اليوم :19 April 2024

إمام جماعة مصلى نبي الرحمة في طهران في حوار مع "سني أون لاين":

المواطنون الشيعة في طهران يتعاطفون معنا

المواطنون الشيعة في طهران يتعاطفون معنا

الإشارة: الشيخ عبيد الله موسى زاده، خريج جامعة دارالعلوم زاهدان وأحد أبرز علماء السنة الناشطين في طهران. الشيخ عبيد الله إمام في مصلى “نبي الرحمة” المهدم في طهران الواقع في منطقة بونك.
في حوار مع موقع “سني أون لاين”، تطرق فضيلته إلى دراسة “موانع وحدة الأمة وطرق إزالتها”. كما تطرق إلى الوضع الراهن لأهل السنة في طهران وملف مصلى “نبي الرحمة”.

سني أون لاين: سماحة الشيخ عبيد الله موسى زاده! نحن في أسبوع الوحدة في إيران، حيث يتم فيه التركيز على وحدة المسلمين. برأيكم ما هي أسباب اختلاف المسلمين وتفرقهم في الأوضاع الراهنة؟

الشيخ موسى زاده: بسم الله الرحمن الرحيم. “إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون”. من مسؤوليات علماء الأمة الإصلاح. هذه الاختلافات الواسعة، أخرجت الأمة من أن تبقى أمة، وهي محرومة من بركة الأمة مادامت تعانى الطائفية والتشتت. للطائفية والفرقة وكذلك للوحدة عوامل مختلفة نشير إلى بعض منها:
1- الابتعاد من القرآن الكريم وتعاليمه المضيئة الجديرة بالحياة والحيوية. إن تمسكنا بالقرآن واتخذناه منهجا، تقل الاختلافات والنزاعات، وهذا أحد العوامل الهامة في الوحدة.
2- العامل الثاني للوحدة هو العمل على السنن المباركة للنبي صلى الله عليه وسلم. الابتعاد من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عوامل التشتت.
3- التركيز على المشتركات وعدم الاهتمام بالاختلافات من عوامل الوحدة. بالتطرق إلى القضايا الاختلافية تشتعل نيران الطائفية. يجب أن تهتم وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والكتّاب والخطباء إلى المشتركات. لا ينبغي طرح القضايا الخلافية في الجلسات والاجتماعات العامة.
4- يجب أن تعطى فرصة أكثر ويفسح المجال لعلماء صادقين لهم مكانة اجتماعية وكلمة مسموعة في قضية الوحدة، ليبلغوا رسالة الوحدة إلى الأمة المسلمة جميعا.
5- يجب التصدي للمتطرفين والغلاة الذين يضخّمون المسائل العادية بين الأمة المسلمة. الأمة شيعة وسنة اليوم بحاجة إلى الوحدة أكثر من أي وقت مضى. الأعداء يثيرون الفتن، ولابد من مواجهتها. على علماء الفريقين أن يدعوا الناس على المنابر إلى الوحدة ويؤكدوا على الاجتناب من الاختلاف.

سني أون لاين: لدى المسلمون اختلافات فكرية وعقدية أشد مع الديانات الأخرى؛ رغم هذا لماذا الاختلافات الداخلية بين المسلمين برزت أكثر؟

الشيخ موسى زاده: هذه مؤامرة الاستكبار العالمي؛ ليعيشوا بأنفسهم في إطار آمن، ويحرفوا أذهان المسلمين ويشغلوهم بأنفسهم. الاختلافات بين الشيعة والسنة كالاختلافات داخل الأسرة، لكن الاختلافات بيننا وبين السائرين اختلافات عميقة جذرية؛ وإن كان القرآن الكريم دعا جميع الطوائف والنحل إلى الوحدة، حيث قال: “قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله”.
القرآن يدعو أهل الكتاب والمسلمين إلى كلمة واحدة سواء بينهم جميعا، وهذا يدل على أنها إن كانت كلمة واحدة للوحدة نتحد فيها، وتكون تلك الكلمة ذريعة للوحدة. المسلمون لديهم اتفاق في الكثير من الأمور والكلمات، فيجب أن تكون وحدتهم أكثر. من المؤسف أن المسلمين غفلوا عن الاستكبار العالمي واشتغلوا بأنفسهم.
الصهاينة في عصرنا يسيطرون على الإعلام. إنهم يقومون بالدعايات كيف ما يشاؤون ويشغلون المسلمين بالتفاصيل، ويستخدمون من خطة “فرّق تسد”، لأن الاختلافات الداخلية لدى المسلمين تصب في مصلحة الغرب، ووحدتهم وأخوتهم خطر للغرب وإمريكا. على المسلمين أن يكونوا واعين حذرين، ويقوّوا وحدتهم وأخوتهم أكثر من أي وقت.

سني أون لاين: ما مدى تأثير مؤتمرات وجلسات الوحدة والتقريب في تحقيق الوحدة برأيكم؟

الشيخ موسى زاده: إن مجمع التقريب حقق نجاحات وانجازات جيدة، ومؤتمره السنوي أيضا جدير بالإشادة. لكن هناك حاجة ملحة إلى خطوات أكثر جدية للوصول إلى نتائج مطلوبة. يرجى أن يستفاد في المستقبل من العلماء البارزين في العالم الإسلامي ومن المراجع، وليجلس جميعهم جنبا إلى جنب، ويفكروا في تقليل الاختلافات وتحقيق الوحدة والأخوة الإسلامية.
هذه خطوة مفيدة أن يجلس كبار علماء العالم الإسلامي وإيران في ثلاثة أيام ويفكروا في التفريب بين المذاهب، لكن أعتقد أن أهم عوامل الوحدة احترام البعض للبعض، والتعامل مع مثقفي القريقين، ومراعاة الحقوق والحريات المشروعة.

سني أون لاين: تعيش سماحتكم منذ مدة طويلة في طهران. ما هو تقييمكم العام للأوضاع الاجتماعية والثقافية لأهل السنة في طهران وعلاقتهم مع أكثرية الشيعة فيها؟

الشيخ موسى زاده: بين الشيعة والسنة تعايش جيد، والوحدة العملية موجودة بيننا. هنا العلاقات جيدة، ولا توجد مشكلات بينهم. في بعض المناطق توجد علاقات أسرية. نحن عشنا في مناطق مختلفة من طهران، ولم نشاهد من المواطنين الشيعة ما يسوءنا. خاصة عندما اتهمنا البعض بالتطرف والغلو، دافع عنا الشيعة دفاعا قويا، وهم يتعاطفون معنا. يعيش في طهران أقليات وجاليات دينية مثل اليهودية والأرامنة وأتباع ديانة الزردشت والديانات الأخرى، ولا توجد عنف ولا تطرف ولا صراعات، وهناك اهتمام بالمشتركات. لا ينكر أحد وجود المتطرفين بين الفريقين الذين لا يريدون الوحدة، لكنهم قليلون. نرجو أن تدوم هذه الأخوّة والوحدة، وتنسى الاختلافات والطائفيات.

سني أون لاين: فضيلة الشيخ موسى زاده! كانت سماحتكم إمام الجماعة في مصلى “نبي الرحمة” الواقع في “بونك” الذي تم هدمه قبل مدة. نرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا إلى أين وصل ملف مصلى “بونك”؟

الشيخ موسى زاده: لا يزال مصلى بونك يواجه مشكلات لحدّ الآن لم يتم تسويتها. المصلون ومجلس المصلى راجعوا جهات مختلفة لحل المشكلة، وراسلوا من يعنيهم الأمر، لكن حتى اللحظة لم نحصل على نتائج مطلوبة. مصلى بونك كان مكان عبادة وصلاة، والذين كانوا يحضرون للصلاة كانوا من سكان طهران.
نحن كتبنا منهجنا وأرسلنا نسخة منه إلى كافة المسؤولين، وأوضحنا أننا أبعد الناس من الإفراط والتطرف والمسائل الخلافية. جعلنا الأخوّة والوحدة نصب أعيننا، وسنظل متمسكين بهذا الأمر.
أدين شخصيا الإفراط والتفريط كليهما. منهجنا هو الاعتدال والوسطية والاحترام إلى مقدسات المذاهب. نحن أعضاء أمة وسط؛ “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس”.
نحن مواطنو هذه البلاد وأبنائها، ونحترم قوانين بلادنا. نحن إيرانيون وانتمائنا لهذا الوطن، ولا علاقة لنا بجهات تعادي الوطن والنظام.
نخالف العنف والتطرف. ديننا علمنا الصلح والسلام والرحمة والرأفة، وأن نجعل احترام الإنسانية أمام أعيننا. رسولنا رسول الرحمة والرأفة. من اتهمنا بالتطرف لم ينصفنا. من أراد أن يعرفنا ليعرفنا من خلال مواقفنا وكلامنا، وليسأل رأينا في القضايا الخلافية من أنفسنا.

سني أون لاين: نشكركم خالص الشكر على الفرصة التي أتحتموها لنا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات