انتقد فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (19 جمادى الأولى 1443)، التدخلات في بعض المناطق السنية مخالفا للدستور، مطالبا بتطبيق الدستور، لا سيما المادة الثانية عشرة.
وأضاف فضيلته مشيرا إلى أن المادة الثانية عشرة للدستور تؤكد على حرية أهل السنة في ممارسة شؤونهم الدينية: المذاهب السنية حرة في شؤونها الدينية والتعليمة وفقا لما ورد في الدستور، وإن كان الدستور أعلن المذهب الجعفري الإثني عشري مذهبا رسميا للبلاد، وكان الشيخ عبد العزيز رحمه الله في مجلس الخبراء، واعترض على هذا، لكن تم تقرير هذا الدستور في النهاية، وقبلناه، ونتحدث بما هو في إطار الدستور، وليست مطالبنا غير منصفة. فالدستور نص بالحرية في التعليم والتربية في المسائل المذهبية.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد مؤكدا: صلاة الجمعة أيضا من طقوسنا الدينية التي يجب أن تقام بغير منع ومشكلة، لكن المؤسف أن الدستور لم يطبق عمليا، ولا نملك الحرية التي أعطانا الدستور. والنموذج البارز له منظمة تنظيم المدارس الدينية التي مقرها في طهران، وتحاول تنظيم المدارس الدينية لأهل السنة، والتخطيط لها. نحن رفضنا مطالب هذه المنظمة، وفي المناطق الأخرى التي قبلوها واجهوا مشكلات، وأكثرها مشكلة هي محافظة كردستان. فالعلماء الأكراد في مناطق كردستان غير راضين بها. نرجو أن تطبق المادة الثانية عشرة التي صرحت بحرية التعليم بطريقة جيدة.
وأضاف خطيب أهل السنة قائلا: لم نكن نتوقع أن يكون رئيس المركز العلمي الكبير في “سنندج” (مركز محافظة كردستان) من شيعة مدينة قم، مع أن علماء أهل السنة الذين يقبلون النظام موجودون في تلك المنطقة. لماذا لا يتم توظيف علماء أهل السنة في تلك المنطقة في هذا المركز؟
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى قيام هذا المركز الديني والمسؤولين الأمنيين بتعطيل عشرات المدارس والكتاتيب في كردستان قائلا: ليس واجب المسؤولين الأمنيين التدخل في شؤون المدارس والمساجد الدينية، فبإمكان النظام الإشراف، ولكن ليس له حق التدخل، والإشراف لا ينبغي أن يكون بيد القوات العسكرية والأمنية، بل يجب أن يكون بيد الكبار، فكل شخص يحمل فكرة ورؤية، ولقد أسرفوا في الإشراف بحيث تبدل إلى تدخل، وأضروا بتدين سكان كردستان، بينما المطلوب في النظام الإسلامي تقوية التدين. لكن كان التدخل في المسائل المذهبية وصلاة الجمعة، والجماعات وعزل الأئمة إلى حد غادر الناس المساجد.
وصرح فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: إمام الجمعة والجماعة يجب أن يكون شخصا يرضاه الناس، ولا يكون مفروضا على المصلين. هناك شكاوى كثيرة في كردستان حول هذا. في هذه المحافظة يرون تعيين إمام الجمعة من حقهم. نحن نعتقد أن تعيين الإمام من واجب المصلين. الناس بنوا هذه المساجد، حينما ينبي الشعب المساجد والمدارس الدينية، فدعوا الناس أن يختاروا إمام الجمعة والجماعة بأنفسهم.
واستطرد فضيلته قائلا: نحن جميعا نلتزم بدستور الجمهورية الإسلامية، ويجب أن تمتلك المدارس والمساجد حريتها، والمثير للدهشة أنه حتى لو كان المسجد سيُبنى في قرية، فلا بد من إجازة من قبل مجلس يتألف من سياسيين، وقوات أمنية، وعسكريين، وقضاة، وعلماء شيعة، وعدد قليل من علماء السنة.
نحترم قواتنا الأمنية والعسكرية وعليها العمل على حماية الوطن، لكنكم حملتموها للتدخل في هذه الأمور والانخراط في الشؤون الدينية. من واجب القوى الأمنية محاربة أعداء الثورة وليس التدخل في الشؤون الدينية.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لقد تحلينا بالصبر والمدراة إلى الآن، وما زلنا نفعل ذلك، لكن هذا ليس من حقنا، هذا مخالف للدستور ونحن نطيع في إطار الدستور. ميثاقنا الوطني هو الدستور، ومن يرفض الدستور يصعب علينا قبوله، لأن هذا يضرّ بنا. قبلنا القانون ونحن نطيع المسؤولين في إطار الدستور، هذا الدستور يحدد حريتنا ونحن نريد هذه الحرية وحقوقنا، نعتقد بأن نكون أحرارا في مسائلنا المذهبية.
مع مرور ثلاث وأربعين سنة من عمر الثورة، لم تتحقق مطالب أهل السنة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى التمييزات المفروضة ضد أهل السنة قائلا: منذ 43 ونطالب بتوظيف أهل السنة، ولما تتحقق هذه المطالب. من مجموع مائة في المائة من المناصب في مركز المحافظة كان نصيب أهل السنة عشرة في المائة منها. لم تراعوا حقوق أهل السنة.
وتابع فضيلته منتقدا عدم توظيف أهل السنة في مستوى البلاد قائلا: نحن نطالب منذ 43 سنة أن يتم توظيف وزير من أهل السنة، لكن لا محل لأهل السنة في المناصب الإدارية. لم يؤظف في مراكز المحافظات السنية أبناء أهل السنة أو تم توظيف القليل منهم. كان لدينا قاضيان جيدان من أهل السنة في القضاء في زاهدان، توفيا بسبب كورونا، ومكانهما فارغ في القضاء. نرجو من السلطات القضائية والقوات المسلحة استخدام أهل السنة.
وطالب فضيلة الشيخ عبد الحميد زعيمَ الثورة أن يتدخل شخصيا في حل مسائل أهل السنة، ولا يفوض هذه المسائل إلى الدولة وسائر مراكز القوة، وتابع قائلا: نحن جميعا إيرانيون أصليون، ولقد ضحى آبائنا للدفاع عن الوطن. أهل السنة الساكنون للحدود حاربوا الأجانب، لذلك نتوقع أن تحل مشكلاتنا، ونطالب الحرية القانونية والمساواة.
وأكد فضيلته قائلا: مع مرور عدة أشهر من عمر الدولة الجديدة لم يصدر حكم لأهل السنة سوى مستشار. البلد للجميع، الشيعة والسنة كلهم إيرانيون، ولا أحد أكثر إيرانية من غيره. نحن إخوة ومتساوون. نطالب بإزالة التمييزات. نحن جميعا أبناء هذا الوطن، ونفتخر بالإسلام والوطن.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى وجود الاختلافات الفقهية بين الشيعة والسنة قائلا: نؤيد أن الإسلام يحكم البلاد، لكن الفقه الشيعي ينفذ وليس الفقه السني. لدينا مشتركات كثيرة، ولدينا اختلافات كثيرة. الفقه السني يرفض الإعدامات التي تنفذ في البلاد، والإقرار تحت الإكراه لا قيمة له في الفقه السني. ولو أن مسؤولا سنيا قام بهذه الأمور نقف ضده.
صدر حكم عزل الشيخ كركيج بعجلة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى تصريحات الشيخ كركيج الأخيرة، وتابع قائلا: فضيلة الشيخ “محمد حسين كركيج” من الشخصيات المعروفة ولديه شعبية، وهو إمام وخطيب أكثر من أربعين سنة. في هذه المدة تكلم بمطالب الشعب، وتحدث عن مشكلاتهم، ولديه انتقادات. في كلامه الأخير لم يتعمد الإهانة إلى أهل البيت، ونحن نقبل ذلك، لأننا نعرف اعتقاده، فهو يبكي عندما يذكر أهل البيت، ويحبهم، وإنما أسيء فهم كلامه، وقال إنه لم يقصد ذلك، واعتذر، وهذا الاعتذر يدل على شهامته.
وصرح فضيلته حول قضية الشيخ كركيج قائلا: لقد تابعنا قضية الشيخ كركيج، واتصلنا بطهران، وأن تحل هذه المسألة من خلال الحوار ، وينبغي الاكتفاء بهذا الاعتذار، واتفق الجميع على حل القضية، لكن قالوا بعد ذلك أن مجلس أمن المحافظة رفض رأينا، وأمروا أن لا يأتي الشيخ كركيج إلى المسجد. شكوانا أن حكم عزل الشيخ كركيج صدر بسرعة، وكان عليهم أن يصبروا وعدم الإصدار على هذا الحكم، لكن الشيخ كركيج لم يعط فرصة له.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى نسبة أهل السنة في البلاد، البالغة إلى عشرين مليون نسمة قائلا: نحن من أبناء هذا الوطن، ويبلغ عددنا إلى عشرين مليون نسمة، ولدينا توقعات، ومطالبنا ليست لليوم وإنما نطالب بها بطريقة جادة.
وأضاف فضيلته قائلا: لن نقبل أن يتخذ القرار بمصير مدارسنا ومساجدنا من أماكن خاصة، بل نطلب أن يكون لنا وقفنا الخاص كما أن للشيعة وقفهم الخاص في الكثير من البلاد، ويجب أن تكون أمور الشيعة بيدهم، وأمور أهل السنة بيدهم.
وتابع قائلا: يجب أن نعيش بطريقة تحكم التاريخ حكما حسنا بشأننا، يجب أن نترك تاريخا مشرقا للقادمين. نحن نريد الخير للوطن، ونريد الأخوّة، ويجب أن نسير في هذا الطريق. نحن نوصي بمراعاة حقوق الأقليات في البلاد. يجب أن تراعى حقوق كل شخص ويطبق العدل.
تعليقات