الشيخ عبد الحميد: رمضان فرصة لترك المعاصي والذنوب

الشيخ عبد الحميد: رمضان فرصة لترك المعاصي والذنوب

تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في زاهدان في خطبة هذه الجمعة بعد تلاوة قول الله تعالى”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” إلى  ضرورة الاهتمام إلى العبادات وترك المعاصي في رمضان  قائلا: أتانا شهر رمضان؛ شهر نزول القرآن، وشهر المغفرة وشهر الخير والبركات، و فتح أبواب الرزق على العباد.
وتابع فضيلته قائلا: ثلاث مسائل هامة، لو زدنا من اهتمامنا بها  في رمضان، من المرجوّ أن نكسب خيرا وأجرا أكثر. وهي في الواقع ثلاث من الأركان الهامة في الدين، تطلب منا أن نكثر من إقبالنا وتوجهنا إليها في هذا الشهر الكريم.
من هذه المسائل، الزكاة، فعلينا أن نخرج زكاة أموالنا في هذا الشهر. في الكثير من البلاد الإسلامية تخرج الزكاة في شهر شعبان أو رمضان، ولا شك أن التعجيل في تأدية الفرائض وإفراغ الذمة أفضل، لأننا إضافة من أجر أداء الفريضة ننال أجر التعجيل وتأديته في الموعد. فإذا جاء وقت الصلاة فلا نؤخرها عن الوقت، لأننا لا ندري ماذا يحدث. كذلك إذا حضرت الجنازة، نعجّل في تأديتنا لصلاتها، وأيضا إذا بلغت الجارية ووجد لها زوج كفؤ فلا ينغي التأخير في تزويجها. قال النبي صلى الله عليه وسلم “ثلاث يا علي لا تؤخرهن: الصلاة إذا آنت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت كفؤا”.
من سنة النبي صلى الله عليه وسلم التعجيل في بعض العبادات، منها التعجيل في تأدية الزكاة، ويمكن للشخص أن يدفع زكاة السنوات القادمة أيضا.
واستطرد فضيلته قائلا: الزكاة من أهم العبادات في الشريعة وتكمن فيها حكم ومصالح. المال محبوب عند النفس والإنسان يضحي لأجله، ولكن الله تعالى وحكمه أحب إلينا من هذا المال، فعلينا ان ندفع المال في سبيل الله تعالى. فمجتمعاتنا يعيش فيها الفقراء والمساكين والمرضى والشباب الذين لا يجدون ما يتزوجوا به من المال، والطلاب في المدارس الدينية التي تشتغل بأحاديث الرسول وآيات القرآن الكريم، والطلبة الجامعيين الذين لا يملكون رواتب جامعاتهم. إن الله تعالى وزّع هذه الأموال على الناس، ومن أعطاها يمكن له الاستفادة الصحيحة والنافعة، والمال لا يكون نافعا إلا أن تدفع زكاته. قال الله تعالى: “يمحق الله الربا ويربي الصدقات”. الزكاة والصدقات تزيد في المال ولا تنقص، وقد وعد الله بذلك. قال الله تعالى: “الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”. والمراد من الفحشا، البخل. الشيطان  يامركم بالبخل والفساد، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا. عندما يدفع الإنسان زكاة ماله يغفر الله ذنوبه ومعاصيه.
وتابع قائلا: الزكاة من أهم أركان الإسلام، لذلك نرى كيف قاتل أبوبكر الصديق رضي الله عنه الذين امتنعوا عن أداء الزكاة قائلا: “والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم لقاتلتهم على منعه”.
وأضاف  قائلا: من لا يدفع الزكاة هو بخيل. لقد بين الإمام الغزالي رحمه الله أن الحد بين البخل والسخاء هي الزكاة، والسخي من ينفق أموالا أكثر من الزكاة. وعلى النسوة أيضا أن يدفعن زكاة حليهن، فإن لم يدفعن زكاة هذه الأموال، فهي يوم القيامة تتبدل إلى الثعابين والأفاعي.
وأشار فضيلته مشيرا إلى الصلاة كأحد أهم الأمور التي لابد أن نهتم إليها أكثر في هذا الشهر الكريم قائلا: المسئلة الثانية التي تأخذ أهمية كبيرة في هذا الشهر، هي الصلاة، فإضافة إلى الفرائض يجب أن نزيد من الصلاة المستحبة والنوافل، وقد وردت أهمية كبيرة لصلاة التراويح. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”، وقال صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”. إن قيام رمضام وصيامه وكذلك تلاوة القرآن الكريم ثلاثة من المكفرات للمعاصي والذنوب.
وتابع فضيلته قائلا: سادتي! أمامنا نعمة كبيرة ورحمة عظيمة تغشى الحرمين الشريفين وسائر البلاد الإسلامية، وهي شهر رمضان الكريم، وهي في الحقيقة ربيع القلوب وربيع الدين، فلنستعد لعبادة أكثر ، وهي فرصة لترك المعاصي والذنوب، فلنعطل فيه المعاصي والذنوب ونكفرها بالصيام والقيام وتلاوة القرآن الكريم.
وتابع فضيلة الشيخ عبد الحميد: قد قسّم الإمام الغزالي الصوم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول صيام العامة وهو الإمساك عن الشراب والطعام، ولكن لا اجتناب فيه عن الغيبة واللهو. ورد في الحديث الشريف “مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ”. صوم العامة لا تعطل فيه المعاصي والذنوب وقد قال بعض الفقهاء ببطلان صوم من ارتكب الغيبة.
والنوع الثاني من الصوم هو صوم الصالحين. في هذا الصوم يجتنب عن المعاصي والذنوب ويعطل جميع الذنوب والمعاصي. هذا النوع من الصوم صوم الخاصة والصالحين.
النوع الثالث من الصوم هو صوم أخص الخواص، ومن يطهر قلبه من الوساوس والذنوب. نحن إن لم نصل إلى هذه المكانة، فعلينا أن نسعى على الأقل أن نكون من الصالحين.
واستطرد فضيلة الشيخ قائلا:  الصيام فرصة لتقليل الأكل الذي فيه علاج لكثير من أمراض الجسم والروح. في هذا الجوع الذي نواجهه أثناء الصوم حِكَم كثيرة قلما نجد هذه الحكم في مواضع أخرى. يجب أن نمارس قلة الأكل والنوم في هذا الشهر.
وأضاف فضيلته قائلا: أهم درس يمكن أن نصل إليه من خلال صيامنا وقيامنا في رمضان، هو درس التقوى، بأن نحصل التقوى ونكون من المتقين.
شهر رمضان، شهر الدعاء وشهر العبادة وشهر تلاوة القرآن الكريم، ذلك الكتاب الذي أعطى رمضان فضلا ومكانة. فلا نقصر في الاهتمام بتلاوته، وإضافة إلى صلاة التراويح، لا تفوت عنا الركعات الثماني التي اهتم بها رسول الله في رمضان وغير رمضان  في الليل (صلاة التهجد)، وهذه الركعات الثماني ليست أقل فضلا ومكانة من التراويح.
ودعا فضيلته الناس إلى تحري رؤية هلال رمضان مساء الأحد قائلا: سنتحرى رؤية الهلال مساء الأحد، فإن ثبتت لنا الرؤية  فنبدأ الصيام من الإثنين، وإن لم تثبت سنكمل عدة شعبان ثلاثين يوما، كما ورد في الحديث الشريف الذي يتفق عليه فقهاء كافة المذاهب الإسلامية حيث قال صلى الله عليه وسلم: “إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات