الشيخ عبد الحميد: الوحي هو الطريق الوحيد المنزّه من النقص والخطأ لتلقّي العلم

الشيخ عبد الحميد: الوحي هو الطريق الوحيد المنزّه من النقص والخطأ لتلقّي العلم

تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة، في خطبته التي ألقاها أمام عشرات الآلاف من المصلين في الجامع المكي، بعد تلاوة قول الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ  فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ”، إلى ضرورة مراعاة جميع أبعاد الدين في الحياة، قائلا: إن الله تعالى خاطب أهل الإيمان والذين اعتقدوا بالله ربا ومالكا ومحسنا لهم، وآمنوا إيمانا صحيحا بالآخرة والبعث والأنبياء، أن يدخلوا في الإسلام كافة، ويستسلموا أمام كافة أوامر الله تعلى وتعاليمه، وليلعموا أن نجاتهم وسعادتهم في الإطاعة من تعاليم الرب، سواء أدركتها عقولهم أم لم تدركها.
وأضاف فضيلته: إن الله تعالى أعطى البشر طرقا كثيرة للوصول إلى العلم والمعرفة، كالسمع والبصر والتذوق، وبإمكان البشر كسب العلم والمعرفة من خلالها؛ والعقل من الطرق التي يمكن أن نصل إلى العلم من خلالها، ولكنه ليس الطريق الكامل المصون من الخطأ، فإن هذه الطرق كلها معرضة للخطأ. قد يخطئ البصر وربما العين تخطئ و العقل أيضا قد يرتكب الخطأ، لذلك نرى أصحاب العقول يختلفون في العالم. جاء ماركس ولينين وطرحوا نظرية ذهب ضحيتها ملايين من البشر، ثم ثبتت أن هذه النظرية كانت خاطئة، كذلك كل نظرية عقلانية طرحت في العالم ثبت بطلانها في وقت ما، فأصحاب العقول لم يتفقوا على وجهة نظر واحد عبر التاريخ، ومن هنا يتضح لنا أن العقل وإن كان من أهم طرق العلم، ولكنه ليس طريقا بريئا من الخطأ، وليس الطريق الذي يضمن لنا سعادتنا وفلاحنا في الدارين.
وتابع فضيلة الشيخ: لما كان الله تبارك وتعالى يريد سعادتنا وفلاحنا في الدنيا والآخرة، وكان البشر بحاجة إلى طريق صحيح، جعل طريقا آخر للوصول إلى العلم والمعرفة وهو الوحي، وهو الطريق المنزّه من الخطأ والنقص لتلقّى العلم والمعرفة، وهو الطريق الكامل والصحيح، سواء قبلت عقولنا تعاليمه أم لم تقبل، وسواء كانت تعاليمه وفقا لعقولنا أم لا، لأن العقول ناقصة وقاصرة.
وأضاف فضيلة الشيخ: الوحي تكلّم عن الحساب والكتاب. الوحي السماوي تكلم عن الجنة والنار وعذاب الله تعالى، والدنيا ليست دارا للجزاء، ولكن ربما يذيق الله بعض المذنبين في الدنيا لإخافتهم من مغبة سيئاتهم.
لقد أخبرنا الوحي عن حرمة الخمور والمسكرات، وهذه كلها من أخبار الوحي، وإن كان العقل السليم لو تعمق فيها لعرف أنها أحكام وتعاليم معقولة. فالخمر والمسكرات مضرة لعقل الإنسان. وإن لم يدرك العقل حرمة الخمر، فلما تلكم الوحي عن حرمته يجب أن نقبله.
كذلك حرّم الوحي الكثير من اللحوم مثل لحوم الكلاب والخنازير. فالوحي طريق صحيح وكامل ومقطوع للعلم، والله تعالى يأمر بما فيه صلاح العباد.
فما أحلها الله من الطيبات، هي نافعة وغير مضرة لجسم الإنسان وأخلاقه الباطنية. قال الله تعالى: “وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ”.
واستطرد فضيلته قائلا: أسلمُ طريق للعلم هو الوحي، والقرآن وحي سماوي، وتعاليم الرسول منشئها الوحي، وهو وحي غير متلو، والقرآن هو الوحي المتلو، فكل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، لاشك ولا شبهة في صحته. يقول الله تعالى للمؤمنين “أدخلوا في السلم كافة”.
وأردف بالقول: يجب علينا أن نكون مطيعين ومؤمنين في كافة أبعاد حياتنا، ومعنى الآية أن يكون كل عمل من أعمالنا إسلاميا، لا أن تكون الصلاة إسلامية ولكن بيئة إداراتنا وبيوتنا تخلو من تعاليم الإسلام ويكون أهلنا غافلين عن الإسلام وعن الآخرة.
وتابع فضيلته: من أهم شعب الإسلام، الأخلاق. التعامل لابد أن يكون إسلاميا، وحقوق الإنسان والمواطنة وحقوق الجيران كلها تدخل في ضمن التعايش الإسلامي، فلا نكون سببا لإيذاء الآخرين، ونراعي حقوق الجميع وندخل في الإسلام دخولا تاما.
وأضاف فضيلته: لننظر إلى محرمات الله تعالى، فننتهي عنها، وليكن طريق الحياة طريق الإسلام، ولنكن مسلمين في كل مكان، ولنكن ملتزمين بمسائل الدين والشريعة.
الصحابة رضي الله تعالى عنهم حصلوا على مرضاة الرب تبارك وتعالى، وكان السبب أنهم كانوا مسلمين وقد دخلوا في الإسلام كافة. وإنهم قد نالوا الحياة الطيبة من اتباع الرسول، وقد أعطاهم الله حياة طيبة، وكانت آخرتهم أيضا معمورة. إن الله تعالى ينزل بركاته من السماء على الذين يطيعون أوامره وأحكامه، وهي سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا. فالصحابة وصلوا إلى مرضاة الله ولقد فازوا بالجنة والتحقوا بالرفيق الأعلى، والكثير منهم أدركوا رائحة الجنة وغادروا الدنيا.
واستطرد فضيلته قائلا: الإسلام دين شامل واسع، ولا ينحصر في الصوم والصلاة. فلو ضيّعنا حقوق العباد ولم نراع حقوق أصحاب الحقوق، فكل ما نعمله من الحسنات يذهب بها يوم القيامة أصحاب الحقوق، وإن انتهت الحسنات فتؤخذ من ذنوب أصحاب الحقوق وتزاد في ذنوبنا.
وتابع قائلا: لقد أكد الإسلام على حق البشر ما لم يؤكد عليه دين ولا منظمة أخرى. الدين الذي أعلن أن إمرأة دخلت النار لأجل تعذيبها هرة. اهتم هذا الدين بحقوق الحيوان أيضا. ولقد أكد الإسلام على أن نعامل كل إنسان معاملة حسنة، وهي عبادة تجلب مرضاة الرب تبارك وتعالى، ويكون حبنا وبغضنا لأجل الله لا للشهوات ومطالب النفس. ديننا يأمرنا بأن نلتفت إلى كافة هذه الحقوق والمطالب.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات