الشيخ عبد الحميد: هذه الأزمات والاضطرابات، كلها نتيجة للمعاصي والذنوب

الشيخ عبد الحميد: هذه الأزمات والاضطرابات، كلها نتيجة للمعاصي والذنوب
molana_28تطرق فضيلة الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب أهل السنة في مدينة زاهدان بعد تلاوة قول الله تعالى”وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ”، إلى بيان أثر المعاصي والآثام في حياة المؤمن، قائلا: لقد ذكر القرآن الكريم في آية أخرى “إن الله عزيز ذو انتقام”؛ معناه أن الله تبارك وتعالى غالب على كل ما يريد وهو منزه من كل عيب ونقيصة، وهو صاحب الانتقام ينتقم من عباده على ما يخالفونه ويرتكبون المعاصي والآثام.

وأضاف قائلا: يجب أن نعرف هذه الحقيقة بأن كل عبد ارتكب معصية أو إثما أن الله تعالى سينتقم منه، لذك يجب أن نمحو المعصية والسيئة بالحسنات من الصدقات وتلاوة القرآن الكريم وغير ذلك، فإذا فعل العبد حسنة بعد السيئة فالله تعالى يعفو عنه ويطهره.
وتابع قائلا: لا شك أن المعصية تمحى بالحسنة والتوبة، لكن لكل معصية أثر لا يزول ، وفي حديث حول تضييع الأمانة إشارة إلى هذا الأثر، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء ويصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة”. فهناك فرق بين من لا يرتكب المعصية ومن يرتكبها ثم يتوب عنها.
واستطرد مشيرا إلى هزيمة المسلمين في غزوة أحد قائلا: لقد ذكر القرآن الكريم غزوة أحد وقال “إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ” فقد صدرت خطيئة واحدة من طائفة منهم وهم الرماة الذين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم “لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا”. فلما لقوهم هربوا حتى أن النساء كن يشتددن في الجبل رفعن عن سوقهن، قد بدت خلاخلهن فأخذوا يقولون “الغنيمة الغنيمة”، فقال عبد الله: “عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا”، فأبوا، فلما أبوا صرفت وجوهم فأصيب سبعون قتيلا، فصارت النتيجة  أن يحاصرهم العدو من خلف وأن يقتل منهم هذا العدد الكبير. فزلة واحدة نتيجتها سبعون قتيلا في ميدان الحرب.
الزلة سواء كانت من الفرد أو الجماعة خطيرة جدا. زلة الفرد نتيجتها هزيمة الفرد في الجماعة وزلة الجماعة نتيجتها هزيمة الجماعة.
وشدد فضيلته على ضرورة ترك نوعي المعصية الباطنية والظاهرية، قائلا: الإثم نوعان، ظاهر وباطن، وقد نهى الله عباده أن يتركوا ظاهر الإثم وباطنه، وإرادة المعصية والإثم من المعاصي الباطنية. قال تعالى “لكن نؤاخذكم بما كسبت قلوبكم”؛ والتكبر ومحبة المال حبا كثيرا والبخل والحسد من المعاصي الباطنة يجب أن نجتنبها، ونخلى قلوبنا من محبة المال بأن لا تتغلب محبة المال والولد على محبة الله ورسوله ومحبة أحكامه. المال ضرورة ولكن ليس أفضل من الأعمال الصالحة وليس أفضل من حقوق الله تعالى وحقوق عباده وحقوق الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأشار فضيلته إلى بعض المعاصي الظاهرة قائلا: من المعاصي الظاهرة الغيبة والكذب وتضييع حقوق الناس. أمرنا الإسلام بالترحم على الإنسان والحيوان؛ فمن كان عنده حيوان عليه أن يراعي حقوقه في الشتاء والصيف وأن لا يؤذيه؛ وأن يراعي حقوق الإنسان المسلم من السلام والعيادة إذا كان مريضا. فقسم كبير من تعاليم ديننا الحنيف يرجع إلى هذه المسائل الأخلاقية. وليعلم الذين يضيعون حقوق العباد أن الله تعالى لبالمرصاد ، وقد قال الله تعالى بعد ما ذكر عصيان أقوام مثل عاد وثمود وطغيانهم “إن ربك لبالمرصاد”.
وتابع فضيلته قائلا: إن ما ابتلي به زعماء وقادة في بعض البلاد الإسلامية هو نتيجة لظلمهم على العباد وطغيانهم في الأرض، فالله تعالى ليست له قرابة مع أحد وهو يحاسب كل إنسان على ذرات أعماله. الآية القرآنية ترشدنا إلى ترك جميع أنواع المعاصي. المعاصي الكبيرة مهلكة، والمعاصي الصغيرة أيضا خطيرة جدا وهي معاصي تسخط الرب. وأمرنا الله تعالى بترك المعاصي الباطنية والظاهرية قائلا: “ذروا ظاهر الإثم وباطنه”، فإننا نبتلى غدا يوم القيامة بأعمالنا، فمن كان صالحا قيل في حقه “وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ”. ومن كان سيئا قيل في حقهم: “وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ  مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُون فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ”.
وتابع فضيلته قائلا: هذه الأزمات والاضطرابات التي نواجهها في العالم الإسلامي كلها نتيجة للمعاصي والذنوب، حيث نرى بعض الطغاة والمستبدين على وشك السقوط في بعض البلاد الإسلامية، ومن العذاب الإلهي كذلك فقدان الأمن في بعض البلاد. قال تعالى: “أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض”. هذه أيضا نتيجة المعاصي والخطايا حيث تأتي بهذه الصورة، وربما تأتي في شكل القحط، وربما في شكل الزلازل. فهذه الزلزلة في اليابان التي شهدناها كانت نتيجة المعاصي والشرك بالله تبارك وتعالى.
واستطرد قائلا: إن الدنيا ليست هي الدار الأصلية لعقاب الله تعالى، بل المكان الأصلى لعذاب الله هي الآخرة، وإنما يأتي الله بعذابه في الدنيا في بعض المناطق في صورة من هذه الصور من ذهاب الأمن والقحط والزلازل ليعتبر الآخرون من عباده.
وأشار فضيلة الشيخ عبد الحميد إلى الغفلة كأحد أخطر المعاصي قائلا: من أخطر المعاصي هي الغفلة. نحن غافلون عن الله تبارك وتعالى وعن الصلاة حيث نضيعها كثيرا، وغافلون عن تعليم أولادنا، وعن مسؤوليتنا تجاه البنات والبنين، فلا ندري ماذا يفعلون وماذا يرتكبون من الخطايا والمعاصي.
نظرا إلى فساد المجتمعات الراهنة وكثرة آلات الاتصال مثل الجوال والإنترنت وغيرهما، تعظم مسؤولية الآباء تجاه أولادهم، ويتجنبوا من إساء الظن وسوء التعامل، ولكن يجب المواظبة.
وأشار فضيلته إلى أهمية الحياء قائلا: الإيمان شجرة طيبة كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: “أصلها ثابت وفرعها في السماء” ولهذه الشجرة شعب كثيرة، ومن أهم شعبها الحياء. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الحياء شعبة من الإيمان”، أي شعبة عظيمة. والحياء هي التي تدفع الإنسان نحو الخير والصلاح، وهي التي تدفع البنات والبنين لمراعاة الحجاب والعفاف، وأن لا تبدي المرأة زينتها لغير محرمها. والمسلم أينما كان سواء في فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية عليه مراعاة قوانين الرب تبارك وتعالى وتابعين لأحكام الإسلام.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مزيد من المقالات