اليوم :3 December 2024

فضيلة الشيخ عبد الحميد ردا على إقصاء نخب أهل السنة من مراسم تنصيب رئيس الجمهورية:

لم يكن للدولة والمجلس أن ينسحبا تحت الضغوطات

لم يكن للدولة والمجلس أن ينسحبا تحت الضغوطات

موقع “سني أون لاين”: كانت ردود أفعال كثيرة بين الإيرانيين والكثير من النخب، شيعة وسنة، بعد إقصاء فضيلة الشيخ عبد الحميد الذي كان له تأثير كبير في توحيد أصوات أهل السنة لصالح الرئيس روحاني، من مراسم تنصيبه الذي انعقد في البرلمان الإيراني مساء السبت.
هذا وقد حضر المراسم قادة الأقليات الدينية الأخرى، والكثير من الوفود من الدول والحكومات الصغيرة المجهولة مثل جمهورية الرأس الأخضر، بينما كان مكان زعيم وطني مؤثر كالشيخ عبد الحميد شاغرا في هذه الجلسة.
المادة الثانية عشرة في الدستور أذعنت بأن المذهب الرسمي للبلاد هو المذهب الشيعي الجعفري الإثنا عشري، كما صرحت بالاحترام الكامل للمذاهب الإسلامية الأخرى من الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية والزيدية، لكن عمليا لا مكانة لأهل السنة في المناسبات والمناصب العامة، ولا يدعى شخصيات كالشيخ عبد الحميد الذي يتتمع بمكانة وشعبية كبيرة، ويتم إقصاءهم من حفلات ومناسبات من شأنها أن تكون وسيلة للوحدة والتضامن والعزة بين الإيرانيين.
بهذه المناسبة أجرينا حوارا مع فضيلة الشيخ عبد الحميد.

سني أون لاين: ما هو تأثير حضور الشخصيات الدينية لأهل السنة في مناسبات مثل هذه؟
فضيلة الشيخ عبد الحميد: ثورتنا كانت إسلامية وبهدف توحيد الأمة المسلمة، ونحن نطلق منذ 38 سنة هتاف الوحدة. خلال هذه المدة قمنا بإقامة عشرات من الجلسات والمؤتمرات حول الوحدة، وتكلما في هذا الموضوع، ونشرت مقالات وبحوث كثيرة عن الوحدة في أسبوع جرت تسميته بأسبوع الوحدة. لكن الحقيقة أن الوحدة لا تتحقق بالهتاف والشعار. في الكثير من البلاد الإسلامية لا يوجد أسبوع باسم الوحدة، ولا يطرح شعار عن الوحدة، لكن توجد الوحدة عمليا؛ في بلد كأفغانستان التي تخلفت بسبب الحروب والنزعات الداخلية عن التنمية والتطور، والتي تواجه مشكلات علمية وثقافية، جرى اهتمام بمقولة الوحدة عمليا، حيث عُيّن الكثير من المسؤولين في هذ البلد من الأقلية الشيعية، كالنائب الأول لرئيس الجمهورية وبعض الوزراء وحكام الولايات والأقاليم. وكذلك في دولة مثل باكستان جربت مرارا حضور الشيعة في المناصب الحكومية الرفيعة كمنصب رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء والسفارات، رغم أن الأكثرية في البلدين لأهل السنة، لكنهم أدركوا أن حفظهم وبقاء سيادتهم وعزة بلادهم في الوحدة والانسجام، والاهتمام بحقوق الأقليات، وإسهامهم في إدارة البلاد.
في بلدنا مع الأسف رغم الهتافات الكثيرة في مجال الوحدة، لكن عمليا لم ترفع خطوات لتحقيق هذه الوحدة المطلوبة، وبعد 38 سنة لم يزل أهل السنة مبعدين عن المناصب العامة وفي مستوى رئاسة المحافظات.
وأما بالنسبة إلى مراسم تأدية اليمين الدستورية للرئيس، فرغم أن قادة الأقليات الدينية حضروا المراسم، ولكن لم يُدع الشخصيات الوطنية لأهل السنة إلى هذه الحفلة، ولم تراع مكانتهم. حينما ينظر أهل السنة في سائر البلاد هذا التعامل في الداخل مع أهل السنة، يفقدون ثقتهم بهتافات الوحدة التي تطرح هنا، ويسيئون الظن. هذه التصرفات تترك آثارا سيئة على النظام والبلاد، وينفخ اليأس في الشعب الذي كان حاضرا في كافة المجالات، وخاصة الانتخابات.

سني أون لاين: قلتم في الجواب عن عدم حضوركم في مراسم تحليف الرئيس، إن رئيس البرلمان والهيئة الرئاسية للمجلس لم يدعوكم إلى هذه الجلسة، بينما قال أحد أعضاء هيئة رئاسة المجلس إن إدارة المجلس كانت تتولى هذه الدعوات. ومن ناحية أخرى وجه البعض انتقادا إلى الدولة، لأن الكثير من المدعوين كانوا ضيوف الدولة من خارج البلاد. ما العامل الأصلي لعدم توجيه دعوة رسمية لكم للحضور في المجلس؟
فضيلة الشيخ عبد الحميد: إن كانت إدارة المجلس هي التي تتولى الدعوات، لكن صاحبة القرار لدعوة الشخصيات السياسية وغير السياسية من الداخل والخارج هي الدولة وهيئة رئاسة المجلس، وكلا الجانبين تقاصرا في حضور أهل السنة في هذه المراسم الوطنية التي تتعلق بالإيرانيين جميعا.
الدولة التي ترى انتصارها مدينا لأصوات أهل السنة المنسجمة، لا ينبغي لها أن تستسلم للجهات المتطرفة والتيارات التي تفكر في مصالحها فقط، ولا تريد الخير والصلاح للبلد، والأشخاص والتيارات التي لا تريد أن تكون إيران عزيزة في مستوى العالم. أهل السنة في هذه البلاد مواطنيون ومرابطون حقيقيون لهذه البلاد، والاهتمام بهم وبحقوقهم سبب لعزة إيران، وتقلب رؤية العالم الإسلامي إلى بلادنا.
فلو جرت مشاركة أهل السنة في إدارة البلاد، وحضر رموزهم ونخبهم بعزة واحترام في المجالس والمحافل الوطنية، كتنصيب الرئيس وتحليفه، لا تتقوى الوحدة الوطنية والإسلامية في البلاد فحسب، بل الأمر يكون لصالح الأقليات الشيعية في البلاد الإسلامية، حيث تتأسى بإيران وتهتم بالحقوق الأساسية للقوميات والمذاهب. فلا يقبل أي عذر سواء كان من جانب الدولة أو المجلس في هذا المجال، ويشكو الشعب من هذه التصرفات والإقصاءات لأهل السنة. والمجلس الذي هو بيت الشعب، لم يكن ينبغي له أن يتأثر وينسحب بسبب أناس متطرفين.

سني أون لاين: يبدو أنه لا مكان للنساء وكذلك لأهل السنة في حقبة الدولة الجديدة. ما هي وجهة نظركم بهذا الشأن؟
فضيلة الشيخ عبد الحميد: النساء يشكلن نصف المجتمع، ولهن دور مؤثر في الانتخابات والمجالات المختلفة. مجموعة كبيرة من النساء متعلمات في الجامعات، ولديهن قدرات فائقة للمشاركة في تنمية البلاد. الحضور القوي للنساء في أي دولة دليل على نموها وتقدمها وتقدم ذلك المجتمع. في الظروف الراهنة حضور النساء كوزيرات في الحقبة الوزارية الجديدة، كان بإمكانها تغيير رؤية العالم بالنسبة لنا، وتحقق لنا نجاحا إقليميا وعالميا، مع أنها لا مانع شرعا من حضورهن، كما استخدمن في الكثير من الرئاسات في البلاد.
هكذا أهل السنة جزء كبير من الشعب الإيراني، ويشكلون عشرين في المائة من نسبة سكان البلاد على أقل تقدير، ولهم جذور وأصول في هذه الأراضي. وقد حضروا في كافة المجالات السياسية، ودافعوا عن الوطن، وتصدوا للتيارات التكفيرية، وكان لهم دور مؤثر في الأمن الوطني والوحدة.
كل رئيس يُنتخب، يرى أكثر أصواته مديونا لأهل السنة الذين قدموا إلى صناديق الرأي بالوحدة والانسجام، وشاركوا في مصير البلاد، لكن مع الأسف ليس لهم نصيب يذكر في إدارة البلاد، ومكانهم كان شاغرا في هيئة الدولة والمناصب العامة.
تمر الآن قرابة أربعين سنة من عمر الثورة، وهذه المدة تكفي للبلوغ السياسي. رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث في الأربعين من عمره. وعلامة البلوغ السياسي والفكري في أي حكومة، هي الاستفادة من الظروف وقدرات كافة أفراد المجتمع بغض النظر عن الانتماءات المذهبية والقومية.
أفق رؤية المسؤولين ينبغي أن يكون واسعا ليقدروا على هداية البلاد نحو التقدم والتطور. لم يتقدم مجتمع بضيق النظر والتعصبات. لا يليق بحكومة أطلقت هتافات الكفاءات والحكومة الدينية الشعبية، أن يكون أهل السنة والنساء غير مشاركين في دولتها، لأنها تثير الريبة في الأذهان بأن النساء وكذلك أهل السنة ليس فيهم أكفاء مؤهلين للمناصب العامة والمشاركة في إدارة البلاد.
عدم حضور الشخصيات الوطنية لأهل السنة في مراسم التنصيب والتحليف، وعدم حضور المؤهلين والكفاءات من أهل السنة وكذلك النساء في الدولة الثانية عشرة، مثير لليأس. يرجى أن يقوم الرئيس في الفرصة الباقية بإزالة هذا القلق، ويُثبت بالخطوات العملية أنه لم يستسلم أمام الضغوطات، وللجهات التي لا تهمهم منافع الوطن. الرئيس روحاني اكتسب قدرته من أصوات الشعب، وعليه أن يفي بوعوده التي قطعها للشعب، وليطمئن أن الشعب يدعمونه إذا عمل بوعوده.
في الظروف الراهنة، لو اختير من بين 18 وزيرا في الدولة الجديدة، وزيرة من النساء، ووزير من أهل السنة، ستتغير الرؤى بالنسبة إلى إيران، وتزداد عزة بلادنا، وتحبط دعايات الأعداء، ونحن في الداخل نصل إلى انسجام أقوى ووحدة لا مثيل لها، وتتغير الآراء بالنسبة إلينا في المستويين الإقليمي والدولى، ونحقق نجاحا ملموسا في مجال التصدي للعنف، وإزالة الاختلافات الطائفية والمذهبية، ونكتسب مرضاة الرب تبارك وتعالى. نرجو أن يجري تفكير بشأن هذه القضية، ولا نفوّت هذه الفرصة الذهبية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات