الشيخ عبد الغني البدري: الاهتمام إلى تزكية النفس من الصفات البارزة للمؤمنين

الشيخ عبد الغني البدري: الاهتمام إلى تزكية النفس من الصفات البارزة للمؤمنين
m_abdulghaniسافر فضيلة الشيخ عبد الحميد، إمام وخطيب أهل السنة، في جولة دعوية إلى منطقة “جوهر كوه” (التابعة لمدينة خاش في بلوشستان) في هذه الجمعة، فألقى فضيلة الشيخ عبد الغني البدري نائب الشؤون التعليمية في جامعة دار العلوم زاهدان خطبة هذه الجمعة في الجامع المكي بمدينة زاهدان نيابة عن سماحة الشيخ عبد الحميد حفظه الله.

و تطرق فضيلته في خطبته بعد تلاوة الآيات الابتدائية من سورة “مؤمنون” إلى بيان صفات أهل الإيمان التي وردت في الآية المذكورة قائلا: إن الله تعالى ذكر في الآيات المذكورة صفات لو اتصف بها المؤمنون سيفلحون، ومثل هؤلاء سيرثون الفردوس.
وأضاف فضيلة الشيخ: أول صفة بينت للمؤمنين في الآيات المذكورة، هي أن المؤمنين الصادقين خاشعون وخاضعون في تأدية صلاتهم، ويؤدون صلاتهم بشكل كأنهم يرون الله تعالى. والصفة الثانية التي وردت في مدح أهل الإيمان هي إعراضهم عما لا يعنيهم. “والذين هم عن اللغو معرضون”. فهم لا يشتغلون بما لا يعنيهم فضلا عن المعاصي والذنوب.
وتابع نائب الشؤون التعليمية في جامعة دارالعلوم، مشيرا إلى الصفة الثالثة المذكورة في مدح المؤمنين في هذه الآيات قائلا: جاء في تتمة صفات أهل الإيمان “والذين هم للزكوة فاعلون”. ذكر المفسرون في تفسير هذه الآية قولين في بيان معنى الزكاة؛ القول الأول ماهو مشهور أن يؤدي الإنسان زكاة ماله ويتفكر  بأن المال الذي اكتسبه لم يكتسبه بذكائه لولا فضل الله عليه وكرمه، إذ منحه هذه النعم وأمره تجاه هذه النعم بتعاليم يجب أن يتبعها في حياته. وهذه أحد مفاهيم الزكاة التي قد ورد ذكرها مع الصلاة في آيات مختلفة من القرآن الكريم.
واستطرد فضيلته قائلا: قال بعض المفسرين لما أنه ليس هناك أي ذكر من المال، فالمراد من الزكاة المعنى المصدري يعني التزكية وهي طهارة الباطن والنفس، فإن طهارة الجسم يستعمل له مصطلح “الطهارة” في اللغة بأن يقوم المؤمنون بتزكية نفوسهم وتطهيرها وتحلية قلوبهم  من الرذائل  وتسمى هذه التزكية في الثقافة الإسلامية بالأخلاق.
وأضاف استاذ الحديث في جامعة دارالعلوم زاهدان: مع الأسف المسلمون أصبحوا اليوم حصروا الدين والعبادة في بضعة من فرائض الشريعة وهي الصلاة والحج والصوم وغيرها، مع أن الشخص المسلم يجب أن يكون ملتزما بتعاليم الشريعة الإسلامية في كافة شعب الدين من العبادات والمعاملات والتعايش والسياسة والأخلاق التي ذكرها القرآن الكريم في مواضع كثيرة باسم التزكية.
وتابع فضيلته: من أهم رسالة الأنبياء وخاصة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هي التزكية. ذكرت أهداف بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام في دعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حيث قال: “ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة”؛ فأحد رسالات النبي صلى الله عليه وسلم هي التزكية.
والتزكية تطهير القلب والباطن من كل الرذائل، ولكن ما المراد من تزكية الباطن؟ لقد ذكرالرسول عليه الصلاة والسلام في كلمة جامعة المعاني مركز هذه التزكية وقال “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب”. إن الله تعالى أعطى القلب قوة عجيبة فهي تسيطر على جميع أعضاء البدن وهي مؤثرة عليها جميعا، وهي من الأعضاء التي لا قرار لها من أول يوم في الحياة إلى آخرها. عندما تنفخ الروح في الجنين الذي هو في رحم الأم، أول عضو يبدأ حياته هو القلب، بشكل لو كان عمل هذا الجنين جيدا يدل ذلك على صحة وعافية ذلك الجنين. كذلك عندما ينام الإنسان يستريح معظم أعضاء الجسم لكن القلب لم يزل يواصل نشاطه. فحسب قول الأطباء، القلب يضخ الدم في كل دقيقة 72 مرة إلى جميع أعضاء الجسم، لذلك قدم الأطباء قديما وحديثا لسلامة القلب أنواعا من الوصايا والتوجيهات.
وأشار فضيلة الشيخ إلى ضرورة الاهتمام إلى القلب بالتزكية والإصلاح قائلا: كما أن القلب مؤثر في السلامة الظاهرية لجسم الإنسان، فالاهتمام إلى القلب ضروري للحياة الروحية للإنسان. في هذا الحديث أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المواظبة على القلب وصيانته من الفساد.
وتابع فضيلة الشيخ مشيرا إلى الأمراض الباطنية للقلب: ربما يبتلى قلب الإنسان بأمراض باطنية، ولكن الإنسان لا يشعر بها، فهو يصلى ويصوم ويؤدي الصلاة في الصف الأول، ولكنه مصاب بأمراض قلبية دقيقة لا يشعر بها.
كما أن في ظاهر الشريعة فرائض من الحلال والحرام، فكذلك في الأعمال القلبية والباطنية توجد أحكام وأعمال من الفرض والحرام، فالإخلاص مثلا فرض من أعمال القلب، فالواجب على كل شخص أن يفعل كل عمل وحسنة خالصة لوجه الله تعالى ومرضاته.

مسؤولية المجالس المحلية أمانة إلهية وفرصة لخدمة تجلب مرضاة الرب والخلق:
وأشار فضيلة الشيخ عبد الغني البدري في نهاية الخطبة إلى أسبوع المجالس المحلية قائلا: أنا لا انتقد ولا أمدح هذه المجالس، فقد قامت بتقديم خدمات يجب أن تقدرعليها، وأما بالنسبة إلى انتخاب هذه المجالس، فكانت رسالة على أعناق الشعب، والشعب حسب اجتهادهم وظنهم اختاروا الأصلح والأجدر ومن لديه الشعور الزائد بالنسبة إلى الخدمة للشعب من بينهم لتولى هذه المناصب. وهناك مسؤولية ورسالة أخرى على كواهل المنتخبين في المجالس المحلية وهذه المسؤولية أمانة عظيمة من جانب الرب تبارك وتعالى. ورجاء الشعب من هذه المجالس أن تكون نشاطاتها وجلساتها وما يتخذ فيها من قرارات في سبيل مرضاة الله ومرضاة الخلق.
وأشار فضيلة الشيخ في النهاية إلى المسؤولية التي  وجهت إلى المجالس المحلية كامتحان إلهي  وكذلك فرصة للخدمة قائلا: لو ان اعضاء هذه المجالس الذين يعرفون مشكلات الشعب جيدا لم يقدروا أن يحصلوا مرضاة الشعب من خلال هذه الفرصة، فلا شك أنهم فشلوا في مهمتهم. ولكن إن استطاعوا أن يقدموا خدمات للشعب في مختلف المجالات والأبعاد فهم عندئذ ناجحون. وفي نهاية كل دورة  عندما تتفحص هذه الخدمات، هناك إما تقدّم التهنئة للشخص أو التعزية، ونحن نرجوا لجميع أعضاء هذه المجالس في جميع المناطق أن يسمعوا التهاني من شعوبهم في نهاية عملهم.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات