اليوم :29 March 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد في خطبة الجمعة:

الشريعة أكدت على حرمة الناس وكرامتهم جميعا

الشريعة أكدت على حرمة الناس وكرامتهم جميعا

أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان، في خطبة الجمعة (14 رجب 1442) إلى تأكيد الإسلام على حرمة الإنسان وكرامته، مؤكدا على لزوم مراعاة هذا الأمر.
وقال فضيلته بعد تلاوة آية: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”: إنّ الله تعالى عظّم حقوق الإنسان، وجعلها في الأهمية بجانب حقوق الله تبارك وتعالى، من بني إسرائيل فقد ذكر الله تبارك وتعالى عند الميثاق من بني إسرائيل بعد التوحيد والوحدانية، حقوق الناس، وعلى رأسها حقوق الوالدين التي هي أهمّ الحقوق بعد حقوق الله عز وجل.
وأضاف قائلا: إن الله سبحانه وتعالى هو المسبب الحقيقي، والأبوان هما المسببان الظاهريان في خلق الإنسان، لذلك فالحقّ الأوّل لله عزّ وجلّ، ثمّ للوالدين الذين يجتهدان في سبيل تربية أبنائهم ورعايتهم وتربيتهم، ولا سيّما الأمهات اللواتي يحملن أطفالهنّ في أرحامهنّ تسعة أشهر ثمّ يرضعنهم بعد الولادة.
وقال مدير دار العلوم زاهدان: على الرغم من أنّ حقوق العباد بالنسبة إلى القرابة وعدم القرابة لها درجات ومستويات، لكن حقوق جميع الناس ثقيلة ومهمّة، فيجب أن نحترم جميع البشر، وحينما نتحدث مع الناس، نذكرهم بحسن، ولا نذلّ أي شخص، ولا نهدده، ولا نهينه، ولا نتصرف بغطرسة مع الناس. إن الله تعالى لا يحب الرجل المتكبر الذي يتباهى بنفسه على الآخرين، ويعامل الناس بغطرسة وكبرياء.
وأضاف فضيلته مؤكدا على حقوق الجار: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه»، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه».
واستطرد قائلا: إنّ الشريعة الإسلامية أعطت الإنسان الحرّية والكرامة والشرف، وعين له حقوقا، حتى أولئك الذين فرض عليهم القصاص، يجب احترامهم. يمكن للشخص أن ينتقم من القاتل حسب حكم القاضي والمحكمة، ولكن ليس من حقه إيذاء القاتل وضربه وشتمه، لكن وفقًا لتعاليم الشريعة، يجب أن تحفظ كرامته وحقوقه الإنسانية، فالإنسانية والإسلام عاملان مهمّان يتطلب كلاهما أن تكون أخلاقنا جيدة.
وأضاف قائلا: لقد أعطى الإسلام حقوقًا حتى للحيوانات؛ فيجب إطعام الحيوان العلف والماء، ولا ينبغي أن ينام الإنسان في مكان دافئ مناسب، ويترك الحيوانات في الهواء البارد، أو يجلس هو في الظلّ، ويترك الحيوان في الحرارة يتأذى. ومن هذا المنطلق قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته». صحيح أن الذبح مباح للتضحية والاستفادة من لحومه، ولكن عند الذبح يجب إيصال الراحة للحيوان ما أمكن، ويجب قطع عروقه حتى يتنفس ويموت الحيوان براحة، ولا يتعذب.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: للأشجار والنباتات حقّ، فلا ينبغي لأحد أن يقطعها دون داع، والبعض من الناس مع الأسف يقطعون أشجار الفستق الوحشي التي هي أشجار تاريخية، وبتقشيرها يتسببون في جفافها، وهذه خسارة كبيرة وجهالة. هذه الأشجار لها مقاومة تجاه الجفاف بحيث لا تجف، ثمّ هي من تراث المنطقة.
وأكّد فضيلته قائلا: لا ينبغي اصطياد الحيوانات من أجل اللّهو والترفيه، بحيث ينقرض نسل ذلك الحيوان، والصيد لمن يحتاج إلى ذلك، نصيحتنا للجميع هي السماح للحيوانات الوحشية بالتكاثر والتوالد.
وأضاف قائلا: يجب حفظ الأشجار والشجيرات والغابات والنباتات وكلّ مناظر الطبيعة، وهناك فوائد فيها لا تحصى، فلأشجار والنباتات تمتص المطر وتنقي الهواء وتمنع الرمال والعواصف، وحيثما توجد الأشجار والنباتات والمساحات الخضراء، فتكثر فيها الأمطار.
وقال خطيب أهل السنة في زاهدان: حرم الله تعالى الصيد في مكة ونهى عن قطع أشجارها، كما نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن صيد المدينة المنوّرة وقطع أشجارها حتى تظل المدينة خضراء ويتجول الصيد في المدينة بسهولة، وهكذا نهى عمر رضي الله عنه عن تدمير الغابات وقطع الأغصان الخضراء في زمن خلافته.

لا بد من التحقيق في حادثة سراوان الحدودية بدقة ونزاهة وإنصاف
أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد في قسم من خطبته إلى حادث مقتل مدنيين جرّاء إطلاق النار في منطقة حدودية من مدنية سراوان، وتابع فضيلته بجانب توصيته الناس بـ”الهدوء” مؤكدا على لزوم إجراء تحقيقات دقيقة، شفافة منصفة، والمعاقبة القانونية لمرتكبي هذه الجريمة: وقع حادث على حدود سراوان أثار مشكلات في سيستان وبلوشستان، لذلك لي حديث مع المسؤولين و حديث مع الشعب.
وأشار قائلا: كلمتي للمسؤولين أن يتمّ التحقيق حول حادثة سراوان بشكل دقيق ونزيه ومنصف، فإذا أخطأ ضابط أو ضباط، لا بد من معاقبتهم وفقًا للقانون، كما نقبل نحن أنه إذا ارتكب أحد من المواطنين خطأً، تجب محاكمته ومعاقبته وفقًا لهذا القانون، كذلك نعتقد لو أن مسؤولا تجاهل القانون وارتكب خطأً، لا بدّ من محاكمته ومعاقبته وفقًا لنفس هذا القانون.
وتابع خطيب أهل السنّة قائلا: يجب أن يخضع الجميع أمام القانون، من رئيس الجمهورية والوزراء، وضبّاط حرس الحدود وغيرهم من المسؤولين، ويجب عليهم الالتزام بالقانون وخدمة الشعب وفقا لهذا القانون، كما يجب على الناس أيضًا السعي ومطالبة حقوقهم من خلال هذا القانون.
ثم وجّه فضيلته بعض النصائح للشعب، فقال: طلبي من الأعزّة هو الحفاظ على الأمن والهدوء، والسيطرة على عواطفهم ومشاعرهم، وأن لا يستفزّوا بإثارة بعض من في صفوفهم ويسعون وراء أهداف خاصة لهم، ولا يمكن التعرّف عليهم، حتى لا يتعرّض الأمن للخطر.
وأشار فضيلته قائلا: قال البعض ردّاً على بياننا حول متابعة هذه القضية من خلال القانون “عن قانون تتحدثون؟ القانون لا يطبّق في هذه المحافظة”، لذلك نتوقّع وأملنا هو أن يثبت القضاء والمسؤولون الآخرون المعنيون بالأمر بمتابعة هذه القضية أن القانون يتمّ احترامه وتطبيقه في البلاد، ليكون هذا سبباً لتسلية الناس، فإنّ إقامة العدل وتنفيذ القانون بانحياد يُعززان الأمن والأخوة.

قبول الأخطاء والاعتذار، علامة الشجاعة والرؤية الواسعة
واعتبر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، “قبول الأخطاء والاعتذار” علامة على الشجاعة، وأضاف قائلا: من علامة شجاعة المرء ورؤيته الواسعة أنه إذا أخطأ في شيء ما، أن لا يكتم الحقيقة، بل يعترف بخطئه، وأن يعتذر ممّن ضُيّع حقّه، وهذا أمر شائع في العالم.
وأكّد فضيلة الشيخ قائلا: كلّ من يعتذر عن خطأه سواء كان مسؤولا أو غير مسؤول سيُحظى بشعبية لدى الناس، وسيكون هذا سبباً لنهاية المشكلة والقضية، ويكون أيضا سبباً لتسلية المفجوعين، لذلك إنّ خطابي للجميع أن من ارتكب خطأ، يجب أن يعترف بخطئه ويعتذر.

يجب استغلال إمكانات الحدود لتوظيف الفقراء ومعيشتهم
وأكد فضيلة الشيخ عبد الحميد في جزء آخر من خطبته على ضرورة الإدارة والتخطيط لتكوين فرص العمل على الحدود، وتابع قائلا: الحدود من أهمّ الإمكانات والمواهب. بلادنا من الجنوب الشرقي لها حدود واسعة مع بعض الدول العربية، ومن الناحية البرية لها حدود واسعة مع أفغانستان وباكستان، وبين هذه البلاد الثلاثة احتياجات مشتركة.
وأكّد فضيلة الشيخ على ضرورة المبادلات الحدودية، قائلا: المبادلات الحدودية من أكبر وأهمّ وسائل الكسب وتوظيف الناس، لذلك نطلب ألّا يقتصر هذا التبادل والتجارة عبر الحدود على سكّان الحدود بمنطقة جغرافية محددة، بل يجب إدارتها وتخطيطها بطريقة تمكّن كلّ من يعيش على الحدود وهم فقراء ومحتاجون، أن يكتسبوا من هذا الطريق.
وأشار خطيب أهل السنة في زاهدان إلى أنّ الحدود البرّية وتبادل البضائع والوقود عبر هذه الحدود كان أحد السبل للالتفاف على العقوبات، وكان المسؤولون أنفسهم مقتنعون بضرورة تصدير المحروقات عبر الحدود البرية؛ لذلك يخدم ناقلو الوقود المسؤولين بطريقة ما في الالتفاف على العقوبات.

لا تنسوا مساعدة ضحايا الزلزال في مقاطعة كوهكيلويه وبويرأحمد
وفي نهاية حديثه، أشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الزلزال الأخير في “سي سخت” بمحافظتة “كوهكيلويه وبوير أحمد”، ونصح المصلين بمساعدة ضحايا الزلزال في هذه المنطقة، ونظرا إلى أنّ مؤسسة محسنين الخيريّة في زاهدان قد أعلنت أيضا استعدادها لتلقّي المساعدات لضحايا الزلزال، فمن أراد تقديم تبرّعاتهم النقدية وغير النقدية لضحايا الزلزال في هذه المنطقة، عليه أن یوصلها إلى هذه المؤسسة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات