أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (12 جمادى الأولى 1443) بعد تلاوة آية: “يريدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَکُمْ وَ يَهْدِيَکُمْ سُنَنَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِکُمْ وَ يَتُوبَ عَلَيْکُمْ وَ اللَّهُ عَليمٌ حَکيمٌ وَ اللَّهُ يُريدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْکُمْ وَ يُريدُ الَّذينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَميلُوا مَيْلاً عَظيما”، إلى مؤامرات ومخططات الأعداء لإفساد المسلمين، معتبرا الحرية والدفاع عن حقوق المرأة من أبرز مشاريع الأعداء لترويج الخلاعة والفساد والإدمان، وإثارة الفرقة في البلاد الإسلامية، وسوق المجتعات المسلمة نحو الفساد.
وأضاف فضيلته قائلا: إن الله تعالى هدى الناس في القرآن إلى أفضل طريق، وحذر المسلمين عن مؤامرات ومخططات الأعداء الذين يسعون لإضلالهم.
واستطرد فضيلته قائلا: الإسلام دين الاعتدال والوسطية؛ لا تفريط فيه ولا إفراط، لكن يوجد في شعوب العالم قصور وتشددات في غير محلها، فالبعض يريدون حرية مطلقة. مع الأسف يتبع الكثير من المسلمين الحضارات الأجنبية، أو تأثروا بالثقافات المحلية والإقليمية والقومية التي يوجد فيها تطرف وغلو، وإلا فالإسلام دين وسطية واعتدال.
وأضاف فضيلته قائلا: يدعو الإسلام إلى التعفف، والطهارة، والزواج، وأفضل الطرق. يؤكد القرآن الكريم على أن العلاقة بين الرجل والمرأة يجب أن تكون علاقة مشروعة.
وتابع فضيلته قائلا: الإسلام منع من القمار، والخمر، والمخدرات وكل ما يضر بصحة الإنسان وظاهره وباطنه، ويضعف عقله. الخمر نجس ورجس، ونشاهد اليوم أضرار المخدرات التي حرمها الإسلام.
وأضاف فضيلته قائلا: في كل حكم لله تعالى حكمة؛ الكثير من المحرمات القرآنية محظورات في الثفاقات الدولية، لكن الناس في العالم أحلوا ما حرم الله، وهي في الواقع تلك المشاريع التي يريد الكفار من خلالها إفساد المسلمين وإضلالهم. يريد الله إصلاح الإنسان بالأحكام، وأن يعطيهم حياة طيبة، لكن الذين يتبعون الشهوات وأهواء النفس، يريدون إضلال المسلمين عن الصراط المستقيم.
يريد الغرب بشعار الدفاع عن حقوق المرأة نشر السفور والفساد في البلاد الإسلامية
وأكد خطيب أهل السنة في زاهدان مشيرا إلى بعض مؤامرات غير المسلمين: تغيرت الظروف حاليا، يريد العالم من خلال بذل الأموال الكثيرة، والبرامج الدقيقة، نشر الفساد والسفور والمعاصي والخلاعة والفحشاء بين المسلمين.
وتابع فضيلته قائلا: الإسلام له برنامجه وثقافته الخاصة، واللباس جزء مهم من الثقافة الإسلامية، والقوانين الدولية وأصول الحرية تؤكد أيضا على بقاء الثقافات المحلية والقوانين الدينية في كل منطقة. الحجاب ثقافة محلية ودينية في المنطقة، وليس لأحد سلب الحرية القانونية للناس في امتلاك الحجاب والتمسك بالثقافات المحلية.
وأكد فضيلته قائلا: استهدف اليهود والنصارى بلادا مهمة، ويعلقون العلاقات الودية بنزع الحجاب الإسلامي وحرية النساء. على المجتمع الإسلامي أن يكون واعيا، ولا ينبغي أن يقع ضحية أعداء الدين والذين يكرهون الإسلام، ويريدون إفساد البلاد الإسلامية المهمة بهتاف الدفاع عن حقوق المرأة. اهتم الإسلام بحرية الفكر، والقلم، والحريات السياسية المشروعة أكثر من الغرب، لكن لا مشروعية لحرية المنكرات والمفاسد والمعاصي، وبكل حرية تضر بسلامة المجتمع.
وأكد فضيلته على أن بقاء البلاد الإسلامية في إطاعة الله تعالى، قائلا: من الخطط السيئة التي استطاع الأعداء تطبيقها في البلاد الإسلامية، إثارة الخلافات. إنهم يخوفون البلاد الإسلامية بعضها من بعض، وبإعلان دعمهم من بعض البلاد يحاولون إبعادها عن الدين، وأن يغيروا البيئة.
وتابع فضيلته قائلا: التاريخ شاهد أن الفساد والذنوب والمنكرات أينما انتشرت، تأتي بالهلاك. الظلم والقتل وإراقة الدماء والزنا والفساد والرشوة تجلب معها الهلاك والدمار، ويفقد الناس أموالهم، ويزول الأمن، لا سيما إذا كان الذي يرتكب هذه المعاصي من المسلمين الذين يدعون الإسلام. أينما ساد التقوى والورع والعلم والعمل، سيبقى الملك هناك. وصيتنا لكافة الممالك والبلاد الإسلامية أن لا ينخدعوا بأعداء الإسلام، ويعملوا بالقرآن والسنة كما يهتفون ويقولون.
جماعة الدعوة والتبليغ لا ضرر فيها لأحد
وفي قسم آخر من خطبته، أشار خطيب أهل السنة إلى الحظر على نشاطات جماعة الدعوة والتبليغ في بعض البلاد الإسلامية، قائلا: البعض انتقدوا جماعة الدعوة والتبليغ وأوصوها بالعمل بالكتاب والسنة. هذا مثير للغرابة حيث يقال ذلك لجماعة يرضاها العالم كله، وليست لها أغراض سياسية واقتصادية ومنافع مادية. هم بأموالهم يسعون لإصلاح الأمة، ويسعون ليلتزم المسلمون بالصلاة والزكاة والصوم والحج والأحكام الإسلامية، ويتحدثون عن المشتركات، ولا نزاع لها مع جماعة ولا طائفة، ويسعون لبناء الأمة الواحدة.
وأضاف فضيلته قائلا: من أصول هذه الجماعة العمل بالسنة، وتطبيق الأحكام الإسلامية والسيرة في الحياة. البعض يذكرون اسم الكتاب والسنة، لكن أهل التبليغ يعملون بهما، ولم يكن مع جماعة التبليغ إلا الخير.
وأضاف: نحن نريد الخير للجميع، وطريقنا إرادة الخير للجميع. ندعو جميع البلاد الإسلامية أن يعودوا إلى الإسلام والقرآن. نحن نخالف ضيق النظر. على المسلمين أن يكونوا واسعي النظر. كثرة الإعدامات تضر بالإسلام، يجب علينا أن ندافع عن الإسلام، ولا ينبغي أن نقوم بأعمال تضر بإلإسلام.
الوحدة تحصل بالتمسك على المشتركات والاجتناب من الإهانة
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى أهمية الوحدة بين المسلمين قائلا: الوحدة مهمة جدا لنا. نوصي الجميع بالوحدة. الاختلافات سواء كانت طائفية أو مذهبية أو قومية ليس معها إلا الضرر.
وأضاف فضيلته: الطائفية أوجدت تحديات في العالم الإسلامي؛ العراق وسوريا واليمن أمثلة واضحة أمامنا، والبعض من البلاد عادت إلى خمسين سنة إلى الوراء بسبب الطائفية، والناس يموتون جوعا في هذه البلاد، كما كانوا يموتون قبل مائة سنة.
وأكد خطيب أهل السنة في زاهدان: يجب أن تكون الأمة الإسلامية متحدة، وهذه الوحدة لن تحصل إلا بالصبر والتحمل والعفو.
وأضاف فضيلته قائلا: واجه أهل السنة مسائل كثيرة في إيران، وتعرضت مقدساتهم للإهانة وتطرف البعض، انتقدنا واعترضنا، ولما اعتذر أحدهم، قبلنا عذره، وأحيانا لم يعتذر الموهنون، لكننا صبرنا، لئلا تتضرر الوحدة. نحن نريد الإصلاح فقط.
لا معنى للتهديد بالعزل والمحاكمة بعد الإعتذار
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في القسم الأخير من خطبته إلى القضية التي أثيرت بعد خطبة الشيخ “محمدحسين كركيج”، خطيب أهل السنة في مدينة آزادشهر، التي اعتبرها بعض الشيعة مسيئة إلى معتقداتهم، مؤكدا على أن المصلحة تقتضي إنهاء هذه القضية، واصفا التهديد بالمحاكمة وعزل الخطيب بلا معنى بعد ما قدم اعتذارا إلى كل من أساء فهم كلمته.
وتابع فضيلته قائلا: لقد قدم الشيخ حسين كركيج في الجمعة السابقة كلمات أثارت حساسية البعض، وتكلمتُ مع فضيلة الشيخ كركيج، ولم يكن يتصور أن أحدا سوف يسيء فهم مقصوده، وبعد الاعتراضات والانتقادات قدم فضيلته الاعتذار.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لقد صرح الشيخ كركيج أنه لم يكن يريد الإهانة، ونحن على يقين أنه لم يكن يقصد إهانة، لأن أهل البيت لجميع المسلمين، واعتذار الشيخ كان من الجميع.
أكد فضيلة الشيخ عبد الحميد: رغم أن الشيخ كركيج لم يكن يقصد الإهانة، لكنه اعتذر، وهذا الاعتذار يجب أن يكون نهاية القضية. والمصلحة أن تنتهي القضية. والتهديد بالعزل والمحاكمة لا معنى له الآن.
وتابع فضيلته قائلا: الشيخ كركيج شخصية بارزة بين أهل السنة، ويحبه الجميع. نصيحتي لعلماء السنة والشيعة جميعا أن يحترموا المقدسات، ولا يتكلموا عن أهل البيت وكذلك الصحابة بما يساء فهمه. يجب أن نكون حذرين واعين.
تعليقات