وصف فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة(17 رمضان 1442)، شهر رمضان بـ “شهر المجاهدة والصبر”، كما شدد فضيلته على لزوم المزيد من الجدية في العبادات المالية والبدنية في العقد الأخير من هذا الشهر الكريم.
وتابع فضيلته بعد تلاوة آية: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ» (محمد: ۳۱): هذه سنة الله تعالى حيث يبتلي عباده، فلا تفتح للإنسان أبواب الجنة والنعيم بمجرد أن قال إنه مسلم، ولكن الله تعالى يمتحن عباده ليحدد من هم المجاهدون والصابرون في سبيل الله.
وأضاف فضيلته مشيرا إلى أنّ “الجهاد” و “المجاهدة” لهما معنى عام وواسع: محاربة المعتدين والمستكبرين والمحتلين جهاد، كما أنّ الصدقة، والصوم، والتوبة، والشفاعة، وتلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، والصلاة، والجهود لإصلاح النفس والمجتمع أيضاً من الجهاد، ولقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم الجهاد المالي والجهاد بالنفس، وفي الكثير من الآيات قدّم الجهاد المالي. إعطاء المال في سبيل الله والعبادة والتضحية بالمال والنفس تؤدي إلى الهداية والأجر والثواب.
ووصف مدير دار العلوم في زاهدان “صيام رمضان” نموذجا من المجاهدة قائلا: في شهر رمضان يوجد الصبر والمجاهدة، ومن لا يصبر لا يستطيع أن يصوم، ويقوم الليل، ويجتهد في سبيل الله.
وأضاف: رمضان شهر العبادة والذكر والتلاوة والصدقة والصلاة والصبر، فلنصبر ولنعلم أن من صبر وجاهد فسينصره الله عزّ وجل ويوفقه ويزوّده بالهمّة في مجال العبادة والعمل.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: ورد في الحديث أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليالي بالعبادة بجدية أكبر في العشر الأواخر من رمضان، وكان يوقظ أهله لذلك، ويُعلم من الرويات أنه كان يقوم الليل كله، وكان يزيد في رمضان من عبادته وصلاته وسخائه وسائر الأعمال الصالحة.
الاعتكاف من أهمّ أعمال العشر الأواخر من رمضان
ووصف فضيلة الشيخ عبد الحميد “الاعتكاف” بأنّه من أهم أعمال العشر الأواخر من رمضان، وتابع قائلا: العشرة الأخيرة من رمضان فصل جديد في رمضان، وهو فصل الاعتكاف، والاعتكاف سنة رسول الله، ومن المجاهدات الكبرى، حيث يخرج فيه الإنسان من بيته ويجلس في بيت الله، ولا يخرج من المسجد إلا للوضوء وحاجات الإنسان.
وأضاف فضيلته قائلا: كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وجماعة كبيرة من الصحابة يعتكفون في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ونساء الصحابة كنّ يعتكفن في مساجد بيوتهنّ. يُروى أن رسول الله لم يعتكف في آخر عمره مرة في رمضان بعذر، وفي رمضان التالي اعتكف عشرين يوماً، لذلك فإنّ الاعتكاف عبادة بالغة الأهمية، وعلى الرجال أن يعتكفوا في المساجد، وعلى النساء أن يعتكفن في مساجد بيوتهن أو أماكن صلاتهن.
واستطرد خطيب أهل السنّة في زاهدان قائلا: الروايات ترشد إلى تحري ليلة القدر في ليالي العشرة الأخيرة من رمضان، ولا سيّما في الوتر منها، لكن نظرا إلى أن حساب العالم الإسلامي يختلف بالنسبة لبداية شهر رمضان وبداية ليالي الفرد، فمن الأفضل أن نشتغل بالقيام والعبادة في كل ليالي العشر الأواخر، لاحتمال أن تكون كل ليالي العشرة الأخيرة من ليلة القدر.
وتابع قائلا: سألت أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بماذا تدعو إذا أدركت ليلة القدر، فأجابها صلى الله عليه وسلم: “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا”، يعلم من هذا التعليم النبوي الكريم أنه لا يوجد شيء أهمّ من العفو والمغفرة، فلو كان شيء أهم من ذلك لأرشد الرسول الكريم عائشة الصديقة بها.
وأكد مدير دار العلوم زاهدان قائلا: في ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، لا بد من جدية ومثابرة أكثر، لأنّ هذه العشرة عشرة المجاهدة والسعي الخاص، فعن أبي هريرة، قال: «كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه».
لا بد من الاعتناء بالفقراء والمحتاجين والمدارس الدينية في شهر رمضان المبارك
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد في ختام كلمته على أداء الزكاة في شهر رمضان وأضاف قائلا: نصيحتي أن تدفعوا زكاة أموالكم خلال شهر رمضان المبارك، وصدقة الفطر إذا زيد في مقدارها يكثر أجرها وثوابها، فاعتنوا بالفقراء والمحتاجين الذين ينتظرون مساعدتكم.
وشدد فضيلته على ضرورة مساعدة المدارس الدينية قائلا: إن المدارس الدينية تنتظر مساعدتكم ودعمكم في هذا الشهر. أدركوا مدارس محافظة سيستان وبلوشستان، واهتمّوا أكثر بأي مدرسة تقدم خدمات أفضل وأكثر، فزيدوا من مساعدتكم لها أكثر، ولتكن للإخوة والأخوات مشاركة عامّة في مساعدة جامعة دار العلوم في زاهدان، سيبقى ذلك لكم ولمؤسس هذه الجامعة، العلامة عبد العزيز رحمه الله في ميزان الحسنات، إن شاء الله.
تعليقات