اليوم :20 April 2024

قصّة ذبح البقرة (تفسير آية 67 إلى 73 من سورة البقرة)

قصّة ذبح البقرة (تفسير آية 67 إلى 73 من سورة البقرة)

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّـهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٦٧﴾

التفسير المختصر
{وإذ قال موسى لقومه إنّ الله يأمركم} إن كنتم تريدون معرفة قاتل هذا الجسد،{أن تذبحوا بقرة، قالوا أتتخذنا هزواً} أين معرفة القاتل من ذبح البقرة؟ {قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين}أي المستهزئين بالأحكام الشرعية.

سبب القصّة:
كان شابّ في بني إسرائيل خطب بنت رجل للزواج، لكنّ الأب امتنع عن القبول، فقتله الشابّ وغاب، ولم يعرفه أحدٌ ولم تنزل التوراة بعد، فرجعوا إلى موسی عليه الصلاة والسلام فأمرهم بذبح البقرة، ولكن بني إسرائيل حسب طبائعهم، شددوا في السؤال عن مواصفات البقره فشدد الله عليهم، حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها، والتفصيل في الآيات التالية:

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ﴿٦٨﴾ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ﴿٦٩﴾ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّـهُ لَمُهْتَدُونَ ﴿٧٠﴾ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴿٧١﴾

التفسير المختصر
{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّك يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} ما حالها وصفتها، {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} أي لا هي مسنة ولا صغيرة، {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ}بين ذلك السنّين {فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ} ولا تكرروا السؤال، {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} تأكيد لصفرة لونها، {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} تعجبهم، والسرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه، {قالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} فاشتبه علينا ما يحصل به مقصودنا، {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ}إلى ذبحها أو إلى القاتل، {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ}أي غير مذللة بالعمل،{تُثِيرُ الْأَرْضَ}تقلبها للزراعة،{وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ}سلمها الله تعالى من العيوب أو أهلها من العمل، {لَا شِيَةَ فِيهَا}أي لون يخالف لون جلدها، {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} أي بحقيقة وصف البقرة وتمام بيانها، {فَذَبَحُوهَا} فحصلوا البقرة وذبحوها {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} لكثرة مراجعاتهم أو لاختلافهم فيما بينهم.

فائدة:
روي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي الله عنه- قال: لو أخذوا أدنى بقرة لاكتفوا بها، ولكنهم شددوا فشدد عليهم- ( تفسير ابن كثير)

***

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّـهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٧٢﴾ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّـهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٧٣﴾

التفسير المختصر
{وإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَ‌أْتُمْ فِيهَا} أي تدارأتم وتدافعتم، يحيل بعضكم على بعض ويدفع عن نفسه{والله مُخْرِ‌جٌ} أي مظهر، {مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} القتل الذي كان يكتمه القاتل {فَقُلْنَا} بعد ذبح البقرة {اضْرِ‌بُوهُ بِبَعْضِهَا} ألصقوا بجزء من البقرة بجسد المقتول، {كَذَٰلِكَ}أي مثل إحياء ذلك القتيل {يُحْيِي الله الْمَوتَىٰ} يوم القيمة {ويُرِ‌يكُمْ آيَاتِهِ}دلائله على كمال قدرته، {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} كي يكمل عقلكم وتعلموا أن من كان قادرا على إحياء نفس قادر على إحياء الأنفس كلها.

فائدة:
فلما فعلوا ذلك بالمقتول، أحياه الله تعالى، فذكراسم قاتله ثم مات. إنما قبل قول المقتول واكتفي به لأن موسی عليه السلام علم بالوحي أن المقتول صادق ولا يكذب، ولكن في عامّة الأحوال لا تتمّ الحجة بقول المقتول وحده ما لم تصحبه بينة ظاهرة.
فلا يقال إنّ الله سبحانه وتعالى كان قادرا على إحياء المقتول، وبيان اسم القاتل، فلماذا كُلّف بنو إسرائيل بذبح البقرة وضرب بعضها بالمقتول؟ لأنّ في ذلك من الحكَم ما لا يعلمه إلاّ الله، ولسنا مكلفين بمعرفتها، فلا حاجة إلى إضاعة الوقت لأجلها، والأفضل هو السكوت في مثل هذه المواضع.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات