فضيلته إلى الأوضاع الراهنة في غزة وتابع قائلا: إنّ كل من يعيش على هذه الأرض ولديه شعور وإحساس، يحزن من القسوة التي تحدث في غزة هذه الأيام. لقد حدثتْ في غزة الجريمة والكارثة التي تؤلم ضمير الناس جميعا، وحتى اليهود المعتدلين في العالم يحزنون لهذه الجريمة، ويحتجّون على هذه التصرّفات بتنظيم مظاهرات، ويعلنون أنّ سفك الدماء والقتل ليس هو الحل، بل الحل هو الحوار.
وأضاف خطيبُ أهل السنة في زاهدان قائلا: للأسف وإنْ كانت الحكومات الغربية والأوروبية تركتْ يد رئيس الوزراء المتطرّف وحكومة إسرائيل المتطرفة حرّة بدعمها لجرائم إسرائيل، لكن شعوب العالم ينزعجون ويحتجّون عندما يرون المشاهد المفجعة في غزّة.
وتابع قائلا: في مدينة غزة التي يبلغ عدد سكانها إلى أكثر من مليوني نسمة، يتم استهداف المنازل والمدنيين، وهذه المدينة تتجه نحو الدمار الكامل، وتتعمّد إسرائيل تدمير كافّة البنى التحتية وحتى الشوارع والطرق في غزّة، والأحداث التي تجري في غزة هذه الأيام غير مسبوقة في العالم وفي تاريخ البشرية، ولن يقبل أيّ عقل سليم مثل هذه الجريمة.
لا يسمح أي دين أو قانون بقتل النساء والأطفال وتدمير دور العبادة والمستشفيات
وقال خطيب الجمعة لأهل السنّة في زاهدان: إذا كانت اليهود تكبّدوا خسائر، فإن إسرائيل كبّدت أهل غزة خسائر أكبر بكثير، وسواء كانت الحرب ضد جماعة عسكرية مسلحة أو شبه عسكرية فهذا شيء آخر، ولكن عندما يكون الذين يتكبّدون الخسائر هم النساء والأطفال والعزل والأبرياء، وعندما يتم استهداف المستشفيات والمساجد والكنائس ودور العبادة، فهذه قضايا مهمة، وقد حذر منها القرآن الكريم، وقد جعل القرآن الكريم “الجهاد” مشروعاً لأجل دفع مثل هذه الفتن، حيث قال: «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا»؛ إذا لم يدافع الناس ولم يقفوا ضد القمع والدمار، فسيتمّ استهداف المساجد ودور العبادة للمسلمين واليهود والنصارى والهجوم عليها.
وتابع فضيلته قائلا: لا ينبغي التعرض لدور العبادة وكذلك المستشفيات والنساء والأطفال في الحروب. لقد استشهد أكثر من ١٠ آلاف شخص في الهجمات الإسرائيلية على غزة حتى الآن، منهم خمسة آلاف طفلا وثلاثة آلاف امرأة، هؤلاء الأطفال والنساء وأغلبية سكان غزة ليسوا عسكريين، لكن إسرائيل لا تفرّق بين مدني وعسكري في الاستهداف، فلا دين سماوي ولا شريعة ولا ثقافة إنسانية تسمح لأحد بقتل النساء والأطفال أو تدمير دور العبادة والمستشفيات.
أميركا وكلّ داعمي إسرائيل شركاء في القتل والدمار في غزّة
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد دعمَ أمريكا لإسرائيل، وتابع قائلا: للأسف الحكومة الأمريكية أرسلت كافة تسهيلاتها إلى المنطقة لدعم إسرائيل، ونشّطت دبلوماسيتها حتى لا تتجرأ أي حكومة في المنطقة على التدخل في هذه الحرب، ومن ناحية تأذن لإسرائيل بالإجرام. إنّ أمريكا وكلّ من دعم إسرائيل شركاء في هذا القتل والدمار، ويجب أنْ يتوقّف هذا الدمار.
وقال فضيلته: رغم مطالبات الحكومات ورغم المظاهرات التي تخرج في العالم لوقف الحرب في غزّة، لكن إسرائيل غير مستعدّة لقبول وقف إطلاق النار وتواصل تدميرها وتريد تدمير غزّة بالكامل وقتل سكانها، وتشريدهم جميعا. نحن ندين بشدة هذه الجريمة ونطلب من الحكومات الإسلامية أنْ تتوحّد وتقف ضد هذه الجريمة لوقف هذه المذبحة والدمار.
وأكّد فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: للأسف منظمة حقوق الإنسان غير ناشطة في هذا المجال. لماذا لا تتحدى الأمم المتحدة والحكومات الغربية إسرائيل؟! أليس شعب غزة العزّل من البشر حيث يذبحون بهذه الطريقة؟
هذا وخاطب فضيلة الشيخ عبد الحميد الجمهور قائلا: أقل ما يمكننا تقديمه لأهل غزة وغيرهم من المضطهدين في العالم هو الدعاء لهم، وفي رأينا أن الظلم مدان في أي مكان في العالم وضد أي شخص، بغض النظر عما إذا كان مسلما أو غير مسلم، وسواء كان يؤمن بالله أو لا، ويجب علينا الدعاء للمظلومين.
بدل توجيه التهم والكذب استمعوا إلى المنتقدين
وقال فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من كلمته ردّا على الاتهامات التي أثارتْها بعض وكالات الأنباء مؤخرا ضد الجامع المكي بزاهدان: في الآونة الأخيرة، قامت بعض وسائل الإعلام التي تنسب نفسها إلى الحكومة ومؤسساتها الأمنية في البلاد، لجأوا إلى الافتراء والكذب، ونحن نعجب كيف تبادر هذه الوسائل الإعلامية علانية وبهذه الطريقة إلى الافتراء على المنتقدين الذين يطالبون بالعدالة وتوفير الحريات المشروعة؟!
وأشار فضيلته قائلا: أين أذن الدين الإسلامي للمسلم بالكذب واتهام الآخرين؟ ما هذا الدين الذي يبيح للناس الكذب على خصومهم والافتراء عليهم؟! أولئك الذين يرتكبون مثل هذه الأفعال يجب أن يشككوا في دينهم. والحمد لله إننا لا نسمح لأنفسنا بالافتراء على أحد، ونعتقد أن التدين إنما هو في الصدق والأمانة.
وأوضح خطيب أهل السنة في زاهدان: هذه الأكاذيب في معظمها تهدف إلى إبعاد المنتقدين عن الميدان، بينما العلاج هو الاستماع إلى المنتقدين والمعارضين. والطريق لحل مشكلات مجتمعنا أن يُسمع النقد. نحن لا نقول ليس لدينا ضعف؛ وإذا انتقد أحد سلوكنا وكلامنا بصراحة، فإننا نرحب به ونحب أن نصلح أنفسنا.
وأضاف قائلا: ينبغي للإنسان أن يصلح نفسه بانتقاد المخالفين، لا أن يلجأ إلى الافتراء والكذب ويتوسّل إلى ما يتبين مثل النهار أنه كذب. إن الاتهام والكذب بهدف التدمير والتخريب وإثارة القلق في العقول من أي جهة كان، عمل محظور لا يجوز، ومثل هذا التخريب لا يؤدي إلى أي نتيجة.
لا بد من مراعاة الحرّيات القانونية للصحفيين والإعلاميين
وانتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد تكثيف الضغوط على الناشطين الإعلاميين، وتابع قائلا: في كلّ أنحاء العالم يعكس الإعلاميون حقائق المجتمع ويعكسون مطالب وآراء الشعب للمسؤولين و مطالب وآراء المسؤولين للشعب، وحرية الإعلام هي إحدى الحريات الأساسية لأي حضارة وشعب، ومن مصلحة البلاد أن يتمتع الإعلاميون والصحفيون بالحرية، ولا ينبغي أن يتعرض الإعلاميون للضغوط.
وأضاف فضيلته قائلا: للأسف يتم الآن في بلادنا استدعاء الصحفيين وأصحاب وسائل الإعلام أو اعتقالهم بسبب أمور بسيطة. هذا ليس سلوكا وتصرفا مناسبا. ليس من الضروري أن تعبر وسائل الإعلام أفكار الحكومة والمسؤولين فحسب، بل ينبغي ضمان الحريات التي يمنحها الدستور للصحفيين والإعلاميين.
أهل السنة في إيران ليست لديهم أي وسيلة إعلامية
وأضاف خطيب أهل السنة في زاهدان قائلا: للأسف، لا تملك أهل السنة في إيران أي وسيلة إعلامية. في بلادنا ليست لدى الأحزاب قنوات فضائية أو تلفزيونية، بينما في جميع أنحاء العالم، تتمتع الأحزاب والأديان بحرية تمكنهم من امتلاك وسائل إعلام خاصة بها، لكن أهل السنة في إيران لا يتمتعون بهذه الحرية في البلاد.
وأشار فضيلته إلى تفاقم الضغوط على الذراع الإعلامي لجامعة دار العلوم والجامع المكي، قائلا: كان لدينا موقع تم حجبه في الوقت الذي بدأ العمل. كما تم حجب موقعي الشخصي على الفور من غير أن ينظروا إلى محتواه. الآن عندما يأتي شخص ما ويلتقط صورة هنا، أو شخص يقوم بنشاط ما، يتم القبض عليه أو ملاحقته؛ ونحن نعترض بشدة على هذا الوضع، لا ينبغي منع حرية التعبير بشكل مطلق.
وأكد فضيلته قائلا: كمواطنين لهذا البلد نريد حرية التعبير والقلم. مطلبنا هو إطلاق سراح الصحفيين وكل من تمّ اعتقالهم على خلفية نشاطهم الإعلامي حتى يتمكنوا من بيان الحقائق، وهذا لمصلحة الوطن والحكومة والشعب.
تعليقات