وصف فضيلة المفتي محمد قاسم القاسمي، أستاذ الحديث في دار العلوم زاهدان، ورئيس درالافتاء بها، في مقابلة مع موقع “سني أون لاين”، الإساءات الأخيرة إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في فرنسا، بـ “الإساءة إلى البشرية وجميع القيم الأخلاقية”، مؤكدا على ضرورة التمسك بالوعي لكافة طبقات المسلمين، والعمل على تعاليم القرآن والسنة.
وأضاف الشيخ القاسمي: إن إعادة نشر رسوم ساخرة للنبي صلى الله عليه وسلم في الصحافة الفرنسية، لم تثر قلق المسلمين واضطرابهم فحسب، بل أثارت قلق جميع الأحرار في العالم، وجرحت مشاعر كافة محبي الإنسانية وطالبي العدالة.
وتابع فضيلته قائلا: نحن نعتقد أن هذه الإساءات بغض النظر عمن يقف ورائها ومن يخطط لها، في الواقع ليست إساءة إلى رسول الله الذي هو رحمة مهداة للبشرية جميعا، بل هي إساءة للبشرية نفسها، والإساءة للرسول الكريم، إساءة لكافة قيم الأخلاق والعدل والضمائر الحرة، وإهانة إلى جميع الأديان والأنبياء والكتب السماوية من التوراة والإنجيل والقرآن.
وتابع المفتي القاسمي: إن رسول الله رحمة للعالمين، والذين يفكرون أوسع من نطاق التعصبات المذهبية، يعلمون جيدا إنجازات الرسول الكريم للبشرية، وهكذا الدارسون في التاريخ يعلمون كيف كان العالم قبل بعثة الرسول الكريم، وكيف أصبحت بعد بعثة الرسول الكريم!
وصرح فضيلة الشيخ القاسمي قائلا: الإهانة سلوك ثقيل جدا، بل أدنى الانتقاص من النبي الكريم والتقليل من شأنه، يعتبر تفوّها على كافة القيم والضمائر الحرة، ولا ندري أي تعبيرات وكلمات نختار لندين هذه الظاهرة السيئة، وإن كانت هذه الظاهرة مدانة مرفوضة في ذاتها.
المسيئون إلى الرسول يريدون اختبار الغيرة الدينية لدى المسلمين:
وأشار أستاذ الحديث والفقه في دار العلوم زاهدان إلى أهداف المسيئين إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قائلا: ما الذي يريد هؤلاء المسيئون اختباره؟ هل يريدون اختبار مستوى إيمان المسلمين وحماسهم تجاه الرسول الكريم، ورد فعلهم تجاه هذا النوع من الإهانات؟ مع أن المرء إذا أساء إلى والد شخص أو والدته، أو إلى إنسان عادي أو استهزأ به، سيواجه ردا عنيفا واحتجاجا من جانبه.
وخاطب الشيخ المفتي محمد قاسم العقلاء والنخب الفرنسيين وقال: العقلاء والمفكرون الفرنسيون يجب أن يعترضوا على هذه الإهانات والإساءات قبل المسلمين، لأن هذه الإهانات تشوه سمعتهم، وسمعة من ربّى هؤلاء الأفراد والمشرفين عليهم.
وتابع رئيس دار الافتاء التابعة لجامعة دار العلوم زاهدان، مشيرا إلى واجب المسلمين في هذه القضية: ولعل من أسباب جرأة أعداء النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الظاهرة ظنهم الخاطئ بالنسبة إلى المسلمين، لذلك يجب على مختلف طبقات الأمة من الجامعيين ورجال الأعمال والشباب وعامة الناس، أن يعوا بجانب هذه الإدانات، ويظهروا غيرتهم الإسلامية وتمسكهم بالقرآن والسنة للعالمين، ويقبلوا على سيرة الرسول الكريم وسننه أكثر من قبل.
وأشار المفتي محمد قاسم القاسمي إلى مسؤولية قادة الدول الإسلامية في هذا المجال، قائلا: قادة العالم الإسلامي لقد قصروا في تطبيق القوانين الإسلامية، وأبدوا ضعفا، فيجب أن يستيقظوا ويظهروا غيرتهم الإسلامية أمام أوروبا وكافة الناس في العالم، ويجب أن يتخذ رؤساء الدول الإسلامية ووزراؤها “السلطان صلاح الدين الأيوبي” أسوة لهم في الدفاع عن الرسول الكريم.
وأشار رئيس تحرير مجلة “نداي إسلام” إلى نموذج من الغيرة الإسلامية دفاعا عن الرسول الكريم، قائلا: ذكر العلامة أبو الحسن الندوي رحمه الله قصة في أحد كتبه أن شاعرا يسمى بـ”أختر الشيراني” كان منغمسا في لهوه وسكره، وفي إحدى جلسات تناول الخمر، فطلب أحد الشباب الشيوعيين منه، وهو سكران، رأيه في بعض الشخصيات. فكان يستهزئ بهم في تلك الحالة، إلى أن ذكر أحدهم اسم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. فتوقف “أختر الشيراني” في هذه اللحظة و قال بخطاب مليء بالغضب، لذلك الشخص: “كيف اجترأت على أن تطلق اسم الرسول المبارك في هذا الجمع الفاسد؟” ثم قال شيراني في نفسه: “لقد وصل الأمر بنا إلى أن هؤلاء الشيوعيين يريدون أن يسلبوا منا الرسول الكريم، وينتظرون منا أن نهجر النبي الكريم!” ثم تغيّر بعد هذه الواقعة، وتاب والتزم بتعاليم الإسلام.
وتابع فضيلة الشيخ القاسمي: اليوم يجب أيضا على الشباب الذين ابتعدوا عن تعاليم الكتاب والسنة، أن يعودوا إلى طريق الشريعة، ويدرسوا ويناقشوا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعقدوا لقاءات واجتماعات لمعرفة الدين، وينشروا كتب السيرة في المجتمع، حتى يعرف البشر جميعا كيف عاش رسول الله، وكيف أنقذ العالم والإنسانية من الضلال والدمار؟
وذكر المفتي محمد قاسم في النهاية: نتمنى أن تكون الإساءات التي تعرض لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم رغم أهداف الأعداء ونواياهم السيئة، سببا لوعي المسلمين، وسببا لمعرفة العالم بهذا الرسول العظيم أكثر من قبل.
تعليقات