الشيخ عبد الحميد: اتباع السنّة يحفظ من الإنحراف عن الفطرة

الشيخ عبد الحميد: اتباع السنّة يحفظ من الإنحراف عن الفطرة

تطرق فضيلة الشيخ عبد الحيمد إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان في خطبة هذه الجمعة بعد تلاوة قول الله تعالى “ومن يطع الرسول فقد أطاع الله”، و” وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ”، إلى بيان ضرورة إتباع الرسول قائلا: إن الله تعالى أرسل الأنبياء عبر التاريخ لهداية البشر، وجعلهم أسوة للناس، لأجل ذلك جعلهم معصومين من المعاصي والذنوب ليكونوا نماذج في كل شيء للناس، إلا أن تكون زلة من أحد منهم نبّه الله تعالى عليها، أو أمرا مختصا بواحد منهم، فلا يتأسى بهم في مثل هذه الأمور.
وتابع فضيلته: غير هذين الأمرين، فالأنبياء أسوة لنا في  جميع الأعمال التي فعلوها. كيف حج النبي صلى الله عليه وسلم وكيف ذبح الأضحية وكيف كانت صلاته؟ كل هذه سنن عبادية، والواجب على كل مسلم أن يتبع السنن في قسم العبادة، بأن تكون صلاتنا وسائر العبادات وفقا للسنة لتقع مقبولة عند الله تعالى.
واستطرد فضيلته معتبرا إتباع سنن النبي من الفطرة قائلا: وكما أن إتباع الرسول في سنن العبادة ضرورية وهامة، كذلك إتباعه في سنن العادة مثل إتباعه في الملبس والمأكل وغير ذلك من الأمور العادية هامة جدا أيضا، وهذا الإتباع يحفظ الإنسان من الإنحراف عن الفطرة، وهذه السنن تحفظنا من الإنحراف عن الفطرة وتكون الحياة في ظلها حياة منيرة طيبة.
وأضاف فضيلته مشيرا إلى نوعي الفطرة الكامنتين في وجود كل إنسان عاقل سليم: لقد بحث المتخصصون في علوم الشريعة أمثال الإمام الغزالي حول السنن العادية للرسول وأثبتوا بالدلائل والبراهين فوائد هذه السنن وأثرها في حياة المرء، وكذلك أثرها في جعل الإنسان على صراط الفطرة.
كل إنسان عاقل له فطرتان: فطرة ترجع إلى حياته الروحية خلق عليها؛ معناها أن الله تعالى خلق الإنسان على فطرة التوحيد وكراهية الشرك والأوثان، فعبدة الأصنام والمشركون خارجون عن الفطرة منحرفون عنها، كما ينحرف القطار عن السكك أو السيارة عن الطريق.
وتابع قائلا: الصلاة والزكاة والحج والصدقات وغيرها من العبادات المفروضة والمستحبة لحفظ الإنسان من الإنحراف عن هذه الفطرة. والنوع الآخر من الفطرة هي فطرة كيفية العيش، وقد هدى الله تعالى البشر والإنسان على هذه الفطرة، وعلمهم طرق العيش؛ وهي فطرة الأمور العادية من الأكل والشرب والطعام.
وأضاف فضيلة الشيخ عبد الحميد قائلا: لكن يبقى سؤال، لماذا في عصر التقدم وتكنولوجيا نرى البشر أكثر ابتلاء بالأمراض من العصور الأخرى، ونرى أمراضا كثيرة وجديدة ونرى المستشفيات مليئة بالمرضى، مع أن الناس كانوا سالمين في الماضي، ولم نشهد في الماضي هذه الكمية من المنظمات العالمية التي تسعى في مجال الصحة ومكافحة الأمراض، وهذه الجامعات المتنوعة لعلوم الطب والأطباء والمستشفيات في ازدياد، ولكن الأمراض أيضا تزداد وهي لا تلبي حاجة البشر في عصرنا. من أين تأتي هذه المشكلات، وما هي علة هذه الأمراض؟
واستطرد قائلا: العلة الأساسية لكافة مشكلات عصرنا مثل الأمراض بهذه الكثرة، أن البشر انحرف عن الفطرة، وعندما خرج من الفطرة، واجه أنواعا من الأمراض في الجسم والروح، وأنواعا من المصائب والبلايا في حياته.
نرى الشباب وكذلك الأطفال الصغار يواجهون مشكلات نفسية ويبتلون بأمراض غريبة.
وتابع فضيلته قائلا: أنبياء الله تعالى كانوا على الفطرة في حياتهم، وعاشوا وفقا لمقتضى الفطرة.  فإن جاءت الفطرة في حياتنا، نكسب الحياة الطيبة، لأجل ذلك علينا أن نبحث سنن النبي صلى الله عليه وسلم، فنلتزمها، مثل سننه في النوم والإستراحة والطعام والطهارة، فهي سنن الفطرة وسنن تجعلنا على الفطرة.
واستطرد فضيلته قائلا: كان من عادة العرب أنهم كانوا يسمرون، ولما جاء الإسلام نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة من الجلوس والسمر بعد العشاء، وأمرهم بالنوم بعد صلاة العشاء، فكان عادة للصحابة النوم في أول الليل والقيام في آخره وقت السحر. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا ينام أول الليل ويقوم للعبادة في نصف الليل أو آخره. هذا النوم هو نوم الفطرة، وهذا النوم يجعل الإنسان ينتفع من وقته أكثر، ونوم النهار إلا القيلولة لا يساوي نوم الليل. فمن نام أول الليل، من السهل الميسور له القيام في آخره.
وتابع فضيلته قليلا: من الفطرة تقليل النوم، ثم النوم في وقته وهو أول الليل وكذلك وقت القيلولة، ولابد من القيام أول النهار والاهتمام بالعبادة، ونوم أول النهار يجلب الكثير من المضار، والنوم بعد صلاة الفجر مكروه، لأن هذا الوقت وقت العبادة وله أثر في الرزق.
وإن ما اعتاده الكثيرون من الجلوس حتى الساعة الواحدة ليلا وينامون حتى الساعة العاشرة صباحا، خروج عن الفطرة. لأن أفضل النوم نوم الليل، ونوم النهار لا يساوي نوم الليل، ولايكون له بديل كامل أبدا. ومثل هذه الحياة ليست حياة سليمة. لذلك أنصح الإخوة بالتجنب من النوم في النهار.
واستنكرفضيلته تأخير النوم في الليل قائلا: في القديم كان الناس يتعشون بعد المغرب وينامون بعد صلاة العشاء، ثم يقومون مبكرين، وهذه العادة كانت من سنن المرسلين، وكان الطعام يؤكل في وقته، وقد اتفق الأطباء أن من نام مباشرة بعد الأكل يبتلى بأمراض في جسمه.
وأشار فضيلته إلى سلامة وعافية الصحابة رضي الله عنهم قائلا: الصحابة كانوا يقللون من النوم والأكل، فكانوا سالمين في جسمهم، لذلك لما أرسل النجاشي طبيبا إلى المدينة المنورة لم يجد فيها من يراجعه، فاستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في العودة إلى بلاده. كذلك كان من سنن النبي العادية تقليل الكلام، فكان يتكلم قليلا ويتفكر كثيرا، وعندما يدخل البيت يستاك.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات